شعـاع مـن بنـي النـور

مقتطفات من خطاب الشيخ إبراهيم - حولية ۲۰۰۲

 

شعــاع مـن بني النور

من أجل ابراهيم بعد رجائه

مواصلة لما انقطع من حديث عن سيرة ساداتنا العطرة، أهل الله الصحابة الاجلاء رضوان الله عليهم أجمعين وأرضانا بهم.

في هذه اللحظات لا يتسنى لنا ولا يسعنا إلا أن ننحني شكراً وتقديراً وعرفاناً واجلالاً وإكباراً وتواضعاً وحباً ورحمة لمن أكرمونا بفيض رحمتهم الطاهرة ونفحاتهم العطرة. بهذه الكلمات البسيطة الوضاءة نتحدث عن مواقفهم النبيلة العظيمة في سبيل بحثهم عن الحقيقة والشريعة الدينية الصرفة التي تمدهم بحبل التواصل لله وترسم دورهم في الحياة. فايّ أناس شامخين هؤلاء؟ وأيّ تفوق عظيم أحرزوه بروحهم وجهدهم حباً وتواضعاً للخلائق اجمعين. فرضتهم إرادتهم الغلابّة على المصاعب فقهروها وعلي المستحيل فذللوه فأصبح ممكناً.

أيّ تبتل للحقيقة وأي ولاء لها هذا الذي أخرج مشائخنا الكرام رضوان الله عليهم طائعين مختارين يبذلون غاية جهدهم حتى يحافظوا على هذه الأمة التي باتت توشك أن تضيع وسط أطماع النفوس الضالة الضعيفة وحتى لا تقع في دوامة المجهول. ولهذا السبب ينتقل شيخنا رضوان الله عليه وأرضانا به من أرض الي أرض ومن بلد إلي بلد قوياً كادحاً غير متكاسلٍ ولا متوانٍ ناصباً جبروته وسلطانه وتتفحص بصيرته الناقدة الناس والمذاهب والحياة.  والشيخ مصطبر يُعطي من عمره ما يشهد له الزمان والمكان من مواصلة دعوته ونشرها صادقة قوية. متمنين من الله القدير أن تخفق رايات عز الله عالية في كل مكان من الأرض وبقاعها ويحفظ الله لنا شيخنا الجليل وهو يمدُّ جسر التواصل لجمع الشمل وإمداداً ومرحمةً حتى يعم الصفاء والوداد في كل مشارق الارض ومغاربها بحبِّه للناس وعطفه عليهم.

والحقيقة والحق يقال فإن أهل الصفاء والود لا ينامون الليل إلا قليلاً يسهرون من أجل سعادة الناس وراحتهم وحلِّ جميع مشاكلهم فكيف لا يتسنى لنا ونحن بجوارهم أن نكون طوع أمرهم ونعمل على نشر الطريقة بكل ما نملك من وسائل وأسباب بدلا من أن نغشاهم في بيوتهم لنشتكي لهم ما فعل فلان وابنه فلان وهم أدرى بها. اخوتي في كل مكان حفظ الله أبانا الشيخ ابراهيم رضي الله عنه وأمدَّ الله في عمره وهو هبة الله لنا من رحمته الواسعة وهو يمسك زمام الفوج ويقود سفينة القوم حتى ترسوا في شط العز.

غادة سليمان

 

مقتطفات من خطاب الشيخ إبراهيم - حولية ۲۰۰۲

أخواني .. أخواتي - أبنائي.. بناتي

من المعروف للكثيرين أن الشيخ محمد عثمان عبده قد أرجع التصوف إلى الكتاب والسنة وأثبت أن التصوف هو لُب الدين ، ولعل من أهم وأخطر ما تناوله الشيخ محمد عثمان هو موضوع مسؤولية الإرشاد والدعوة، فقد شرح من خلال دروسه وكتبه النظام الذي ارتضاه المولى عز وجل للدعوة وارشاد الخلق حدد بموجبه المسؤولية في ذلك للرُسل والأنبياء والأولياء الصالحين، ولم يترك الأمر كما هو مفهوم لدى الكثيرين للاجتهاد البشري ومحل شورى أهل الأرض في إنشاء الجماعات للدعوة وإبتداع الوسائل والأساليب لهداية الناس دون ارتباطٍ بالنظام الإلهي الذي يحكم ذلك، حيث أن عهد الولاية والأئمة المعتمدين قد بدأ بعد نهاية عهد الرسل.. يدل على ذلك النص الشريف >يُبعث على رؤوس الأشهاد في كل مائة عام إمام يجدد للناس أمر دينهم< والنص يقول يُبعث، والبعث ليس للخلق خِيار فيه.

إن الدين هو مصدر الهداية للناس ومصدر التشريع ولكنه ليس محور سيادة دولة على دولة أو تسلط فئة على مجتمع، وأن الإسلام الصوفي وجد القبول عند عامة الناس في شتى بقاع العالم حيث وحدت الطرق الصوفية الكثير من الشعوب والقبائل وذلك لاعتمادها على قيم الإسلام التي تساوي بين البشر، إن الإسلام قد انساب بلطف في معظم أرجاء العالم عبر القرون الماضية ليس فيه قصر ولا إكراه ولا عنف ولا يعرف الغلظة ولا الفظاظة ولا القسوة ولا العنف وتمكن من وجدان المسلمين بل وأصبح ضرورة اجتماعية بجانب أنه مصدر للهداية ومصدر للقيم الفاضلة والأخلاق الكريمة التي هي أساس المعاملة بل إن الدين الإسلامي الصوفي تجسد في المعاملة وأثبت عملياً أن العبادة ليست حركات شكلية وإنما أدوات لتزكية الأخلاق، تعمل لبناء الشخصية الإنسانية السوية والإنسان الصالح المتصف بالصدق والأمانة والعفة والتواضع، نتيجة للذكر والصلاة على النبي  والقدوة الحسنة، لا بالقهر التشريعي ولا العقاب القانوني ولا سلطان الدولة {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مسلمين}. {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، {ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}، {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.