جلَّ وصـفُ  غِــرَاسِهَــا

شعاع من بنى النور

 

جلَّ وصـفُ  غِــرَاسِهَــا

توسل بالحبيب

الحب هو تعلق روح بروح تعريف بسيط قاله سيدي فخر الدين رضي الله عنه وقد ملأ الصحاف تعريفات عدة للفلاسفة والعلماء عن الحب ولكن إما كانت طويلة مملة أو قصيرة مخلة ولكن هذا التعريف الذي قل ودل وأوجز فأجاد وأعجز ، وكادت حيرتي تقتلني أأحب الشيخ أجدى أم إذا احبني الشيخ أنفع ، وفي أحد الأيام وبغير مناسبة ظاهرة كالعادة كنت أتناول طعام الفطور مع مولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه وتحدثنا في مواضيع شتى ، وأرشدني إلى الصواب ببساطته المعهودة وختم قوله بعبارة ليس لها محل في ظاهر الكلام ولكنها كانت تدور بدواخلي وتملأعلي خواطري فقال ( ليس المهم أن نحبك ولكن الأهم أن تحبنا) وجاء الحل وعدت بالذاكرة إلى سالف الوقت حينما سمعت سيدي فخر الدين رضي الله عنه وهو يقول (حب الشيخ للمريد ينفع واحد في المليون والمريد إذا أحب الشيخ يشرب من مشربه غصب عنه) وبالفعل (فإني وإبراهيم في الأصل واحد) فلك العتبى حتى ترضى ياصاحب المعانى التى جل وصف غراسها.

فتى الوادي

 

شعاع من بنى النور

الصفوة الاعلام صحبتنا

الحديث العذب عن الصفوة المختارة لم ينقطع ولن ينضب فانه سلسبيل عذب يمدنا بذخائر وعلوم نفيسة وجواهر درر تزيد من حصيلتنا المعرفية اكثر فاكثر حتى يعرف الناس والعالم أجمع من هم العلماء حقا، واليوم نتحدث عن سيرة عطرة لنعرف ما قدمته هذه الشخصية العظيمة من علوم ومعارف فى شتى المجالات، (فصوص الحكم) هذا الكتاب الزاخر بعلم المعرفة للشيخ الأكبر محى الدين بن عربى العالم العلامة رضى الله عنه وهوالشيخ ابى بكر محمد بن علي الملقب بمحى الدين بن عربى المتوفى سنة 638 هـ ــ1420 ومن مؤلفاته ما لايكاد العقل ان يتصوره، وقد انفق كل لحظة من لحظات حياته فى التأليف والتحرير بل شغل شطرا غير قليل منها فيما يشغل به الصوفية انفسهم من ضروب العبادة والمجاهدة والمراقبة والمحاسبة. فقد ذكر بانه مؤلف من اخصب المؤلفين عقلا واوسعهم خيالا وذكر له من مؤلفاته مايقارب من المائة والخمسين مؤلفا لا تزال باقية بين مخطوط ومطبوع ومهما يك من التضارب بين الكتاب فى عدد مؤلفاته واحجامها فليس هنالك من شك فى ان هذا الرجل كان من ابرز كتاب المسلمين علما وأوسعهم أفقا وأدناهم الى العبقرية والتجديد فى ميدان دخل فيه الكثيرون غيره ولم يخرجوا منه بمثل ما خرج ولا بلغوا فيه... الذى بُلغ ولا جدال فى ان مؤلفاته تربو على المائتين على أقل تقدير من بينها (الفتوحات المكية) تلك الموسوعة الصوفية العظيمة التي لم تلق بعدها من العناية والدرس ماهى جديرة به ومنها تفسيرها الكبير للقران ويبلغ خمسة وتسعين مجلدة منها نصوص الحكم ومحاضرة الابرار وانشاء الدوائر وعقله المستوفز وعنقاء مغرب وترجمان الاشواق وغيرها من المجلدات واما من ناحية الكيف فان كتب ابن عربى جميعها فـي اعلم من واديواحد وهو وادى التصوف الذى لزمه طول حياته وعاش فى جوه العملى والنظرى. فقد كرس الشيخ محى الدين بن عربى رضى الله عنه جهده فى الكتابة عن التصوف فى شتى نواحيه مبتدئا بالكتب ذات الموضوعات الخاصة امثال (التدبيرات الالهية) الذى وضعه فى المملكة الانسانية والمقابلة بين الانسان والعالم. وكتاب (مواقع النجوم) الذي وضعه فى قواعد اهل الطريق ورسالة الخلوة التى وضعها في نصح المريد و ما يجب عليه في خلوته و (عنقاء مغرب) و الذي وضعه في الولاية. فقد جمع في هذا الكتاب أشتاتاً من المعارف تمثل الثقافة الإسلامية بأوسع معانيها و حشدها جميعاً لخدمة العلم الأساسي الذي ندب نفسه للكتابة فيه و هو التصوف و انتهى دوره النضجي و العقلي و الروحي في تأليف كتابه (فصوص الحكم) و الذي يمثل خلاصة مذهب ظل يضطرب في صدره سنيا من الأعوام حتى طلع به على الناس فأدخلهم و أثار في نفوسهم الحيرة و الشك كما أثار الإعجاب و التقدير.

غادة سليمان الزين