هـل من
سـائل
فيجــاب
قال أحد المكابرين للشيخ وكان رجلا ضريراً: إن الله لو سامح
الصوفيةلأدخلهم النار.
قال الشيخ رضي الله عنه: ولكننا نعرف أن الله إذا سامح أحداً أدخله
الجنَّة وإذا لم يسامحه أدخله النار.
اضطرب الرجل وخجل ثمَّ قال: ولكنهم يحملون القرآن على غير ظاهره.
قال الشيخ: إذن أنت لا تؤمن بالتأويل؟
قال: لا أؤمن به.
قال الشيخ: فكيف تفسِّر قوله تعالى {فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة
أعمى وأضل سبيلا}
قال الرجل: يكفينا فخراً أننا نعرف الله.
قال الشيخ: فكيف تعرف الله؟
قال: بالتوحيد.
قال الشيخ: هل الله واحد في ذاته؟
قال: نعم.
قال الشيخ: وهل هو واحد في صفاته؟
قال: نعم.
قال الشيخ:هل هو واحد في ألوهيته؟
قال: نعم.
قال الشيخ: هل هو واحد في ربوبيِّته؟
قال: نعم.
قال الشيخ: إذن فلتختر لك واحداً من هذه الأسماء لأسألك عن معرفتك به.
فسكت الرجل وضاق به من حوله وانصرف ولم يعد.
سلسلة علموا عني
وحـدة الـقصـد
قال رسول الله : (من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله
ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى
ما هاجر إليه) ونسوق هاهنا القصة التالية لنبيِّن أهمية توحيد الوجهة
والقصد لمن راد أن يكون من الواصلين.
قدم وفد من بني أبذى إلى رسول الله ، وقالوا يا رسول الله قدمنا
إليك بزكاة أموالنا، قال: هلا رددتموها على فقرائكم؟ قالوا: ما قدمنا
إلا بما فضل من فقرائنا، فقال سيِّدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
يا رسول الله ما رأيت وفداً كهذا ! فقال : ذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء.
وأقام الوفد أياماً
ضيوفاً على النبيِّ ، وأجازهم بما يجيز به الوفود، ثمَّ قال: هل بقي
منكم أحد؟ قالوا: غلام حدثٌ خلَّفناه على رحالنا، قال: أرسلوه إلينا.
فجاء الغلام إلى النبيِّ صلوات الله وسلامه عليه، فأجازه بما أجاز به
الوفد، فقال الغلام: يا رسول الله أدع الله أن يغفر لي، ويرحمني،
ويجعل غناي في قلبي فقال : اللهمَّ اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم اجعل
غناه في قلبه.
وفي العام التالي جاء الوفد مرة أخرى إلى رسول الله ، فقالوا يا رسول
الله نحن بنو أبذى الذين أتوك آنفا.قال : ما فعل الغلام الذي كان
معكم؟ قالوا: والله إنه لأزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة، وإنه
يذكِّرنا بأمر ديننا، حتى لو أنَّ الناس اقتسموا الدنيا ما نظر
إليها، ولا التفت نحوها فقال : الحمد لله، إني لأرجو أن يموت جميعا،
فقالوا: أو ليس يموت الرجلُ منا جميعا يا رسول الله، قال : تتفرَّق
أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا، فلعلَّ أجله أن يدركه في بعض تلك
الأودية، فلا يبالي الله عزَّ وجلَّ في أيِّها هلك.هذا اللون من
التربية النبوية السامية يهيب بنا أن نحفظ أنفسنا من التخبُّط في
أودية الدنيا فلا نوغل بأهوائنا في حبِّ زينتها ومدِّ حبل الأمل في
أن نحقق كذا وكذا من أمور دنيانا وليكن في كلِّ حينٍ لنا في المصطفى
أملٌ
كما قال سيِّدي فخر الدين ولله درُّ القائل:
والله ما طلعت شمسٌ ولا غرَبتْ
إلا وحـبُّك مقرونٌ بأنفاسي
ولا جلستُ إلــى قـومٍ أحدِّثهم
إلا وأنتَ حديثي بين جلاسي
لجنة التراث الصوفي
من كلام الإمام عليّ
قال رضي الله تعالى عنه يصف الجرادة مستدلا على عظمة الباريء عزَّ
وجلَّ: وإن شئت قلت الجرادة، إذ خلق لها عينين حمراوين، وأسرج لها
حدقتين قمراوين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي، وجعل
لها الحسَّ القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، يرهبها
الزرَّاع في زرعهم، ولا يستطيعون دفعها، ولو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد
الحرث في نزواتها، وتقضي منه شهواتها، وخلقها كلُّه لا يكون إصبعا
مستدقة، فتبارك الذي يسجد له من في السموات طوعاً وكرها
مع سـلطـان العـاشـقين
زدنـي بفرط الحبِّ فيك تحــيُّرا
وارحم حشىً بلظى هواك تسعَّرا
وإذا سألتك أن أراك حقــــيقة
فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى
هذه القصيدة مشهورةٌ بين المنشدين مستطابةٌ عند المريدين. قال سيدِّي
عبد الغني النابلسي في شرح هذين البيتين: الحيرة في الله تعالى عينُ
الهداية إليه ولهذا طلب الزيادة منها، وفي البيت الثاني تلميح إلى
قصَّة موسى عليه السلام فإنه لما طلب من ربِّه الرؤية أجيب بلن تراني
في قوله تعالى (قال لن تراني) واعلم أنَّ كثيراً من الصوفية يعترض
على هذا البيت ويقول: إذا كان موسى قد مُنع الرؤية عندما طلبها فكيف
ترقَّت همّة الشيخ إلى طلبها والجواب أن مراده الرؤية في الآخرة
بدليل قوله وإذا فإنها تدلُّ على الزمان المستقبل،على أنه إذا كان
ممكنا فيجوز الطلب لكلِّ من يمكنه ذلك ولا يستبعد أيضاً أن يوجد في
المفضول ما لا يوجد في الفاضل من الخصوصيات ولا يلزم من الطلب الحصول
أيضا فتدبَّر وما أحسن قول أبي الفوارس:
لو نيلَ بالفضلِ مطلوبٌ لما حُرِم
الرؤيا الكليمُ وكان الحظُّ للجبلِ
وقال أيضا في التائية:
أروم وقد طال المدى منك نظرة
وكم من دماءٍ دون مرماي طُلَّتِ
ثم أشار إلى المعاني الباطنيَّة في البيت فقال: وقوله لن ترى إشارةٌ
إلى ما أجيب به موسى ولعلَّ طلب موسى عليه السلام للرؤية كان مع
بقائه على مادته في جبلِّته لهذا كان جوابه لن تراني وأنت على مما
أنت فيه من المادَّة الطبيعية والنشأة الروحانيَّة الإنسانية فإنَّ
الرؤية بالتجرُّد المذكور كانت مدَّخرة للحقيقة المحمدية والنشأة
الأحمدية من غير سؤالٍ و طلب.
لجنة التراث الصوفي
بـطـلـة كــربــلاء
لما أدخلوا أسرى كربلاء من آل بيت النبوَّة على ابن زياد انحازت السيدة
زينب إلى جانب القصر متنكِّرة ، فالتفت ابن زياد وقال: من هذه
المتنكِّرة؟ فلم تُجبه وأعاد السؤال فلم تجبه، فقيل له: هذه زينب بنت
فاطمة بنت رسول الله فقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأحدث
أكذوبتكم ! فقالت رضي الله تعالى عنها: الحمد لله الذي أكرمنا
بنبيِّه محمد وطهَّرنا من الرجس تطهيرا إنما يفتضح الفاسق ويكذب
الفاجر وهو غيرنا يا بن مرجانة.،
فقال لها: كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين؟ قالت: ما رأيت إلا جميلا،
هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك
وبينهم فتحاجَّ وتخاصمْ فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أمُّك يا بن
مرجانة.
قالت الدكتورة عائشة بنت
الشاطيء في كتابها بطلة كربلاء معلِّقةً على ردِّ السيدة
زينب رضي الله تعالى عنها : لقد أفسدت السيدة زينب أخت الحسين رضي
الله تعالى عنها على ابن زياد وبني أمية لذَّة النصر وسكبت قطرات من
السُّمِّ الزُّعاف في كؤوس الظافرين وإنَّ كلَّ الأحداث
السياسية التي ترتبت بعد ذلك من خروج المختار وابن الزبير وسقوط
الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية وتأصُّل المذهب الشيعي إنما
كانت زينب بطلة كربلاء.
مـن معرض الـحـولـية
تــحــت إشــراف
الشيخ الحسين الشيخ محمد
عـثـمـان
عـبــده
|