قصص
لا تطل
فى صلاتك أيها
الإمام
�قال الجاحظ: أخبرنى أبو العنبس قال: كان جارنا
رجل طويل اللحية وكان قد أقام بمسجد المحلة يعمره ويؤذن فيه ويصلى وكان يعتمد السور
الطوال ويصلى بها، فصلى ليلة بهم العشاء فطول فضجوا منه وقالوا: اعتزل مسجدنا حتى
نقيم غيرك فإنك تطول فى صلاتك وخلفك الضعيف وذو الحاجة، فقال: لا أطول بعد ذلك،
فتركوه، فلما كان من الغد أقام وتقدم فكبر وقرأ الحمد، ثم فكر طويلا وصاح فيهم: إيش
تقولون فى عبس فلم يكلمه أحد إلا شيخ أطول لحية منه وأقل عقلا فإنه قال: كيسة، مر
فيه.
*********
فى ذكر
الحماقة
ومعناها
قال ابن الاعرابى الحماقة مأخوذة من حمقت
السوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأى، فلا يشاور ولا يلتفت إليه فى أمر حرب.
وقال أبو بكر المكارم إنما سميت البقلة
الحمقاء لأنها تنبت فى سبيل الماء وطريق الإبل.
وقال ابن الأعرابى وبها سمى الرجل أحـمق لأنه
لا يميز كلامه من رعونته.
ومعنى الحمق والتغفيل هو الغلط فى الوسيلة
والطريق الى المطلوب مع صحة المقصود، بخلاف الجنون فإنه عبارة عن الخلل فى الوسيلة
والمقصود جميعا، فالأحمق مقصوده صحيح ولكن سلوكه الطريق فاسد، ورؤيته فى الطريق
الوصال إلى الغرض غير صحيحة، والمجنون أصل إشارته فاسد فهو يختار ما لا يختار
ويبين.
فمن ذلك أن طائرا طار من أمير فأمر أن يغلق
باب المدينة فمقصود هذا الرجل حفظ الطائر.
*********
الحمق
غريزة
عن أبى اسحاق قال: إذا بلغك أن غنيا افتقر
فصدق وإذا بلغك أن فقيرا اسـتغنى فصـدق وإذا بلـغك أن حيا مات فصدق وإذا بلغك أن
أحمق استفاد عقلا فلا تصدق.
وعن أبى يوسف القاضى قال: ثلاث صدق باثنتين
ولا تصدق بواحدة إن قيل لك أن رجلا كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق، وإن قيل لك
أن رجلا فقيرا خرج إلى بلد فاستفاد مالا فصدق، وإن قيل لك أن أحمق خرج إلى بلد
فاستفاد عقلا فلا تصدق.
وعن الأوزاعى أنه يقول: بلغنى أنه قيل لعيسى
بن مريم عليه السلام يا روح الله إنك تحيى الموتى قال نعم بإذن الله، قيل وتبرئ
الأكمه قال نعم بإذن الله، قيل فما دواء الحمق قال هذا الذى أعيانى.
وقال جعفر بن محمد: الأدب عند الأحمق كالماء
فى أصول الحنظل كلما ازداد ريا زاد مرارة.
قال
المأمون: أتدرون
ما جرى بينى
وبين أمير
المؤمنين
هارون
الرشيد، كان
لى إليه ذنب
فدخلت مسلما
عليه، فقال
أعزب يا أحمق،
فانصرفت
مغضبا ولم
أدخل إليه
أياما، فكتب
إلىّ رقعة
يقول:
ليت شعرى وقد تمادى بك الهجر، أمنك التفريط أم
كان منى، إن تكن خنتنا فعنك عفا الله، وإن كنت خنتكم فاعف عنى.
فسرت إليه فقال: إن كان الذنب لنا فقد
استغفرناك وإن كان لك فقد غفرناه.
فقلت له: قلت لى يا أحمق ولو قلت لى يا أرعن
كان أسهل علىّ.
فقال: ما
الفرق بينهما
قلت له: الرعونة تتولد عن النساء فتلحق الرجل
من طول صحبتهن، فإذا فارقهن وصاحب فحول الرجال زالت عنه، وأما الحمق فإنه غريزة.
وأنشد
بعض الحكماء:
وعلاج
الأبدان أيسر
خطبا
حين
تعتل من علاج
العقول
*********
الحمقى
من المؤذنين
عن أبى
بكر النقاش
قال: حدثنا أن
أعرابيا سمع
مؤذنا كان
يقول: أشهد أن
محمدا رسول
الله (بالنصب) فقال:
ويحك فعل ماذا
وعـن محمد بن خلف قال: قيل لمؤذن ما يُسمع
أذانك فلو رفعت صوتك فقال: إنى لأسمع صوتى من ميل.
أذن مؤذن فقيل له: ما أحسن صوتك فقال: إن أمى
كانت تطعمنى الحلوى.
وقال بعـضهم: رأيـت مـؤذنا يؤذن ثم عـدا فقلت:
إلى أيـن فقال: أحب أن أعـرف إلى أين يبلغ صوتى.
نفحات وعبر
الكريم
لا يرجع فى
هبته
عن
الأصمعى أنه
قال: مررت
بأعرابى يصلى
بالناس فصليت
معه فقرأ:
والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها كلمة بلغت
منتهاها لن يدخل النار ولن يراها رجل نهى النفس عن هواه.
فقلت له: ليس هذا من كتاب الله.
قال: فعلمنى،
فعلمته
الفاتحة
والإخلاص ثم
مررت بعد أيام
فإذا هو يقرأ
الفاتحة
وحده. فقلت
له: أين
السورة
الأخرى
فقال: وهبتها لابن عم لى والكريم لا يرجع فى
هبته.
*********
طلق
امرأته لوجه
الله
عن الأصمعى قال: خرج قوم من قريش إلى أرضهم
وخرج معهم رجل من بنى غفار فأصابهم ريح عاصف يئسوا معها من الحياة ثم سلموا، فأعتق
كل رجل منهم مملوكا، فقال ذلك الأعرابى: اللهم لا مملوك لى أعتقه ولكن امرأتى طالق
لوجهك ثلاث.
*********
مناجاة
أعرابى عند
الكعبة
قيل ان محمد بن على رأى فى الطواف أعرابيا
عليه ثياب رثة وهو شاخص نحو الكعبة لا يصنع شيئا ثم دنا من الأستار فتعلق بها ورفع
رأسه إلى السماء وأنشأ يقول: أما تستحى منى وقد قمت شاخصا أناجيك يا ربى وأنـت
عليم، فـإن تـكسنى يارب خفا وفروة أصلى صلاتى دائما وأصوم، وإن تكن الأخرى على حال
ما أرى فمن ذا على ترك الصلاة يلوم، أترزق أولاد العلوج وقد طغوا وتترك شيخا والداه
تميم.
فدعا به وخلع عليه فروة وعمامة وأعطاه عشرة
آلاف درهم وحمله على فرس.
فلما كان العام الثانى جاء الحج وعليه كسوة
جميلة وحال مستقيم فقال له: أعرابى رأيتك فى العام الماضى بأسوأ حال وأراك الآن ذا
ثياب حسنة وجمال.
فقال: إنى عاتبت كريما فأغنيت.
*********
ضرب
الخصمين لأن
بينهما
الظالم
قال ابن خلف : اختصـم رجلان إلى بعـض الـولاة
فلم يحسن أن يقضى بينهما فضربهما وقال : الحمد لله الذى لم يفتنى الظالم منهم.
أمثال
وحكم
صاحب
مظالم قليل
العقل
قال أبو عثمان الجاحظ : كان فزارة صاحب مظالم
البصرة وكان أطول خلق الله لحية وأقلهم عقلا وهو الذى قال فيه الشاعر : مجزوء
الكامل : ومن المظالم أن تكون على المظالم يا فزارة أخذ الحجام يوما من شعره فلما
فرغ دعا بمرآة فنظر فيها فقال للحجام : أما شعر رأسى فقد جودت أخذه ولكنك والله يا
ابن الخبيثة سلخت على شاربى ووضع يديه عليه .�
واجتاز به صاحب دراج فقال : بكم تبيع هذا الدراج فقال : واحد بدرهم .�
قال : لا، قال : كذا بعت، قال : نأخذ منك اثنين بثلاثة دراهم، قال : خذ، فقال : يا
غلام أعطه ثمن اثنين ثلاثة دراهم فإنه أسهل للمبيع .
*********
خطاب
أعراب ولى على
كورة
ولى المهلب بعض الأعراب كورة بخراسان وعزل
واليها فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس اقصدوا لما أمركم
الله به فإنه رغبكم فى الآخرة الباقية وزهدكم فى الدنيا الفانية فرغبتم فى هذه
وزهدتم فى تلك فيوشك أن تفوتكم الفانية ولا تحصل لكم الباقية فتكونوا كما قال الله
تعالى لا ماءك أبقيت ولا حرك أنقيت واعتبروا بالمغرور الذى عزل عنكم سعى وجمع فصار
ذلك كله إلى على رغم أنفه وصار كما قال الله سبحانه وتعالى مجزوء الخفيف : ثم نزل
عن المنبر.
*********
قال الله تعالى ﴿أأمنتم من فى السماء أن يخسف
بكم الأرض﴾ ثم قال ﴿أم أمنتم من فى السماء أن يرسل عليكم حاصب﴾ أى حجارة وقال تعالى
فى سورة الأنعام ﴿قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم﴾
فقدم فى تبارك الذى أخره فى الأنعام، جوابه: لما تقدم هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا
ناسب أن يثنى بالوعيد بالخسف للأرض ولما قدم فى الأنعام وهو القاهر فوق عباده ناسب
تقديم ما هو جهة الفوق للمشاكلة.
*********
�قال المدائنى : جاء رجل من أشراف الناس إلى بغداد
فأراد أن يكتب إلى أبيه كتابا يخبره فلم يجد أحدا يعرفه فانحدر بالكتاب إلى أبيه
وقال : كرهت أن يبطىء عليك خبرى ولم أجد أحدا يجئ بالكتاب فجئت أنا به ودفعه إليه.
*********
لما خطب
عمرو بن حجر
الكندي إلى
عوف بن ملحم الشيباني
ابنته أم
اياس، وأجابه
إلى ذلك، اقبلت
عليها أمها
ليلة دخوله
بها توصيها،
فكان مما أوصتها
به أن قالت: أي
بنيه إنك
مفارقة بيتك
الذي منه خرجت
إلى رجل لم
تعرفيه،
وقرين لم
تألفيه،
فكوني له أمة
يكن لك عبداً،
واحفظي له
خصالاً عشر
يكن لك ذخراً
فأما الأولى
والثانية: فالرضا�
بالقناعة
وحسن السمع له
والطاعة،
وأما الثالثة
والرابعة: فالتفقد
لمواقع عينيه
وزنفه، فلا
تقع عينه منك
على قبيح، ولا
يشم أنفه منك
إلا أطيب
الريح، وأما
الخامسة
والسادسة: فالتفقد
لوقت طعامه
ومنامه، فإن
شدة الجوع ملهية،
وتنغيص النوم
مغضبة، وأما
السابعة والثامنة:
فالإحراز
لماله،
والإرعاء على حشمته
وعياله، وأما
التاسعة
والعاشرة: فلا
تعصي له
أمراً، ولا
تفشي له سراً،
فإنك إن خالفت
أمره أوغرت
صدره، وإياك
والفرح بين يديه
إذا كان
مهتماً،
والكآبة لديه
إذا كان فرح.. فقبلت وصية
أمها وأنجبت له الحارث بن عمرو، جد امرئ القيس، الملك الشاعر.
|