الـسـيـد أحـمـد الـرفـاعـي -
۳
رضي الله عنه
من أقواله وعباراته الشريفة
كان السيد أحمد الرفاعي
رضي الله عنه يحدِّث كلَّ أحد عن مشربه، فيحادث أرباب القلوب بما
يشاء من علم الغيوب وسرِّ المحبوب، ويحادث المريدين بقوانين الشرع
وحسن الأدب ولزوم الطاعات، ويحدِّث أرباب القوَّة والعظمة
بالموعظة، ويرغِّب أهل البدايات إلى الأعمال الصالحة وحسن الظنِّ
واليقين ومحبّة الصالحين والتمسُّك بشعار الدين، ويحدِّث العوام
بحكايات الأوَّلين وقهر المتجبِّرين وما جرى للمتكبِّرين.
روي أن السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه خرج ذات يوم في بعض البساتين
ليتوضأ، فنظر إلى نخلة والتمر معلَّق برأسها وكان معه الشيخ يعقوب
بن كراز رضي الله عنه فقال له: يا يعقوب انظر إلى هذه النخلة حيث
رفعت رأسها جعل الله ثِقَلَها عليها ولو حملت ما حملت، وانظر إلى
اليقطين (القرع) حيث وضع نفسه حمل ثقله غيره. وقد ضرب الشيخ رضي
الله عنه المثل بالنخل واليقطين للمتكبِّر والمتواضع.وكان رضي الله
عنه يقول: تجارتي مع الأرامل والأيتام وفرحتي في خدمتي لهم.
وكان رضي الله عنه يقول من ليس له شيخ فشيخه الشيطان، وإن المريد لينال
من الله تبارك وتعالى ببركة شيخه بقدر ما تأدَّب وحفظ الحرمة وراقب
السر.
وقال رضي الله عنه النبيُّ شجرة والوليُّ بقلة وكم تحت هذه الشجرة من
بقلة.
وسئل رضي الله عنه عن قوله تعالى {يحبهم ويحبونه} فقال: يحبهم بلا ملل
ويحبونه بلا علل، يحبهم بلا ملل أبد الآباد زمانا لا ينقضي وما له
من نفاد،يحبُّونه لا رغبة في الجنَّة ولا خوفاً من النار، يحبُّهم
وفاً ويحبُّونه صفا، يحبُّهم بالعصمة يحبُّونه بالخدمة،، يحبُّهم
بالتوفيق يحبُّونه بلا تعويق، يحبُّهم هداية يحبونه دراية، يحبُّهم
بالأمان يحبونه بالإيمان.
وسئل رضي الله عنه عن السماع (الاستماع للإنشاد) فقال: يا سادة السماع
سرٌّ ما وصل إليه إلا القليل من العارفين، وخصَّ به أقواماً
استذلهم الخلق استقبلهم الحقُّ وأظهر على ما يصل إليه كثير من أهل
الاجتهاد بالعناية القديمة، وذلك لأجل نظره سبحانه وتعالى لاستحقار
الخلق لهم، وانكسار قلوبهم وذلُّ أنفسهم، فأسمعهم القول بإسماع
القلوب عن بساط القرب من غير حضور النفس، فمنهم من سمع بأذنه،
ومنهم من سمع بقلبه، ومنهم من سمع بروحه، لهم في كلِّ صورة مليحة
وحركة لطيفة حظ من أوراد الغيب، وكذاك في كلِّ هبوب ريح لذة، فهم
والِهون حيارى، مفتقرون أسارى، خاشعون سكارى.وإلى هذا المعنى ذهب
سيِّدي بن الفارض رضي الله عنه:
تراهُ إن غاب عني كلُّ جارحـةٍ
فـي كلِّ معنىً لطيفٍ رائقٍ بهجِ
في نغمة العود والناي الرخيم إذا
تمـازجا بيـن ألحانٍ من الهزج
وفي مسارح غزلان الخمائل في
بَردِ الأصائل والإصباح في البلج
وفي مساقطِ أنداءِ الغمامِ عـلـى
بسـاطِ نـَورٍ من الأزهار منتسجِ
وفي مساحبِ أذيال النسـيـم إذا
أهـدى إليَّ سـُحيراٍ أطيب الأرج
وسئل رضي الله عنه وقيل له: يا سيدي سمعنا أن محمداً كان يسبق
جبرائيل عليه السلام وقت نزوله بالوحي، فهل كان يُعرف قبل ذلك
للقرآن أمر؟ قال رضي الله عنه: تكلَّم الحقُّ سبحانه وتعالى
بالقرآن المجيد قبل خلق السموات والأرض، وكتبه في اللوح
المحفوظ،فلما خلق الله تعالى روح محمد عرض القرآن المجيد على
روحه،، فتمَّثل على قلبه، فلما ظهر إلى الدنيا وبعث بالرسالة، ونزل
عليه الوحي على لسان جبريل عليه السلام تذكَّرت روحه الكريمة ذلك
العرض السابق، فجرى القرآن على لسانه فنطق به، فأنــزل الله تعالى
{ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه} أي ذلك الكتاب الذي عرضناه على روحك
الشريفة. وقد ذكر سيدي الشيخ محمد عثمان عبده (مثل هذا الكلام في
كتابه تبرئة الذمة في نصح الأمة ونسبه إلى الشيخ عبد الرزاق رضي
الله عنه في كتابه (جنة الخلد) والشيخ عبد الرزاق هو شيخ الإمام
البخاري رضي الله عنه.
سئل عن لون الهوى فقال: لونه أخضر. فقال السائل: ما الدليل على ذلك؟
فقال رضي الله عنه يا ولدي الدليل على أنه أخضر أن النفس تتنزَّه
فيه من الكروب، وأنه ترتاح إليه القلوب كما ترتاح إلى الخضرة.وقال
رضي الله عنه للشيخ يعقوب يوصيه: يا شيخ يعقوب لا تنظر إلى عيوب
الخلق، فإنك إن نظرت إلى عيوبهم أظهر الله فيك جميع العيوب، وإذا
صدر من أخيك عيب فاصفح الصفح الجميل، واستر الستر الجليل، وعامل
عباد الله بالصلاح والنصح والتقوى، وكن مع الخلق بالأدب فإنَّ
الأدب مع الخلق أدب مع المولى، وقليل من الأدب خير من العمل
الكثير.وقال : من ليس له شيخ فشيخه الشيطان، وإن المريد ينال من
الله سبحانه وتعالى ببركة شيخه بقدر ما تأدَّب له وحفظ الحرمة
وراقب السر.
ولا تعرفنْ في حضرةِ الشيخِ غيرَه
ولا تملأنْ عيناً من النظرِ الشزرِ
وكان رضي الله عنه يعمل كلَّ شيءٍ بنفسه ويقول: أنا اخترت الخدمة فكيف
يكون للخادم خادم !
وقال رضي الله عنه في الذين يحسدونه:
إن يحسدوني فإني غير لائمهم
قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهمـو
ومـات أكـثرُهم غيـظاً بما يـجـدُ
وقال في وجوب كتمان السر عند المكاشفة:
ومستخبري عن سرِّ ليلى رددته
بعمياءَ من ليلى بغير يقينِ
يقولون خبِّرنا فأنتَ أمينـُهــا
وما أنا إنْ خبَّرتـهم بأمينِ
وقال في ترقي المريد والعابد من حال إلى حال قدر اجتهاده:
ما زال من وطنٍ يُهدى إلى وطنٍ
حتى استقرَّ له في الصدقِ أوطانُ
وقال رضي الله عنه يصف حاله الشريفة:
جمعتُ علومَ الحالِ في كلِّ حالـةٍ
وتممـتُ معـنى العلمِ فـي حالةِ القُربِ
وطاولتُ أعلامَ الرجالِ ولـم أزلْ
أطولُ إلى أن جـزتُ من حضرة الربِّ
وفقتُ كبارَ القوم في كلِّ مـذهـبٍ
وصـرتُ بلا ثـان إلـى مذهـب الحبِّ
ولازمتُ بابَ المصطفى في طريقِه
على المـنهج المعـلومِ في أوضحِ الكُتْبِ
فسِرْ سيرتي يا صاحِ والزمْ حقيقتي
لتـنـجو إذا صارَ المصارُ مـن الكـربِ
وصلِّ وسلم في المعاني وفي الهوى
على ترجـمان القلـب في حضرة الـربِّ
مـحمـدٍ المخـتار والآل من لهم
علوُّ شريف القدر في العُـــجْمِ والعُرْبِ
وقال رضي الله عنه يفتخر بالنسب الشريف:
أنا ابن من قام يهدي للوجود وقد
ش عثمان عبده رضي الله عنه حيث يقول:
الصالحون إذا تلقوا منحةً
عكفوا عليها سجَّداً وقياما
وقال رضي الله عنه: من اللازم للفقير أن يتقيد بملابسة الكمالات
وتقييدها، وبتحصيلها من أي موضع حلَّ به، وسار إليه، حتى أنه يصير
في كلِّ وقت في ازدياد من الكمالات وقد ورد في الحديث الشريف (من
تساوى يوماه فهو مغبون) وقال رضي الله عنه: لا تخالط أحداً لأجل
الدنيا ولا تعامله ولا تصاحب أحداً من أهلها كي لا يحصل لك من
مجلسه وملازمته نقصان.
هـذا قبسٌ من نـور سيِّدي أحمد الرفــاعي رضي الله تعالى عنـه وثمرة من
قطوفه الدانية
نفعنا
الله به و اوردنا مورده الشريف.
د.
عبدالله محمد احمد
أولياء الله على أرض مصر
سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه
وهو رضي الله عنه السيد إبراهيم بن عبدالعزيز المكنى بأبي المجد بن
قريش.. وينتهي نسبه إلى مولانا الإمام الحسين رضي الله عنه.
ولد رضي الله عنه بدسوق سنة
633هـ
وتوفي سنة 676 هـ أي عاش من العمر 34 سنة، وأرجح الأقوال أنه
عاش من العمر
63
عاماً، ودفن بمسجده المشهور في دسوق.
تفقه رضي الله عنه على مذهب الإمام الشافعي، واشتهر بين أحبائه بعدة
كنى منها: (أبا العينين، برهان الملة والدين).
وقال في حياته رضي الله عنه (وشاع طريقي في الورى بعد غيبتي) وتحقق
قوله فعلاً، فظهرت طريقته (الطريقة البرهانية الدسوقية
الشاذلية) بعدانتقاله على يد مؤسسها الإمام فخر الدين الشيخ
محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه والذي خلف من بعده
لمشيخة الطريقة ابنه الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده
البرهاني رضي الله عنه.
وصدق الإمام فخر الدين رضي الله عنه حيث قال:
فإني وإبراهيم في الأصل واحد
إذا
طلبوا صفحاً فلا شك صافح
إشراف
الشيخ دسوقي الشيخ إبراهيم
السابق
التالي
رسالــة
مــن العركيِّيـــن
وصلنا كتاب كريم من رجل كريم من الدعاة الإسلاميين حاملي لواء دعوة الحق
هو الشيخ صلاح الدين إبراهيم موسى شيخ الطريقة القادرية
العركية بشندي يبارك فيها مسيرتنا ويدعو لنا بالتوفيق وهكذا
دأب ساداتنا الصوفية ما شاهدوا نوراً يشعُّ في مكان إلا
باركوا ذلك النور وأضافوا إليه من أنوار نفوسهم السنيَّة
وأرواحهم الزكيَّة. ونورد هاهنا مقتطفاتٍ من كتابه الكريم.
يقول مولانا الشـيخ صلاح الدين متَّعه الله بالعافية والرضا : جزى الله
الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني وأتباعه
البرهانية كل خيـر عنا وعن الإسلام والمسلمين في كافَّة
أنحاء المعمورة لما يقدِّمونه لخير الإسلام والمسلمين. لا
يشكِّ أحدٌ في أنَّ رايات العزِّ أدامها الله وحفظها تقوم
بنشر تعاليم الإسلام في كافة مجالاته في كلِّ البلاد وهذا
جهادٌ عظيم يسمَّى جهاد العلماء.
وليس بغريبٍ على شيخ الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية هو وأتباعه
أن يقوموا بالدعوة إلى الله؛ أوَّلا لأن الصوفية هم أهل
الدعوة إلى الله بلا منازع، ثانياً أن الطريقة البرهانيَّة
من كبريات الطرق الصوفية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي
وهي تعمل على نشر الإسلام والطرق الصوفيَّة كلُّها على مذهب
أهل السنَّة والجماعة وسيِّدي الإمام الدسوقي هو أحد الأقطاب
الأربعة ومن ذرية رسول الله وكذلك تلميذه ووارث مقامه الشيخ
محمد عثمان عبده البرهاني هو أيضا ينتمي للذريَّة الطاهرة
المطهَّرة وقال رسول الله في أهل بيته: تركت فيكم ما إن
تمسَّكتم به لن تضلُّوا أبدا؛ كتاب الله وسنَّتي، وكذلك جاء
في قوله : كتاب الله وعترتي.
وإذا أردنا الحديث عن العلم فإنَّ أهل بيت رسول الله هم حملته قبل
غيرهم اصطفاءً من عند الله سبحانه وتعالى قبل أن يكون
اجتهاداً من عند أنفسهم.
وقد كان العلماء على مرِّ الزمان عالةً على علم أهل بيت رسـول الله
ولا يسـعني إلا أن أختم كلمتي هذه داعياً المولى عزَّ وجلَّ
أن ينفعنا بحبِّ رسوله وآل بيته الكرام رضـوان الله عليهم،
وأسأل الله سبحان وتعالى أن يجمعنا معكم على حبِّه ومـودَّته
وعلى حبِّ ومودة آل رسول الله .
وأسرة تحرير صحيفة رايات العزِّ تشكر مولانا الشيخ صلاح الدين نيابة عن
مولانا الشيخ إبراهيم شيخ الطريقة وسائر أبناء الطريقة
البرهانية على هذه الكلمة الرقيقة التي تدل على حرصه
واهتمامه بأمر الدعوة الإسلامية وتشجيع كلِّ من يحمل لواءها
ولا عجب فساداتنا العركيون هم أول من حمل الهَدي النبوي
وأضاء نار القرآن بهذه البلاد وَّفقنا الله وإياهم وسدد
خطانا جميعاً على طريق الخير وصلى الله على سيِّدنا محمد
وآله وسلَّم.
محمد صفوت جعفر |
|