حقائقـــاً قـــد سطــــروا
الإجمال
والتفصيل
سئل سيدى
فخرالدين رضى الله عنه عن الفرق بين القرآن والفرقان فقال: '' القرآن
هوالعلم إجمالا، والفرقان هو العلم تفصيلاً، فالآية منه فرقان،
والقرآن هو كلام الله المجموع بين دفتى المصحف ، والعلم إجمالاً عند
النبي ؟ ولذلك لما سئلت السيدة عائشة عن النبي ؟ أجابت: كان قرآنا
يمشي على الأرض.''
هذا الكلام الذي نقلناه عن الأئمة الأعلام أو
بعضهم هو تأييد لمنهج الصوفية رضوان الله عليهم والذى يعد المذهب
الذي ينبغي أن يتفهمه المسلمون جميعهم ويدعوا عنهم أى تعصب أعمى أو
تقليد زائف لغيره : لأنه إنما هو الحق من ربك ، وحسبك منه أن لا تنكر
عليه حتى لا تقع في الإثم والمحظور.
فإذا صح.
عندكم يا من تخالفوننا الرأى في الصوفية - .
أن الله غيور على أهله فمن العبث أن يخاطر أحد بالإنكار على من ظن به
جَمْعٌ من الناس أنه من أهل الله - صوفيةً سَّموْهم أو غير ذلك-
وهو القائل فى الحديث القدسى (من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب).
فحب أهل بيت النبي واتباع هداهم هو الفرقان بين من صحت أو فسدت
عقيدته ،
وهناك أيها الأخ المقبل على الله. دليلٌ ثالثٌ
يؤكد الأول والثاني المذكورينْ آنفاً وهو أنك بلا شك تريد الحقيقة
التي يرضاها الله ورسوله فإذا أردت أن تَمِيزَ الخبيث من الطيب
والغَثّ من السمين فعليك أن
تتعلم صنعةً أمرك بها الله فى حق
حبيبه المبعوث رحمة للعالمين وهي '' مودة أهل بيته
حيث قال تعالى (قل لا
أسأللكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى) فتحرَّ تلك الصنعة وابحث عن
هذه السِّمة فيما يعرض لك من طوائف وملل ، وتحرَّ مع هذا مراعاة حدود
الشارع في كل أمر من أمور الدنيا والدين لا في هذا الأمر وحسب فبإذن
الله ستهتدي لأن سُنَّةَ الله في أمة النبي محمد أن ينجو من أحبَّ
الله ورسولَهُ وأهلَ بيتِ رسوله وهاك حديث نبوي صحيح (أحبوا الله
لما يغذوكم به من نعم، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي) رواه
الترمذي والحاكم وصححه على شرط الشيخين.
ورضي
الله عن سيدي الإمام فخرالدين إذ يقول :
يموت
شهيدا من أحب محمدا وآلا وأصحابا فيا سعد ميت
ويقول في رواية صححها الحاكم على شرط الشيخين
(النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من
الاختلاف)، فكل من رأيته مُسْـتَمْسِكاً بشريعة الله محبا لأهل بيت
رسول الله
فاعلم أنه على الصراط المستقيم وهذا هو مبدأ طريق الصوفية
،الذين اهتدوا بإشارة الرسول اللطيفة فى قوله: (من مـات على حب آل
محمد مات شهيداً) .، فلا محبة لله إلا بحب محمد ، ولا محبة لمحمد إلا
بحب أهل بيته وعترته الأكرمين ، وهو معنى الحديث الذي ذكرناه سابقا
(أحبـوا اللـه...)
فما من ناجين من أمة سيد العالمين إلا محبيه.
ومحبى آل
بيته الطيبين الطاهرين .
وعن استمداد العلوم من
باطن القرآن الكريم والسنة
المطهرة كسبا ووهبا
يقول الله
تعالى : {وإذا جــاءهم أمـر من الأمـن أو الخـوف أذاعــوا به ولو
ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمـر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم
ولولا فضل الله عليكم ورحمتــه لاتبعتم الشيطـان إلا قليـلا}
(النســاء آيــة 83) ويقول : {واتقــوا
اللـه ويعـلمكـم اللـه واللـه بكل شـئ عليــم} (البقــرة آيــة 282)
وغيـر
ذلـك من الآيــات كثـير.
فالأولى :
أشارت إلى علوم الاستنباط وهو '' استقراء أدلةِ الأحكام الصحيحةِ
لتوليد حكمٍ جديدٍ وبحيث لا يتعارض مع غيرَه من أدلة الصحيح '' وهو
علم كسبى.
والثــانية : اشترطت التقوى لحصول العلم ، وهو العلم الموهوب من الله
لعباده من أهل التحقق بكمال التقوى من سالكى الطريق إلى الله ؛
وإليهم وردت الاشارة فى كثير من أحاديثه ؟ كقوله :( وخالط أهل الفقه
والحكمة ) ، وهو العلم المعبر عنه بالحكمة فى قوله تعالى : ( ومن يؤت
الحكمة فقد أوتى خيرأً كثيرا.) وإلى ماهية ذلك العلم أشار سيدي علي
زين العابدين بن مولانا الإمام الحسين فى قوله :
يا رُبَّ
جوهرَ علمٍ لوْ أبوح بــــه ولاستحلَّ رجـالٌ مسلمون دمي
لقيـل لي
أنْــتَ مِمَّن يعبدُ الوثـنا يَرَوْنَ أقبـحَ ما يأتونه
حسـنا
ويقول
سيدي أبو اليزيد البسطامي :
ومـا كلُّ
علمٍ يُسْـتَـفَـادُ دراسـةً
ولاسـيما علمُنا الزاهُـر الوهبى
القلب
السليم أصل العلم القرآني
وكما قال
سيدى فخر الدين :
وإن
العـروة الوثقــى لعبــــدٍ
سلــيم الوجه لا عبدٍ عصي
فالصوفية
اهتموا أكثر ما اهتموا بتخلية القلب مما سوى الله ليمتلئ بنور الله
فإذا تجلى الله على قلب عبده أصبح قلبا سليما "
يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم { ولذلك فإن
علومهم بحق هي منح وفيوضات إلهية لا غير ، وإلى هذا يشير النبي ؟
فيما رواه الديلمي (إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل
المعرفة باللـه عز وجل فـإذا نطقوا به لم يجهله إلا أهل الإغترار
بالله تعالى) ذكره في قوت القلوب والإحياء .
وكما قال
سيدى فخر الدين :
فإنما
العلم إن شـئتـــم فمرجعه إلى
وصال به المخصوص قد أربى
وسيأتي
الحديث عن أهل البيت وأحقيتهم بالعلم الوهبي بقية في باب الكلام على
فضل النبي وأهل بيته في العدد القادم إن شاء الله
د.
إبراهيم دسوقي بدور
|