نفحات
من حديث
الإمام
الطريقة
والعولمة
الثقافية
واستخدام
التقنية
الحديثة
نحن فى وقت أكثر ما يكون فيه العالم بمجتمعاته
وشعوبه احتياجا للطريقة وعلومها وتربيتها بعد أن انسدت أمام الناس كافة السبل
للخلاص والوصول للحقيقة، فأصبح العالم حائرا عاجزا وهنا تبدو جليا مهمة الطريقة
البرهانية فى المرحلة القادمة كبوابة للنجاة وسبيل للترقى ومعرفة الحقيقة، وإذا
كانت المرحلة السابقة قد شهدت إرساء الأساس وبذر البذور فإن المرحلة القادمة هى
مرحلة ارتفاع البنيان ونبت الزرع، ليشهد العالم حقا لا جدالا على عظمة هذا
الدين وعظمة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
بهذه
الكلمات
افتتح مولانا
الشيخ
إبراهيم رضى
الله عنه
مرحلة بل
مراحل لدخول
الطريقة عصر
العولمة
واستخدام
التقنيات
الحديثة، وأشار
رضى الله عنه
بإعداد
أنفسنا حيث
ضخامة المسئولية
وطبيعة العمل
لأنه يرتبط
بكافة بقاع
العالم وأن
هذا العمل
سيكون بالغ
التعقيد إذا
تم فى ظل عدم
التنظيم وعدم
الانسجام والصفا
والاختلاف
والتنازع
والهوى وحب
النفس وحب
الزعامة، ثم
أوصى رضى الله
عنه بعدة نقاط
لدخولنا هذا
العصر منها:
العمل
وفقا لخطط
استراتيجية
علمية واضحة
المعالم
تراعى البيئة
الدولية
والتطور
التكنولوجى
الذى يشهده
العالم،
ضرورة
الالتزام
بالعمل وفقا
لنظام علمى تكون
بغيته تربية
الإنسان فى
المقام
الأول، الاهتمام
بشدة بخلق
قنوات اتصال
سريعة بين الزوايا
فى مختلف
الأقاليم
ومدن العالم
مع مقر الطريقة
وبين بعضها
البعض والعمل
على اللحاق
بركب التقدم
التكنولوجى
فى هذا
المجال،
العمل على خلق
روح الانسجام
بيننا وعدم
السماح لأى أهواء
تعطل مسيرة
ركب الصفا
والعمل على
نشر أهمية
الصفا وعدم
الاختلاف
والتنازع
كعامل غاية فى
الأهمية
لتحقيق
الفلاح
لأعمالنا
ويذكرنا رضى
الله عنه
بقوله تعالى
فى هذا الخصوص
﴿ولا تنازعوا
فتفشلوا﴾ وقول
مولانا الشيخ
محمد عثمان
عبده رضى الله
عنه:
باب التنازع
إن طرقتم
تفشلوا�� �� هذا
كلامى
فاجعلوه
إزارا
ولم ينه
رضى الله عنه
حديثه عند هذا
الحد فحسب بل
يشرق علينا
بوجهه الكريم
ليلوح لنا بالبشائر
وليسجل لنا
أروع صفحة فى
صفحات التاريخ
حيث ابتدأ
كلمته قائلا:
>إنا فتحنا
لك فتحا مبينا
ليغفر لك الله
ما تقدم من
ذنبك وما تأخر
ويتم نعمته
عليك ويهديك
صراطا
مستقيم﴾ لعل
كلامى هذا
يجسد ضربة
البداية
للانطلاق نحو
آفاق
المستقبل
للانطلاق فى
مهمتنا التاريخية
فى الحوار مع
العالم
وإرشاد الأمة
وهى فترة
طالما
انتظرها
الناس وهاهى
البشريات قد
لاحت:
ولا تنتهى
الدنيــا ولا
أيامها������ حتى
تعم المشرقين
طريقتـى
وقد تم ربط معظم زوايانا المنتشرة فى بقاع
العالم عبر شبكة الإنترنت وسوف تشهد الفترة المقبلة ربط باقى الزوايا بإذن الله
تعالى وما هذا فى حد ذاته إلا الأساس ويتبقى الجهد الأعظم بمشاركتكم جميعا كل حسب
طاقته فى مجاله وخبرته، ثم أشار رضى الله عنه إلى أن هذا النظام سيخرج ليس لنا فحسب
ولكن للعالم أجمع علوم المشايخ الكرام التى سيكون لها أكبر أثر فى هداية العالم
والتى ظلت بعيدة عن متناول العالم، حيث قال رضى الله عنه: ولعل أهم ما فى هذه
المرحلة هو إعداد وتجهيز علوم مشايخنا رضوان الله عليهم تلك العلوم الراقية التى
طالما ظلت حبيسة الأدراج، لنبدأ مرحلة الإبحار فى هذه العلوم.
هذه
دولـتـنـا قد
حضـــرت� دولة
العز وكنز
الفـــــرح�� �������
وعلوم سيدى
إبراهيم
الدسوقى
برهان الملة
والدين أبا
العينين الذى
لقبه بهما
المصطفى صلى
الله عليه
وسلم فهما
عيناه على
هداية الخلق
وهدى القلوب
التى لم تر
الله خالقا
كما قال سيدى
فخر الدين رضى
الله عنه:
دخلت قلوبا
لم تر الله
خــــالقا�� ������ فصارت
بفضل الله من
أهل وحدتى
ثم أشار رضى الله عنه إلى المسئولية الملقاة
على عاتق الطريقة وما يجب على الفئة العاملة فى هذا المجال تجاه دين المصطفى صلى
الله عليه وسلم هذا الدين العظيم الذى لا يقبل الله لخدمته إلا من ارتضاه لهذا
الشرف الرفيع.
وإذا
كان الله لا
يقبل لخدمة
دينه إلا طيبى
الأنفس
والأرواح
فإنه جدير بنا
أن نرجع إلى أنفسنا
وننتبه إلى
ضرورة التخلق
بأخلاق مشايخنا،
تلك الأخلاق
الكريمة
والصفات
الحميدة
وإشاعة
الصفاء
والمحبة
والسمو عن
الخلافات
الجانبية
والشخصية
الضيقة لأن
مقبل الأيام
وطبيعة
المرحلة
القادمة لا
تتحمل ذلك
وينبغى أن يتم
ذلك من باب
الأدب الرفيع
تجاه المصطفى
صلى الله عليه
وسلم وخدمة
دينه، فلا
يجدر بنا أن نتوقع
خدمة هذا
الدين ونحن
نحمل صفات غير
حميدة، كيف
ذلك ونحن
الذين أنيط
بنا أن نحمل
للعالم رسالة
المحبة
والصفاء كما
قال سيدى فخر
الدين رضى
الله عنه:
تصافحوا بل
أميطوا السوء
بينكم بقربة
الــود
لا قربى
القـرابين
وغاية القصد
حسن القصد لا
عوج ووحدة الصف
عندى عمدة
الديـن
إذا
اجتمعتم على
حب
ومرحمــة فأيقنوا
الوصل إن الله
معـطـيني
� ولا
تميلوا فإن
الزيغ
مهلكـــة فقدوتى
سيــدى
شيخ المساكـين
محمد
سيد أحمد
بالحقائق
ناطقين
الإنفاق
(كل يوم تطلع فيه الشمس ينادى ملكا اللهم اعط منفقا خلفا اللهم اعط
ممسكا تلفا) هذا قول الحبيب المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه فى المنفق وقال أيضا (إن
الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما فى العمر ويدفع بهما ميتة السوء ويدفع بهما
المكروه والمحذور) وقيل أن الصدقة من أربعة أحرف: فالصاد تصون صاحبها من مكاره
الدنيا والآخرة، والدال دليل على طريق الجنة عند تحير الخلق، والقاف قربة تقرب
صاحبها إلى الله تعالى، والهاء هداية يهدى الله صاحبها إلى رضوان الله الأكبر، وقد
ورد فى الأثر عن عكرمة قال: كان فى بنى إسرائيل رجل غنى ينفق ماله فى الله وكان له
زوجة وولدا، ولما توفى هذا الرجل تصدقت الزوجة بماله كله ولم تبق إلا مائتى درهم
لولدها، فلما شب الغلام وعرف أن أباه كان من خيار بنى إسرائيل، سأل أمه عن مال
أبيه؟ فقالت له: يا ولدى كان أباك منفقا ولما مات تصدقت بماله كله وأبقيت لك مائتى
درهم، فأخذها الغلام ومضى لينفقها فى سبيل الله، فمر بميت عريان طريح الأرض، فاشترى
له كفنا بمائة وثمانون درهما وكفنه وواراه التراب وبقى معه عشرون درهما، وهو
بالطريق قابله رجل وسأله أين أنت ذاهب يا غلام؟ فقال الغلام: أبتغى وجه الله، فقال
له الرجل: هل أدلك على شئ تصيب به وجه الله وتجعل لى فيه النصف؟ فقال الغلام نعم،
فقال له الرجل انطلق إلى هذه المدينة ستجد فيها امرأة ومعها سنور تبيعه فاشتريه
منها ثم اذبحه ثم احرقه بالنار ثم اجمع رماده وادخل به المدينة الأخرى، فإن فيها
ملكا قد ذهب بصره، فكحله بهذا الرماد يرجع إليه بصره بإذن الله، وبالفعل دخل الغلام
المدينة حتى وصل إلى الملك الضرير، فأمر الملك بالغلام أن يذهبوا به إلى وادى
الكحالين، فلما ذهبوا به، نظر فى وادى الكحالين فوجد جميع الكحالين قد قتلوا، فعرف
مصيره إذا لم يبصر الملك، ولم يخف الغلام بل أصر على أن يكحل الملك، فلما كحله ارتد
إليه بصره، فقال الملك إنى أزوجك ابنتى وأعطاه مالا وفيرا، ومكث الغلام فترة ثم
أراد أن يزور أمه فأخذ زوجته وماله لزيارتها، وهو فى الطريق قابله الرجل الذى دله
على هذه المدينة وقال له أما تعرفنى؟ فقال الغلام: لا، فقال الرجل: أنا كذا وكذا
وأخبره بقصته، فقاسمه الغلام كل شئ معه، ثم قال الرجل: بقى شئ، فقال الغلام وماهو؟
فقال الرجل: زوجتك، فقال الغلام وكيف نصنع؟ فقال الرجل: ننشرها، فأتى الغلام بمنشار
ووضعه على رأس زوجته، فصاح فيه الرجل قائلا: قف فإنى ملك من الله إليك حفظك الله
حيث حفظت عهد أباك.
�محمد
سيد أحمد
الـفـتـوة
الفتوة لغة معناها الشماء والكرم وعند أهل
الحقيقة هى إيثار الخلق بنفسك، وقيل هى الصفا والوفاء وهى أن تضع المعروف فى أهله
وغير أهله، وقيل هى الصفح عن عثرات الإخوان وستر عيوبهم، وقيل الغنى من كسر الصنم
الأكبر وهو النفس، وقال عز وجل ﴿قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم﴾.
وهى على قسمين: فتوة الخواص وهذا مابيناه،
وفتوة العوام هى أن لا تربح على صديقك.
ومطلق الفتوة هى للنبى صلى الله عليه وسلم
يقول أمتى أمتى، وقيل أصل الفتوة الإيمان ولهذا سمى الله تعالى أصحاب الكهف فتية
قال سبحانه ﴿فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى﴾ وكلمة فتى وردت فى القرآن ست مرات مذكرة
ومؤنثة ومفردة وجمعا، وقد وصف الحق سبحانه سيدنا إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا
وعلى جميع الأنبياء أفضل الصلاة والسلام بأنه فتى كما وصف بها أصحاب الكهف، فهى
كلمة تدل على الشجاعة فى الحق، شجاعة نبى الله الذى كسر الأصنام وشجاعة الفتية
المؤمنين الذين قاطعوا الكفر وهاجروا إلى الله، كما وصف بالفتوة فى سائر الآيات أهل
الخدمة، وأشرفهم فتى سيدنا موسى عليه السلام وهو يوشع، فالقصد من الفتوة كرم النفس
الذى يدفع المؤمن الاستعلاء على الطاغوت فيكسر الأصنام ويبذل روحه فى سبيل الله،
وإلى جانب هذا يقصد بها الرفق بالمؤمنين وخدمتهم وتوطئة الكنف لهم، والفتيان هم
الجامعون بين صفتى الشجاعة والتواضع، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يبذلون
أنفسهم فداء لدين الله لأنها أرخص من أن يساوموا بها، ويبذلون مالهم ووقتهم
للمسلمين خدمة ومواساة، ولذلك كنى سيدى أحمد البدوى رضى الله عنه بأبوالفتيان،
فالفتى الحق من يكسر الأصنام ويستهين بنفسه ثمنا لإبطال الباطل وإحقاق الحق،
فالفتوة هنا هى الشجاعة لهدم الباطل، كما فعل نبى الله ابراهيم عليه السلام.
أما فتوة البناء فتريد صبرا وخلقا حسنا، فى
مجتمعات منحلة ينادى المؤمنون بها لإعادة بناء الأمة، ولا تبنى على الشح والأنانية
والأثرة، وهى من أمراضنا الدنيوية، إنما تبنى على خلق جميل، فنجد نموذجه الكامل فى
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قالت له أمنا السيدة خديجة رضى الله عنها
حين رجع فزعا من الوحى -وهى أعرف الناس بسجاياه- كلا والله لا يخزيك الله أبدا! إنك
لتصل الرحم وتحمل الكل (وهو من لا دابة له، فهو عاجز عن السفر) وتكسب المعدوم وتقرى
الضيف وتعين على نوائب الحق (أى تساعد كل محتاج وكل من طرأ عليه طارئ) رواه الشيخان
وغيرهما وفى رواية أخرى: وتصدق الحديث وفى أخرى: وتؤدى الأمانة، فالفتى يحمل ويصل
ويجمع ويفدى إخوته، وليس الفتى من هذه الإبل المائة التى لا تكاد تجد فيها راحلة بل
هو حامل ثقل الجماعة، ثم لا يمن على إخوته عطاءه فيفسد عمله، قال تعالى ﴿يا أيها
الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ فمن كان يقدم لإخوته خدمات ثم يذكرها
ما شم من خصلة البذل رائحة، وقولك فى معرض الحديث بدون حاجة (فعلت لفلان كذا) مما
يبطل الأعمال عند الله، روى الإمام أحمد والإمام مسلم وأصحاب السنن عن أبى ذر عن
النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم
القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم -قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات-
قال أبو ذر: خابوا وخسروا! من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته
بالحلف) والمسبل إزاره هو الذى يطول ثوبه يستكبر على الناس، وهذا ليس من صفات
المؤمن، والمنان من صفته أن يعطى ويذكر عطاءه أمام الناس للفخر، والثالث الذى يغش
فيكذب ويحلف ليبيع سلعته.
فالفتى يخدم إخوانه، وقد أتى الله النبوة عبده
يوشع بعد أن شرفه بخدمة رسوله موسى عليهما السلام، وفيما ذكر الواقدى أن وفد بنى
سعد هذيم بعد أن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث إليهم رسول الله فى
رحالهم، فجاءوه ومعهم أصغرهم، وكان لم يحضر البيعة لأنهم خلفوه فى الرحال، فتقدم
الصغير وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فقلنا يا رسول الله إنه
أصغرنا وإنه خادمنا! فقال: أصغر القوم خادمهم بارك الله عليه، قال: وكان والله
خيرنا وأقرأنا للقرآن.
فعن سيدنا أنس رضى الله عنه قال: خرجت مع جرير
بن عبد الله البجلى فى سفر، فكان يخدمنى، فقلت له: لا تفعل! فقال: إنى قد رأيت
الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا (أى تخدمه وتنصره) آليت ألا أصحب
أحدا منهم إلا خدمته، وهكذا جند الله فى كل عصر يسارعون لخدمة الإسلام وخدمة من
يخدم الإسلام.
�
محمد رشاد
حسين
|