|
من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -
32 |
�وذكر
الحفاظ
عبدالغني في
الكمال في ترجمة
أبي الدرداء
عويمر رضي
الله عنه أنه
كان يسبح
في اليوم مائة
ألف تسبيحه. وذكر أيضاً عن
سلمة بن شيب قال: كان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ،
فلما وضع ليغسل جعل بأصبعه كذا يحركها - يعني بالتسبيح - ومن المعلوم المحقق أن
المائة ألف، بل والأربعين ألف وأقل من ذلك، لا يحصر بالأنامل، فقد صح بذلك وثبت
أنهما كان يعدان بآلة، واللّه أعلم.
وكان لأبي مسلم الخولاني رحمة اللّه عليه
سبحة، فقام ليلة والسبحة في يده، قال - فاستدارت السبحة فالتفت على ذراعه وجعلت
تسبح، فالتفت أبو مسلم والسبحة تدور في ذراعه وهي تقول - سبحانك يا منبت النبات،
ويا دائم الثبات، قال - هلمي يا أم مسلم فانظري إلى أعجب الأعاجيب، قال - فجاءت أم
مسلم والسبحة تدور وتسبح، فلما جلست سكتت، ذكره أبو القاسم هبة اللّه بن الحسن
الطبري في كتاب: كرامات الأولياء.
وقال الشيخ الإمام العارف عمر البزار - كانت
سبحة الشيخ أبي الوفاء كاكيش (وبالعربي عبدالرحمن) التي أعطاها لسيدي الشيخ محيي
الدين عبدالقادر الكيلاني قدس اللّه أرواحهم إذا وضعها على الأرض تدور وحدها حبة
حبة.
وذكر القاضي أبو العباس أحمد بن خلكان فـي
وفيات الأعيان أنه رؤى في يد أبي القاسم الجنيد بن محمد رحمه اللّه يوماً سبحة،
فقيل له - أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة؟ قال: طريق وصلت به إلى ربي لا أفارقه، قال:
وقد رويت في ذلك حديثاً مسلسلاً - وهو ما أخبرني به شيخنا الامام أبو عبداللّه محمد
بن أبي بكر بن عبداللّه من لفظه، ورأيت في يده سبحة - قال أنا الامام أبو العباس
أحمد بن أبي المحاسن يوسف بن البانياسي بقراءتي عليه ورأيت في يده سبحة، قال: عن
عبدالصمد بن أحمد بن عبدالقادر ورأيت في يده سبحة، قال: عن أبو محمد يوسف بن أبي
الفرج عبدالرحمن بن علي ورأيت في يده ســبحة، قال: أنا ورأيت في يده سبحة قال: قرأت
على علي أبي الفضل بن ناصر ورأيت في يده سبحة، قال: قرأت على أبي محمد عبداللّه بن
أحمد السمرقندي ورأيت في يده سبحة، قلت له: سمعت أبا بكر محمد بن علي السملي الحداد
ورأيت في يده سبحة، فقال: نعم، قال: رأيت أبا ناصر عبدالوهاب بن عبداللّه بن عمر
المقري ورأيت في يده سبحة، قال: رأيت أبا ا لحسن علي بن الحسن بن أبي القاسم
المترفق الصوفي وفي يده سبحة، قال: سمعت أبا الحسن المالكي يقول: وقد رأيت في يده
سبحة فقلت له: يا أستاذ وأنت إلى الآن مع السبحة؟ قال: كذلك رأيت أستاذي الجنيد وفي
يده سبحة، فقلت له: يا أستاذ وأنت إلى الآن مع السبحة؟ قال كذلك رأيت أستاذي سري بن
مغلس السقطي وفي يده سبحة، فقلت يا أستاذ أنت مع السبحة؟ فقال: كذلك رأيت أستاذي
معروفاً الكرخي وفي يده سبحة، فسألته عما سألتني عنه فقال: كذلك
رأيت
بشراً
الحافي وفي
يده سبحة
فسألته عما
سألتني عنه
فقال: كذلك
رأيت أستاذي
عمر المالكي
وفي يده سبحة
فسألته عما
سألتني عنه
فقال: رأيت أستاذي
الحسن البصري
وفي يده سبحة
فقلت - يا
أستاذ مع عظم
شأنك وحسن
عبادتك وأنت
إلى الآن مع
السبحة؟ فقال
لي: شيء كنا
استعملناه في
البدايات ما
كنا نتركه في
النهايات،
أحب أن أذكر
اللّه بقلبي
وبيدي ولساني.
فلو لم يكن في
اتخاذ السبحة
غير موافقة
هؤلاء السادة
والدخول في
سلكهم
والتماس
بركتهم،
لصارت بهذا
الاعتبار من
أهم الأمور
وأوكدها،
فكيف بها وهي
مذكرة باللّه
تعالى لأن
الإنسان قل أن
يراها إلا
ويذكر اللّه،
وهذا من أعظم
فوائده. وبذلك
كان يسميها
بعض السلف
رحمه اللّه
تعالى. ومن فوائدها أيضاً الاستعانة على دوام الذكر،
كلما رآها ذكر أنها آلة للذكر فقاده ذلك إلى الذكر، فيا حبذا سبب موصل إلى دوام ذكر
اللّه عز وجل، وكان بعضهم يسميها (حبل الوصل)، وبعضهم (رابطة القلوب).
وقد أخبرني من أثق بقوله أنه كان مع قافلة في
درب بيت المقدس، فقام عليهم سرية عرب، وجردوا القافلة جميعهم وجردوني معهم، فلما
أخذوا عمامتي سقطت مسبحة من رأسي، فلما رأوها قالوا: هذا صاحب سبحة، فردوا عليّ ما
كان أخذ مني، وانصرفت سالما منهم، فانظر يا أخي إلى هذه الآلة المباركة الزاهرة،
وما جمع فيها من خيري الدنيا والآخرة، ولم ينقل عن أحد السلف ولا من الخلف المنع من
جواز عد الذكر بالسبحة، بل كان أكثرهم يعدونه بها، ولا يرون ذلك مكروهاً وقد روي
بعضهم يعد تسبيحاً فقيل له: اتعد على اللّه؟ فقال: لا ولكن أعد له، والمقصود أن
أكثر الذكر المعدود الذي جاءت به السنة الشريفة لا ينحصر بالأنامل غالباً، ولو أمكن
حصره لكان الاشتعال بذلك يذهب الخشوع، وهو المراد، واللّه أعلم.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن بكر بن خنيس عن
رجل سماه قال: كان في يد أبي مسلم الخولاني سبحة يسبح بها، قال: فقام والسبحة في
يده فاستدارت السبحة، فالتقت على ذراعه وجعلت تسبح، فالتفت أبو مسلم والسبحة تدور
في ذراعه وهي تقول: سبحانك يا منبت النبات، ويا دايم الثبات، فقال هلم يا أم مسلم
وانظري إلى أعجب الأعاجيب، فجاءت أم مسلم والسبحة تدور وتسبح، فلما جلست سكتت.
وقال
عماد الدين
المناوي في
سبحة:
ومنظومة
الشمل يخلو
بها اللبـ ـيب
فتجمع من همتــــه
إذا ذكر
اللّه جــل اسمـــه عليها
تفرق مـ ــن هيبتـه
في
طبقات
الأولياء
ومراتبهم
وأصنافهم
ذكر الشيخ الأكبر سيدي محيي الدين بن العربي
مراتب الأولياء وطبقاتهم على اختلاف أحوالهم في الباب الثالث والسبعين من الفتوحات
المكية، وأطال في ذلك وقد رأيت الإمام المناوي في مقدمة طبقاته الصغرى اختصر ذلك من
الفتوحات ولكنه لم يتقيد بعباراتها بل تصرف فيها، وترك فوائد كثيرة مهمة، فأردت أن
أختصر ذلك هنا منها وأحافظ على عبارات سيدي محيي الدين وأنقل كثيراً من الفوائد
التي تركها المناوي رحمه الله.
قال رضي
الله عنه أن
رجال الله في
هذه الطريقة
هم المسمون
بعالم
الأنفاس. وهو اسم
يعم جميعهم،
وهم على طبقات
كثيرة، وأحوال
مختلفة،
ومنهم من تجمع
له الحالات
كلها والطبقات،
ومنهم من يحصل
له من ذلك ما
شاء الله، وما
من طبقة إلا
لها لقب خاص
من أهل
الأحوال والمقامات،
ومنهم من
يحصره عدد من
كل زمان، ومنهم
من لا عدد له
لازم فيقلون
ويكثرون. ولنذكر منهم أهل الأعداد ومن
لا عدد له بألقابهم إن شاء الله تعالى.
القسم
الأول
في ذكر
أصحاب مراتب
الولاية الذي
يحصرهم عدد
(فمنهم
رضي الله عنه: الأقطاب)
وهم
الجامعون
للأحوال
والمقامات بالأصالة
أو بالنيابة،
وقد
يتوسعون
في هذا
الإطلاق
فيسمون قطبا
كل من دار
عليه مقام ما
من المقامات
وانفرد به في
زمانه على
أبناء جنسه. وقد
يسمى رجل
البلد قطب ذلك
البلد، وشيخ
الجماعة
قطب تلك
الجماعة،
ولكنَّ
الأقطاب المصطلح
على أن يكون
لهم هذا الاسم
مطلقاً من غير
إضافة لا يكون
منهم في
الزمان إلا
واحد وهو� الغوث أيضاً هو من المقربين وهو سيد الجماعة في
زمانه، ومنهم من يكون ظاهرَ الحكم ويحوز الخلافة الظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة
من جهة المقام، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ومعاوية بن يزيد وعمر بن
عبدالعزيز والمتوكل، منهم من حاز الخلافة الباطنة خاصة ولا حكم له في الظاهر كأحمد
بن هارون الرشيد الستي وكأبي يزيد البسطامي، وأكثر الأقطاب لا حكم لهم في الظاهر.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
الأئمة)
لا
يزيدون
في كل زمان
على
اثنـين
لا ثالث لهم. الواحد
عبدالرب، والآخر عبدالملك، والقطب عبدالله ولو كانت أسماؤهم ما كانت، وهما اللذان
يخلفان القطب إذا مات، وهما له بمنزلة الوزيرين، الواحد منهم مقصور على مشاهدة عالم
الملكوت والآخر على عالم الملك.
السابق
التالي
|