ليه بيقولوا لإبراهيم يا أبوخليل - 7
كان ياما كان يا سادة يا كرام ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبى عليه
الصلاة والسلام وكمان الأنبيا الكرام وكل ولى همام وكل من حبهم وسار على دربهم واتعلم
من سيرهم وقرا أورادهم أو حتى زار مقام من مقاماتهم، وربنا يبعدنا عن كل منكر لهم
أو منكر لكرامتهم لأنهم فى زماننا كتروا وكل يوم يطلعوا ببدعة جديدة، والدين عندهم
للراجل صاحب الجلابية واللحية، والفتوى عندهم سهلة ومشروعة فكل أحاديث النبى عندهم
أحاديث موضوعة، والجواب عندهم لكل سؤال حاضر لأن الإجابة هى إما حرام أو شرك وكفر
أو بدعة.. مش فاكر، ولو وقفت تصلى وراه واحسرتاه المغرب تحصل عشاه، إذا ركع يقسم
ضهرك وإن سجد يدخلك قبرك، يكرهك فى الدين ولما يقرا ما يلقيش فى القرآن كلام إلا
عن الكافرين، ونصيحتى لك تبعد عنهم لأنهم شياطين لابسين زى الآدميين وخبائثهم فى
الخمار مختفين، لا تعرف تحت الخمار دكر ولانتايه وارجع لحادث سيدنا عمر مع الراجل
المستخبى بالعباية وعجبى، نرجع لذكر مناظرة سيدنا إبراهيم الخليل مع النمرود إللى
الكبرياء فيه معهود ونسى إنه للإله الواحد المعبود، قال الله تعالى ﴿ألم تر إلى
الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربى الذى يحيى ويميت
قال أنا أحيى وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب
فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين﴾ يذكر الله تعالى مناظرة خليله مع هذا
الملك الجبار المتمرد الذى ادعى لنفسه الربوبية، فأبطل الخليل عليه دليله، وبين
كثرة جهله وقلة عقله وألجمه الحجة، وأوضح له طريق المحجة، المفسرون قالوا وغيرهم
من علماء النسب والأخبار، هذا الملك هو ملك بابل، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش
بن سام بن نوح وكان أحد ملوك الدنيا، فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة: مؤمنان
وكافران. فالمؤمنان: ذو القرنين وسليمان، والكافران النمرود وبختنصر، ذكروا أن
النمرود هذا استمر فى ملكه أربعمائة سنة، وكان طغى وبغى وتجبر وعتى وآثر الحياة
الدبيا.
ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل
والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع، فحاج إبراهيم الخليل فى ذلك وادعى لنفسه
الربوبية، فلما قال الخليل: ربى الذى يحى ويميت، هو قال: وأنا أحى وأميت، يعنى قام
آتى برجلين قد تحتم قتلهما، فأمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر، فكأنه قد أحيا هذا
وأمات الآخر.
فقول هذا الملك الجاهل ﴿أنا أحيى وأميت﴾ إنه عنى الفاعل لهذه المشاهدات
فقد كابر وعاند، قال الخليل ﴿فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب﴾ أى
هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها، وهو الذى
لا إله إلا هو خالق كل شىء، فإن كنت كما زعمت من أنك الذى تحيى وتميت فأت بهذه
الشمس من المغرب فإن الذى يحيى ويميت هو الذى يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب بل
قد قهر كل شىء ودان له كل شىء، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا، فإن لم تفعله فلست كما
زعمت، وأنت تعلم وكل واحد يعلم بأنك لا تقدر على شىء من هذا، بل أنت أعجز وأقل من
أن تخلق بعوضة أو تنتصر
منها.
فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه، وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة
قومه، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به بل انقطع وسكت، ولهذا قال ﴿فبهت الذى كفر
والله لا يهدى القوم الظالمين﴾ والنمرود كان عنده طعام ليوزعه على الناس التى كانت
تفد إليه للميرة، فوفد إبراهيم فى جملة من وفد للميرة ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ،
فكان بينهما هذه المناظرة، ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطى الناس، بل خرج وليس
معه شىء من الطعام.
فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملأ منه عدليه وقال: اشغل
أهلى إذا قدمت عليهم، فلما قدم: وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام، فقامت امرأته سارة إلى
العدلين فوجدتهما ملآنين طعاما طيبا،فعملت منه طعاما، فلما استيقظ إبراهيم وجد الذى
قد أصلحوه؛ فقال: أنى لكم هذا؟ قالت: من الذى جئت به، فعرف أنه رزق قد رزقهم الله
عز وجل.
وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكا يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه،
ثم دعاه الثانية فأبى عليه، ثم دعاه الثالثة فأبى عليه، وقال: اجمع جموعك وأجمع
جموعى.
فجمع النمرود جيشه وجنوده، وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذبابا من
البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلطها الله عليهم، فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم
عظاما بادية، ودخلت واحدة منها فى منخر الملك فمكثت فى منخره أربعمائة سنة، عذبه
الله تعالى بها فكان يضرب رأسه بالمرازب فى هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل
به.. وكان ياما كان
|