العد د الثاني  (آذار)
 

مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى

افهموا وتفقهوا

باب مدينة العلم


مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى

  الحمد لله الذي رفع السماء بقدرته وبسط الأرض بمشيئته الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة و لا نوم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول سبحانه {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولارسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعلمون} (التوبة61).

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً رسول الله  اللهم صلى صلاة كامله وسلم سلاماً تاما على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وأصحابه وأحبابه وسلم، قال ذوالنون المصري رأيت صبياناً يرجمون رجلا فقلت لهم لماذا؟ فقالوا: إنه مجنون يزعم أنه يرى ربه فدنوت منه فأ خبرته بذلك فقال: لو احتجب عني طرفة عين لتقطعت من ألم البين ثم قال:

 

   طلب الحبيب من الحبيب رضاه          ومن الحبيب إلى الحبيب لقاه

   أبــدا يلاحظــه بأعين قلبه          والقلب يعرف ربــه ويراه

فقلت له أمجنون أنت قال عند أهل الأرض نعم� وأما عند أهل السماء فلا� فقلت له: كيف أنت مع الله؟ قال: ما جفوته منذ عرفته وإلا لما جعل اسمي فـي المتحابين. أما بعد أيها الأحباب قلنا أن التمييز بين مراتب الدين من أوكد الأمور وقال الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي  الله عنه أن هناك سبعة شدائد فـي كل مرتبة من مراتب الدين سواء فـي مرتبة الإسلام أوفـي مرتبة الإيمان أوفـي مرتبة الإحسان وإن كانوا يتفقون فـي اللفظ إلا أن كل مرتبة لها اختلاف فـي الجوهر ألا وهى(الذنب -التوبة-  التقوى- الذكر- الاستقامة- البر- التوسل) هؤلاء السبعة فـي كل مرتبة  الذنب فـي الإسلام يختلف عن الذنب فـي الإيمان وكذلك الإحسان وكذلك الاستقامة والتوبة والتوسل فالتوسل فـي مرتبة الإسلام بالعمل الصالح. {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة.� والتوسل فـي مرتبة الإيمان بالأسماء الحسنى الذي نسميه الكرامة والتوسل فـي مرتبة الإحسان بالأشخاص المحترمين الذين اصطفاهم الحق وهناك ثلاثة أنواع من التوسل الشيطاني وهو توسل بالجن والعياذ بالله، والاستعانة لقضاء بعض الحاجات، وهي: الدجل وهو نوع من التوسل يجب محاربته، الثاني الحسد ويسموه المعيان. الثالث السحر (سحروا أعين الناس واسترهبوهم) وهو سحر التخيل. واسمعوا إلى ما أخرجه بن ماجه بإسناد صحيح  عن أبي سعيد الخدري وهو دعاء الخروج إلى الصلاة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة يقول (اللهم أنى أسألك بحق السائلين عليك و أسألك بحق ممشاى هذا إليك فاني لم أخرج بطرا ولارياء ولاسمعة وانما خرجت ابتغاء مرضاتك فأسلك أن تعذني من النار وأن تغفر لى ذنوبى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) فمن قال هذا أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك.

فقول النبي صلى الله عليه وسلم بحق السائلين عليك  فهذا توسل من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبكل عبد مؤمن بل انه يتوسل بالخطوة بحق ممشاي هذا إليك.

وروى الطبراني فـي الكبير والأوسط والحاكم وصححه عن سيدنا أنس بن مالك رضى الله عنه لما ماتت فاطمة بنت أسد رضى الله عنها  وهي أم الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها وقال رحمك الله يا أمي بعد أمي ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا  أنس أن  يحفر لها قبراً وحفر النبي أيضا فلما فرغا دخله صلى الله عليه وسلم فأضطجع فيه وقال (الله تعالى هو الذي يحي ويميت وهو لا يموت. اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين قبلى فأنك أرحم الراحمين) فالنبي صلى الله عليه وسلم توسل بذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم وتوسل بالأنبياء الذين قبله، وروى الترمذى والبيهقي أن رجلا ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، فقال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير،  قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ ويحسن والوضوء ويدعو بهذا الدعاء (اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني أتوجه بك إلى ربي فـي حاجتي لتقضى اللهم شفعه فـيَّ) فعاد وقد ابصر. أخرجه البخاري أيضا فـي تاريخه. وروى البيهقى وابن أبى شيبه بإسناد صحيح أن الناس أصابهم قحط فـي خلافة سيدنا عمر فجاء سيدنا بلال بن الحرث رضى الله عنه، إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إستسق لأمتك فإنهم هلكوا، فأتاه الرسول فـي المنام وأخبره أنهم يسقون،والاستدلال بهذا الحديث أن هذا صحابي يجب الاقتداء به. أوكما قال: إدعوا الله

الثانية

الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله خاتم الانبياء والمرسلين،أيها الأحباب قال الأمام مالك بن دينار رضى الله عنه أتيت القبور على سبيل الزيارة فتمنيت من يخبرني عنهم بخير فقلت بلسان أخذني:

آتيت القبـور فناديتهــا          فأين المعظم والمــحتقر

وأين المـذل بسلطانــه          وأين العزيز إذا ما افتـخر

فنوديت من بين القبور:

تفانـوا جميـعا فلا مخـبر       وماتوا جميعاً وصاروا غبر

وعـادوا إلـى ملك عـادل       عزيز مطـاع إذا ما أمـر

تروح وتغدو نبـات الثـرى      فتمحي محاسن تلك الصور

فيا سائلى عن إناس مضوا        أما لك فيما مضى معتبـر

فكن يا أخى على حذر ولا تركن إلى الدنيا فلله در أقوام أمروا فامتثلوا وعملوا فقبلوا واحبوا وطلبوا لقاءه فأحب لقاءهم

الدعاء....وأقم الصلاة.


افهموا وتفقهوا

(باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضهُ، ذكر الاستنجاء والاستجمار)

ليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء لا فـي سنن الوضوء ولا فرائضه ولا من باب زوال النجاسة  به أو بالاستجمار لئلا يصلي به فـي جسده ويـجزي فعلــه بغير نية وكذلك الثوب النجس و صفة الاستنجاء  أن يبدأ بعد غسل يده فيغسل مخرج البول ثم يمسح ماء فـي المخرج من الأذى بمدر أو غيره أو بيده ثم يحكها بالأرض ويغسلها ثم يستنجي بالماء ويواصل صبه وسترخي قليلا ويجيد عرك ذلك بيده حتي تنظف وليس عليه غسل ما بطن من المخرجين ولا يستنجي من الريح ومن استجـمر بثلاثة الحجار يخرج أخرهن نقيا اجزاه و الماء  اطهر وأطيب واحب إلى العلماء  ومن لم يخرج منه بول ولا غائط وتوضأ لحدث أو نوم لغير ذلك مما يوجب الوضوء فلا بد من غسل يديه قبل دخولهما فـي الإناء ومن سنة الـــوضوء غسل اليدين قبل دخولهما فـي الإناء والمضمضة والاستنشاق  والاستنثار  ومسح الآذنين سنه وباقيه فريضة فمن قام إلى الوضوء من نوم أو غيره فقد قال بعض العلماء فيسمي الله ولم يره بعضهم من الأمر بالمعروف وكـــون الإناء علي يمينه  أمكن له فـي تناوله ويبدأ فيغسل يديه قبل أن يدخلهما فـي الإناء ثلاثا  فان كان قد بال أو تغوط غسل ذلك منه ثم توضاء ثم يدخل يده فـي الإناء فيأخذ الماء فيتمضمض فاه ثلاثا من غرفة واحدة أن شاء أو ثلاث غرفات وان اســــتاك بأصابعه فحسن ثم يستنشق بأنفه الماء ويستنثره  ثلاث ويجعل يده فـي انفه كامتخاطه ويجزئه اقل من ثلاث فـي المــضمــضة والاستنشاق  وله جمع ذلك فـي غرفة واحدة والنهاية احسن  ثم يأخذ الماء أن شاء بيديه جميعا وان شــــاء بيده الـــيمـني فيجعله فـي يديه جميعا ثم ينقله إلى وجهه فيفرغه إليه غاسلا له بيديه من أعلى جبهته  وحده منابـت شــــعر رأسه إلى طرف ذقنه ودور وجهه كله  من حد عظمي لحييه إلى صدغيه ويمر يديه إلى ما غار من ظاهر أجفانه وأسارير جبهته  وما تحت مارنه من ظاهر انفه  يغسل وجهه ثلاثا  ينقل الماء إليه ويحرك لحيته فـي غســل وجهه بكفيه ليداخلها الماء لدفع الشعر لما يلاقيه من الكاء وليس عليه تخليلها  فـي الوضوء فـي قول مالك  ويجــــري عليه يديه إلى أخرها ثم يغسل يده اليمني ثلاثا أو اثنتين  يفيض عليها الماء ويعركها بيده اليسرى ويخلل أصابع يديه بعضها ببعض  ثم يغسل اليسرى كذلك ويبلغ فيها بالغسل إلى المرفقين    فـي غسله  وقد قيل إليهما حد الغــــــــــــسل فليس بواجب وإدخالهما فيه أحوط لزوال تكلف التحديد ثم يأخذ الماء بيده اليمني  فيفرغه علي باطن يده اليسرى ثم يمسح بهما رأسه يبدأ من مقدمة الرأس  من منابت شعر رأسه وقد قرن أطراف إصبع يده بعضها ببعض على رأسه وجعل إبهاميه علي صدغيه ثم يذهب بيده ماسحا إلى طرف شعر رأسه مما يلي قفله ثم يردهما إلى حيث بدا ويأخذ بإبهاميه خلف أذنيه إلى صدغيه وكيفما  مسح آجراه إن هب رأسه  والأول احسن ولو ادخل يديه فـي الإناء ثم  رفعهما مبلولتين  ومسح بهما رأسه  اجزاه ثم يفرغ الماء على سبابتيه  وإبهاميه  وان شاء  غمس ذلك  فـي الماء ثم يمسح أذنيه  ظاهرهما وباطنهما  وتمسح المرات كما ذكرنا  وتمسح على دلاليها  لا تمسح على الوقاية  تدخل يديه من عقاص شعرها  فـي رجوع يديها  فـي المسح  ثم يغسل رجليه ويصب الماء بيده اليمني  على رجله اليمنى ويعركها بيده قليلا قليل يوعبها بذلك ثلاثا وان شاء خلل أصابعه فـي ذلك وان ترك فلا حرج والتخليل أطيب للنفس ويعرك عقبيه وعرقوبيهما  وما لا يكاد يداخله الماء بسرعة من جساوة أو شقوق  فليبالغ بالعرك مع صب الماء بيده فانه جاء فـي الإثر ويل للأعقاب من النار.  وعقب الشيء طرفه وآخره ثم يفعل باليسرى مثل ذلك  وليس تحديد غسل أعضائه ثلاثا ثلاثا بأمره لا يجزئ دونه ولكنه اكثر ما يفعل  ومن كان يوعب بأقل من ذلك اجزاه إذا احكم ذلك  سواء وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من توضاء فاحسن الوضوء ثم رفع طرفه إلى السماء فقال اشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له  واشهد أن محمد عبده ورسوله  فتحت أبواب الجنة الثمانية  يدخل من أيها شاء وقد استحب بعض العلماء إن يقول إثر الوضوء: اللهم اجعلني من التوابين  واجعلني من المتطهرين  ويجب عليه أن يعمل عمل الوضوء  احتسابا لله تعالي  لما أمره به  يرجو تقبله وثوابه  وتطهيره من الذنوب  يشعر نفسه، ذلك تأهب وتنظف لمناجاة ربه والوقوف بين يديه لاداء فرائضه والخضوع له بالركوع والسجود  فيعمل علي يقين بذلك فان تمام كل عمل بحسن النية فيه

محمد الحسن ود الفكي


باب مدينة العلم

(الإمام علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه)

 

قال الإمام علىّ بن أبى طالب كرم الله وجهه: الحق تعالى ليس من شئ ولا فـي شئ ولا فوق شئ ولا تحت شئ إذ لو كان من شئ لكان مخلوقا، ولو كان فوق شئ لكان محمولا، ولو كان فـي شئ لكان محصورا، ولو كان تحت شئ لكان مقهورا.

قيل له: يا بن عم رسول اللة� أين كان ربنا وهل له مكان ؟ فتغير وجهه وسكت ساعة ثم قال: قولكم أين الله ؟ سؤال عن مكان وكان الله ولا مكان ثم خلق الزمان والمكان، وهو الآن كما كان دون مكان ولا زمان�

وتلا الآية:{يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدى لكم تسؤكم.�وسئل أيضا :أين الله؟ قال: أين توجب المكان ولا مكان.

..........................................................

وُلد توأمان مقترنا الوركين فـي زمن  سيدنا عمر بن الخطاب. اختلف الناس فيهما فقالوا: إذا مات أحدهما هل يقطع جلد الميت لسلامة الحى ؟ أم الميت أولى بالاحترام فيقطع شئ من جلد الحى ليدفن الميت بجميع بدنه ؟ فقال عمر: سلوا علياً فسألوه، فقال: سلوا أمهما هل ينام أحدهما ويبقى الآخر صاحياً ؟ فقالت الأم: لا بل إذا نام أحدهما ينام الآخر معه  فقال على: حينئذ لا تقع هذه النازلة ولا يموت أحدهما إلا حين موت الآخر� فقيل له: من أى دليل استنبط هذه المعضلة� فقال: من قول الله تعالى:(الله يتوفـي الأنفس حين موتها والتي لم تمت فـي منامها  فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى).