فتي السواعد
الـديــن والـحـريــة -1
إحدى الوسائل التي اتبعتها مؤسسات الاستغراب الفكري فـي بثِّ سمومها
الناقعة تجاه الشباب المسلم هي إثارة قضايا فكرية واجتماعية بطريقة
خاطئة مثل قضية الدين والحريات فأظهرت الدين وكأنه عدوٌّ للحرية أو
قيد من حديد يُكبِّل الحرية ويجعلها قابعةً فـي زنزانة الدين وجعلت
مؤسستها الإعلامية المتطورة تعمل على ترويج مفاهيم العلمانية وغسل
فكر الشباب من معتقداته الدينية وصبغه بعقيدة الحرية المطلقة التي لا
تعرف الخط الاحمر.
بديهياً أن الدين لم يأت لكى يُذلَّ الانسان ويقهره بل جاء من أجل
إكرامه وتشريفه يقول الله عز وجل {ولقد كرَّمنا بني آدم...} فالإكرام
الالهي هذا تَفضُّل على الجنس البشري بقيم أخلاقية فاضلة وجعلها
غرائز فـي تركيبته النفسية غير أن البيئة الاجتماعية هى التي تجعل
تلك القيم الأخلاقية تحت الثرى أو فوق الثريا وفقاً لمتغيرات ثقافية
وسياسية واجتماعية فالقضية التي لا جدال عليها هى أن الانسان ولد
طاهراً نقياً مفعماً بالقيم العالية والأخلاق النبيلة لكن المجتمع هو
الذي يؤثر سلباً وإيجاباً بعد ذلك. إن للحرية نبضاً إنسانياً رائعاً
لا شك فيه بيد أن المتثاقفين وأطفال أنابيب الفكرالغربي يظهرون
الحرية وكأنها فـي حالة جدلية هيجلية مع الدين بل أن كثيراً من دعاة
الحرية الحمراء يذهبون الى اتهام الدين بأنه قوى الرجعية، التي تحارب
الحرية الذاتية للفرد.إننا نتسائل أولا: هل الحرية تعني: افعل ما
تشاء كيفما تريد وقتما تريد دون مراعاة أثر ذلك الفعل سلباً على
المجتمع إن مثل هذه الفوضوية تقود المنظومة الاجتماعية إلى سقوط
القيم الإنسانية الشريفة فيها ومن أعلى قمم القواعد التربوية وخير
مثال لذلك انهيار نظام العائلة فـي العالم الغربي فالابن يمكن أن
يقتل أباه لمجرد أن معشوقته الجميلة قالت له: لا يُعجبني حذاء أبيك
يا مايكل.
إننا بوصفنا برهانية نرفض الحرية الفوضوية تماماً ونؤكد أن الحرية
الحقة هى فـي ضمن إطار الفضيلة والخلق الكريم فلسنا بحاجة الى حرية
التفسخ والانحلال والضياع.
إن الإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه كلٌّ لا يتجزأ ونظَّم أعماله
بأحكام شرعيه تنظيماً واحداً متسقاً مهما تعددت هذه الأعمال وتنوَّعت
فإنَّ هذه الأحكام الشرعية هى التي تعالج مشكلات الإنسان المختلفة
غير أن الفكر الراديكالي المتأسلم سياسياً طوّب الأحكام الشرعية فـي
قوالب ضيقة وصاغها لوحده بطريقة عرجاء الأمر الذي استغلَّته قوى
الاستعمار الفكري فـي تأكيد أن الإسلام لا يعرف الحرية وما كان لهذه
المقولة أن تذكر لولا الأحكام اللا شرعية التي احتكمت إليها بعض
البلدان التي تدين بدين الوهابية. هل تصدق عزيزي القاريء أن بعض تلك
الأحكام اللاشرعية التي اتخذتها دوائر الحكم الوهابي وصلت لدرجة
تحريم الصورة الفوتغرافية وتحريم قص لحية الرجل مقدار قبضة الكفين
(والأفضل أن تصل حدَّ الركبة) وكذلك تحريم مشاهدة التلفزيون والكثير
من الإحكام التي تنسب إلي الاسلام زوراً وبهتاناً لا لشىءٍ سوى خدمة
الفكر الماسوني للوهابية. بالتأكيد إن مثل هذه التصرفات الصبيانية هى
التي تساعد مؤسسات الاستغراب الفكري فـي إلصاق تُهمها الكاذبة
بالإسلام وترويجها مثل اضطهاد حقوق المرأة وتقييد الحريات ونحمد الله
أن سكان كهوف القرون الوسطى من وهابية عصر العولمة الذين قادوا هذه
الجدلية العقيمة أصبحوا يشاهدون الدش والديجتال وتركوا الحديث عن
تحريم إطلاق لفظ السيادة على النبي صلى الله عليه وسلم وتكفير كل من
يخالفهم الرأى بل فـي كثير من الأحيان يهدرون دمه دون أن ترمش
أجفانهم ..
وللحديث بقية
سامي حسب
|