بـالـحـقـائـق
نـاطـقـيـن
خصوصية ذاته الشريفة (2)
الحديث عن سيد الأولين والآخرين سيدنا رسول الله الأمين شائق وممتع
وليس له نهاية إنَّه مبتدانا ومنتهانا وكفايتنا وفى هذا النسق تحدثنا
مسبقا عن هيئتة الكاملة وعن المثلية والتى يخوض فيها الكثيرون دون
معرفة تامة نواصل اليوم عبق الحديث عن خصوصيته صلى الله عليه وسلم
دون سائر البشر وما اختص به وآل بيته دون سائر الأنبياء والمرسلين
وحتى يتسنَّى لنا معرفة القليل من بحر المعرفة المحمدية لزيادة
المحبة الروحية نواصل سياحتنا فى كتاب تبرئة الذمة للشيخ محمد عثمان
عبده البرهانى ونتعرف على خصوصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
قال الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى فى ديوان شراب الوصل:
تعلَّموا
من كلامـى
ما يسلـِّمـكـم ولا
تخوضوا بجهلٍ فى ذوى القربى
وقال ايضا:
يهونُ القول فيهم كلَّ معسرة
وقد يكون بجهلٍ حبُّهم صعبا
وحتى ينتفى عنا جهل المحبة لا بد لنا من المعرفة اللازمة والحذر من
الوقوع فى أخطاء فادحة مثل خطأ المثلية، نستعين هنا بأحاديث تضرب
أروع وأبسط الأمثال فى انعدام المثلية بين ذاته الشريفة وبيننا وبيان
خصوصيته. عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم
(إنى إمامُكم فلا تسبقونى بالركوع ولا بالسجود فإنى أراكم من أمامى
ومن خلفى) مَن منّا يرى من خلفه كما يرى من امامه !
اخرج الإمام البخارى عن يزيد بن الأصم قال:(ماتثائب النبىُّ صلى الله
عليه وسلم قط.) من منا لا يتثائب !
ليس هذا فحسب بل تفرَّدت خصوصيته على سائر الأنبياء والمرسلين، ورد فى
الحديث عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال:جلس أناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم
يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم عجبا إن الله تعالى اتخذ من خلقه
خليلا، ماذا بأعجب من كلام موسى،كلمه الله تكليما، وقال آخر، فعيسى
كلمة الله وروحه، وقال آخر آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلم وقال
صلى الله عليه وسلم: سمعت كلامكم وعجبكم أن الله اتخذ إبراهيم خليلا
وهو كذلك وموسى كلمه الله تكليما وهوكذلك وآدم اصطفاه الله تعالى وهو
كذلك وأنا حبيب الله ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا
فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة
ولا فخر، فيفتح لى فأدخلها ومعى فقراء المؤمنين من أمتى.وأنا أكرم
الأولين والآخرين ولا فخر.
عن هذا الحديث قال الشيخ
محمد عثمان عبده البرهان فى كتابه تبرئة الذمة(اعلم أن هذا الحديث
جامع مصرح بكماله وأفضليته على الكملاء والفضلاء صلوات الله تعالى
عليه وعليهم أجمعين.)
بالفهم البسيط لكل هذه الأحاديث يتضح لنا جليا أن كل من يدعى أن الرسول
الكريم بشر مثلنا فقد أخطا. قال صلى الله عليه وسلم (أعطيت خمسا لم
يعطهن أحد من قبلى،أوتيت الشفاعة العظمى وجعلت لى الارض مسجدا
وطهورا، اتانى الله جوامع الكلم، نصرت بالرعب مسيرة شهر وبعثت للناس
عامة) قال الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني:
ومـاهو إلا مـن رأى الله جهرة وما هو إلا
مـن به الحقُّ ظاهـرُ
وما هو إلا من له الأرضُ مسجد
وما هو إلا من به الترب طاهـرُ
هادية محمد الشلالي
مــاذا تـعـلـمـت مـن شـيـخـي؟
محبة أهل البيت - 2
قبل أن نجيب على السؤال
من هم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم نود أن نتعرف على العبارة
نفسها أو بمعنى آخرماذا تعني عبارة آل البيت؟ يقول سيدي الشيخ محمد
عثمان عبده البرهاني: إن آل البيت هم أهل الشرف وهم على نوعين،أهل
الشرف المؤبد وهم من ينتسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنسب الدم
وهذا هو النسب الجسدي وهو النسب المؤبَّد، وأهل الشرف الرفيع وهم من
ينتسبون الى النبي صلى الله عليه وسلم بنسب المحبة والإيمان وهذا هو
نسب المحبة وهو الحسب. قال النبي صلى الله عليه وسلم (وا شوقي الي
إخواني الذين يأتون من بعدي، سأله الصحابة ألسنا نحن إخوانك يا رسول
الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبي ثم
طوبى ثم طوبى لمن لم يراني وآمن بي) فهذا هو نسب المحبة وهو الحسب
يقولون:
نسب المحبة أقرب الأنساب خالٍ من
الأغراض والأسباب
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سلمان منا آل البيت)، وهو فارسي وقال:
(صهيب منا آل البيت)، وهو رومي وقال: (بلال منا آل البيت)، وهو حبشي،
فكل من هؤلاء نال الشرف الرفيع وهو الانتساب إلى النبي صلى الله عليه
وسلم بنور المحبة والإيمان. فيا لفرحتهم بهذا النسب (يحشر المرء مع
من أحب)
والآن من هم آل البيت الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم وفي أحاديث
النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب علينا معرفتهم ومحبتهم وودَّهم
وحذَّرنا من عداوتهم وبغضهم؟ والإجابة ستكون من القرآن الكريم والسنة
الشريفة.قال تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا} سورة الشورى. فمن هم (أهل البيت والقربى في الآيتين
الكريمتين)؟يقول الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني أن المشهور في تحديد
آل البيت هو انها تطلق على سيدنا علي وزوجته السيدة فاطمة الزهراء
وابنيهما سيدنا الحسن والحسين رضى الله عنهما وعن أبنائهم ونسلهم،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل حين نزلت الآية الكريمة {قل
لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} من قرابتك الذين نزلت
فيهم هذه الآية؟ قال: علي وفاطمة وابنيهما رواه الطبراني وإبن حاتم
وإبن مردوية عن إبن عباس.وأيضا ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء
ومعه على وفاطمة وحسن وحسين فأدنى عليا وفاطمة وأجلسهما بين يديه
وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذ، ثم لف عليهم كساء ثم تلا
الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهِّركم تطهيرا}
وقال (اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما
جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد) وروى أحمد والطبرانى
عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نزلت هذه
الآية فى خمسة فىّ وفى على وفاطمة وحسن وحسين) وعن أنس رضى الله عنه
أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة اذا خرج لصلاة الفجر
يقول: الصلاة أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهرَّكم تطهيرا.
كل هذه الأدلة الشريفة تدل على أن المقصود (بآل البيت) هم سيدنا على
كرم الله مجهه والسيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها وأبناؤهم ونسلهم،
وهم القائل فيهم النبى صلى الله عليه وسلم: لكل بنى آدم عصبة إلا بنى
فاطمة أنا وليُّهما وعُصبتهما. ولقد كانت هناك محاورة بين الحجاج
والى العراق والشعبى حول بنوة الحسن والحسين ونسبتهما إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وكان الشعبى محبا أهل البيت يقول عنهم: إنهم
أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته فاستدعاه الحجاج وجمع
علماء الكوفة والبصرة وبدأ الحجاج كلامه للشعبى قائلا: بلغنى انك
تقول عن أبناء على أنهم أبناء الرسول مع أنه ليس لهم اتصال به إلا
بأمهم، ألم تعلم أنَّ أبناء الرجل ينسبون إليه والأنساب لاتكون إلا
بالآباء؟ فرد الشعبي: ما أراك تكلني إلابكلام من يجهل كلام الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الحجاج وقد إشتد غضبه: ويلك كيف تقول
لي هذا؟ فقال الشعبي: هؤلاء هم العلماء وقراء كتاب الله العزيز، ووجه
إليهم الكلام: أليس الله تعالى يقول عن سيدنا إبراهيم عليه السلام
(ومن ذريته عيسى) فهل كان إتصال عيسى بإبراهيم عليهما السلام إلامن
جهة أمه مريم الصديقة فماذا تقول؟ كما أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم صرح بقوله(هذا حسين (ابني)سيد شباب أهل الجنة) فخجل الحجاج وأخذ
يتلتطف للشعبي. هذه المحاورة كانت من كتاب السيدة نفيسة كريمة
الدارين رضي الله عنها.
وورد في القرآن الكريم
دليل يفيدبأن (آل البيت)هم سيدنا على والسيدة فاطمة الزهراء وإبنيها
الحسن والحسين ر ضي الله عنهم وذلك في سورة آل عمران في المباهلة{فمن
حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم
ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على
الكاذبين} فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بسيدنا علي والسيدة فاطمة
وسيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهم وغطاهم جميعا بعباءته
وانتظر المشركين فلم يحضروا وأخلفوا ميعادهم، فكشف صلى الله عليه
وسلم العباءة عن أهل بيته فوجد معهم جبريل عليه السلام فسأله النبي
صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال جبريل عليه السلام: والذى بعثك بالحق
بشيرا ونذيرا لقد طفت السموات السبع والاراضين السبع فلم أجد اكرم
على الله من هؤلاء فاحببت ان اكون معهم. وللحديث بقية
سوسن حسين |