من شر
حاسد إذا حسد
عن الحسن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (إن
الغل والحسد يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب) وعن عبدالرحمن بن معاوية أن
النبى صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا ينجو منهن أحد الظن والحسد والطيرة، قيل يا
رسول الله وما ينجى منهن قال إذا حسدت فلا تبغ وإذا ظننت فلا تحقق وإذا تطيرت فامض،
أو قال لا ترجع) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حسدت فلا تبغ) يعنى إذا كان
الحسد فى قلبك فلا تظهره ولا تذكر عنه بسوء فإن الله تعالى لا يؤاخذك بما فى قلبك
ما لم تقل باللسان أو تعمل عملا فى ذلك، وقوله عليه الصلاة والسلام (إذا ظننت فلا
تحقق) يعنى إذا ظننت بالمسلم ظن السوء فلا تجعل ذلك حقيقة ما لم تر بالمعاينة.
وقوله عليه الصلاة والسلام (إذا تطيرت فامض)
يعنى إذا أردت الخروج إلى موضع فسمعت صوت هامة أو صوت عقعق أو اختلج شئ من أعضائك
فامض ولا ترجع.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان
يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة.
وقال (الطيرة من أفعال الجاهلية) وفى رواية
(من أمور الجاهلية) كما قال الله تعالى ﴿قَالوا أطيرنا بِك وبمن معك﴾ وفى آية أخرى
﴿قَالوا إنا تطيرنا بكم﴾ وروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول: (إذا
سمعت صوت طير فقل اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ولا حول ولا
قوة إلاّ بالله ثم امض فإنه لا يضرك شئ بإذن الله تعالى).
وعن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبى
صلى الله عليه وسلم قال (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله
إخوانا).
وروى عن معاوية بن أبى سفيان رضي الله تعالى
عنه أنه قال لابنه: يا بنى إياك والحسد فإنه يتبين فيك قبل أن يتبين فى عدوك، وليس
شئ من الشر أضر من الحسد لأنه يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود
مكروه، أولها: غم لا ينقطع والثانى مصيبة لا يؤجر عليها والثالث مذمة لا يحمد بها
والرابع يسخط عليه الرب والخامس تغلق عليه أبواب التوفيق.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(ألا إن لنعم الله أعداء قيل من أعداء نعم الله يا رسول الله قال الذين يحسدون
الناس على ما آتاهم الله تعالى من فضله).
وروى عن مالك بن دينار أنه قال: إنى أجيز
شهادة القراء على جميع الخلق ولا أجيز شهادة القراء بعضهم على بعض لأنى وجدتهم
حسادا يعنى أن أكثر الحسد فى القراء.
وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ستة بستة يدخلون النار يوم القيامة قبل الحساب
يعنى ستة أصناف بسبب ستة أشياء يدخلون النار قبل الحساب، قيل يا رسول الله من هم
قال الأمراء من بعدى بالجور، والعرب بالعصبية، والدهاقين بالكبر، والتجار بالخيانة،
وأهل الرستاق بالجهالة، وأهل العلم بالحسد) يعنى العلماء الذين يطلبون الدنيا بحسد
بعضهم بعضا فينبغى للعالم أن يتعلم العلم ليطلب به الآخرة فإذا كان العالم يطلب
بعلمه الآخرة فإنه لا يحسد أحدا ولا يحسده أحد وإذا تعلم لطلب الدنيا فإنه يحسد كما
قال الله تعالى عن علماء اليهود ﴿أَم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله﴾ يعنى
أن اليهود كانوا يحسدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فكانوا يقولون لو كان
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لشغله ذلك عن كثرة النساء، قال الله سبحانه وتعالى
﴿أَم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله﴾ يعنى النبوة وكثرة النساء.�
وقال بعض الحكماء: إياكم والحسد فإن الحسد أول ذنب عصى الله تعالى به السماء
وأول ذنب عصى الله تعالى به فى الأرض، وإنما أراد بقوله أول ذنب عصى الله تعالى به
السماء يعنى إبليس حين أبى أن يسجد لآدم وقال ﴿خلقتنى من نار وخلقته من طين﴾ فحسده
فلعنه الله تعالى بذلك، وأما الذى عصى الله تعالى به فى الأرض فهو قابيل بن آدم حين
قتل أخاه هابيل حسدا وهو قوله تعالى ﴿واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا
فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين﴾.
وروى عن الأحنف بن قيس أنه قال: لا راحة
لحسود، ولا وفاء لبخيل ولا صديق لملول، ولا مروءة لكذوب، ولا رأى لخائن، ولا سؤدد
لسيئ الخلق.
وقال بعض الحكماء: ما رأيت ظالما أشبه
بالمظلوم من الحاسد.
وقال محمد بن سيرين: ما حسدت أحدا على شئ من
الدنيا فإن كان من أهل الجنة فكيف أحسده وهو صائر إلى الجنة وإن كان من أهل النار
فكيف أحسده وهو صائر إلى النار.
وقال الحسن البصرى: يا ابن آدم لم تحسد أخاك
فإن الذى أعطاه الله لكرامته عليه فلم تحسد من أكرمه الله تعالى وإن يكن غير ذلك
فلا ينبغى لك أن تحسد من مصيره إلى النار.
أيمن
العربى
ولي نظم
در
التمكن
من الحرف
�كتابة
ولفظا
قال
الجاحظ فى
البيان
والتبيين: ومن
أجل الحاجة
إلى حسن
البيان
وإعطاء
الحروف
حقوقها من
الفصاحة رام
أبو حذيفة
إسقاط الراء
من كلامه
وإخراجها من
حروف منطقه
فلم يزل يكابد
ذلك ويغالبه
ويناضله
ويساجله
ويتأنى لستره
والراحة من
هجنته حتى
انتظم له ما
حاول واتسق له
ما أمل ولولا استفاضة
هذا الخبر
وظهور هذا
الحال حتى صار
لغرابته مثلا
ولظرافته
معلما لما
استجزنا الاقرار
به والتأكيد
له ولست أعنى
خطبه المحفوظة
ورسائله
المخلدة لأن
ذلك يحتمل
الصنعة وإنما
عنيت محاجة
الخصوم
ومناقلة
الأكفاء ومفاوضة
الإخوان،
واللثغة فى
الراء تكون
بالغين
والذال
والياء،
والغين أقلها
قبحا وأوجدها
فى كبار الناس
وبلغائهم
وأشرافهم
وعلمائهم
وكانت لثغة
محمد بن شبيب
المتكلم
بالغين فإذا
حمل على نفسه
وقوم لسانه
أخرج الراء
وقد ذكر ذلك أبو
الطروق الضبى
فقال:
عليم
بابدال
الحروف وقامـع
لكل
خطيب يقلب
الحق باطله
وكان
واصل بن عطاء
قبيح اللثغة
شنيعها وكان طويل
العنق جدا
وفيه قال بشار
الأعمى:
مالى
أشايع غزالا
له عنـق كنقنق
الدو إن ولى
وان مثلا
عنق
الزرافة ما
بالى وبالكم أتكفرون
رجالا أكفروا
رجـلا
فلما
هجا واصلا
وصوب رأى
إبليس فى
تقديم النار
على الطين
وقال الأرض
مظلمة والنار
مشرقة والنار
معبودة مذ
كانت النار
وكان واصل بن
عطاء غزالا
وزعم أن جميع
المسلمين
كفروا بعد وفاة
رسول الله،
ومن كل ذلك
نخلص أن
البلغاء يتبعون
الحرف لستر
عيوبهم فى
النطق أو فى
العقيدة وقد
يقلبون الحق
باطلا
والباطل حقا
سعيا وراء
شيطان شعرهم،
ولكن الذين
آمنوا نجد
أنهم ينظمون
الحق ليبتهج
الشعر
بانتسابه إلى
نظمهم ويترتب
الحرف أدبا مع
أوزانهم ولله
در الإمام فخر
الدين رضى
الله عنه إذ
يقول:
الحق ما
أحبوه منــــــ ظوما
ولست بشاعـــــر
هذا إذا
نظم أما إذا
مدح نجده رضى
الله عنه يقول:
وتالله
ما رمت المديح
وإنمـــا بدا
الحسن غلابا
وما اللب حاضر
أما إذا قفى فما سبقه أحد فى قوافيه وتمكنه من
الحرف فقد كان مفصل الكلمات وممعنها فإذا استمعت إليه وهو يقول (إن جسمى هنا وقلبى
هناك) يوقف سمعك محل جسمه ويأخذ قلبك إلى محل حسه، وإذا نظرت إلى شراب الوصل تجد كل
القوافى بل تجد أن الأبجدية كاملة تتراص لتخدم المعانى التى يرمى إلى إثباتها، بل
تجد ثلاث قواف فى بعضها والبعض الآخر يختم البيت بحرف الابتداء ولا يعجزه انتهاء.
شيخ
أبوه
حق
الولد على
الوالد
روى عن عمر رضي الله تعالى عنه أن رجلا جاء
إليه بابنه فقال: إن ابنى هذا يعقنى، فقال عمر رضي الله تعالى عنه للابن أما تخاف
الله فى عقوق والدك فإن من حق الوالد كذا ومن حق الوالد كذا، فقال الابن يا أمير
المؤمنين: أما للابن على والده حق قال نعم، حقه أن يستنجب أمه يعنى لا يتزوج امرأة
دنيئة لكيلا يكون للابن تعيير بها، قال ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب، فقال الابن
فوالله ما استنجب أمى وما هى إلاّ سندية اشتراها بأربعمائة درهم ولا أحسن اسمى
سمانى جعلا أى ذكر الخفاش، ولا علمنى من كتاب الله آية واحدة، فالتفت عمر رضي الله
تعالى عنه إلى الأب وقال تقول ابنى يعقنى فقد عققته قبل أن يعقك قم عنى.� ويحكى أحد العلماء آتاه رجل فقال: إن ابنى ضربنى
وأوجعنى قال سبحان الله الابن يضرب أباه قال نعم ضربنى وأوجعنى فقال هل علمته الأدب
والعلم قال لا، فهل علمته القرآن قال لا، قال فأى عمل يعمل قال الزراعة، قال هل
علمت لأى شئ ضربك قال لا، قال فلعله حين أصبح وتوجه إلى الزرع وهو راكب على الحمار
والثيران بين يديه والكلب من خلفه وهو لا يحسن القرآن فتغنى وتعرضت له فى ذلك الوقت
فظن أنك بقرة فاحمد الله حيث لم يكسر رأسك.
وعن ثابت البنانى رحمه الله تعالى أنه قال:
روى أن رجلا كان يضرب أباه فى موضع فقيل له ما هذا، فقال الأب خلوا عنه فإنى كنت
أضرب أبى فى هذا الموضع فابتليت بابنى يضربنى فى هذا الموضع، هذا بذاك ولا لوم
عليه.
قال بعض الحكماء: من عصى والديه لم يرى السرور
من ولده: ومن لم يستشر فى الأمور لم يصل إلى حاجته، ومن لم يدار أهله ذهبت لذة
عيشه.
وروى الشعبى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه
قال (رحم الله والدا أعان ولده على بره) يعنى لا يأمره بأمر يخاف منه أن يعصيه فيه.
وروى عن
بعض الصالحين
أنه كان لا
يأمر ابنه بأمر،
وكان إذا
احتاج إلى شئ
يأمر غيره
فسئل عن ذلك
فقال إنى أخاف
أنى لو أمرت
ابنى بذلك
يعصينى فى ذلك
فيستوجب
النار وأنا لا
أحرق ابنى بالنار.
وروى عن خلف بن أيوب نحو هذ.
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: تمام
المروءة من بَر والديه ووصل رحمه وأكرم إخوانه وحسن خلقه مع أهله وولده وخدمه وأحرز
دينه وأصلح ماله وأنفق من فضله وحفظ لسانه ولزم بيته، يعنى يكون مقبلا على عمله ولا
يجلس مع أهل الفضول.�
وروى عن رسول
الله صلى الله
عليه وسلم أنه
قال (أربع من
سعادة المرء: أن
تكون زوجته
صالحة،
وأولاده
أبرارا وخلطاؤه
صالحين، وأن
يكون رزقه فى
بلده). وروى يزيد الرقاشى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى
عنه قال: سبع يؤجر فيهن من بعده: من بنى مسجدا فله أجره مادام أحد يصلى فيه، ومن
أجرى نهرا فمادام يجرى فيه الماء ويشرب منه الناس كان له أجره، ومن كتب مصحفا
وأحسنه كان له أجره مادام يقرأ فيه أحد، ومن استخرج عينا ينتفع بمائها كان له أجرها
ما بقيت، ومن غرس غرسا كان له أجره فيما أكل الناس منه والطير، ومن علم علما كذلك،
ومن ترك ولدا يستغفر له ويدعو له من بعده، يعنى إذا كان الولد صالحا، وقد علمه الأب
القرآن والعلم فيكون أجره لوالده من غير أن ينقص من أجر ولده شئ، فإذا كان الوالد
لا يعلمه القرآن ويعلمه طريق الفسق يكون وزره على أبيه من غير أن ينقص من وزر ولده
شئ.
وروى عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه عن
النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة
جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له بخير).
إبراهيم
عبد المجيد
|