لقد عمل السلطان عبدالحميد على تعطيل قيام دولة اسرائيل سبعاً وثلاثين
عاماً هى مدة حكمه العادل حيث كان للإسلام هيبة ولإمبراطوريته سطوة
والرسالة المذكورة والتي نوردها فـي ما يلى توضح أن تعرض السلطان للإغراء
بالمال والمال الكثير لم يثنه عن موقفه الذي آمن به، ولما رفض الإغراء
بالمال تعرض للتهديد وإجباره على التخلى عن الحكم عن طريق جمعية الاتحاد
التي اقامها الاعداء والتي أوهمت الأتراك بل وعامة المسلمين أن حكم
السلطان إرهابى كما هى عادة أعداء الدين دائماً يرهبون بالإرهاب ويختلقون
أوهى الأسباب وحينما اشتدت عليه المعارضه وطالبوه بالتخلى عن الحكم سلم
راضياً بقضاء الله عز وجل حقناً لدماء المسلمين وبرأ ذمته بهذه الوثيقة
النفيسة التي تنم عن أدب عال فالسلطان المريد يخاطب شيخه فـي أدب ورجاء
؛ ولا يعرف الفضل إلا أهله ولا يعرف الرجال إلا الرجال علماً بأن هذا
الأدب والسلوك لم ينشأ عنده بعد نفيه حيث صار عاجزاً بل لازمه وهو فـي
قمة السلطة سلطاناً للإمبراطورية الإسلامية العثمانية، وإنى لأشكر وأذكر
بالخير الشيخ الجليل المرحوم الإمام عبدالحليم محمود شيخ الجامع الأزهر
الأسبق الذي القى الضوء على حياة السلطان عبدالحميد فجزاه الله خيراً على
ماقدم فأخيرا يجد السلطان الإنصاف بعد كل هذا من المسلمين، إن مجد
الإسلام لا يجدد إلا بما بدأ به عن إخلاص وفهم لمراميه وعمل بأوامره
نص
الوثيقة التاريخية
بسم
الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد له رب العالمين وأفضل السلام وأتم التسليم على سيدنا محمد رسول رب
العالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين إلى يوم الدين.
أرفع عريضتى هذه إلى شيخ العليه الشاذلية، إلى مفيض الروح والحياة، إلى
شيخ أهل عصره الشيخ محمود أفندى أبى الشامات، وأقبل يديه المباركتين
راجياً دعواته الصالحة.
بعد تقديم إحترامي أعرض أننى تلقيت كتابكم المؤرخ فـي 22/ مارس فـي السنة
الحالية، وحمدت المولى وشكرته أنكم بصحه وسلامه دائمتين سيدى:إننى بتوفيق
الله تعالى مداوم على قراءة الأوراد الشاذلية ليلاً ونهارا، وأعرف أننى
مازلت محتاجاً لدعواتكم القلبية بصورة دائمة، بعد هذه المقدمة أعرض
لرشادكم وإلى أمثالكم أصحاب السماحة والعقول السليمة المسألة المهمة
الآتية كأمانة فـي ذمة التاريخ: إننى لم اتخل عن الخلافة الإسلامية لسبب
ما سوى أننى بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد المعروفة باسم
(جون تورك) وتهديدهم اضطررت وأجبرت على ترك الخلافة.
إن
هؤلاء الإتحاديين قد أصروا وأصروا عليَّ بأن أصادق على تأسيس وطن قومى
لليهود فـي الأرض المقدسة (فلسطين) ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية
هذا التكليف وأخيراً وعدوا بتقديم
150 مائه وخمسين مليون ليره إنجليزيه
ذهباً فرفضت هذا التكليف بصورة قطعية أيضاً وأجبتهم بهذا الجواب القطعى
الاتى:
(أنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً فضلاً عن
150 مائه وخمسين مليون ليره انجليزيه ذهباً لن أقبل
بتكليفكم هذا بوجه قطعى. لقد خدمت المملكة
الإسلامية والأمة المحمديه ما يزيد عن ثلاثين سنه فلم أسود صحائف
المسلمين آبائى وأجدادى من السلاطين والخلفاء العثمانيين.
لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه شرعى أيضا... ).
وبعد جوابى القطعى اتفقوا على خلعى، وأبلغونى أنهم سيبعدوننى إلى
(سلانيك) فقبلت بهذا التكليف الاخير.
هذا وحمدت الله وأحمده أننى لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم
الاسلامى بهذا العار الأبدى الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية فـي
الأراضى المقدسة (فلسطين) وقد كان بعد ذلك ما كان ولذا فإننى أكرر
الحمد والثناء على الله المتعال وأعتقد أن ما عرضته كاف فـي هذا
الموضوع الهام وبه أختم رسالتى هذه والثم يديكم المباركتين، وأرجوا
وأسترحم أن تتفضلوا بقبول احترامى بسلامى إلى جميع الإخوان والأصدقاء.
ياأستاذى المعظم..
لقد أطلت عليكم التحية، ولكن دفعنى لهذه الإطالة أن تحيط سماحتكم علماً
وتحيط جماعتكم بذلك علماً أيضا� والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
خادم المسلمين
عبدالحميد بن عبدالمجيد
مجذوب حاج حمد
|