أهل البيت

كيف يوضع الميت فى قبره وما يقرأ عليه

شراب الوصل

 

أهل البيت

ورد فى كتب السيرة الكثير عن فضل أهل البيت، ومما رواه الإمام الشبلنجى فى كتابه "نور الأبصار فى فضائل أهل بيت النبى المختار" حادثة توزيع سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لغنائم أحد الحروب، فقد أعطى سيدنا الحسين ضعف ما أعطى ابنه عبد الله وأعطى سيدنا الحسن كذلك على الرغم من أن سيدنا الحسين وسيدنا الحسن لم يشتركا فى هذه الحرب، وكان سيدنا عبد الله بن عمر مشتركا فيها، فقال سيدنا عبد الله بن عمر لأبيه رضى الله عنهما: الله يعلم يا أمير المؤمنين أنى كنت فى الصفوف الأولى فى القتال بينما كان الحسن والحسين يتدرجان فى طرقات المدينة، فقال له سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إئتنى بأب كأبيهما وأم كأمهما وجد كجدهما أعطيك مثلهما، والعجيب فى هذا الموضوع أن يصدر من سيدنا عمر بن الخطاب لأنه كما قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنا مدينة الحق وعمر بابها) وقد صح أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال (عمر بن الخطاب معى حيث أحب وأنا معه حيث يحب والحق بعدى مع عمر بن الخطاب حيث كان) ولهذا الحديث وقفة مع الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه حينما عاد الى المدينة بعد انتقال سيدنا عمر بن الخطاب فقال: والله لو حضرت دفن عمر بن الخطاب لدفنته قائما على رجليه، فقال له الصحابة: أتدفن الفاروق قائما يا إمام؟!! فقال الإمام على: اضطجع عمر فاضطجع الحق معه، فكأن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه يشير لنا أنه من عين الحق معاملة أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة، ولا يظن ظان أن سيدنا عمر بن الخطاب فعل ذلك الأمر تفضلا -حاشا لله- إنما فعل ذلك ليبين لنا فضل حق أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم علينا.

وحول الأدب معهم رضوان الله عليهم فقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليم صحابته الكرام كيف يتأدبون مع أهل بيته، بل ومدح الصحابة الذين أظهروا الأدب فى معاملتهم معهم، وأوردت لنا كتب السيرة الكثير من المواقف التى توضح لنا هذا الموضوع، ومن هذه المواقف على سبيل المثال لا الحصر:

حينما استأذن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الدخول على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذن له، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبوا فى الغرفة على يديه وركبتيه حاملا السبط الحبيب سيدنا الحسين على ظهره، فقال سيدنا عمر بن الخطاب: نعم الجمل جملك يا حسين، فقال صلى الله عليه وسلم (بل قل نعم الراكب هو يا عمر).

وحينما دخل سيدنا العباس عم النبى صلى الله عليه وسلم على مجلس الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فتلفت يبحث عن مكان ليجلس فيه فكان سيدنا أبو بكر عن يمين النبى صلى الله عليه وسلم وسيدنا عمر عن يساره، فقام له الصديق أبو بكر وأجلسه فى مجلسه، فقال صلى الله عليه وسلم (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل الفضل).

عصام مقبول

كيف يوضع الميت فى قبره وما يقرأ عليه


من المقرر شرعا أن دفن الميت فيه تكريم للإنسان، حيث ذكره الله تعالى فى معرض المن عليه، فقال عز من قائل: {ألم نجعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا} المرسلات (25 ، 26)

وأجمع المسلمون على أن دفن الميت ومواراة بدنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

والمأثور فى كيفية دفن الميت أنه بعد دخوله القبر يوجه وجهه وصدره إلى القبلة وجوبا، على شقه الأيمن، لا كما اعتاده الناس مؤخرا من وضع الميت ورجله للقبلة، أما بالنسبة لدخول الميت القبر: فيقول ابن قدامه الحنبلى: (المستحب أن يوضع رأس الميت عند رجل القبر) أى موضع رجل الميت من القبر بعد دفنه ثم يسل إلى داخل القبر إن كان أسهل عليهم أى على القائمين بالدفن.. فإن كان الأسهل عليهم أخذه من قبل القبلة أو من رأس القبر فلا حرج فيه، لأن استحباب أخذه من رجلى القبر إنما كان طلبا للسهولة عليهم والرفق بهم، فإن كان الأسهل غيره كان مستحقا قال أحمد رحمه الله: كل لا بأس به.

ويقول ابن حزم: (ويدخل الميت القبر كيف أمكن إما من القبلة، وإما من دبر القبلة، وإما من قبل رأسه، وإما من قبل رجليه) إذ لا نص فى شئ من ذلك

ويستحب عند الدفن الدعاء للميت وحل أربطة الكفن، وأن يقول واضعه: (بسم الله وعلى ملة رسول الله ) أو: (وعلى سنة رسول الله)، لما روى عن عمر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا وضع الميت فى القبر قال: (بسم الله وعلى ملة رسول الله) أو (وعلى سنة رسول الله) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه

ويستحب بأن يوسد رأس الميت بلبنة أو حجر أو تراب ويفضى بخده الأيمن إلى اللبنة ونحوها، ووضع شئ من التراب أو اللبن خلف الميت وأمامه يسنده به، وأن يمد ثوب على المرأة عند إدخالها فى القبر دون الرجل، كما يستحب أن يحثى على القبر من جهة رأس الميت ثلاث حثيات من التراب، لما رواه ابن ماجه: (أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا)

كما يستحب الدعاء والاستغفار للميت بعد الفراغ من الدفن وسؤال التثبيت له، لما روى عن عثمان رضى الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: (استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل) رواه أبو داود والحاكم وصححه

كما يستحب قراءة شئ من القرآن الكريم: كالفاتحة ويس وفاتحة البقرة وخاتمتها، لما روى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة فى قبره) أخرجه الطبرانى والبيهقى فى شعب الإيمان، وإسناده حسن كما قال الحافظ فى الفتح

وفى رواية (بفاتحة البقرة) بدلا من (فاتحة الكتاب)، ولحديث معقل بن يسار رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أقرءوا (يس) على موتاكم) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا يشمل حالة الاحتضار وعند القبر كما قال القرطبى وابن الرفعة والزركشى وغيرهم.

وقال الإمام النووى فى (الأذكار) ويستحب أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين

قال الشافعى والأصحاب: يستحب أن يقرأوا عنده شيئا من القرآن: قالوا: فإن ختموا القرآن كله كان حسنا.. كما يستحب تلقين الميت بعد دفنه، لما روى عن أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه قال: إذا أنا مت فاصنعوا بى كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوى قاعدا ، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا، ما يقعدنا عند من لقن حجته! ويكون الله تعالى حجته دونهما) فقال رجل: يا رسول الله! فإن لم يعرف أمه؟ قال: (ينسبه إلى أمه حواء: يا فلان ابن حواء) رواه الطبرانى وابن شاهين وغيرهما، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وسنده صحيح وقد قواه الضياء فى أحكامه.

وقال الامام النووى فى (الروضة): (والحديث الوارد فيه ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم، وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة، كحديث (اسألوا له التثبيت) ووصية عمرو بن العاص رضى الله عنه. ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفى زمن من يقتدى به.

شراب الوصل

وبعض شرابى أغرق الكل فى الهوى    ومنهجى القرآن والله وجهتى

{والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى} والهوى هنا هوى الحب وليس السقوط، فقد أقسم الحق سبحانه فى سورة الإسراء بالنجم المفرد فى سماء الغيب وهو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم {إذا هوى} أى إذا عشق وأحب {ما ضل صاحبكم} فى حبه وما غوى، ومن هذا الشراب الذى إذا سقى بعضه كل المحبين لغرقوا فى حبهم وتاهوا وحاروا كما قال سبحانه {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} فقال صلوات ربى وسلامه عليه فيما أخرجه الترمذى عن زيد بن أرقم (إنى تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى احدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتى أهل بيتى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفونى فيهما) فالعطاء على قدر الإناء.

وها أنا ذا أشفى السقيم من الضنى              وأجبر مكسور القلوب بنظرتى

{ وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين} 82 الإسراء{ وشفاء لما فى الصدور} 57 يونس{ ويشف صدور قوم مؤمنين} 14 التوبة وقد قال الله تعالى "أنا عند المنكسرة قلوبهم" فلذلك كان العبد فى تلك الحالة أقرب إلى الله تعالى من سائر أحوال الصلاة , لأنه سعى فى حق الغير لا فى حق نفسه وهو جبر انكسار الأرض من ذلتها(م د ن عن أبى هريرة) فيض القدير للمناوى والمقاصد الحسنة للسخاوى،وسقيم الشقاء فعندى له الدواء بالهداية للصراط المستقيم وسقيم الضنى الذى اشتدت عليه نار الشوق وأرقه الجوى ونحل جسمه من طول السهر وقيام السحر فأنا شفاءة إذا تجلى عليه الحق بتجلى عظمته فانكسر قلبه وانحنى ظهره فسبح الله العظيم اتعطف عليه بعون الله فأجبركسره من جبيرة جدى طه الحبيب صلى الله عليه وسلم، أشفى السقيم من الضنى : أشفى من باب شفاه الله من مرضه يشفيه شفاء السقيم من السقام وهو المرض الضنى المرض وأضناه أى أثقله،واجبر مكسور القلوب : الجبر أن تعنى الرجل من فقر وجبر الله فلانا أى سد مفاقره والمكسور و الكسر وهو كل من عجز عن شئ فقد أنكسر منه .

محمد صفوت