العدد الخامس (يونيو)

 

انتشار الطريقة البرهانية الدســـوقية الشاذلية في جنوب السودان

 

كثر الحديث عن انتشار الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية في العالم خصوصا وقد دخلت إلى مجتمعات وشعوب مختلفة ومعقدة من حيث اللغة و التركيبة الايدولوجية والتقنيات  الحديثة وانسيابها بين هذه الدول بالفكر والثقافة. اما التساؤل الحقيقى الذي يدور الآن في أذهان الكثيرين من الناس هو اين الوجود الحقيقى للطريقة البرهانيةفي جنوب السودان؟ وحتى نتعرف على مدى الحقيقة الفعلية لوجود الطريقة البرهانية في جنوب السودان فلنبحر معا الى داخل الحوار الذي اجريناه مع الحاج محمدين من ابناء قبيلة الدينكا ومن أوائل الذين أخذوا الطريقة البرهانية والذي تم على يده افتتاح كثير من الزوايا البرهانية في الجنوب.

الدخول الى الطريق

س: في البدء سالنا الحاج محمدين عن الكيفية التي دخل بها الى الطريقة البرهانية ومتى كان ذلك وماهى الدوافع التي قادته الى ذلك؟

ج: اجاب الحاج محمدين قائلا: كنت ادرس بالازهر الشريف وكنت مقيماً به وكان عمرى آنذاك حوالى 14 عاما وفي ذات يوم من الايام ذهبت إلى عزاء ووجدت فيه الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى وكان يتحدث في تلك اللحظة عن التجليات وآل البيت وانا لم افهم أي شى من كلامه فخرجت من منزل العزاء الى القهوة وجلست فيها ومعى اثنان من الإخوان الجنوبيين وبعد فترة من الزمن حضر الشيخ محمد عثمان وجلس معنا وقال لنا سوف اعطيكم هدية، في تلك اللحظة انتابتنا حالة من السرور والفرح لتوقُّعنا بان الهدية سوف تكون مبلغاً من المال ولكن سرعان ما اصابنا الذهول والإحباط لان الهدية كانت عبارة عن اوراد.قال لنا الشيخ اقرأوا الاوراد وتسمى بالاساس بعد صلاة الصبح مرة وبعد صلاة العصر مرة وتحدثت مع نفسى قائلا هل هذه هى الهدية التي وعدنا بها في هذه اللحظة ضحك الشيخ محمد عثمان وحكى لزميلى ما دار بداخلى واعطانى 15 جنيه وحتى هذه اللحظة لم أعرف أى شيء عن الطريقة البرهانية الا بعد عودتى الى السودان. بعد تخرجى حضرت الى الخرطوم وعملت استاذا لعدة سنوات بعدها ذهبت الى عطبرة وعملت فيها مدرسا لفترة طويلة من الزمن وكنت مقيماً بالقرب من زاوية البرهانية وكنت اسمع صوت الحضرات(حلقات الذكر) ولا اعرف عنها شيئا وفي ذات يوم دعانى احد الاخوان البرهانية لتناول وجبة الغداء معهم في الزاوية وهو سيد احمد قرافي وعندما ذهبت وجدت الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى ولكننى لم اعرفه بل هو الذي تعرف على وذكرنى بالهدية التي اعطانيها في مصر (الاساس) ومنذ ذلك الحين عرفت الطريقة البرهانية جيدا والحمد لله كانت الطريقة البرهانية اعظم هدية وهى حقا كذلك وكان ذلك في عام 1952

انتشار الطريقة البرهانية في الجنوب

س: وهل هناك وجود حقيقى للطريقة البرهانية على ارض الواقع في جنوب السودان؟

   ج: بعد مكوثى في عطبرة ست سنوات كنت قد تركت التدريس وعملت في ورشة البلاط حينها قال لى الشيخ محمد عثمان اذهب الى الجنوب وقلت له لماذا اذهب الى الجنوب وانا معى شهادات علمية اريد العمل بها (كنت اريد العمل بالسعودية) وبالفعل ذهبت إلى الجنوب عام 1968 والى مدينة جوبا بالتحديد وكان بهاعدد من الاخوان منهم الاخ عوض والاخ محمد وكبسور الزانداوى وكانوا اقدم منى في الطريقة منذ عام 1952 ولم يكن لديهم ارشاد وقمت بارشادهم وانشانا زاوية بمدينة جوبا وبعدها انشانا زاوية في كاجو كاجو تقع بالقرب من حدود يوغندا وكذلك انشات زاوية في واو وزاويتين في اعالى النيل في حى الجلابة والاخرى في حى الرى المصرى وفي منقلا ايضا كما انشانا مسجداً وزاوية في بحر الغزال وكان ذلك بالتعاون مع الاخوان البرهانية الموجودين في الجنوب ومعظم البرهانية كانوا يعملون في الجيش والتجارة والشرطة وكان من بينهم اللواء عمر زروق والاخ عمر محمد الطيب وخالد سعد انس كان يعمل بالبحرية قدموا لنا يد العون والفضل يرجع اولا واخيرا للشيخ محمد عثمان عبده البرهانى ومن بعده ابناؤه.

المشاكل والصعوبات

س: ما هى  اهم المشاكل والصعوبات التي واجهتك في نشر الطر يقة البرهانية وانشاء الزوى لها بالجنوب؟

 ج: اكبر المشاكل التي واجهتنا كانت هى مشكلة الاراضى ولكن بعد فترة من الزمن اعطانا المفتش عدة اراضى ولكنه لم يعلمنا بان الاراضى تابعة للكنائس لان الاراضى في ذلك الحين كانت تابعة للكنائس من حى السينما الى البحر حتى جاء الرئيس نميرى الى هناك وحدد اراضى الكنائس وبعد هذا هدات المشاكل بعد ان تم سجنى عدة مرات بهذا الخصوص.

البرهانية والعقائد الأخرى

س: كيف كان التجاوب بين الجنوبيين والبرهانية مع العلم بان الغالبية منهم ذوي عقائدأخرى؟

ج: اغلب اهالى الجنوب كانوا متاثرين بحملات التبشير ولا يعرفون شيئا عن الاسلام ويحبون اللعب والموسيقى والمرح فكان اكثر ما يجذبهم في الطريقة البرهانية النوبة والبوارق والزفة فيقولون لنا نريد التويست بتاع البرهانية فنقوم نحن بسؤالهم ما معنى تويست فيقولون دانص بتاع البرهانية كنت اقول لهم لابد من الاسلام اولا حتى اتمكن من اعطائكم الدانص البرهانى فيستجيبوا لنا بمنتهى الرضا والترحيب.اما الصعوبة الحقيقية التي تواجهنا كانت هى تلقين الوراد نسبة لعامل اللغة اما الذين يجيدون التحدث بالانجليزية فتلقينهم اسهل.

الحرب والانتشار

س: هذا النشاط البرهانى الكبير هل تاثر بحرب الجنوب ام مازال قائماً حتى الان؟

ج: حتى هذة اللحظة مازالت الزوايا قائمة حتى الان لكن حدث لها بعض الخراب نتيجة لظروف الحرب وهى محتاجة للصيانة والترميم ولكننى سوف اعود هذة السنة للقيام باللازم حسب رغبة وتوجيهات الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنهما وارضاهما عنا.

ما بين القديم والجديد والبرهانية

س: العادات والتقاليد المتعارف عليها لدى قبيلة الدينكا ماذا عنها بعد دخولك الى عالم التصوف عبر الطريقة البرهانية؟

 ج: انا افتخر باننى دينكاوى برهانى وبرغم هذا فانا لا اعرف عن التقاليد الدينكاوية شيئا لاننى مولود بمدينة الخرطوم وقضيت فيها أغلب سنيِّ عمري وانا بعيد عن مسقط راسى ولكن اهم العادات واروعها هى اداب الطريقة البرهانية بما فيها من الذكر والأوراد والحضرات.

  الرسالة

س: هذه العادات الرائعة هل هى الرسالة التي تحملها الى ابناء الجنوب من خلال الزوى الموجودة في جنوب السودان ام هى جزء من الكل؟

ج: اساسا الهدف هو نشر وتعليم الاسلام الصحيح وترسيخ المفاهيم الصحيحةوتبيين سماحة الدين الحقيقى بين الناس من خلال الذكر وغيره من العلوم النفيسة والخافية عن اذهان الكثيرين من الناس حتى بعض المسلمين منهم ومن هذا المنطلق قمت بانشاء 42 مركزاً لتعليم القران في بحر الغزال وكذلك انشا احمد مرجانى 36 مركزاً في الاستوائية، و32 مركزاً انشاهم احمد الرضى والان توجد في الجنوب عدة زوايا في كل من اعالى النيل ومنقلا وكاجوكاجو وبحر الغزال وفي الرنك وبعض المدن الأخرى وقد انشئت اول زاوية للطريقة البرهانية بمدينة جوبا في عام 1971.

الحوار الديني

س: هل كان هنالك بين المسلمين والمسيحيين تنازعات دينية ام كان حواراً سلمى؟

ج: كل الجنوبيين يحبون بعضهم البعض ولايميلون للتشدد الدينى ابدا بل ينادون بحرية الدين وهم شعب متسامح بسيط ينفر من الحروب والمشاكل.حتى المسيحيين والمسلمين الاحترام والمحبة متبادلة بينهم واذا حدثت اى مشكلة بينهم تكون من الكنائس الاجنبية الدخيلة فهى تاتى بافكار خاطئة وتنسبها للاسلام وتقوم بالتحريض والخراب. اذكر في ذات مرة اتى الىَّ شابان في مقتبل العمر من منطقة اسمها أويل وارادا الدخول الى الطريقة البرهانية وبالفعل اعطيتهم الطريقة ولقنتهم الاوراد الخاصة بالطريقة البرهانية وقام بعض التجار بشراء الجلاليب والعمة والاحذية لهما(وذلك من شدة الحماسة بين الخوان البرهانية)

وعندما رجع الشابان لوالدهما لم يتعرف على هيئتهما الجديدة وعندما عرف بدخولهما الاسلام عن طريق البرهانية وعلى يدى انا ذهب الى المحكمة وفتح بلاغاً ضدى وبالفعل تم سجنى لمدة ستة شهور ولكن عاد رئيس المحكمة وأخرجنى وقال لوالد الشابين ان ابنيك هما اللذان ذهبا اليه للدخول الى الاسلام ونحن نؤمن بحرية الاديان. اما بالنسبة للكنائس فهى لم تناصبني العداء كان الاختلاف حول الاراضى فقط. ولكن بعد الحرب كثرت المشاكل لذلك انا ذهبت الى يوغندا عن طريق رابطة العالم الاسلامى ومعى اولادى وعملت بها 5 سنوات . صدقونى لا يوجد مثل الاسلام ابدا في سماحته وأدبه ومحبته فقط ابناؤه يحتاجون الى غيرة تدفعهم وهذه الغيرة الايجابية لاتتوافر الا بالذكر على يد خبير عارف متحقق وهو الشيخ المتصوف.

س:هل المشايخ القائمون بالارشاد الصوفي هم من سلالة آل بيت سيدنا رسول الله؟

ج:الشيخ الولى المرشد المتحقق العارف هو من سلالة ال البيت وهويقوم بخدمة دين النبى عليه الصلاة والسلام لأن الدين الاسلامى هو اول الاديان واخر الاديان والنور النبوى الشريف سبق الخلائق وظهر في سيدنا ادم. والسلالة الشريفة ختامها بالمهدى المنتظر ومولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى واهل بيته من السلالة الشريفة وهذه حقيقة يجب معرفتها واحترامهاولمعرفة المزيد عن ال بيت سيدنا رسول الله (يجب الاطلاع على كتب الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى.

الاسلام والتصوف

س: هل يوجد فرق بين الاسلام الصوفي واسلام العامة؟

.ج: انا في رأيي ان الاسلام دون أوراد ليس له أي طعم يكون مثل الشى الخاوى او الفارغ واذا اردنا الحقيقة فالاسلام اساسه العقيدة والعقيدة هي أهم شيء في الاسلام والشعور الحقيقى بالعقيدة لا يكون الا بالاوراد لان الأوراد تجعلك تشعربالمحبة والعقيدة.اريد ان اقول شيئاً لم يكن لدى القدرة على الارشاد ونشر الطريقة في جنوب السودان ولا بناء الزوى لكن الشيخ محمد عثمان كان يدفعنى ويقول لى لا تحمل هما فقط عليك بالأوراد. والإرشاد في الطريقة يختلف عن اى شى،في الطريقة البرهانية تعلمنا الاسلام والايمان والاحسان فكانت هى السعادة الحقيقية والطمانينة وراحة البال. ومن عرف الشيخ محمد عثمان عبده أحبه بصدق ولم أجد له مثيلا فيمن عرفت من الناس.

س: بالنسبة للجنوب ماذا يحتاج للنهضة الدينية والعلميةوالعملية؟

ج: الجنوب محتاج للارشاد الصحيح في كل مناحى الحياةالمختلفة ويحتاج لاهتمام كبير ونحن في حاجة مُلحَّة لمراكز تعليمية مثل المدارس والكليات والجامعات فالانسان الجنوبي إذا وجد المسكن والماكل والدروس والاستقرارفي خلال عام واحد سوف يكون مسلماً اسلاماً حقيقياً ومبدعاً في كل ضروب الحياة.

وكل الجهود سوف نبذلها للارتقاءبالجنوب وابنائه من خلال الطريقة البرهانية والاستعانة بارشادات الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضى الله عنه وارضاه عنا 

 هادية محمد الشلالى.

 السيرة الذاتية للحاج محمدين:

درس الخلوة في ام ضوا بان على يد الشيخ يوسف.

درس الابتدائية بمدرسة مكى شنتوت في القبة بالابيض.

درس الوسطى بمدرسة النهود في غرب السودان.

درس المعهد العالى في جامعة الازهر بالقاهرة