الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية

لقد مدح المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بلاد اليمن فى كثير من الأحاديث كما أثنى على أهلها الصالحين، ومنهم على سبيل المثال سيدنا أويس القرنى فى حديثه صلى الله عليه وسلم الذى أمر فيه الصحابة بأن يسألوا عنه أهل اليمن ويطلبوا منه أن يدعو لهم..

ولقد قال أبو بكر بن زنجوية بغدادى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنى أبى عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل أحسبه من قيس، فقال: يا رسول الله إلعن حميرا فأعرض عنه، ثم جاءه من الشق الآخر فأعرض عنه، ثم جاءه من الشق الآخر فأعرض عنه، ثم جاءه من الشق الآخر، فأعرض عنه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم (رحم الله حميرا، أفواههم سلام وأيديهم طعام وهم أهل أمن وإيمان) من حديث عبد الرزاق.

ولقد وصفهم صلوات ربى وسلامه عليه بقوله (هم أضعف قلوبا) وفى رواية لمسلم (هم ألين قلوبا وأرق أفئدة) جمع فؤاد، وأرق أفعل التفضيل من الرقة وهى ضد القساوة، وقال النووى: المشهور أن الفؤاد هو القلب فعلى هذا يكون كرر لفظ القلب بلفظين، وهو أولى من تكريره بلفظ واحد، وقيل الفؤاد غير القلب وهو عين القلب، وقيل باطن القلب، وقيل غشاء القلب، وأما وصفها باللين والرقة والضعف فمعناه أنها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير، سالمة من الغلظ والشدة والقسوة التى وصف بها قلوب الآخرين.

وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم (الإيمان يمان والحكمة يمانية) وقع فى رواية لمسلم (الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية) قال الحافظ فى الفتح: ظاهره نسبة الإيمان إلى اليمن لأن أصل يمان يمنى فحذفت ياء النسب وعوض بالألف بدلها، وقوله يمانية هو بالتخفيف، وحكى ابن السيد فى الاقتضاب أن التشديد لغة، وحكى الجوهرى وغيره أيضا عن سيبويه جواز التشديد فى يمانى وأنشد:

يمانيا يظل يشـد كـيرا       وينفخ دائما لهب الشواط

واختلف فى المراد به، فقيل معناه نسبة الإيمان إلى مكة لأن مبدأه منها ومكة يمانية بالنسبة إلى المدينة، وقيل المراد نسبة الإيمان إلى مكة والمدينة وهما يمانيتان بالنسبة للشام بناء على أن هذه المقالة صدرت من النبى صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ بتبوك، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث جابر عند مسلم (والإيمان فى أهل الحجاز) وقيل المراد بذلك الأنصار لأن أصلهم من اليمن ونسب الإيمان إليهم لأنهم كانوا الأصل فى النصر الذى جاء به النبى صلى الله عليه وسلم، حكى جميع ذلك أبو عبيدة فى غريب الحديث له، وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا مانع من إجراء الكلام على ظاهره، وأن المراد تفضيل أهل اليمن على غيرهم من أهل المشرق، والسبب فى ذلك إذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين بخلاف أهل المشرق وغيرهم، ومن اتصف بشىء وقوى قيامه به نسب إليه إشعارا بكمال حاله فيه، ولا يلزم من ذلك نفى الإيمان عن غيرهم، وفى ألفاظه أيضا ما يقتضى أنه أراد به أقواما بأعيانهم فأشار إلى من جاء منهم لا إلى بلد معين، لقوله فى بعض طرقه فى الصحيح (أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، ورأس الكفر قبل المشرق) ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمل أهل اليمن على حقيقته، ثم المراد بذلك الموجود منهم حينئذ لا كل أهل اليمن فى كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه، وقيل المراد بالفقه الفهم فى الدين، والمراد بالحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله.

وقال النووى فى شرح مسلم نقلا عن ابن الصلاح: فى تفسير الحكمة أقوال كثيرة مضطربة قد اقتصر كل من قائلها على بعض صفات الحكمة، وقد صفا لنا منها أن الحكمة عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به، والصد عن اتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك.

وقال أبو بكر بن دريد: كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهى حكمة، وحكم ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر حكمة) وفى بعض الروايات (حكما).

وأما حديث أبى مسعود فأخرجه الشيخان ووقع فى بعض النسخ ابن مسعود مكان أبى مسعود، وأخرج حديثه الطبرانى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإيمان يمان ومضر عند أذناب الإبل) حديث حسن صحيح وأخرجه الشيخان.

وقوله صلى الله عليه وسلم (الملك فى قريش) بضم الميم أى الخلافة فيهم، والكلام عن هذه المسألة فى باب الخلفاء من قريش من أبواب الفتن وقوله أيضا صلوات ربى وسلامه عليه (والقضاء فى الأنصار) أى الحكم الجزئى تطيبا لقلوبهم لأنهم آووا ونصروا، وبهم قام عمود الإسلام، وفى بلدهم تم أمره واستقام، وبنيت المساجد، وجمعت الجماعات، ذكره ابن الملك.

وقال فى الأزهار: قيل المراد بالقضاء النقابة لأن النقباء كانوا منهم، وقيل القضاء الجزئى، وقيل لأنه صلى الله عليه وسلم قال (أعلمكم بالحلال والحرام معاذ) وقيل القضاء المعروف لبعثه صلى الله عليه وسلم معاذا قاضيا إلى اليمن، قال القارى: والأخير هو الأظهر لقوله صلى الله عليه وسلم (والأذان فى الحبشة) أى لأن رئيس مؤذنيه صلى الله عليه وسلم كان بلالا وهو حبشى، وقوله صلى الله عليه وسلم (والأمانة فى الأزد) بسكون الزاى أى أزد شنوءة وهم حى من اليمن ولا ينافى قول بعض الرواة (يعنى اليمن) لكن الظاهر المتبادر من كلامه إرادة عموم أهل اليمن فإنهم أرق أفئدة وأهل أمن وإيمان، وحديث سيدنا أبى هريرة هذا أخرجه أيضا أحمد فى مسنده.

ومن أولاده الأنصار كلهم (أزد الله) أى جنده وأنصار دينه قد أكرمهم الله بذلك فهم يضافون إليه (أن يضعوهم) أى يحقروهم ويذلوهم (ويأبى الله إلا أن يرفعهم) أى ينصرهم ويعزهم ويعليهم على أعداء دينهم.

قال القاضى: يريد بالأزد أزد شنوءة وهو حى من اليمن أولاد أزد بن الغوث بن ليث بن مالك بن كهلان بن سبأ، وأضافهم إلى الله تعالى من حيث أنهم حزبه وأهل نصرة رسوله.

قال الطيبى: قوله (أزد الله) يحتمل وجوها أحدها اشتهارهم بهذا الاسم لأنهم ثابتون فى الحرب لا يفرون، وعليه كلام القاضى، وثانيها أن تكون الإضافة للاختصاص والتشريف كبيت الله وناقة الله، على ما يدل عليه قوله يريد الناس أن يضعوهم... إلخ، وثالثها أن يراد بها الشجاعة والكلام على التشبيه، أى الأسد أسد الله، فجاء به إما مشاكلة أو قلب السين زايا.

قال القارى بعد نقل كلام الطيبى هذا وتبعه صاحب الأزهار من شراح المصابيح، لكن إنما يتم هذا لو كان الأسد بالفتح والسكون لغة فى الأسد بفتحتين كما لا يخفى وهو ليس كذلك على ما يفهم من القاموس.

قوله (أحسبه) بكسر السين وفتحها أى أظنه (إلعن حميرا) بكسر فسكون ففتح هو ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو قبيلة من اليمن، والمراد هنا القبيلة، أى ادع عليهم بالبعد عن الرحمة (فأعرض عنه) أى عن الرجل بإدبار وجهه عنه وقوله عنهم (أفواههم سلام وأيديهم طعام) أى أفواههم لم تزل ناطقة بالسلام على كل من لقيهم وأيديهم لم تزل ممتدة بالطعام للجائع والضيف فجعل الأفواه والأيدى نفس السلام والطعام مبالغة وقيل أفواههم ذات سلام أو محل سلام وأيديهم ذات طعام فالمضاف مقدر لصحة العمل والمعنى أنهم يفشون السلام ويطعمون الطعام (وهم أهل أمن وإيمان) أى الناس آمنون من أيديهم وألسنتهم وقلوبهم مملوءة بنور الإيمان.

ومن هذه البقاع الطاهرة أطل علينا أحد أبناء الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية، رجل العلم والثقافة والأدب والإجتماع والقضاء الشيخ محمد عبد الرحمن محمد المرونى مرشد الطريقة باليمن والتقينا به فى هذا الجوار البسيط لنقف على أهم ملامح التصوف فى تلك البقاع:

فى البداية سيرة ذاتية عن شخصك؟

محمد عبد الرحمن المدونى مرشد الطريقة باليمن عملت بمجالات كثيرة منها القضاء والسياسة والإجتماع، والمنشأ لدى الوالد أساسا أنه كان مرشدا للطريقة الشاذلية ورجل علم وفضيلة ومفتى الجمهورية اليمنية كانت خصائصه تجعلنى غير محتاج لأى مطامع فى الدنيا مما جعلنى أقول فى نفسى (بسمك ما بقدر يعيش فى البحر) بمعنى أننى لا أستطيع أن أغير حياتى مهما حدث لى، ولا أستطيع أن أتكبر أو أعجب بنفسى أو أحتقر الضعيف مهما حدث لى منه، مما جعل الحياة تضيق بى كثيرا وخاصة عندما أهتم بشئون الدنيا وبدأت أبحث عن الحقيقة حتى من الله على بمعرفة الطريقة البرهانية والسير بمعية مشائخنا الكرام فى عهد مولانا الشيخ/ إبراهيم، وجاء دور الحالة التى أنعم الله على بها بأن جعلنى أحد أبناء الطريقة البرهانية والإلتقاء بالإخوان فى اليمن فى الزاوية بصنعاء، وهنا وجدت بغيتى وكأننى كنت كاليتيم الشارد، عرفت هذا التعبير سابقا بقول سيدى مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه فى حق مولانا الشيخ إبراهيم رضى الله عنهما قال:

فى جناحيه رحمتى ومراســى      ولديه عوض الوالدين يلقى اللطيم

وهذه الطريقة لا تحتاج إلى تعريف لأن الفرد يشعر بعظمتها وكمال إرشادها وحلاوة غذائها الروحى فى روحه وقلبه وعقله، فيجدها فى تذوق حلاوة القرآن والتعبير على النحو الذى لم يجده من قبل، مما يجعل المرء لا يرتضى بالميل عن الطريقة بكنوز الدنيا كلها، ولا يستطيع أن يعنى بالشكر أو التعبير، بل يصبح المرء فى خوف ووجل من علل نفسه ودنياه أن تفقده شئ من هذه الحلاوة أو ترده إلى الغشاوة التى كان عليها من قبل، ويكفى من ذلك أن الإنسان يتعرف على علله ويبقى مشغولا بالاحتمى والفرار إلى الله ورسوله على أيدى أطباء القلوب والأرواح.

ماهى العلل والنواقص التى وجدت دوائها فى الطريقة؟

وجدت من إرشاد ومعارف مشايخنا الكرام ومن بشائر مولانا الشيخ وحنوه علينا وعلى أبنائنا وأهلنا ما جعلنى أزداد حبا للدين وأيضا وجدت دقة التوازن بين الخوف والرجاء، وجرعة من المحبة التى أكرمنا الله بها على أيديهم مايدفعنى إلى الأمل بدوام الإحتماء بهم والإلتجاه فى ظلهم استنادا إلى ما تذوقناه بهم من معرفة كتاب الله، ولقد ضرب الحق لنا أروع الأمثلة ألا وهو فوز كلب أهل الكهف بذكره فى كتاب الله، لماذا؟ لأنه سعى وراء الصالحين الذين آمنوا بربهم، فإن كان هذا الكلب قد فاز فماذا نقول فى ابن آدم الذى أكرمه الله أصلا إذا أحب الصالحين واتبعهم؟ ومما أنعم الله به على أيدى مشايخنا فهم معانى القرآن وأدلته التى أكمل الله بها الدين شريعة وحقيقة فى كل زمان ومكان ومن أهم ما وجدته من أدلة كمال ولاية مشايخنا وكراماتهم الظاهرة اختلاف مشاعر الإنسان تجاه العبادة ولذة المناجاة ولذة التعبد والذكر ما قد يرتقى بالعبد الضعيف الذى هو صورة مصغرة على قدر حال الضعيف إلى مظاهر من مرتبة الإحسان وهى أن تعبد الله كأنك تراه، وكذا تحول طبع الإنسان من الغفلة والقسوة إلى العطف والإشفاق والحنان والتراحم للخاصة والعامة ومن الكبر والخيلاء والعجب إلى الذل والإنكسار حتى فى أجمل الأحوال وهذا ما يحتاج إليه كل مسلم ولو حصل لأهل الإنكار هذه الحالة وأحسوا بذلك لما تجاسروا على تكفير أحد، أيضا تعلمنا كيفية تفهم تقلبات الحياة والقدرة على التعايش مع الواقع الذى ساد فيه المريد لدرجة أنه يصبح وكأنه فى غرفة العناية المركزة ومراقبة نفسه فى كل لخطة.

حدثنا عن التصوف فى اليمن؟

التصوف فى اليمن قديم جدا كما أوضحت كتب التاريخ والسيرة، ومن ذلك ما جاء فى كرامات الأولياء وطبقات الخواص وغير ذلك من الكتب، وكانت الفرقة المادية فى عصرنا الحديث والغزو الفكرى وفرق التكفير تحاول التشويش على هذا المنهج ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره، فقد هيأ الله من يخدم هذا الدين وهذا المنهج تواصلا مع أصالته فى اليمن وساد التصوف والطرق الصوفية بكل دعاية شاملة فى القيادة السياسية بزعامة رئيس البلاد، ولقد تحقق الأمن فى مواقف كثيرة لما تبين للرئيس صفاء هذا المنهج وكمال الإعتدال فيه وتحقيق مصلحة مساعدة الإنسان وأنه منهج محبة وسلام يكسب تأييد الدين والدنيا وفق منهج توجه الأمة الذى يشمل أئمة الشريعة والحقيقة والدين وكافة أولياء الله وأهل القبلة وأنه منهج منزه عن التطرف والمغالاة والتكفير والكره والحقد وإنه تحقيق لمنهج وسيرة الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وسيرة الصحابة الراشدين والأولياء الصالحين والذين ندعو فى كل صلاة أن نكون مع الذين أنعم الله عليهم، والتصوف احتفظ بأصالة المنهج الموجود فى اليمن منذ القدم والذى يدل عليه وجود مقامات الأولياء والأقطاب المعروفين عبر القرون الماضية وأشهرهم سيدى أويس القرنى الذى بشر به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وجعله فخرا لأهل اليمن وكذلك الشيخ أحمد بن علوان وأبو القيس ابن جميل الذى ذكره الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى فى دروسه، وغيرهم من الأولياء والذين شملتهم كتب السير للنبهانى ونسأل الله أن يديم لنا هذه النعمة وأن يجعلنا مؤهلين لدوامها والشكر عليها وأن يعم المسلمين بخيرات وأنوار ونفحات أولياء الله الصالحين بنعمة التصوف فى ظل راية البرهانية وغيرها من الطرق.

هل التصوف فى ازدهار فى اليمن؟

التصوف فى ازدياد وكلما مرت الأيام وجدنا الخير والفضل يزداد يوما بعد يوم علينا وعلى المسلمين من خلال إرشاد ومنهج مشايخنا الكرام، ولقد لمست فى هذه الحولية الأخيرة ما تطرب له القلوب والأرواح من توسع فى خدمة الدين وكرامات وظواهر لا حصر لها تظهر عظمة هذا المنهج القويم على من أعطاه الله أمر الهداية تحقيقا لقوله تعالى فى محكم تنزيله ﴿الرحمن فسأل به خبير﴾ وأيضا قوله ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرن﴾ بل وصف الله تعالى الأولياء بالمرشدين فى قوله تعالى فى سورة الكهف ﴿ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشد﴾ وكل القصص والآيات تدلنا إلى هذا المنهج وأن لأهل الولاية التصديق مع أمر المسلمين ويخلق بما يحقق بث أنوار السراج المنير والرحمة المهداة والنعمة المزداة فى الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام فى قوله (علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل) وفى قوله (العلماء ورثة الأنبياء) وبما جاء فى أحاديث كثيرة والتعريف فى هذا المجال كمن يعرف بالشمس ولكن من أكرمه الله من لحق بركب الأولياء والسير فى ظل رايتهم ومنهجهم فسيجد عيون المصطفى صلى الله عليه وسلم فى روحه وقلبه وعقله بما يفوق عن التعبير والتعريف.

كيف يسير العمل البرهانى باليمن؟

بالرغم من قصورى فى مقامات الرجال المريدين إلا أن كرم الطريقة البرهانية على أيدى مشايخها قد جعلنى أتعلق بهم خاصة وقد كلفنى الشيخ رضى الله عنه بالخدمة فى اليمن وإرشاد كل من يريد الارشاد إلى طريق حب الخير،إلا أننى وجدت أنه لا جهد لى إلا قلبى وحبى وانشغال خواطرى بالمشايخ، أما أمور الطريقة فهى تسير بالمحبة مع قلة الجهود والإمكانات، ورغم وجود بعض المعاكسات التى قد تحدث إلا أننى أجد أن الطريقة تسير ولها راعى أعطاه الله فى كمال عطائه، وأجد هذا العطاء يعم الطرق كافة فى إعداد متفقة بتوحيد الأنفاس والوجهات والمشاعر، بمعنى أن منهج طريقتنا واسع ويستند على أوراد كاملة، ولقد وجدنا الشواهد الناطقة والصامتة تدلنا وتشهد على عظمة وكمال الطريق وسمو مشايخنا فى الإعتقاد وكمال الإرشاد وخصوصا الأوراد، ومن علومهم يستشهد المحب المعتقد بأسرار وعجائب لا حصر لها كلها تدل على أن المنهج كامل وتوحيد خالص لا تشوبه شائبة ولا تبقى لشياطين الإنس والجن أى مدخل للتشويش، ومن أراد من الباحثين عن سفن النجاة أن يلحق بركبهم وأن يكون فى مأمن وسعادة، فعليه التمسك واللحاق بهم، وسيرى العجب العجاب ويكفيه حكم واحد أشار إليه الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه فى قوله فى ديوانه شراب الوصل:

ولم تنج إلا فرقة لوقوفــهـا       بأعتاب آل البيت أهل الحماية

ومن منح حب المصطفى صلى الله عليه وسلم على أيدى الأولياء فإنه قد ارتبط بالنور والسراج المنير الذى يضاء به سبيل الدنيا والآخرة وفى السودان تسمعهم يقولون: زاللى عنده المحبة ما خلى الحبة واللى ماعنده محبة ما عنده الحبةس وجميعنا مأمورين بأن نبقى معهم وأن نرتبط بهم فى قوله تعالى ﴿اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ ولا يجد العاقل أصدق من الله حديثا ولا أصدق مما ظهرت ولايتهم وكرامتهم فقد عمت الطريقة قارات الدنيا بأجمعها على نهج يوصل إلى الله ورسوله من أقرب الطرق وذلك لم يكن إلا بالشفاعة التى أخصها الله برسوله صلى الله عليه وسلم.

هدى عبد الماجد