العد د الأول  (شباط)

 

شعاع من بني النور

 

اخواني.. اخواتي.. أبنائي وبناتي..

إذا استعرضنا حياة سيدي الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني فاننا نستطيع أن نتبين بوضوح أنه انتهج نهجاً جديداً قام من خلاله بتأسيس مدرسة جديدة في عصرها فريدة في أسلوبها اهتم من خلالها بتربية الانسان وبنائه روحياً حتى يتخرج إنسانا سوياً ممارساً للدين عملا وقولا.. سلوكاً حميداً.. وأخلاقاً رفيعة.. وقلباً صافياً ممتلئاً بالحب والايمان.. مدرسة تعيد الانسان إلى فطرته الأولى حتى يرى بنور الله وحقاً كما قال تعالى (كبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) وفاقد الشيء لا يعطيه..

إن الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني كما اهتم بتأسيس تلك المدرسة، فقد اهتم أيضاً بجمع كل العلوم والمعارف فعكف كل عمره في سبيل ذلك وجمع عدداً من الكتب وقدّم الآلاف من الدروس والمحاضرات التي كانت تحمل علماً راقيا فريداً عالياً لم يألفه الناس من قبل، ورد كل علومه تلك الى الكتاب والسنة الشريفة ليعلم الناس بعد جهلٍ ان التصوف هو لُب الدين وان المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الصوفي الأول.

لم يكن الشيخ محمد عثمان عبده يريد أن تنحصر هذه العلوم والمعرفة والارشاد العالي في السودان فكان ان خرج بها الى دول العالم في آخر مراحل نهجه  العصري الجديد، فكانت البداية بمصر والدول العربية وأوروبا وتواصل المد الصوفي بعد ذلك..

وطفت بلاد الله شرقاً ومغرباً      بذرت باقطار الاعاجم حِنطتي

 


شعاع من بني النور

في مقال اليوم نتناول مادة جديدة تتعلق بالإتجاه الإحيائي بين منهجية العولمة والتصوف.

إنَّ أصحاب النزعة التحديثية دعوا المسلمين للعودة إلى منابع الإسلام الأصلية ، ترمي هذه النزعة إلى إعادة تفسير الإسلام وتأويل نصوصه بما يؤيد الحضارة الغربية ويساعد على ترويجها بين المسلمين. بالتحديد نقول ينبغي أن نعيد النظر في الدراسة التحليلية لمنهج الدين من جميع النواحي وينبغي أن نستخدم الفلسفة الحديثة، يعني البحث العقلي وفلسفة الأخلاق وعلم النفس والمنطق في صياغة القواعد الأساسية وإعادة تقديرها حتى تخرج بمادة سلسة وبسيطة للقارئ ليستوعبها.

الواقع أن بعض الحركات الإسلامية المعاصرة تجتهد كي تدخل، وبدرجات متفاوتة قيما  وسلوكيات جديدة لتقوى صلاحيتها للحياة في الأوضاع الحديثة، وعلى هذا فإن التوجيه المذهبي للحركات الإسلامية المعاصرة قد تأثر بمذهبيات التطور الحديث.

وهنا تبرز خطوة كبرى تشكل منهج العولمة في خطى ثابتة لربط  منابع الإسلام الأصلية  وإيضاحها إذا لابد من مرجع حتى ندرك حقيقة مانقول ، إن الإتجاه الصوفي يسلط الضوء على هذه الفئات والحركات الإسلامية التي مازالت تتخبط في دائرة مفرغة.

إنَّ للتصوف القدرة وبالدليل على تحطيم كلِّ الحواجز للحضارات الغربية والحركات الإسلامية التي تدع المعرفة بأصول الدين والفقه، نستطيع القول أن إنهيار القيم الإيمانية والأخلاقية في الحضارة الغربية في العالم المتحضر دفعت الكثير من العلماء إلى تصحيح العقائد وإخراج الأمة الغربية من الضياع.

إن الأمة المسلمة مطالبة ببلورة الفلسفة التي تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم ، باعتبار أن الأمة المسلمة هي أمة الوصايا والتكليف والشهادة على الناس أجمعين ودول العالم شهدت تطورا ملحوظا في شتى المجالات وذلك بفضل علمائها الذين وصلوا إلى القمة دون سابق مثيل، والقليل أدرك القمة باستقلال الفكر الذاتي معرضا عن فكر الغير لأنه يؤثر سلبا على الخصوصية الفكرية الذاتية.  إذن فالقمة هي أسلوب مميز بالخصوصية والانفراد الإبداعي الذاتي وشواهد حق نقولها إن القمة في الإبداع والأسلوب الحضاري المميز لانجده إلا عند العلماء، وأي علماء نقصد القول فيهم هذا مانريد توضيحه في العدد القادم.

غادة سليمان الز ين

تزاحمت الخواطرفى رأسي وأنا أقود سيارتي فى الطريق متجها إلى مدينة هامبورج حيث ينزل مولانا الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه ضيفا على الأخ عثمان قريب وقد أرسل الشيخ فى طلبى لتكليفى بالسفر إلى أمستردام لزيارة أبناء الطريقة هناك والتشاور فى بعض الأمور الخاصة بالطريقة فى هولنده وكان هذا هوالسبب فى كثرة الخواطر والتساؤلات ،وأنا فى تلك الزحمة من أمري وصلت إلى المنزل وسلمت على الحاضرين سائلا عن مولانا وعلمت أنه فى الطابق العلوى فصعدت السلم وأنا أخلط التأمين بالفواتح مع الصمديات كعادتي دائما حينما أريد الدخول على مولانا ولا أدرى أهو سوء حالي أم هيبة الشيخ التى مازالت تهيمن على حالي بالرغم من مرور أكثر من ربع قرن من الزمان على التعامل مع حضرته بشكل مباشر ومع أنه دائما يشعر بحالي ويلاطفني ويمازحني ولكن قلبي دائما يذكرني (إذا أجلسوك على البساط فاحذر الإنبساط).

ووصلت إلى باب الغرفة وأنا فى ذلك التزاحم من الأحوال ووجدت الشيخ ومعه الحاضرين فى حال الإستعداد لأداء صلاة المغرب وقدمنى صاحب المنزل للإمامة فتهيأت للتقدم فقد سمح لى الشيخ بالصلاة مرارا، وإذا بالشيخ يقول أين الشيخ حسن على ليصلي بنا ؟ وكان الشيخ حسن يرافق الشيخ فى هذه الزيارة ويؤمهم فى الصلاة وكنت لاأدرى أن مولانا قد كلفه بكتابة خطاب ثم ذهب ليتوضأ مما أخره عن التواجد ، وحضر الشيخ حسن على وأمنا فى الصلاة وبعد الختام وآداء النافلة توجهت للسلام على مولانا والتشاور معه فى موضوع السفر إلى أمستردام فإذا به يفاجئنى بقوله (ياأخى أناآسف فأنا لم أقصد ألا تصلي بنا ولكن فى هذه الزيارة إعتاد الناس على قرآءة أخونا حسن على وأنا أكرر إعتذاري) فقلت له يامولانا ليس هناك ما يوجب الإعتذار بل أسألك العفو فتبسم الشيخ كعادته وفتح الموضوع الذى جئت من أجله وأخبرنى بما يجب على فعله فى صورة نصيحة وليس فى صورة إصدار أوامر مع أنه الوحيد الذى له الأمر فى شؤون الطريقة.

ماأريد أن أوضحه من المعانى التى جل وصف غراسها هو معنى الشيخ الإنسان وليس الشيخ الولى لأن ولايته لايستطيع وصفها إلا سيدي فخر الدين رضي الله عنه كما جاء فى الأبيات الأخيرة من التائية ومع هذا القدر الجليل يعتذر الشيخ ليس عن خطأ ولكن عن خاطر قد يجول داخل مريد بجرح شعوره والمريد أحق بالإعتذار إذا جال بخاطره هذا الشعور فهذا المريد كان أضل من بعير أهله حتى أخذ الشيخ بيده وانتشله من أوحال الغواية إلى الصراط المستقيم من الهداية ، أليس هذا درسا لكل من أراد أن يقود الناس فى الطريق إلى الله  أليست هى الحكمة والموعظة الحسنة بالفعل وليس بالكلام ، إن هذا المعنى يستحق الوقوف مليا لفهمه والعمل به فإنه ليس حادث عارض ولكنها أخلاق متأصلة الجذور من شجرة بيت النبوة عليهم من بعد جدهم أفضل الصلاة والسلام

        فتشبه بهم إن لم تكن منهم 
        
          
     إن التشبه بالرجال فلاح

وإلى اللقاء حول معنى آخر مع الرجاء أن ينفعنا الله سبحانه وتعالى بما نكتب وأن نكون أول من يعمل به.                                 

 (فتى الوادي)

 

من الأولويات التي يوليها مولانا الشيخ إبراهيم الشيخ (رضي الله عند) الإهتمام بالشباب ورعايته لأنهم مستقبل الأمم وركيزة الحضارات والتقدم ولذلك قام سيادته الشباب الفكرة على مسرح الواقع فكلف الأخ الفاضل كمال أسي (رحمه الله) بتجميع الشباب المواظب على حضور الحضرةبالمقام وتدريبهم على الإنشاد، ثم تطورت الفكرة وتم تأسيس الدستور الذي ينظم للورشة سيرها ليبعدها عن التخبط والعشوائية ثم أضيفت مهام جديدة للتدريب على كل مايدورفي الحضرة والمواكب من إنشاد وبسط وفواتح وإيقأع.
 ثم بدأ الشيخ يتحدث في زياراته الميد انية في الأقاليم السودانية عن ضرورة إنشاد ورش فرعية في كل الزوايا وقد كان، والأطفال خصوصاُ في الزبيض وسنجه وسنار وجبل الأولياء.
ثم بدأ التنافس بين الورش حيث تم تنظيم مسابقة بين الورش للجديد من الروايات وفي الإحتفال السنوي بالحولية من العام الماضي تم تحديد يوماً جصاُ للإ ستماع إلى نتاج الورش القادمة من كل الأقاليموجلست لجنة التحكيم لتقييم  الروايات وتقديم الجوائز إلى الورش الفائزة.
وشهادة للتاريخ أن أول من اهتم بالشباب وقام بتجميعهم وتفعيل دورهم في خدمة الطريقة هو الشيخ دسوقي الشيخ إبراهيم (رضي الله عنهم) حيث بدأ بتجميع الشباب للخدمة أثناء الإحتفالات بالحولية كإحداد المكان وتصفيف الكراسي وتجهيز مياه الشرب وتوزيع الوجبات على الضيوف والمحافظة على الأمن والسلامة اثناء الزفة وزيارة المقام
ومع مرور الأيام بالتجهيز لمعدات الحولية بدلاًمن اسئجارهاقام بتصنيعها بالمجهود الذاتي للشباب وخصوصا الكراسي والأسرة وبراميل المياه وأدوات المطبخ ومعدات الكهرباء وتبع ذلك إنشاء المخزن والشجلات الخاصة بها وتحديد المسؤوليات� وبدأ مكب الخدمات يسير بخطى أوسع حيث تم إنشاء أول أرشيف لكل ما يخص الطريقة من مواد سمعية أو بصرية كالكتب وأشرطة الفيديو والكاسيت والصور الفوتوغرافية.
ثم بدأ المكتب يجري لملاحقة التطور والشباق مع الزمن فتم تجهيز المقر بكل آليات العصر من التلفون ولا سلكي الخدمات والكومبيوتر وآلات التصوير الحديثة الفوتوغر افي والفيديو والات العرض.
إلى أن كان الإنجاز الذي طالما افتقدته الساحة الصوفية وافتقده كل محب لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو التعرف على أهل البيت والأوليات عن مقاماتهم وحياتهم وعلمهم وكراماتهم وخرج إلى النور شريط الفيديو والكتاب على التوالي ومع كل حولية يسعد الناس ب (أولياء الله على أرض مصر) وصدرت المجموعة الأولى بالتعاون مع الأستاذ أسامة طه وسوف تتوالى المجموعات الأخرى على أرض الشام والعراق واليمن وعلى كل وجه الأرض إن شاء الله.
ومع كل شمس جديدة إسراقة جديدة من ورشة الشباب ومكتب الخدمات ودعاء بالتوفيق والإرتقاء والازدهار من أسرة تحرير رايات العز.