نام ليلة فقام سنة

أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة اللخمى الفلسطينى الدارى، ودار بطن من لخم ولخم فخذ من يعرب بن قحطان، فهو رضى الله عنه صاحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وفد تميم الدارى سنة تسع وأسلم، حدث عنه النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر بقصة الجساسة فى أمر الدجال، كان عابدا، تالى لكتاب الله، ولم يزل بالمدينة حتى تحول منها بعد قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان إلى الشام.

ولما أسلم تميم قال: يا رسول الله! إن الله مظهرك على الأرض كلها، فهب لى قريتى من بيت لحم، قال: هى لك، وكتب له بها، وجاء تميم بالكتاب إلى عمر، فقال عمر: أنا شاهد ذلك، فأمضاه، وذكر الليث: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: ليس لك أن تبيع، قال: فهى فى أيدى أهله إلى اليوم.

وعن ابن سيرين، قال: جُمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبى وعثمان وزيد وتميم الدارى.

وروى أبو قلابة عن أبى المهلب قال: كان تميم يختم القرآن فى سبع، وروى عاصم الأحول عن ابن سيرين: أن تميما الدارى كان يقرأ القرآن فى ركعة، وروى أبو الضحى عن مسروق قال لى رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الدارى، صلى ليلة حتى أصبح، أو كاد، يقرأ آية يرددها، ويبكى ﴿أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ وأن تميما الدارى نام ليلة لم يقم يتهجد، فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذى صنع، وعن سعيد الجريرى عن أبى العلاء عن رجل قال: أتيت تميما الدارى فحدثنا، فقلت: كم جزؤك قال: لعلك من الذين يقرأ أحدهم القرآن ثم يصبح فيقول: قد قرأت القرآن فى هذه الليلة، فو الذى نفسى بيده، لأن أصلى ثلاث ركعات نافلة، أحب إلى من أن أقرأ القرآن فى ليلة ثم أصبح فأخبر به، فلما أغضبنى قلت: والله إنكم معاشر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بقى منكم لجدير أن تسكتوا، فلا تعلموا وأن تعنفوا من سألكم، فلما رآنى قد غضبت، لان وقال: ألا أحدثك يا ابن أخى، أرأيت إن كنت أنا مؤمنا قويا وأنت مؤمن ضعيف، فتحمل قوتى على ضعفك، فلا تستطيع، فتنبت، أو رأيت إن كنت أنت مؤمنا قويا، وأنا مؤمن ضعيف، حين أحمل قوتك على ضعفى فلا أستطيع، فأنبت، ولكن خذ من نفسك لدينك، ومن دينك لنفسك، حتى يستقيم لك الأمر على عبادة تطيقها.

وعن معاوية بن حرمل قال: قدمت المدينة فلبثت فى المسجد ثلاثا، لا أطعم، فأتيت عمر، فقلت: تائب من قبل أن تقدر عليه، قال: من أنت قلت: معاوية بن حرمل، قال: اذهب إلى خير المؤمنين، فانزل عليه، قال: وكان تميم الدارى إذا صلى ضرب بيديه عن يمينه وشماله، فذهب برجلين، فصليت إلى جنبه، فأخذنى، فأتينا بطعام، فبينما نحن ذات ليلة، إذ خرجت نار بالحرة، فجاء عمر إلى تميم فقال: قم إلى هذه النار، فقال: يا أمير المؤمنين ومن أنا وما أنا فلم يزل به حتى قام معه، وتبعتهما، فانطلقا إلى النار، فجعل تميم يحوشها بيده حتى دخلت الشعب، ودخل تميم خلفها، فجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم ير، قالها ثلاثا.

وعن أنس أن تميما الدارى اشترى رداء بألف درهم يخرج فيه إلى الصلاة، وروى حماد عن ثابت أن تميما أخذ حلة بألف يلبسها فى الليلة التى ترجى فيها ليلة القدر، وروى الزهرى عن السائب بن يزيد، قال أول من قص تميم الدارى، استأذن عمر، فأذن له، فقص قائما.

وعن أسامة بن زيد عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن أن تميما استأذن عمر فى القصص سنين ويأبى عليه، فلما أكثر عليه، قال: ما تقول قال: أقرأ عليهم القرآن وآمرهم بالخير، وأنهاهم عن الشر، قال عمر: ذاك الربح، ثم قال: عظ قبل أن أخرج للجمعة فكان يفعل ذلك، فلما كان عثمان، استزاده، فزاده يوما آخر.

وعن خالد بن عبد الله عن بيان عن وبرة قال: رأى عمر تميما الدارى يصلى بعد العصر، فضربه بدرته على رأسه فقال له تميم: يا عمر تضربنى على صلاة صليتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: يا تميم! ليس كل الناس يعلم ما تعلم.

وأخرج ابن ماجه بإسناد ضعيف عن أبى سعيد قال: أول من أسرج فى المساجد تميم الدارى، توفى سنة أربعين وحديثه يبلغ ثمانية عشر حديثا، منها فى صحيح مسلم: حديث واحد.

شيخ أبوه

 


مسجد ومقام السيدة نفيسة - القاهرة