العد د الثاني  (آذار)
 

الديــــــن والدنيـــــا إذا اجتمعــــــــا

أدق الدقائق


الديــــــن والدنيـــــا إذا اجتمعــــــــا

بداية نود أن نلقي الضوء على حياة السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد آخر خلفاء الدولة العثمانية -طيب الله ثراه- الذي كان شاذلي الطريقة وشيخه هو الشيخ الجليل محمود أبي الشامات.

فقد جمع السلطان عبدالحميد  بين الدنيا كحاكم وبين الدين كعابد فأحسن، حتى تآمر أعداء الدين على خلعه ونفيه إلى جزيرة سلانبك، وقد قيض له الله سبحانه وتعالى له فـي منفاه حارساً من أتباع الشيخ أبى الشامات والذي كان واسطه بينه وبين شيخه هذا فـي إيصال رسائل الشيخ له وإيصال رسائله للشيخ، ومن أنفس رسائله إلى شيخه هذه الرسالة  القيمة التي تعتبر وثيقة تاريخية تؤكد براءته من جميع ما ينسبه اليه الأعداء وتروى صموده فـي وجه أولئك الأعداء أعداء الدين الذين يسعون بكل السبل لتخريبه � إن ما قام به السلطان عبدالحميد رحمه الله من محافظة على الدين وتعطيل قيام دولة إسرائيل دولة الكيان الصهيونى التي تذيق المسلمين الآن الويلات وتتضافر مع دول الشرك لحرب الاسلام وكسر شوكته ويأبى الله الا أن يتم نوره ولو كره اعداء الدين.

 

    لقد عمل السلطان عبدالحميد على تعطيل قيام دولة اسرائيل سبعاً وثلاثين عاماً هى مدة حكمه العادل حيث كان للإسلام هيبة ولإمبراطوريته سطوة والرسالة المذكورة والتي نوردها فـي ما يلى توضح أن تعرض السلطان للإغراء بالمال والمال الكثير لم يثنه عن موقفه الذي آمن به، ولما رفض الإغراء بالمال تعرض للتهديد وإجباره على التخلى عن الحكم عن طريق جمعية الاتحاد التي اقامها الاعداء والتي أوهمت الأتراك بل وعامة المسلمين أن حكم السلطان إرهابى كما هى عادة أعداء الدين دائماً يرهبون بالإرهاب ويختلقون أوهى الأسباب وحينما اشتدت عليه المعارضه وطالبوه بالتخلى عن الحكم سلم راضياً بقضاء الله عز وجل حقناً لدماء المسلمين وبرأ ذمته بهذه الوثيقة النفيسة التي تنم عن أدب  عال فالسلطان المريد يخاطب شيخه فـي أدب ورجاء ؛ ولا يعرف الفضل إلا أهله ولا يعرف الرجال إلا الرجال علماً بأن هذا الأدب والسلوك لم ينشأ عنده بعد نفيه حيث صار عاجزاً بل لازمه وهو فـي قمة السلطة سلطاناً للإمبراطورية الإسلامية العثمانية، وإنى لأشكر وأذكر بالخير الشيخ الجليل المرحوم الإمام عبدالحليم محمود شيخ الجامع الأزهر الأسبق الذي القى الضوء على حياة السلطان عبدالحميد فجزاه الله خيراً على ماقدم فأخيرا يجد السلطان الإنصاف بعد كل هذا من المسلمين، إن مجد الإسلام لا يجدد إلا بما بدأ به عن إخلاص وفهم لمراميه وعمل بأوامره

نص الوثيقة التاريخية

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد له رب العالمين وأفضل السلام وأتم التسليم على سيدنا محمد رسول رب العالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين إلى يوم الدين.

أرفع عريضتى هذه إلى شيخ العليه الشاذلية، إلى مفيض الروح والحياة، إلى شيخ أهل عصره الشيخ محمود أفندى أبى الشامات، وأقبل يديه المباركتين راجياً دعواته الصالحة.

بعد تقديم إحترامي أعرض أننى تلقيت كتابكم المؤرخ فـي 22/ مارس فـي السنة الحالية، وحمدت المولى وشكرته أنكم بصحه وسلامه دائمتين سيدى:إننى بتوفيق الله تعالى مداوم على قراءة الأوراد الشاذلية ليلاً ونهارا، وأعرف أننى مازلت محتاجاً لدعواتكم القلبية بصورة دائمة، بعد هذه المقدمة أعرض لرشادكم وإلى أمثالكم أصحاب السماحة والعقول السليمة المسألة المهمة الآتية كأمانة فـي ذمة التاريخ: إننى لم اتخل عن الخلافة الإسلامية لسبب ما  سوى أننى بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد المعروفة باسم (جون تورك) وتهديدهم اضطررت وأجبرت على ترك الخلافة.

إن هؤلاء الإتحاديين قد أصروا وأصروا عليَّ بأن أصادق على تأسيس وطن قومى لليهود فـي الأرض المقدسة (فلسطين) ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف وأخيراً وعدوا بتقديم 150 مائه وخمسين مليون ليره إنجليزيه ذهباً فرفضت هذا التكليف بصورة قطعية أيضاً وأجبتهم بهذا الجواب القطعى الاتى:

(أنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً فضلاً عن 150 مائه وخمسين مليون ليره انجليزيه ذهباً لن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعى. لقد خدمت المملكة الإسلامية والأمة المحمديه ما يزيد عن ثلاثين سنه فلم أسود صحائف المسلمين آبائى وأجدادى من السلاطين والخلفاء العثمانيين. لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه شرعى أيضا... ).

وبعد جوابى القطعى اتفقوا على خلعى، وأبلغونى أنهم سيبعدوننى إلى (سلانيك) فقبلت بهذا التكليف الاخير.

هذا وحمدت الله وأحمده أننى لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الاسلامى بهذا العار الأبدى الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية فـي الأراضى المقدسة  (فلسطين) وقد كان بعد ذلك ما كان ولذا فإننى أكرر الحمد والثناء على الله المتعال  وأعتقد أن ما عرضته كاف فـي هذا الموضوع الهام وبه أختم رسالتى هذه والثم يديكم المباركتين، وأرجوا وأسترحم أن تتفضلوا بقبول احترامى بسلامى إلى جميع الإخوان والأصدقاء.

ياأستاذى المعظم..

لقد أطلت عليكم التحية، ولكن دفعنى لهذه الإطالة أن تحيط سماحتكم علماً وتحيط جماعتكم بذلك علماً أيضا� والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

خادم المسلمين

عبدالحميد بن عبدالمجيد

مجذوب حاج حمد


 

أدق الدقائق

الحمد لله رب العالمين أرشد العقول إلى توحيده وجعل توحيدها سببا للنجاة واصطفى من أمة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم رجالا ساسو الدين من بعده فأقاموه حرفا وكلمة وآية وقولا وعملا فكملوا من كل شىء وكمّلوا من سار معهم واتبعهم فإذا سُئلوا أجابوا من خزائن أسرارهم فلا تجد فـي مجالسهم مقاطعا او مجادلا ونحن الآن فـي مجلس من مجالس الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه الذي ما نطق الا بالحكمة وفصل الخطاب فالاستماع الى بعض علومه المجمله والتي قد يحتار فيها المتلقى لانسياب الفاظه فـي غير حاجة أو تكلف أو اشتراط لإسناد وهذا هو شان الكمَّل من الرجال قال رضى الله عنه فـي شرح (بسم الله الرحمن الرحيم) أصالةالصفات للألوهية أى أن الصفات للاسمــاء الالهية كلهـــا  فالاسم الباطن للاسم الله هو (الرحمن) عندما نقول بسم الله الرحمن الرحيم أصوليا نقول باسم الله (الرحمن الرحيم) نعنى وجود الألف فـي كلمة باسم ولأن الالف قبل الباء فـي ترتيب التنزل اختفت من الظهور بعدها لأنه فبنفس الترتيب النقطة قبل الألف فرسمت الباء من فوق النقطة فهى حجاب عليهالكى يتميز العابد عن المعبود فلابد من هذا الفصل والباء لاتقرأ إلا من خلال النقطة التي تحتها كما انها هى النقطة الوحيدهالتى نزلت من السماء وباقى حروف القرآن لم تكن منقطه فالنقطـة قبـل الألف لأن بدايــة أى حرف من نقطـة تحتهـا نقطـة تحتها نقطـة يظهر حرف الألف فالحرف الأول (أ) كناية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والنقطة كناية عن الذات العلية والباء حجاب على النقطة لعدم معرفة الذات ولكن النقطة لابد لها من الظهور فاحتاجت إلى الألف وليس لها مظهر غير الألف فكان لابد من الفصل كما قلنا لكى يتميز العابد من المعبود فوقعت تحت الباء فلما نقول بسم الله الرحمن الرحيم يكون اسم غير الاسم الله وصفته هو الرحمن الرحيم فالرحمن الرحيم صفة لإسم الإسم أوصفة لسر السر لأننا لو قلنا اسم الله هو الرحمن الرحيم يكون الله هوالرحمن الرحيم او لقلنا بالله الرحمن الرحيم يكون الله هو الرحمن الرحيم ولزيادة التوضيح نجد الإسم الله أربعة أحرف فلو حذفنا الألف من الإسم تقرأ (لله) وإذا حذفنا اللام الأولى تقرأ (لهُ)  وإذا حذفنا اللام الثانية تقرأ (هـُ -  هو) كذلك لو حذفنا لامىّ الوسط تقرأ (آه) وهو الإسم الذي كان يذكر به خليل الله إبراهيم عليه السلام (إن إبراهيم لأواه حليم) وكان يذكر به الصحابى الجليل ذو البجادين رضى الله عنه كما رواه البيهقى فـي الشعب عن ثابت البنانى وغيره وأورده السيوطى فـي جامعه الصغير عن بن مسعود (إن الأنين إسم من أسماء الله يرتاح له المريض) أى أن الإسم الله لايتغير معناه بإنقاص حروفه والإسم المقصود فـي البسملة هو إسم الإسم المغيب فـي هو.

لجنة التأليف والترجمه