مـا بـين مكـة والمـدينـة

زمـــزم

أحـد جـبل يحبنا ونحبُّه

حبيب اللـــه

 

مـا بـين مكـة والمـدينـة

قال تعالى: {ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسـوله ثم يدركه المـوت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيما} لقد كانت الثلاثة عشر عاما التي قضـاها رسول الله  هو وأصحابه بمكة يلقون فيها ضروب الأذى والمشقَّة والعنت والتضييق عليهم في معاشهم حتى فكَّر أعداؤهم في الحصار الاقتصادي والمقاطعة الاجتماعية بعد التسلُّط والكبت والحجر عليهم في مزاولة شـعائرهم فلا يصلُّون إلا خفية ولا يطوفون حــول البيت إلا لواذاً ، كلّ هذا كان امتحاناً للمسلمين وترويضا لتحمُّل المسئولية الكبرى التي سيواجهون بها العالم أجمع والتي أحدثت التحوُّل الكبير في تاريخ الإنسانية فحادث الهجرة حادث له خطره لذا أعطاه أصحـاب رسول الله  وزنه وقدروه حقَّ قدره فجعلوه بدايةً للتاريخ كما فعـل الخليفة عمر  إخوة الإسـلام إنه من الصعوبة على النفس بمكان أن يهجر الإنسان وطنه الذي فيه نشأ وعلى أرضه درج. خاصةً وأن مكة التي كانت مكان الزعامة ومثابة الزعامة والشرف لما لها من قداسة في نفوس العرب من عهد إبراهيم عليه السلام ولكن للمباديء العظيمة ضريبة تجود بها نفوس الرجال طيبة بها نفوسهم، فأنت تراهم يبذلون دماءهم وأموالهم رخيصة في سبيل الدفاع عن العقيدة والذود عنها وقد ضرب أصحاب رسول الله  في هذا أمثلةً رائعة لم تحدث في تاريخ مضى أو واقع معاش.انظروا إن شئتم إلى شاب من شباب مكة كان في مقتبل العمر وربيع الحياة في الخامسة والعشرين من عمره نشأ في ترف ونعمة وخفض من العيش تستهويه المثل العالية، وتجذبه المباديْ الرفيعة فينزع إلى حـياة يواجه فيها كلَّ ضروب العذاب وشظف العيش والحرمان والجفوة حتى من أمِّه وقد كانت أحنى عليه من نفسه التي بين جنبيه. فيراه الناس في المدينة في أسمال بالية تغطي إهابه الغض وقد لفحته حمى يثرب وحمى الغربة وفقدان الوطن ولكنه يقابل كلَّ ذلك راضية نفسه غير شاكٍ ولا مرتاب ولزم إيمانه حتى لقي الله راضيا عنه في أحد، وعليه بردة كزَّة إذا غُطِيَ بها رأسه بدت قدماه،وإذا غطيت بها قدماه بدا وجهه الكريم وعليه ابتسامة الرضا والفرحة بلقاء الله.هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة لرجال ضربوا المثل الأروع للتضحية العظيمة في سبيل الحق، وهو مثل رفيع للصبر الدؤوب في سبيل نصرة العقيدة والاستهانة بما في الحياة من راحة ودعة في سبيل الحفاظ على المبدأ، وبفضل هذه العزائم القوية والنفوس الزاكية التقية انتصر سلفنا الصالح وظهر الحق وزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقا، ومضت الأمة الإسلامية تشق طريقها في عزم وقوة تحمل للبشرية مباديء الحق والعدل وتنشر في العالم ألوية الإخاء الحق والحرية والمساواة وبعد الهجرة أصبحت المدينة المنوَّرة مركز قوة ومكان تجمُّع ومركز إعداد للمسلمين إذ لم يمكنوا من هذا في مكة لغلبة أهل الشرك عليها وقد شجَّع ذلك القبائل التي كانت في الجوار وكانت ترهب قريشاً جاءت معلنة إسلامها داخلة في دين الله أفواجا. ثم أخذ رسول الله  يرسل الرسل والوفود إلى الملوك والزعماء وقد صارت لديه دولة قائمة بذاتها وكان لاستجابة بعضهم صدى كبير مهَّد للفتح المبين والنصر العظيم. ثمَّ إن الهجرة مكَّنت المسلمين من الاطلاع على مؤامرات اليهود التي كانوا يحيكونها سرا مع مشركي قريش، فأحبطوا كـثيرا من مكائدهم. وقد مكنت الهجرة المسلمين من تطبيق الشـرع الإسلامي دون أن ينازعهم أحد في هذا، وبدأ رسول الله  يضع أســس المجتمع الجديد وهي أسمى ما عرفته الإنسانية من قوانين العدل والمساواة والحرية، وقد كانت المؤاخاة التي تمت بين المهاجـرين والأنصار أروع الأمثلة على تحقيق هذا الإخاء السامي


المد ينة المنورة 1908

اتقوا الله معشر المسلمين واعلموا أن الهجرة في مضمونها وجوهرها هي أن نهجر ما حرَّم الله علينا من محارمه، فلنهجر الكذب إلى الصدق، والكسل إلى العمل ، وأن نتتبع الأخلاق الذميمة بالترك ونهجـرها إلى كلِّ خلق حميد.قال : لا هجرة بعد الفتح ولكنه جهاد ونيَّة،

وقال سيدي فخر الدين رضي الله عنه

كل المحارم قد هجرت ومضجعي       وسعيت للمولى على إحرامي

صلاح حمد

 

زمــــــزم

قال الإمام السيوطي ورد: أن خير بئرٍ في الأرض بئر زمزم، وبها تجتمع أرواح الموتى ممن أسلم، وقد فُضِّل ماؤها على ماء الكوثر حيث غُسل منها القلب الشريف الأطهر، يقول البلوي رضي الله عنه وكانت زمزم سقيا اســماعيل عليه السلام فجرها روح القدس بقدم اسماعيل، وفي تفجيرها بالعقـب دون أن يفجرها باليد أو غيرها إشارة إلي أنها وراثته هو ومحمد  وأمته، لأنَّ محمداً  من عقبه، ولما فجَّر الله البئر حاولت أمُّ اسماعيل عليها السلام أن تجمع الماء لتزمَّه بالتراب حتى لا يفوتها شيءٌ منه وقال رسول الله  (يرحم الله أمَّ إسماعيل، لو تركت زمزماً أو قال لو لم تغرف لكانت زمزم عيناً معيناً) ثم دُفنت زمزم واندرست وضاع مكانها إليأن أهداها الله سبحانه وتعالى لعبد المطلب بن هاشم رضي الله عنه تشريفاً وإكراماً له ولمحمد  خاتم الأنبياء والمرسلين، فأراه في المنام مكانها فحفرها. وقد جاءه المنادي فقال له: احفر برَّة، قال: وما برَّة؟ ثمَّ جاءه فقال له: احفر المضمونة، قال: وما المضمونة؟ وأخيراً قال له: احفر زمزم، لا تُنزح ولا تُذمْ، تسقي الحجيج الأعظمْ. ومن أسمائها بركة وسيدة ونافعة وبشرى وسارة وميمونة وطاهرة.

ألا ليتَ شعري هـل أبيتن ليلة         بمـكـة أشـفي ذا الفؤاد المُفـندا

وهلْ أردنْ ماءَ النعيم بزمــزم        وهلْ لي بأن أروى وأشفى وأسعدا

وإني لصادٍ صادرٌ عن مواردي          إلى أن أرى من عين زمزم موردا

وكان ابن عباس رضي الله عنهما عندما يشرب من ماء زمزم يدعو بقوله: اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً وشفاءً من كلِّ داء، وزاد الحسن البصري رضي الله عنه: وشفاءٌ من كل داء وسقم برحمتك يا أرحم الراحمين وقد أثبتت التحاليل أن ماء زمزم له تأثير المياه المعدنية، وأن له تأثيراً على الجهاز الهضمي خاصة عند السفر لمسافات طويلة وقد أكد الأطباء أن ماء زمزم فيه نفع كبير للكلى والمعدة والكبد.

لجنة التراث

 

أحـد جــبل يحـبنا ونحبُّه

 جبل نوراني على بُعد ثلاثة أميال من المدينة، سمِّي أحدا لتوحُّده وانقطاعه عن جبال أُخَر هناك. قال فيه : أحـد جبل يحبنا ونحبُّه. قيل أراد أهل أحد وهم الأنصــار، وقيل لما أرادوا نقل قبر سيد الشـهداء حمزة رضـوان الله عليه تحرَّك الجبل فقال(: أُحُدٌ جبلٌ يُحبنا ونُحبُّه، وقيل كان جبل أحـد يبشِّررسول الله  إذا رآه عند القدوم من أسـفاره بأنه قد اقترب من أهله ودياره وهذا فعل المُحب. وفي الآثار المسندة، أن أُحُداً يوم القيامة عند باب الجنَّة من داخلها، وروي أنه ركنٌ لباب الجنة، وقيل على ترعةٍ من ترع الجـنة، وقيل فيه قـبر هارون أخي موسى عليه السلام،جاءا حاجين فقبض هـارون فواراه موسى عليهما وعلى نبيِّنا الصلاة والسلام، وقيل إن أهل المدينة يخبر السلفُ منهم الخلف بأن قبر هارون علي السلام بأحد وقد خالف هذا جمـاعة من العلماء. وعن أبي هـريرة رضي الله عنه قال: خير الجبال أحد والأشعر وورقان..ويوجد مسجد سيدنا حمزة في وادي أحد.

لجنة التراث

 

حـبيب اللــــه

يحـكى أن رجـلا من بني إسـرائيل عصى اللـه مائتي عـام، يتمرَّد ويجتريء على اللـه، فلما مــات أخذ بنو إســرائيل برجله وألقوه على مزبلة،، فأوحـى الله إلى موسى عليه السـلام أن كفِّنه وادفنه وصلِّ عليه في جمع من بني إسرائيل، ففعل ما أمر به، فعجب بنو إسرائيل من هذا، وأخبروا موسى أنه لم يكن في بني إسرائيل أعتى ولا أكثر معاصي منه، فقال عليه السلام: قد علمت، قالوا: فاسأل لنا ربَّك ما شأنه؟ فسأل موسى عليه السلام ربَّه، فقال يا ربِّ قد علمت ما قالوا، فقال عزَّ وجلَّ صدقوا إنه عصاني مائتي سنة، ولكنه فتح التوراة يوماً فوجد اسم حبيبي محمد مكتوبا فقبَّله ووضعه على عينه.، فشكرت له ذلك فغفرت له ذنوبه.

من معرض الـحـوليـة 
  تـحــت إشـــراف

الشيخ الحسين الشيخ محمد  عثـمان عبده