الـــريـــاء

ولي نظم در

 

الـــريـــاء

اعلم أن الرياء حرام والمرائى عند الله ممقوت فقوله تعالى ﴿فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون v الذين هم يراؤون v ويمنعون الماعون﴾ وقوله تعالى ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحد﴾ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين سأله رجل: يا رسول الله فيم النجاة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم
 (أن لا يعمل العبد بطاعة الله يريد بها الناس)

* وقال ابن عمر رضى الله عنهما قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم (من راءى راءى الله به ومن سمع سمع الله به) وقال صلى الله عليه وآله وسلم (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء) يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين قمتم تراءون فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء، ويبتلى بالرياء العلماء والعباد والمشمرون عن ساق الجد لسلوك سبيل الآخرة فإنهم مهما قهروا أنفسهم وجاهدوها وفطموها عن الشهوات وصانوها عن الشبهات وحملوها بالقهر على أصناف العبادات عجزت نفوسهم عن الطمع فى المعاصى الظاهرة الواقعة على الجوارح فطلبت الاستراحة إلى التظاهر بالخير وإظهار العمل والعلم، فتجد مخلصا من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق ونظرهم إليه بعين الوقار والتعظيم، فتسارع النفس إلى إظهار الطاعة والتوصل إلى إطلاع الخلق ولم تقنع بإطلاع الخالق، وتفرح بحمد الناس ولم تقنع بحمد الله وحده، وإذا عرف الناس تركه الشهوات وتوقيه الشبهات وتحمله مشاق العبادات أطلقوا ألسنتهم بالمدح والثناء وبالغوا فى التقريظ والإطراء ونظروا إليه بعين التوقير والاحترام وتبركوا بمشاهدته ولقائه ورغبوا فى بركة دعائه وحرصوا على إتباع رأيه وفاتحوه بالخدمة والسلام وأكرموه فى المحافل غاية الإكرام وسامحوه فى البيع والمعاملات وقدموه فى المجالس وآثروه بالمطاعم والملابس وتصاغروا له متواضعين وانقادوا له فى أغراضه موقرين فأصابت النفس فى ذلك لذة هى أعظم اللذات وشهوة هى أغلب الشهوات وأحبطت بذلك ثواب الطاعات وأجود الأعمال وقد أثبتت اسمه فى جريدة المنافقين وهو يظن انه عند الله من المقربين وهذه مكيدة للنفس لا يسلم منها إلا الصديقون، ومهواة لا يرقى منها إلا المقربون، فالمرائى يدعو الخلق إلى نفسه ولا يدعوهم إلى الله عز وجل، وهو طالب الحظوظ والقبول والدنيا وشهواتها، ومن علامات المرائى تبرئة نفسه عند الناس من العيوب، وقال شداد بن أوس رأيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم يبكى فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنى تخوفت على أمتى الشرك أما أنهم لا يعبدون صنما ولا شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولكنهم يراءون بأعمالهم) وقال سيدنا على كرم الله وجهه: للمرائى ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده وينشط إذا كان فى الناس، ويريد فى العمل إذا أثنى عليه وينقص إذا ذم.

والرياء أصله طلب المنزلة فى قلوب الناس بالعبادات وإظهارها، فحد الرياء هو إرادة العباد بطاعة الله وهناك خصال يتزين بها المراءى للناس تجمعها خمسة أقسام وكذلك أهل الدنيا يراءون بهذه الأسباب الخمسة إلا أن طلب الجاه وقصد الرياء بأعمال ليست من جملة الطاعات أهون من الرياء بالطاعات:

فالقسم الأول: الرياء فى الدين بالبدن: وذلك بإظهار النحول والصفار ليوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على أمر الدين وغلبة خوف الآخرة.

القسم الثانى: الرياء بالهيئة والزى: أما الهيئة فبتشعيث شعر الرأس وحلق الشارب وإطراق الرأس فى المشى والهدوء فى الحركة وإبقاء أثر السجود على الوجه.

القسم الثالث: الرياء بالقول: فرياء أهل الدين بالوعظ والتذكير والنطق بالحكمة وحفظ الأخبار والآثار لأجل الاستعمال فى المحاورة وإظهارا لغزارة العلم ودلالة على شدة العناية بأحوال السلف الصالحين وتحريك الشفتين بالذكر فى محضر الناس والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمشهد الخلق وإظهار الغضب للمنكرات وإظهار الأسف على مقارفة الناس للمعاصى وتضعيف الصوت فى الظلام وترفيق الصوت بقراءة القرآن ليدل بذلك على الخوف والخزن وادعاء حفظ الحديث والدق على من يروى الحديث ببيان خلل فى لفظه ليعرف أنه بصير بالأحاديث والمبادرة إلى أن الحديث صحيح أو غير صحيح لإظهار الفضل فيه والمجادلة على قصد إفحام الخصم ليظهر للناس قوته فى علم الدين والرياء بالقول كثير فأنواعه لا تنحصر.

القسم الرابع: الرياء بالعمل: كمرآة المصلى بطول القيام وحد الظهر وطول السجود والركوع وإطراق الرأس وترك الإلتفات وإظهار الهدوء والسكون وتسوية القدمين واليدين وكذلك بالصوم والغزو والحج وبالصدقة وبإطعام الطعام وبالإخبات فى المشى عند اللقاء كإرخاء الجفون وتنكيس الرأس والوقار فى الكلام.

القسم الخامس: المرآة بالأصحاب والزائرين والمخالطين: كالذى يتكلف أن يستزيد عالما من العلماء ليقال إن فلانا قد زار فلانا أو عابد من العباد ليقال إن أهل الدين يتبركون بزيارته ويترددون إليه.

وبالجملة فالنية لا تكون خالصة فى هذه الأعمال لوجه الله تعالى بل تكون لوجه الناس.

والمراءون طبقات، أشرّهم الذين يراءون بالأسباب السابق ذكرها فهذه حقيقة الرياء وما به يقع الرياء، فإن قلت فالرياء حرام أو مكروه أو مباح أو فيه تفصيل؟ فإن الرياء هو طلب الجاه وهو إما أن يكون بالعبادات أو بغير العبادات، وهذا موضوع آخر يطول الحديث فيه، وقد يتضح لنا من كلام سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم (عظم مقت الله للمرائى) فقد روى عبد الله بن المبارك بإسناده عن رجل أنه قال لمعاذ بن جبل: حدثنى حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت ثم سكت ثم قال: سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول (يا معاذ، قلت لبيك بأبى أنت وأمى يا رسول الله، قال: إنى محدثك حديثا إن أنت حفظته نفعك وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله يوم القيامة، يا معاذ إن الله تعالى خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات والأرض ثم خلق السماوات فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بوابا عليها قد جللها عظما، فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين أصبح إلى حين أمسى له نور كنور الشمس حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا زكته فكثرته فيقول الملك للحفظة اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة أمرنى ربى أن لا أدع عمل من اغتاب الناس يجاوزنى إلى غيرى، قال ثم تأتى الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد فتمر به فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه أراد بعمله هذا عرض الدنيا، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان يفتخر به على الناس فى مجالسهم، قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يبتهج نورا من صدقة وصيام وصلاة قد أعجب الحفظة فيجاوزون به إلى السماء الثالثة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الكبر أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان يتكبر على الناس فى مجالسهم، قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر الكوكب الدرى له دوى من تسبيح وصلاة وحج وعمرة حتى يجاوزوا به السماء الرابعة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه اضربوا به ظهره وبطنه أنا صاحب العجب أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان إذا عمل عملا أدخل العجب فى عمله، قال وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى يجاوزوا به السماء الخامسة كأنه العروس المزفوفة إلى أهلها فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحمله على عاتقه أنا ملك الحسد إنه كان يحسد الناس، من يتعلم ويعمل بمثل عمله وكل من كان يأخذ فضلا من العبادة يحسدهم ويقع فيهم، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى، قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وحج وعمرة وصيام فيجاوزن بها إلى السماء السادسة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه كان لا يرحم إنسانا قط من عباد الله أصابه بلاء أو ضر أضر به بل كان يشمت به، أنا ملك الرحمة أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى، قال وتصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقة وزكاة واجتهاد وورع له دوى كدوى الرعد وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون به إلى السماء السابعة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، اضربوا به جوارحه اقفلوا به قلبه إنى أحجب عن ربى كل عمل لم يرد به وجه ربى إنه أراد بعمله غير الله تعالى إنه أراد رفعة عند الفقهاء وذكرا عند العلماء وصيتا فى المدائن، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى وكل عمل لم يكن لله خالصا فهو رياء ولا يقبل الله عمل المرائى، قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر لله تعالى وتشيعه ملائكة السماوات حتى يقطعوا به الحجب كلها إلى الله عز وجل فيقفون بين يديه ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله قال فيقول الله لهم: أنتم الحفظة على عمل عبدى وأنا الرقيب على نفسه إنه لم يردنى بهذا العمل وأراد به غيرى فعليه لعنتى فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا وتقول السماوات كلها عليه لعنة الله ولعنتنا وتلعنه السماوات السبع والأرض ومن فيهن، قال معاذ قلت يا رسول الله أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا معاذ قال اقتد بى وإن كان فى عملك نقص يا معاذ حافظ على لسانك من الوقيعة فى اخوانك من حملة القرآن واحمل ذنوبك عليك ولا تحملها عليهم ولا تزك نفسك بذمهم ولا ترفع نفسك عليهم ولا تدخل عمل الدنيا فى عمل الآخرة ولا تتكبر فى مجالسك لكى يحذر الناس فى سوء خلقك ولا تناجى رجلا وعندك آخر ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خير الدنيا ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار يوم القيامة فى النار قال الله تعالى: ﴿والناشطات نشط﴾ أتدرى من هن يا معاذ؟ قلت ما هن بأبى أنت وأمى يا رسول الله؟ قال: كلاب فى النار تنشط اللحم والعظم، قلت بأبى أنت وأمى يا رسول الله فمن يطيق هذه الخصال ومن ينجو منها؟ قال: يا معاذ إنه ليسير على من يسره الله عليه).

أحمد نور الدين عباس 

ولي نظم در

الموسيقى

الحمد لله الواجد الماجد فالق النوى والحب والإصباح الذى أوجد السرور من عالم النور وفلق الأنوار من عالم الأسرار وما كان سرور الكون إلا بمولد سيد الأكوان وعلم الأعلام عليه الصلاه وأزكى السلام وعلى آله وأصحابه السادة الأعلام هداة الأنام وأنوار الدجى والظلام الذين بهم يتم النور وبرؤيتهم يكون السروروتنهل الأفراح والعنا ينزاح.

فالطرب لايتأتى إلا بالانسجام، والموسيقى تأتى من عالم اللاحس ولذا امتلكت الأحاسيس فتخرج صاحبها من عالم الشعور إلى عالم غريب من اللاشعور فيتصرف ويتحرك ويهتز دون أن يتحكم إراديا فى حركاته من الإهتزاز الخفيف ثم إلى الرقص، ولذا كانت الأشعارمصدر من مصادر الطرب مع حسن الأدب، وقد اهتم أصحاب النظم بالإيقاع فى نظمهم أو رسمهم فتباروا فى إحكام القوافى والأوزان.. ولكن شيخنا فى نظمه قد استعرض كل القوافى والبحور بداية ووسطا وختما كما أنه جمع كل الأبجدية فى بعض قصائده كما أنه بدأ وختم بنفس الحرف فى بعضها الآخر، والأبيات التى بين أيدينا من قصيدته البائية فنج أنه رضى الله عنه قد بدأ واستوسط وختم مقفيا غير مقتفيا غيره فى القصيد وصدق إذ قال:

ومـن ملك النواصى للقوافى        إذا رام اليد الطولـى اقتفاها

فإذا كتبنا أبيات تلك القصيدة على غرار وزنها نجد فيها قافية للشطر الأول من البيت ثم قافية ثانية فى بداية الشطر الثانى ثم قافية ثالثة فى نهاية الشطر الثانى فى قوله رضى الله عنه:

تالله ما نضب المعــــي �� ����ن ولا معينــى ينضـب

فأنا على مر السنــــي�����    ن لكل قوم مشــــرب

نوري من النور المبـــي��� ��� ن ونور جـــدي الأغلب

فإن كتابة القصيدة على هذا النحو تظهر لونا من الموسيقى عند قراءتها فيلزمك خفض الصوت مع نهاية الشطر الأول حيث يظهر حنين الياء مع مد خفيف حتى تصل حرف النون فيلزمك رفع الصوت مع بداية الشطر الثانى من الجواب فى رتبة الصوت وتسرح مع الشطر الثانى من الجواب حتى تصل القرار مع انسجام حرف الباء الذى يختم الشطر الثانى فيتكون لحن جميل من غير آلات موسيقية أو إيقاعية وتجد الانسياب قد صنع موسيقى تطرب معها الأرواح، والجواب والقرار قد كون إيقاعا إبداعيا ترقص الأبدان معه شوقا للقاء الحبيب:

إذا اهتزت الأرواح شوقا إلى اللقـا      نعم ترقص الأشباح يا جاهل المعنى

شيخ أبوه