كلمة
العدد
اللغة العربية في عصر العولمة
تخطط الدول الغربية التي لها الغلبة التكنلوجية وهي الدول الناطقة
بالإنجليزية إلى جعل هذه اللغة خلال بضعة عقود من الزمان لغةً
سائدةً سيادةً تامَّة على كلِّ اللغات ويتمُّ هذا على حساب اللغات
الأخرى التي من ضمنها العربية لغة الإسلام وهي المستهدف الأول. وقد
قدروا لها أن تنحسر تدريجياً حتى تفقد أهميتها ويذهب ما تحمله من
فكر وثقافة. وهم يحسبون بهذا أن تسود ثقافتهم الغربية على كلِّ
الثقافات الأخرى، وبذا يفرضون هيمنتهم على العالم، ويكون العالم
أجمع تبعاً لهم ولأشياعهم ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير
الماكرين، فالله سبحانه وتعالى كتب البقاء الأزلي لهذه اللغة التي
بها نزل القرآن الكريم {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}،
فهذه اللغة باقيةٌ ما بقي القرآن الكريم في صدور الناس وهي كانت
لسان آدم في الجنة وكانت لسانه في الأرض.
أيظنُّ هؤلاء من أهل الأرض أنهم قادرون عليها والله غالبٌ على
أمره.
أسرة التحرير
أزهارٌ بين أنهار
مـاهية العلـم
واعلم: أنه اختلف في أن تصور ماهية العلم المطلق، هل هو ضروري أو نظري؟
يعسر تعريفه، أو نظري: غير عسير التعريف والأول: مذهب الإمام
الرازي والثاني: رأي إمام الحرمين، والغزالي. والثالث: هو
الراجح،التعريف الأول: اعتقاد الشيء على ما هو به، وهو مدخول،
لدخول التقليد المطابق للواقع فيه، فزيد فيه عن ضرورة أو دليل، لكن
لا يمنع الاعتقاد الراجح المطابق، وهو الظن الحاصل عن ضرورة أو
دليل، الثاني: معرفة العلوم على ما هو به، وهو مدخول أيضا، لخروج
علم الله - تعالى -، إذ لا يُسمى معرفة، ولذكر المعلوم، وهو مشتق
من العلم، فيكون بابا، ولأن معنى على ما هو به، هو معنى المعرفة،
فيكون زائدا.
الثالث: هو الذي يوجب كون من قام به عالما، وهو مدخول أيضا، لذكر
العالم في تعريف العلم، وهو دور،الرابع: هو إدراك المعلوم على ما
هو به، وهو مدخول أيضا، لما فيه من الدور والحشو، كما مر،ولأن
الإدراك مجاز عن العلم،الخامس: هو ما يصح ممن قام إتقان الفعل.
وفيه: أنه يدخل القدرة، ويخرج علما، إذ لا مدخل له في صحة الإتقان، فإن
أفعالنا ليست بإيجادنا،السادس: تبيين المعلوم على ما هو به، وفيه:
الزيادة المذكورة والدور، مع أن التبيين مشعر بالظهور بعد الخفاء،
فيخرج عنه علم الله تعالى،السابع: إثبات المعلوم على ما هو به،
وفيه: الزيادة والدور،وأيضا: الإثبات قد يطلق على العلم تجوزا،
فيلزم تعريف الشيء بنفسه.
الثامن: الثقة بأن المعلوم على ما هو به، وفيه: الزيادة والدور، مع أنه
لزم كون الباري واثقا بما هو عالم به، وذلك مما يمتنع إطلاقه عليه
شرعا،التاسع: اعتقاد جازم مطابق لموجب، إما: ضرورة، أو دليل،وفيه:
أنه يخرج عنه التصوير لعدم اندراجه في الاعتقاد، مع أنه علم،ويخرج
علم الله تعالى لأن الاعتقاد لا يطلق عليه، ولأنه ليس بضرورة أو
دليل،وهذا التعريف: للفخر الرازي، عرفه به بعد تنزله عن كونه
ضروريا العاشر: حصول صورة الشيء في العقل، وفيه: أنه يتناول الظن،
والجهل المركب، والتقليد، والشك، والوهم.قال ابن صدر الدين: هو أصح
الحدود عند المحققين من الحكماء، وبعض المتكلمين. الحادي عشر: تمثل
ماهية المدرك في نفس المدرك، وفيه: ما في العاشر، وهذان التعريفان
للحكماء، مبنيان على الوجود الذهني، والعلم عندهم عبارة عنه.
فالأول: يتناول إدراك الكليات والجزئيات.
والثاني: ظاهره يفيد الاختصاص بالكليات. الثاني عشر: هو صفة توجب
لمحلها، تمييزا بين المعاني، لا يحتمل النقيض، وهو الحد المختار
عند المتكلمين، ألا أنه يخرج عنه العلوم العادية، كعلمنا مثلا بأن
الجبل الذي رأيناه فيما مضى، لم ينقلب الآن ذهبا، فإنها تحتمل
النقيض، لجواز خرق العادة، وأجيب عنه في محله، وقد يزاد قيد بين
المعاني الكلية، وهذا مع الغنى عنه، يخرج العلم بالجزئيات. وهذا هو
المختــار عند من يقول العلم صفة ذات تعلق بالعلوم. الثالث عشر: هو
تمييز معنى عند النفس، تمييزا لا يحتمل النقيض.وهو: الحد المختار
عند من يقول من المتكلمين أن العلم نفس التعلق المخصوص بين العالم
والمعلوم. الرابع عشر: هو صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت هي به.
قال العلامة الشريف: وهو أحسن ما قيل في الكشف عن ماهية العلم، ومعناه:
أنه صفة يكشف بها لمن قامت به ما من شأنه أن يذكر انكشافا تاما، لا
اشتباه فيه. والخامس عشر: حصول معنى في النفس، حصولا لا يتطرق عليه
في النفس احتمـال كونه على غير الوجه الذي حصل فيه. وهو: للآمدي،
قال: ونعنـي بحصول المعنى في النفس: تميزه في النفس عما سواه،
ويدخل فيه العلم بالإثبات، والنفي المفرد، والمركب، ويخرج عنه:
الاعتقادات، إذ لا يبعد في النفس احتمال كون المعتقد والمظنون على
غير الوجه الذي حصل فيه. انتهى.
أحمد البدوي
شــراب الـوصــل
فاتَّبعني يا مُريدي
أَهدِكَ العِلمَ السويَّا
قال تعالى {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتَّبعني} ـ
(يوسف
108) وقال تعالى: {واتَّبع سبيل من أناب إليَّ}ـ فكلُّ من
اتَّبع نهج رسول وسلك سبيله جاز اتَّباعه والاقتداء به مع شرط أن
يكون على بصيرة مما يقول وعلى هدىً ويقين قال صلى الله عليه
وسلم(العلماء أمناء الرسل على عباد الله من حيث يحفظون لما تدعونهم
إليه) والسويُّ هو الذي بلغ الغاية في تمامه، والشيخ الذي يُقتدى
بهِ ويُهتدى بهديِهِ هو الشيـخُ الذي جمع بين علمي الظاهر والباطن:
وللشيخ آياتٌ إذا لـم تـكـنْ لـه
فما هو إلا في ليالي الهوى يسري
إذا لم يكن علمٌ لديـه بـظـاهـرٍ
ولا باطنٍ فاضـربْ به لُجَجَ البحرِ
فذاك هو الذي يربي روحك كما يربي الوالدُ جسدك فالزمه.
قال الآلوسي في تفسير قوله تعالى:{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي} أُمِر صلى الله عليه وسلم بصحبة الفقراء الذين
انقطعوا لخدمة مولاهم وفائدتها منه عليه الصلاة والسلام تعود عليهم
لأنَّهم عُشَّاقُ الحضرة وهو صلى الله عليه وسلم مرآتُها وعرشُ
تجلِّيها ومعدِنُ أسرارها ومشرقُ أنوارها فمتى رأوه صلى الله عليه
وسلم عاشوا ومتى غاب عنهم اكتئبوا.
وأمَّا صحبة الفقراء بالنسبة لغيره صلى الله عليه وسلم ففائدتها تعود
إلى من صحبهم فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم وقال عمر المكي: صحبة
الصالحين والفقراء الصادقين عيش أهل الجنة يتقلب معهم جليسهم من
الرضا إلى اليقين ومن اليقين إلى الرضا ولسيدي أبي مدين الغوث من
قصيدته التي خمَّسها الشيخ محي الدين قدَّس الله سرَّه.
ما لذَّةُ العيشِ إلا صحـبـةُ الفـقـرا
هم السلاطيـنُ والسـاداتُ والأمـرا
فاصحبهمو وتأدَّب في مجـالسـهـم
وخلِّ حظَّك مهـمـا قـدَّمـوك ورا
واستغنمِ الوقتَ واحضرْ دائماً معهـم
واعلم بأنَّ الرضا يختصُّ من حضرا
ولازمِ الصمـتَ إلا إن سُئـلتَ فقلْ
لا علمَ عندي وكنْ بالجهلِ مُستتـرا
وإنْ بدا منكَ عيبٌ فـاعترفْ وأقـِمْ
وجهَ اعتـذارِك عمَّا فيكَ عنكَ جري
وقل عبيدكمو أولى بصـفحكـمـو
فسامــحوا وخذوا بالرفـقِ يا فُقَرا
فهذه هي آداب الاتَّباع الطاعة والأدب ولا بدَّ لكلِّ سالكٍ من
مراعاتها حتى يحظي بالفائدة الكاملة من اتَّباعهم.
د. عبد الله محمد أحمد |