وَلِي نَظْمُ دُرٍ
اللهم صلى على حبيبك وعبدك سيد الخلق -سيدنا محمد - وآله وسلم وارزقنا
اللهم حلاوة محبتك واحشرنا فى زمرة المحبين.
قال
الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه فى ديوانه شراب الوصل:
ألا
أن داء الحب للصب علة ولكنها تشفى عضال الأعلة
إن
للحب معان ومراتب وآيات ولاشك إنه لايعلمها إلاأهل العلم الذين هم الباب
والذين خصوا بفهم جديد ودقيق لكتاب الله وكذا سنة رسوله عليه الصلاة
والسلام ومن يكون غير آل بيته الأطهار الذين جعلهم الله رحمة للناس فى كل
زمان ومكان وغيرهم
كبائع الخبز لايدرى العجين ولا طحن
الدقيق ونيران خبَّاز
سوى
التناول مع تصفيف أرغفة والبيع للغير فى شام وأهواز
وموضوع المحبة بحر فلنترك الحديث عنه لأهل العلم إلا أننا نريد -فقط- أن
نذكر القارىء بما ورد فى كتاب (مدارج السالكين) لابن قيم الجوزية فى
حديثه عن منزلة المحبة :(هى المنزلة التى بها تنافس المتنافسون واليها
شخص العاملون والى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح
نسيمها تروَّح العابدون على قوت القلوب وغذاء الارواح وقرة العيون وهى
الحياة التى من حرمها فهو من جملة الأموات والنور الذى من فقره فهو فى
بحر الظلمات تالله لقد سبق القوم السعاة وهم على ظهور الفرش نائمون وقد
تقدموا الركب بمراحل وهم فى سيرهم واقفون
ومن
لى بمثل سيرك المدلل تمشى رويداً؟وتجىء فى الاول
ويذكرنى ذلك قول القائل:
واتبع سبيل الهوى تلحق بسابقه إن الهوى يلحق النوام بالسارى
وتاييداً لذلك قوله صلى الله عليه وسلم :(يحشر المرء مع من أحب).
واذا
رجعنا لقول الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه وإذا تأملنا
مليئا
ألا
أن داء الحب للصب علة ولكنها تشفى عضال الأعلة
نجد أن الجملة خبرية مؤكدة بمؤكدين وهذا الخبر ملقٍ للمنكر لما تضمنته
الجملة أو لمن فى منزلة المنكر إذ أن المحبة منزلة عُليا لا تتأتى إلا
بالمجاهدة ومحاربة النفس وجاهل المعنى هو فى منزلة المنكر وإن كان خالي
الذهن و(ألا) تنبيهية وكأن القائل أراد من المخاطب أن ينبهه للمعنى ولا
ينكر ثم كان المدخل بعد ذلك ب(انَّ) المؤكدهة المشددة والتى تدل ايضا على
القوة والغرض من القاء الخبر هنا هو حث المخاطب وهو المريد بأن يكون من
أهل المحبة كما يقول الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضى الله عنه كثيرا
فى وصاياه لمريديه :(ان الطريقه هى عباره عن شيئين اثنين حسن عقيده
واوراد وهما يجلبان المحبة).
ومع كون المحبة داء وعلة إلا أنها تشفى عضال الأعلة وكما فى موضع آخر
(والحب يشفى سائر الاسقام).
وللننظر إلى البلاغة فى قوله جامعا بين الاضاد (داء...
ولكنها تشفى) فأسلوب الطباق هنا زاد من رونق المعانى لاسيما وقد جاء عفوا
غير متكلفاً ومثل هذا الأسلوب كثير الورود فى ديوانه.
وأرى أن فى قوله إشارات :منها انه قد ابتداك بـ (داء الحب للصبِّ علة)
وكأنه يشير اليك بالمجاهدة ذلك لأن للحب دأ وعلة يحتاجان الصبر ومجاهدة
ثم ماهى حصيلة ذلك؟ استدراكه مطمئنا المريد بـ (لكنها) أى أنك
ستشفى من عضال الأعلة���ما أروع الحديث��وما أعذبه..
يقول صاحب مدارج السالكين عن منزلة المحبة:(هى الشفاء الذى من عدمه حلت
بقلبه جميع الاسقام)الجزء الثالث صفحة
6
وهناك اشارة خفية لطيفة اخرى هى ان من لا محبة فى قلبه لن يستحق المحبة
فليس من تعداد المؤمنين وان بقلبه داء، وصدق من قال:(لا يؤمن احدكم حتى
يكون هواه تبعاًلما جئت به).
فلو بطلت مسألة المحبة لبطلت جميع مقامات الإيمان والإحسان ولتعطلت منازل
السير إلى الله فمن لامحبة له لا إسلام له البته.
الوسيلة
ابراهيم
|