سـيـدي إبراهيـم الدسـوقي
من كتاب العهود المحمدية للإمام عبد الوهاب الشعراني شيخ الأزهر رضي
الله عنه (سمعت سيدي عليا الخواص يقول: إياكم أن تزدروا أحدا من أصحاب الحرف
الدنيئة،� كالقراد والمخبط والشوذب،� فإن الله تعالى ربما أعطاهم القوة على سلب
إيمان العلماء والصالحين حال رؤية العالم أو الصالح نفسه عليهم،� فإن أكبر الأولياء يقدر على سلبه أصغر الناس
إذا رأى نفسه على أحد من الخلق. كما حكي عن سيدي محمد بن هارون الذي كان أخبر
بسيدي إبراهيم الدسوقي وهو في ظهر أبيه،�
إنه كان إذا خرج من صلاة الجمعة يشيعه الناس إلى داره،� لا يكاد أحد منهم يقدر على التخلف عنه اغتناما
لرؤيته ولحظه،� فمر يوما على صبي تحت حائط
يفلي ثوبه من القمل وهو ماد رجليه لم يضمها،�
فقال سيدي محمد في سره هذا الصبي قليل الأدب،� يمر عليه مثلي ولا يضم رجليه،� فسلب لوقته،�
وتفرقت عنه الناس،� فما وصل داره
ومعه أحد،� فتنبه لنفسه ورجع للصبي يستغفر
في حقه،، فقال مثلك في العلم والصلاح والشهرة لاينبغي له أن يخطر في باله أنه خير
من أحد من خلق الله عز وجل،� أما تعلم أن
ذلك ذنب إبليس الذي طرد لأجله عن حضرة الله عز وجل) وقد بدأ الإحتفال بمولد العارف
بالله سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه.
سـيـدي أحمـد الـبـدوي
من شذرات الذهب لإبن عماد الحنبلي (وفيها نور الدين علي الشوني
الشافعي الصالح المجمع على جلالته وصلاحه أول من عمل طريقة المحيا بالصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم بمصر ولد بشوني قرية بناحية طندتا من غربية مصر ونشأ في
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير ببلده ثم انتقل إلى مقام سيدي أحمد
البدوي فأقام فيه مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها
فكان يجلس في جماعة من العشاء إلى الصبح ثم من صلاة الصبح إلى أن يخرج إلى صلاة
الجمعة ثم من صلاة الجمعة إلى العصر ثم من صلاة العصر إلى المغرب فأقام على ذلك
عشرين سنة ثم خرج يودع رجلا من أصحابه في المركب أيام النيل كان مسافرا إلى مصر
ففات المركب بهم وما رضى الريس يرجع بالشيخ فدخل مصر فأقام بالتربة البرقوقية
بالصحراء وكان يتردد إلى الأزهر للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فاجتمع عليه
خلق كثير منهم الشيخ عبد الوهاب الشعراوي لازمه نحو خمس سنين ثم أذن له أن يقيم
الصلاة في جامع الغمري ففعل وكان الشيخ عبد القادر بن سوار يتردد إلى مصر في
التجارة والطلب فلازم الشوني ورجع إلى دمشق بهذه الطريقة ثم اصطلح على تسمية هذه
الطريقة بالمحيا وانتشرت طريقة الشوني ببركته في الآفاق وتوفي بالقاهرة ودفن
بزاوية مريده الشيخ عبد الوهاب الشعراوي).نذكر هذا لتذكرة المحبين بمولد العارف
بالله سيدي احمد البدوي بمدينة طنطنا رضي الله عنه.
الحولية البرهانية بالمغرب العربي
اللقاء الذي ظل مرتقبا طوال أعوام على أرض المغرب العربي ليلتقي
الأحباب بشيخهم على أرض المغرب العربي بلد سيدي عبد السلام بن بشيش شيخ المشايخ
كما كان يكنيه سيدي فخر الدين مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني، وبلد سيدي
أحمد زروق أول من أدخل الطريقة البرهانية إلى السودان وأعطاها للشريف حمد بودنانه
رضي الله عنهم أجمعين ومنه إلى أن انتشرت وازدهرت وعمت وسادت، كان اللقاء في
طرابلس الغرب من ليبيا التصوف وجماهيرية الحريات التي تنبهت عمليا وليس نظريا
لضرورة نشر المنهج الصوفي لأنه السبيل الوحيد للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة
الحسنة، فتم دعم الزوايا الصوفية في كل أنحاء الجماهيرية، وتم إنشاء أكثر من خمس
عشرة زاوية برهانية في كل الأرجاء من الأرض العظمى، ليس هذا فحسب بل أن القاعدة
الرئيسة في التعليم الديني تقوم على اختيار المناهج قريبة الود للتصوف وهذا ما صرح
به الأستاذ الدكتور محمد فتح الله الزيادي أثناء اللقاء بمولانا الشيخ محمد الشيخ
إبراهيم رضي الله عنه في مبنى كلية الدعوة الإسلامية والذي هو عميد لها، كما أن
المنهج الدعوي في جمعية الدعوة الإسلامية والتي يقودها الأستاذ الوزير محمد الشريف
تتخذ من المنهج الدعوي للصوفية نبراسا يقتدى به في الدعوة إلى الله بالحكمة
والموعظة الحسنة، ولاننس أبدا الشخصية المثالية في العلم وفي الترحاب والذي كان
على رأس المستقبلين لمولانا ألا وهو المسئول عن الصوفية وزوياها بكل أرجاء
الجماهيرية والذي لازم مولانا الشيخ بكل الود والترحاب والملاطفة والأنس كما صحبهم
مسؤل شعبية الجفارة الذي تولى الشرح والإرشاد للمعالم التاريخية الدينية والشكر
متواصل لرجال الأمن الذيـن وفروا سبيل الأمان واليسر في التعامـل مع الشيخ
والوفد المرافق له، وقد قام مولانا الشيخ بزيارة المناطق التي كان بها الزوايا الأولى
للطريقة كما زار زاوية سيدي عبد الجليـل وزاوية صرمان والزاوية الغربية وسوق
الجمعة، كما قام بزيارة الأحباب القدامى في منازلهم بين أهلهـم وزويهم، ثم
كـانت الليلة الختاميـة لحولية الجليلين الإمـام فخر الدين والإمام إبراهيم
بميدان المولـد بجنزور حيث شهد الميدان تآلفا بين كل الطرق الصوفية وكل احباب
أهل بيت رسول الله صلى الله عليـه وسلم، كما التقت الوفود البرهانيـة من
الشقيقة تونس والجزائر لمناقشـة المهـام الصوفية في بلادهم كما أرسل
الحبـاب بالمغرب برقية تهنئة وود على أمل اللقاء سويا في الحولية القادمة إن
شاء الله كمـا دعت كل الوفود مولانا الشيـخ محمد رضي الله عنه لزيارة
بلادهم وحضراتهم وزواياهم، وقد اجابهم بالموافقة في العوام القادمـة إن شاء الله.
الـتـواصـل والـتـراحـم
قال رسول اللهِ صلى الله عليهِ وسلم (طبقات أمتي خمس طبقات، كل طبقة
منها أربعون سنة: فطبقتي وطبقة أصحابي أهل العلم والإيمان، والذين يلونهم إلى
الثمانين أهل البر والتقوى، والذين يلونهم إلى العشرين ومائة أهل التراحم
والتواصل، والذين يلونهم إلى ستين ومائة أهل التقاطع والتدابر، والذين يلونهم إلى
المائتين أهل الهرج والحروب)ونحن بصدد هذا الحديث لاندري ما المقصود بالسنة لأنه
غالب الأمر وبالمطابقة مع باقي أحاديثه صلى الله عليه وسلم فإن السنة مقياس زمني
للفترة وليس للشهور وكما حدثنا أبو نعيمٍ حدثنا زكرِيا عن عامِر قال سمِعته يقول
سمِعت النعمان بن بشِيرٍ يقول قال رسول اللهِ صلى الله عليهِ وسلم (ترى المؤمِنِين
فِي تراحمِهِم وتوادهِم وتعاطفِهِم كمثلِ الجسدِ إِذا اشتكى عضواً تداعى له سائِر
جسدِهِ بِالسهرِ والحمى.) قال ابن أبي جمرة المراد من يكون إيمانه كاملا، قوله (وتوادهم)
بتشديد الدال، والأصل التوادد فأدغم، والتوادد تفاعل من المودة، والود والوداد
بمعنى وهو تقرب شخص من آخر بما يحب، (وتعاطفهم) قال ابن أبي جمرة: الذي يظهر أن
التراحم والتوادد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف، فأما
التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء آخر، وأما
التوادد فالمراد به التواصل الجالب المحبة كالتزاور والتهادي، وأما التعاطف
فالمراد به إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب عليه ليقويه، ووقع في رواية الأعمش عن
الشعبي وخيثمة فرقهما عن النعمان عند مسلم�
المؤمنون كرجل واحد إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وفي
رواية خيثمة اشتكى وإن اشتكى رأسه كله، (كمثل الجسد) أي بالنسبة إلى جميع أعضائه،
ووجه التشبيه فيه التوافق في التعب والراحة، (تداعى) أي دعا بعضه بعضا إلى المشاركة
في الألم، ومنه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت، (بالسهر والحمى) أما السهر
فلأن الألم يمنع النوم، وأما الحمى فلأن فقد النوم يثيرها، وقد عرف أهل الحذق الحمى
بأنها حرارة غريزية تشتعل في القلب فتشب منه في جميع البدن فتشتعل اشتعالا يضر
بالأفعال الطبيعية، قال القاضي عياض: فتشبيهه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل صحيح،
وفيه تقريب للفهم وإظهار للمعاني في الصور المرئية، وفيه تعظيم حقوق المسلمين والحض
على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضا، وقال ابن أبي جمرة: شبه النبي صلى الله عليه وسلم
الإيمان بالجسد وأهله بالأعضاء، لأن الإيمان أصل وفروعه التكاليف، فإذا أخل المرء
بشيء من التكاليف شأن ذلك الإخلال الأصل، وكذلك الجسد أصل كالشجرة وأعضاؤه
كالأغصان، فإذا اشتكى عضو من الأعضاء اشتكت الأعضاء كلها كالشجرة إذا ضرب غصن من
أغصانها اهتزت الأغصان كلها بالتحرك والاضطراب؟ وعملا بالتراحم والتواصل فقد قام
مولانا الشيخ محمد الشيخ إبراهيم رضي الله عنه بزيارة كل السباق في الطريقة الذين
أقعدهم عجز أو مرض أو مشقة عن الحضور إلى الساحة البرهانية حيث التقى بجميعهم في
منازلهم وبرفقته مجموعة من الأحباب وخصوصا المداح الذين صدحوا بأغلى القصائد لإدخال
السرور على أهل كل بيت طرق بابه، كما زار أبناء وعوائل الأحباب الذين سبقونا إلى
الدار الآخرة ليطمئن على أحوالهم وحوائجهم، وهذه الزيارات لم تكن بالساعات بل
بالأيام التي أنفقت جميعها في سبيل التواصل والتراحم .
|