عِـظَـاتْ

ولي نظم در

الظلال (6)

خاتم الصلاوات والدعاء

 

عِـظَـاتْ

قال ابن السماك للرشيد حين قال له عظنى، وكان بيده شربة ماء فقال له: يا أمير المؤمنين لو حبست عنك هذه الشربة أكنت تفديها بملكك؟ قال: نعم، قال يا أمير المؤمنين: لو شربتها وحبست عن الخروج أكنت تفديها بملكك؟ قال: نعم، فقال له: لا خير فـي ملك لا يساوى شربة ولا بولة.

وقال ابن شبرمة: إذا كان البدن سقيما لم ينفعه الطعام وإذا كان القلب مغرما لم تنفعه الموعظة.

أمنية

مر أبا العتاهية بدكان وراق فوجد كتاب فيه:

لا ترجع الأنفس عن غيها         ما لم يكن منها لها زاجـر

فقال: لمن هذا البيت، فقيل: لأبى نواس قاله للخليفة هارون الرشيد حين نهاه عن حب الجمال وعشق الملاح، فقال: وددت أنه لى بنصف شعرى.

وصايا

قال الإمام على كرم الله وجهه فـي بعض وصاياه لولده: اعلم يا بنى أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد لا يضاده فـي ملكه أحد، وعنه صلوات ربى وسلامه عليه (كل ما يتصور فـي الأذهان فالله سبحانه بخلافه). وقال لبيد بن ربيعة:

ألا كل ما خلا الله بـاطــل          وكل نعيم لا محالـة زائــل

وكل ابن أنثى لو تطاول عمره          إلى الغاية القصوى فللقبر آيل

وكل أناس سوف تدخل بينهـم         دويهية تصفر منها الأنامــل

وكل امرئ يوما سيعرف سعيه         إذا حصلت عند الإله الحصائل

وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر (إن أشعر كلمة قالتها العرب: ألا كل شئ ما خلا الله باطل)

حسين محمد سيد

ولي نظم در

فـي مدح الرسول الأكرم
صلى الله عليه وسلم

والتقى فيك يا مؤمل قـوم         كلما عاينوك غار الوجـود

واصل سالك مقيم مـجـد         مبتغ نائل حـلـيـم ودود

كلنا عاجز ومـا أنـت إلا        غاية المنتهى وعبد يسـود

وتواصلا مع ما سبق بيانه فـي المقال السابق نجد أن البيت الأول تدور فكرته حول التقاء أرواح المحبين السالكين بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم فـي هذا المقام حيث يتحقق أمل كل منهم.

والمشاهد للجمال البلاغى فـي البيت الأول يجد جمال اللفظ ودقته وإيحاءه، فكلمة (فيك) بدلا من معك أو بك، تدل على أنهم جزء منه صلوات ربى وسلامه عليه، وفـي هذا المقام يلتقى الكل بالجزء ويحتويه.

وتنكير كلمة (قوم) ما يدل على التعظيم، أما استخدام أداة الشرط (كلما) ما يدل على التكرار على مر الأزمان وكل مكان حيث يتواجد هؤلاء وأمثالهم.

واستخدام لفظ (عاينوك) بدلا من أبصروك لأن الرؤيا هنا ليست بالبصر بل الرؤيا هنا معاينة بجميع أجزاء الجسم الذى يتحول إلى لطافة ونور، كما قال القائل:

فإذا بدت ليلى فكلى أعيــن         وإن هى ناجتنى فكلى مسامع

واستخدامه كلمة (غار) وما فيها من تورية، فهل (غار) بمعنى أمحى وجودهم وتلاشت جسديتهم، أم (غار) بمعنى الغيرة أى أن الوجود يغار من هؤلاء الذين يشاركونه معاينته للرسول صلى الله عليه وسلم. ومن الأساليب.. تقديم الجار على المجرور (فيك) على الفاعل (قوم) مما يفيد اختصاصه صلى الله عليه وسلم بهذا المقام.

وأسلوب النداء (يا مؤمل) مما يفيد تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم وشدة رغبة هؤلاء من أن يحقق الرسول صلى الله عليه وسلم أملهم.

هذا بالإضافة إلى البديع حيث التناغم الموسيقى المنبعث من حيث تقسم البيت.

سيد عبد اللطيف

الظلال (6)

قلنا فيما سبق أن الأشياء يؤثر بعضها على البعض، وأوضحنا أن لإبليس تأثير سواء في الظاهر أو الباطن، وأعنى بالباطن الرؤيا وأنه يزين للناس أعمالهم وله القدرة على المشاركة في الأموال والأولاد، وكذلك الحاسد له تأثير في المحسود. فلابد من وجود الضد أو ظهور الضد للنفع في الهداية والمعرفة والعلم، والترقى إلى الإيمان والإحسان، وهذا التأثير يتمثل في ظهور الأنبياء والرسل والأولياء، وتتعلق هذه التأثيرات في المقام الأول بالإتباع والتوسل والتبرك بآثار الصالحين لكى يكون التأثير نافع، ولكن هناك من يثيرون الغبار حول هذه الأمور ويدللون على إنكار التوسل أو التبرك بقول الحق سبحانه وتعالى ﴿وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون﴾ وقوله تعالى ﴿وقال ربكم ادعونى أستجب لكم﴾ ويظنون أن العبد لا يحتاج لواسطة ولا وسيلة لله تبارك وتعالى، وقال المفسرون من الراسخين في العلم أن الله تبارك وتعالى وعد الخلق في هذه الآية بالإستجابة وهى الرد على الدعاء ولم يعدهم بالعطاء، أى لم يقل (ادعونى أعطكم) بل قال ﴿استجب لكم﴾ أى أستمع لكم، وأما مفهوم الآية الأخرى ﴿وإذا سألك عبادى عنى﴾ فإنها نزلت فعلا في العطاء لقوله سبحانه ﴿أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾. ويرى السادة الصوفية رضوان الله عليهم أن هناك ستة أصناف من البشر يجيب الله تعالى دعاءهم في الحين أى يعطيهم كل ما طلبوا:

الصنف الأول- الأنبياء والرسل: فالأنبياء والرسل لهم المعجزات، والمعجزة هى إعطاء الطلب مع التحدى، فلهم التأثير المباشر في الأشياء وتسمى معجزة لأن كل الخلق يعجزون عن الإتيان بمثلها كقوله تعالى ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾.

الصنف الثانى- الإستدراج: ويتولاه إبليس بنفسه من باب الإستدراج، مثل الدجال الذى يسحر الناس بأشياء يعتقد البعض أنها إلهية وهى في الحقيقة شيطانية، وله ورثته من الدجالين.

الصنف الثالث- الأولياء رضوان الله عليهم: فلهم الكرامات وهى خرق العوائد وتسمى الكرامة كذلك لأن المولى تبارك وتعالى يكرم أولياءه بأن يسخر لهم الملائكة وهؤلاء الملائكة يفعلون ما يشاءون، ويقول سبحانه وتعالى ﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله﴾ وقالوا في ذلك:

اللهم اجعل ما أشاء موافقا لما تشاء كى لا أشاء ما لا تشاء.

الصنف الرابع- الضالون: والضالون هم عكس الأولياء الذين لا يأتمرون بأمر الله تعالى وقد انصبغوا بصبغة الشيطان فكان وليهم ويتصرفون بمعكوسات الأسماء الإلهية والآيات القرآنية، فيخدمهم الجن والعفاريت من غير المؤمنين.

الصنف الخامس- المضطرون: والمضطر الذين يجيب الله تبارك وتعالى دعاءه مصداقا لقوله تعالى ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه﴾ ويستوى في ذلك المؤمن وغير المؤمن، فلو كان شخصا محتاج أو مضطر لشئ ما واجتهد في تحصيله بكل الوسائل ولم يجده، فاتجه إلى الله تعالى فإنه يعطيه مطلوبه.

والصنف السادس- الحاسد: والحاسد كما قال صلى الله عليه وسلم (كلكم معيان إلا من يدرك الله) وقال صلى الله عليه وسلم (ولو قلت الشئ يسبق القدر لقلت العين) وقال تبارك وتعالى ﴿وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون﴾ فيسخر الله لهؤلاء الجن. ويتضح مما سبق أن هناك ثلاثة من هذه الأصناف رحمانية وثلاثة شيطانية وكل يقابله ضده كما يأتى:

1- الأنبياء والرسل: يجيب المولى سبحانه دعائهم في كل أمر وهم العباد المخلصون الذى قال فيهم ﴿إن عبادى ليس لك عليهم سلطان﴾.

1- الدجال والدجالون: وهؤلاء أصحاب الدعوات الشيطانية -ويقابلهم الصنف الأول- ويقضى مآربهم إبليس اللعين ليضلوا الناس ويكونوا أشد من إبليس في إضلال الناس كما قال تعالى ﴿وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون﴾ وقال تعالى ﴿إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم مشركون﴾.

2- الأولياء: وأصناف تصريفهم هم الصنف الثانى لأصحاب الدعوات الإلهية وقال فيهم تبارك وتعالى آيات عديدة منها ﴿لهم ما يشاءون عند ربهم﴾، ﴿لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة﴾، ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة﴾، ﴿وما نتنزل إلا بأمر ربك﴾.

2- السفليون: الصنف الثانى لأصحاب الدعوات الشيطانية الذين يستعملون الأسماء الإلهية والآيات القرآنية معكوسة كما قال سبحانه ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾ وقال ﴿يفرقوا بين الله ورسله﴾ وقال ﴿ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل﴾.

3- المضطر: الصنف الثالث لأصحاب الدعوات الإلهية ويشمل أى مخلوق مضطر سواء كان مسلما أو غير مسلم، والمضطر الذى يجمع همه ويتجه به إلى الله تعالى فيجيب دعاءه.

3- الحاسدون: الصنف الثالث لأصحاب الدعوات الشيطانية وهم معروفين عند كل الناس إذ لا يخلوا أى بلد منهم.

ومما سبق يتضح أن مخالطة الأولياء ومجالستهم والتعرف عليهم أمر ضرورى، فإن القرآن أمرنا بالإتباع لأننا بالإتباع نضمن ولاية الحق سبحانه وتعالى والبعد كل البعد عن ولاية إبليس وغيره، فنسأل الله أن يجعلنا من المتبعين لا المبتدعين.

محمد رشاد

خاتم الصلاوات والدعاء

الدعاء عبادة من أعظم العبادات، ورد ذكره في القران الكريم حيث قال جل شأنه ﴿وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾ وحثت عليه السنة النبوية المطهرة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدعاء مخ العبادة) وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (ليس شئ أكرم على الله تعالى من الدعاء) ورغبنا فيه سادتنا الأكرمين رضى الله تعالى عنهم أجمعين، فعن الإمام على كرم الله وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض. وعن كيفية الدعاء يعلمنا معلم الخلائق فيقول صلوات ربى وسلامه عليه (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه سبحانه والثناء عليه ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وآله وسلم ثم يدعو بما شاء).

وقيل أن الدعاء مستجاب عند اجتماع المسلمين وعند مجالس الذكر وعند ختم القرآن، وفيما أخرج الشيخان عن أنس بن مالك وعن أبى موسى الأشعرى قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض ابطيه.

ويستحب الدعاء للأمة وللأخوان بظهر الغيب فقال تعالى ﴿والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾ كما قال تعالى أيضا ﴿ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب﴾ وقال صلى الله عليه وسلم (ما من دعاء أحب إلى الله تعالى من أن يقول العبد اللهم ارحم أمة محمد رحمة عامة) وأيضا (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل) وأيضا (دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب دعوة المظلوم ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب). وقال بعض الحكماء أربعة لا سعادة فيهم: الذى يبخل بالصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم والذى لا يجيب المؤذن ومن استعان به انسان بخير فلم يعنه والذى يعجز أن يدعو لنفسه وللمؤمنين دبر كل صلاة. وأما ما ورد بشأن دعاء المرء لنفسه فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: سئل رسول الله عليه وسلم أى الدعاء أفضل؟ فقال: دعاء المرء لنفسه، ويشهد له صلوات ربى وسلامه عليه حديثه (اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها) وحديثه الشريف (اللهم أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها) وعن أبى إمامة رضى الله عنه قال: (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئا، قلنا يا رسول الله دعوت بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئا، فقال: ألا أدلكم على ما يجمع ذلك كله، تقول: اللهم إنى أسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله).

وأما ما ورد بشأن الدعاء دبر الصلوات المكتوبة فعن أبى إمامة رضى الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أى الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات).

وروى ابن عساكر عن أبى موسى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له إلى الله حاجة فليدع بها دبر كل صلاة مفروضة). وأما ما ورد بشأن ختم الدعاء بكلمة (آمين) فقال صلى الله عليه وسلم (إذا دعا أحدكم فليؤمن على دعاء نفسه) أخرجه أبو داود. وعن أبى زهير النميرى وكان من الصحابة أنه كان إذا دعا الرجل بدعاء قال: اختمه بآمين مثل الطابع على الصحيفة، ألا أخبركم عن ذلك خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألح في المسألة فوقف النبى صلى الله عليه وسلم يسمع منه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أوجب إن ختم، فقال رجل من القوم بأى شئ يختم؟ قال: بآمين فقد أوجب. ، وأخرج الحرث عن أبى أسامة في مسنده والحكيم الترمذى وابن مردويه عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم (أعطيت ثلاث خصال، أعطيت صلاه في الصفوف وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة وأعطيت آمين ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم إلا أن يكون الله أعطاها هارون فإن موسى كان يدعو وهارون يومن) وقال صلى الله عليه وسلم (ما حسدتكم اليهود على شئ ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين). وعن الضحاك عن ابن عباس قال: قلت يا رسول الله ما معنى آمين؟ قال رب أفضل، وقال الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجه: آمين خاتم رب العالمين ختم به دعاء عبيده، ونقل الثعلبى في تفسيره عن وهب بن منبه أن آمين أربعة أحرف يخلق الله بكل حرف ملكا يقول: اللهم اغفر لمن يقول آمين.

سعيد أمين