|
انتصار أولياء
الرحمن على أولياء الشيطان
-
4
|
وأخرج أحمد أنه قال (يا معشر بني هاشم والذي بعثني بالحق نبياً لو
أخذت بحلقة الجنة ما بدأت إلا بكم). وروى الطبراني عن علي أنه قال
(أول من يرد على الحوض أهل بيتي ومن أحبني من أمتي). لكن هذا ضعيف
والذي صح (أول من يرد علي الحوض فقراءالمهاجرين).
وبفرض صحة الأول يحمل علي أن أولئك أول من يرد بعد هؤلاء كما قال ابن
حجر. هذا وقد ورد في حق أبي بكر أنه أول من يدخل الجنة. وكذا في حق
عمر. وقد يدفع التنافي بأن الأول على الحقيقة هو وأولية ما عداه
نسبية. ومنها أن محبتهم تطول العمر وتبيض الوجه يوم القيامة. وبضد
ذلك بغضهم كما في خبر أورده في الصواعق أنه قال
) من أحب أن ينسأ( أي
يؤخر أجله وأن يمتع بما حوله له فليخلفني في أهلي خلافة حسنة، فمن
لم يخلفني فيهم بتر عمره، وورد عليَّ يوم القيامة مسوداً وجهه).
ومنها أنهم أشرف الخلق نسبا. أخرج الإمام أحمد بسند جيد عن العباس:
أنه صعد المنبر فقال: من أنا؟ قالوا أنت رسول اللّه، فقال أنا
محمد بن عبداللّه، بن عبدالمطلب، إن اللّه خلق الخلق في خير خلقه،
وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير
قبيلة، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتا).
وأخر أحمد والمحاملي وغيرهما عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت( قال
رسول الله
قال جبريل: قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد أفضل من محمد وقلبت
مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم).
ومنها أن من صنع مع أحد منهم معروفاً كافأه النبي يوم القيامة روى
الديلمي مرفوعاً (من أراد التوسل وأن يكون له عندي يد أشفع له بها
يوم القيامة، فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم).
ومنها أن أولاد فاطمة وذريتهم يسمون أبناءه ، وينسبون إليه نسبة صحيحة.
أخرج الطبراني مرفوعاً (إن اللّه عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه،
وإن اللّه تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب) وأخرج الطبراني
وغيره أنه قال (كل بني أم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا وليهم
وأنا عصبتهم).
وفي رواية صحيحة
(كل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا
أبوهم وعصبتهم).
وهذه الخصوصية لأولاد فاطمة فقط دون أولاد بقية بناته فلا يطلق عليه
أنه أب لهم، وأنهم بنوه، كما يطلق ذلك في أولاد فاطمة نعم يطلق عليهم
ذريته ونسله وعقبه.
وسيأتي لهذا المقام زيادة كلام عند ذكري زينب بنته . ومنها أنه منهم
مهدي آخر الزمان أخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي
وآخرون (المهدي من عترتي من ولد فاطمة). وأخرج أحمد وأبود داود
والترمذي وابن ماجه (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله فيه رجلاً
من عترتي(، وفي رواية
)رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت
جورا).
وفي رواية لهم عدا الأخير (لا تذهب الدنيا ولا تنقضي حتى يملك رجل من
أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي). وفي رواية لأبي داود والترمذي (لو لم يبق
من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث اللّه رجلاً
من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً
وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).
وأخرج الطبراني (المهدي منا يختم الدين به كما فتح بنا). وأخرج الحاكم
في صحيحه (يحل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع
بلاء أشد منه، حتى لا يجد الرجل ملجأ فيبعث الله رجلاً من عترتي أهل
بيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يحبه ساكن
الأرض وساكن السماء، وترسل السماء قطرها، وتخرج الأرض نباتها لا
يمسكن شيئاً يعيش فيهم سبع سنين أو ثمانياً أو تسعاً يتمنى الأحياء
الأموات مما صنع الله بأهل الأرض من خيره).
وروى الطبراني والبزار نحوه وفيه
(يمكث فيهم سبعاً أو ثمانية فإن أكثر
فتسعا). وفي رواية لأبي داود والحاكم
(يملك سبع سنين أو تسعاً فيجئ
إليه الرجل فيقول له يا مهدي أعطني أعطني فيحثي له في ثوبه ما استطاع
أن يحمله( وأخرج أحمد ومسلم
)يكون في آخر الزمان خليفة يحثي المال
حثياً ولا يعده عدا).
وأخرج أبونعيم
)ليبعثن اللّه رجلاً من عترتي أفرق الثنايا أجلي الجبهة(
أي انحسر الشعر عن جبهته
)يملأ الأرض عدلاً يفيض المال فيضاً( وأخرج
الروياني والطبراني وغيرهما (المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري
اللون لون عربي والجسم جسم اسرائيلي) أي طويل (يملأ الأرض عدلاً كما
ملئت جورا يرضي لخلافته أهل السماء وأهل الأرض).
وورد أيضاً في حليته أنه شاب أكحل العينين، أزج الحاجبين، أقنى الأنف
كث اللحية، على خده الأيمن خال، وعلى يده اليمنى خال.
وتقدم تفسير غريب ذلك في الكلام على لحيته وأخرج الطبراني مرفوعاً
(يلتفت المهدي وقد نزل عيسى عليه السلام كأنما يقطر من شعره الماء،
فيقول المهدي تقدم فصل بالناس، فيقول عيسى إنما أقيمت الصلاة لك،
فيصلي خلف رجل من ولدي). الحديث وفي صحيح ابن حبان في إمامة المهدي
نحوه وصح مرفوعاً
(ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم المهدي تعالى صل
بنا، فيقول لا إنما بعضكم أئمة على بعض، تكرمة اللّه لهذه الأمة).
وصح أنه قال
(يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة
هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه
بين الركن والمقام ويبعث إليهم بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء، بين
مكة والمدينة، فإذا رأي الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام وعصائب أهل
العراق فيبايعونه)، الحديث فعلم منه ومن أحاديث أخرى أنه يخرج من
المشرق من بلاد الحجاز، والقول بأنه يخرج من المغرب لا أصل له، كما
نبه عليه العلقمي.
وأخرج ابن ماجة أنه قال(لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول اللّه ذلك
اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي يملك جبل الديلم والقسطنطينية). زاد
في رواية ورومية ومروية، أخرج أبونعيم عن ابن عباس قال: قال رسول
اللّه (لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها والمهدي وسطها).
والمراد بالوسط ما قبل الآخر وأخرج أحمد والماوردي أنه قال
(أبشروا
بالمهدي رجل من قريش من عترتي، يخرج في اختلاف من الناس وزلزال،
فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويرضى عنه ساكن
السماء وساكن الأرض، ويقسم المال بالسوية، ويملأ قلوب أمة محمد غنى،
ويسعهم عدله،حتى أنه يأمر منادياً فينادي من له حاجة إلي فما يأتيه
أحد إلا رجل واحد، يأتيه فيسأله فيقول ائت السادن حتى يعطيك فيأتيه
فيقول أنا رسول المهدي أرسلني المهدي إليك لتعطيني، فيقول أحث فيحثي
حتى لا يستطيع أن يحمله، فيلقي حتى يكون قدر ما يستطيع أن يحمله
فيخرج به فيندم، فيقول أنا كنت أجشع أمة محمد نفساً، كلهم دُعي إلي
هذا المال فتركه غيري فيرد عليه فيقول إنا لا نقبل شيئاً أعطيناه
فيلبث في ذلك ستاً أو سبعاً أو ثمانياً أو تسع سنين ولا خير في
الحياة بعده).
وروى أبوداود في سننه أنه من ولد الحسن، وكأن سره ترك الخلافة لله عز
وجل شفقة على الأمة، فجعل اللّه القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة
إليه من ولده ليملأ الأرض عدلاً، ورواية كونه من ولد الحسين واهية.
وجاء في روايات
(أنه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك هذا المهدي خليفة
اللّه فاتبعوه فتذعن له الناس ويشربون حبه وأنه يملك الأرض شرقها
وغربها، وأن الذين يبايعونه أولاً بين الركن والمقام بعدد أهل بدر،
ثم يأتيه أبدال الشام ونجباء مصر وعصائب أهل المشرق وأشباههم، ويبعث
اللّه إليه جيشاً من خراسان برايات سود ثم يتوجه إلى الشام، وفي
رواية إلى الكوفة). والجمع ممكن، وأن اللّه تعالى يمده بثلاثة آلاف
من الملائكة. وأن أهل الكهف من أعوانه، قال السيوطي وحينئذ فسر
تأخيرهم إلى هذه المدة اكرامهم بشرف دخولهم في هذه الأمة.
أي واعانتهم للخليفة الحق وأن على مقدمة جيشه رجلاً من تميم، خفيف
اللحية يقال له شعيب بن صالح، وأن جبريل على مقدمة جيشه، وميكائيل
على ساقته، وأن السفياني يبعث إليه من الشام جيشاً فيخسف بهم
بالبيداء فلا ينجو منهم إلا المخبر، فيسير إليه السفياني بمن معه
ويسير إلي السفياني بمن معه فتكون النصرة للمهدي، ويذبح السفياني.
وهو كما في المسائل الظريفة للشيخ المجدولي، رجل من ولد خالد بن يزيد
بن أبي سفيان، ضخم الهامة بوجهه أثر الجدري، وبعينه نكتة بيضاء، يخرج
من ناحية دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلة
قيس، وأن المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية، وأسفار
التوراة من جبل بالشام، يحاج بها اليهود فيسلم كثير منهم، وأنه يكون
بعد موت المهدي القحطاني، رجل من أهل اليمن، يعدل في الناس، ويسير
فيهم بسير المهدي يمكث مدة ثم يقتل. وجاء في رواية تفضيل المهدي علي
أبي بكر وعمر بل على بعض الأنبياء.
قال في العرف الوردي في أخبار المهدي وتأويله بمثل ما أول به حديث (إن
من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيداً منكم) وحاصله أن
أفضليته من جهة زيادة صبره في شدة الفتن، وزيادة الكروب لاتفاق الروم
عليه، ومحاصرة الدجال له، لا من جهة زيادة الثواب والرفعة عند اللّه
تعالى.
وأما حديث أنه صلي
الله عليه وسلم قال (لا يزداد الأمر إلا شدةً ولا الدنيا إلا شُحاً ولا
تقوم الساعة إلا على شرار الناس ولا مهدي إلا عيسى بن مريم) فمتكلم
فيه وعلي تقدير صحته يحمل على أن المراد بها مهدي على الإطلاق سواه
لوضعه الجزية. وإهلاكه الملل المخالفة لملتنا كما صحت به الأحاديث.
أولاً مهدي معصوماً إلا هو. وخبر ابن عدي (المهدي من ولد العباس عمي)
في إسناده وضاع.
وما صح عند الحاكم عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما (منا أهل البيت
أربعة، منا السفاح، ومنا المنذر، ومنا المنصور، ومنا المهدي).
المراد بأهل البيت فيه ما يشمل جميع بني هاشم، وتكون الثلاثة الأول من
نسل العباس والأخير من نسل فاطمة، فلا إشكال. وعلى تقدير أن المراد
أن الأربعة من ولد العباس، يحمل الهدى في كلامه على ثالث خلفاء بني
العباس، لأنه فيهم كعمر بن عبدالعزيز في بني أمية، لما أوتيه من
العدل التام والسيرة الحسنة، ولأنه صح أن اسم المهدي يوافق اسمه ،
واسم أبيه اسم أبيه. والمهدي هذا كذلك، قال في الصواعق الأظهر أن
خروج المهدي قبل نزول عيسى وقيل بعده. وقد تواترت الأخبار عن النبي
بخروجه، وأنه من أهل بيته، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأنه يساعد عيسى
على قتل الدجال بباب لد، بأرض فلسين، وأنه يؤم هذه الأمة، ويصلي عيسى
خلفه. وأكثر الروايات متفقة علي تحقيق ملكه سبع سنين.
والشك في الزيادة إلى تمام تسع، وفي رواية تَحَقَّقَ ستٌ كما تقدم كل
ذلك وفي بعض الآثار أنه يخرج في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو
خمس أو سبع أو تسع. وأنه بعد أن تعقد له البيعة بمكة يسير منها إلى
الكوفة، ثم يفرق الجنود إلى الأمصار. وأن السنة من سنينه تكون مقدار
عشر سنين، وأنه يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، وتظهر له الكنوز، ولا
يبقى في الأرض خراب إلا يعمره.
وقال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين: في قوله تعالى {وإنه لعلم
للساعة} أنها نزلت في المهدي، وجاء في رواية أخرى زيـادة مدته على ما
ذكر ففي رواية أنها أربعـون سنة وفي روايةأنها إحدى وعشرون سنة وفي
رواية أنها أربع عشرة سنة وروى غير ذلك أيضاً قال ابن حجر في رسالته
القول المختصر في علامات المهدي المنتظر روايات سبع سنين أكثر وأشهر
ويمكن الجمع على تقدير صحة جميع الروايات بزن ملكه متفاوت الظهور
والقوة فالأربعون مثلاً باعتبار جملة ملكه والسبع ونحوها باعتبار
غاية ظهور ملكه وقوته والعشرون ونحوها باعتبار الأمر الوسط؛ وفي
الكشف للحافظ السيوطي عن جعفر وغيره أن المهدي يقوم سنة مائتين وعن
أبي قبيل أن الناس يجتمعون عليه سنة أربع ومائتين وفي كلام المجدولي
أن ظهوره يكون في يوم عاشوراء، وقال سيدي عبدالوهاب الشعراني في
كتابه (اليواقيت والجواهر): المهدي من ولد الإمام حسن العسكري ومولده
ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وهو باق إلى أن يجتمع
بعيسى بن مريم هكذا أخبرين الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش
المطل على بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام المهدي حين اجتمع به
ووافقه على ذلك سيدي علي الخواص رحمهما الله تعالى.
وقال الشيخ محيي الدين في الفتوحات: اعلموا أنه لا بد من خروج المهدي
عليه السلام، لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها
قسطاً وعدلاً، وهو من عترة رسول اللّه ، من ولد فاطمة رضي اللّه
تعالى عنها، جده الحسين بن علي ابن أبي طالب، ووالده الإمام الحسن
العسكري ابن الإمام علي النقي (بالنون)، ابن الإمام محمد التقي
(بالتاء)، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن جعفر
الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمـام زين العابدين علي، ابن
الحسين، ابن الإمام علي بن أبي طـالب رضي اللّه تعالى عنهم. يواطئ
اسمه اسم رسول الله ، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول
الله في الخلق (بفتح الخاء). وينزل عنه في الخَلق (بضم الخاء) إذ لا
يكون أحد مثل رسـول الله في أخلاقه، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم
المال بالسوية، ويعدل به في الرعية، يمشي الخضربين يديه.
|