|
يحكى أن |
بين قيصر وأبي سفيان بن حرب
دخل أبو سفيان بن حرب على ملك الروم قبل إسلامه فسأله الملك عن رسول
الله صلى الله عليه وسلَّم وعن أمره ليعلم حقيقته فدارَ بينهما
الحوارُ التالي وجماعةٌ من قريش حضور.
قال الملك يخاطب القرشيين: أنصتوا إليَّ أيُّها القوم إني سائلٌ هذا
الرجل عن ذلك الذي يزعم أنَّه نبيٌّ فإنْ كذب أو زاد على الحقيقة أو
أو نقص فأخبروني وكذِّبوه.
الملك: قل لي كيف نسبُه فيكم؟
أبو سفيان: إنه فينا ذو نسبٍ لا ينكر.
الملك: فهل قال مقالته أحدٌ منكم قبله؟
أبو سفيان: لا واللات والعزَّى ما جاء أحدٌ من قومه بمثل ما جاء به.
الملك: هل كان أحدٌ من
آبائه أوأجداده ملكا؟
أبو سفيان: ما كان في بلده ملكٌ قط لا من قومه ولا من سواهم.
الملك: أخبرني من هم الذين اتَّبعوه وصدَّقوه، أشراف الناس أم
ضُعفاؤهم؟
أسفيان: بل ضعاف الناس وفقراؤهم وبعض الفتية.
الملك: أيزيدون أم ينقصون؟
أبو سفيان: بل هم يزيدون.
الملك: فهل يرتدُّ أحدٌ منهم عن دينه ساخطاً عليه بعد أن يدخل فيه؟
أبو سفيان:لم يفعل ذلك أحدٌ منهم.
الملك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
أبو سفيان: لم نعرف عليه قبل الذي جاء به كذبا.
الملك: فهل يغدر أو يخون العهد إذا عاهد؟
أبو سفيان: لم يفعل بعد، إلا أننا الآن معه في عهد إلى أجلٍ معلوم ولا
ندري إن كان سيفي بعهده وميثاقه أم أنه يغدر وينكث؟
الملك:أوَ قاتلتموه ودخلتم معه في حرب؟
أبو سفيان: لقد كان بيننا حربٌ وقتال.
الملك: فكيف كان قتالُكم إيَّاه؟
أبو سفيان: الحربُ بيننا سجالٌ ننالُ منه وينالُ منَّا..
الملك: ما الذي يأمركم به؟
أبو سفيان: إنَّه يأمرُنا أن نترك ما كان يعبدُ آباؤنا ونعبدُ الله
وحدَه ولا نشركُ به شيئا.
الملك: وبم يأمر غير هذا؟
أبو سفيان: إنَّه يأمرُ بالصلاة والصدق وصلة الأرحام، وينهى عن القتل
والسرقة والزنى وشربِ الخمر.
الملك: لقد قلتـم إنه فيكم ذو نسبٍ وكذلك الرسل، يختارهم الله من أحسن
قومهم نسبا، وذكرتم أنـه لم يقل أحدٌ من قومه من قبله بمثل ما قال
به، إذ لو كان ذلك لقلت إنه رجلٌ يتأسَّى بقولٍ قيلَ قبله، وقلتم إنه
ما كان أحدٌ من آبائه ملك لقلتُ إنَّـه رجلٌ يطلب مُلك أبيه وجدِّه،
وسألتكم إن كان يكذب عليكم قبل ما جاء به، فذكرتم أن لا، فلا يعقل أن
يدع فعل الكذب على الناس ثمَّ يكذب على الله تعالى، وقلتم إنَّ
أتباعه من فقراء الناس وضعفائهم وكذلك أتبـاع الرسل. وقلتـم إنهم
يزيدون وكذلك أمر الإيمـان حتَّى يتمَّ، وقلتم إنَّه لا يرجع أحدٌ
منهم عن دينه، وكذلك الإيمان حين تخالط بشـاشتُه القلوب، واعـترفتم
أنه لا يغدر وكذلك الرسل لا تغدر، وقلتـم إنَّه يأمركم أن تعبدوا
الله وحده، وينهاكُم عن عبادةِ الأوثان، وقلتـم إنه يأمـركم بالصدق
والبرِّ وينهاكم عن السـرقة والزنى وشـرب الخمر، فإن كـان ما ذكرتم
عنه حقَّاً فسيملك موضعَ قدميَّ هاتين. |