الفارعة بنت ملك الحيرة

ذاع صيتها بين العرب والعجم من الأمراء والملوك الكل يخطب ودها والكل يتمناها زوجة وأم لأولاده فهي في الجمال لاتقارن كما في التربية وحسن الخلق إعتنى بها أبيها النعمان بن المنذربن ماء السماء كما كان يلقب بين الملوك أيما عناية ورعاية وتربية وأدب وتندرت النساء بوصفها في مجالسهن وتناثر الحديث حتى وصل إلى أحلام الفقراء من الشباب، ذلك جانب من الصورة التي نود أن نرسمها في مخيلة القارئ، وعلى الجانب الآخر الأصحاب الكرام ملتفين حول نبيهم يرمقونه بنظرة حب يمازجها ألم الجوع الذي تمكن من أجسادهم الهزيلة ووصل بعنفوانه إلى إلى محيا الحبيب الصابر المصابر على الألم الذي بهم ألم، وارتفع صوت أحد الصحابة في ارتعاش ليقول أغثنا ياحبيب الله فالجوع يكاد أن يقتلنا؟ فقال الحبيب انظروا حول المدينة علّكم تصيبون صيدا، فقام البعض متسارعين مستبشرين يعمهم التفاؤل بالحصول على بغيتهم من طير أو حيوان يسد رمقهم ويشبع سغبهم، وطال بهم المسير والبحث ولكن دون جدوى .

فعادوا يقدمون قدما ويؤخرون أخري وجلسوا في مجالسهم ولم ينبس أحدهم ببنت شفه وقد قرأ الجالسون في أعينهم حصاد صيدهم من الجهد والإعياء، وبعد أن كر الجوع كرته أعاد السؤال وكان من الحبيب نفس الجواب وقاموا مرة أخرى يجوبون الدرب بحثا عن المطلوب ولكن هيهات هيهات وعاد الآخرون بما عاد الأولون، فقام أحد الصحب في أدب وقال: قل لنا يارسول الله يامن الأب والأم فداه متى وعد الله، فقال الحبيب تفتح على أيديكم خزائن كسرى فقالوا عجبا ! فقال الحبيب وكنوز قيصر فقالوا ماشاء الله ! فقال الحبيب وتفتح عليكم بلاد الحيرة فقام أحد الصحابة يارسول الله هب لي الفارعة بنت ملك الحيرة فنظر إليه الحبيب متأملا وقال هي لك !

ودارت عجلة الزمان مع رحى الفتوحات الإسلامية التي جابت الأرض شرقا وغربا طولا وعرضا ولبس سراقة سوار كسرى وجلس سلمان يحكم في إيوانه واعتلى الصحابة عرش القيصر وتوالت البشريات التي تؤكد يوما بعد يوم صدق نبوءة الحبيب حتى أتى اليوم الذي أمر الخليفة الجيوش بالتوجه إلى بلاد الحيرة وغزو النعمان بن المنذر الذي استشاط غضبا كيف يجرؤ هؤلاء البدو على مناوشته.

فأرسل جيشا جرارا ونصب ولده على رأس الجيش وقامت ابنته الفارعة بجلالة قدرها على الإشراف على المؤن وتجهيز الطعام ومداواة الجرحى وذلك تحفيزا للجنود الذين أرهبهم نتاج المعارك مع هذا الجيش الذي هزم الروم والفرس ونصب ميدان المقارعة والمنازلة وتطاحن الفريقان والتقى الجمعان وكان وعد الله حق وصدق الحبيب وأسرت الفارعة بنت ملك الحيرة وأكرمها القائد المظفر خالد بن الوليد وأركبها في هودجها وأخذ بزمام ناقتها إلى خياى حريمه، ولكن اعترضه فارس مغموروقال له مه ياأيها القائد فإن الفارعة من حظي ونصيبي فنظر إليه الجميع وتعالت ضحكاتهم ولكن القائد الفارس نظر إليه وسأله كيف ذلك وهي بنت الملوك وقد أمرنا رسول الله صلى اللهى عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم؟ فرفع الرجل عقيرته ونادى يابدريين ياحديبيين فأجابه نفرمن اهل بدر والحديبية وقالوا لبيك فقال الرجل أتذكرون يوم الجوع والصيد بالمدينة حينما وهبني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفارعة قالوا نعم نذكر ونشهد.

فقال سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه صدقت ياحبيب الله وصـدقت نبوءتك وسلم الرجل زمام الناقة والناس في عجب يحكى من حضر الواقعة لمن لم يحضر وتذكروا عبير الحبيب وهو يمر عليهم في كل لحظة يتنسمون فيها عبير التاريخ.

شيخ أبوه

صور من حولية الطريقة البرهانية في هامبورغ
 - ألمانيا 2005