فضل أهل البيت ومزاياهم

الفقـه فـي الديـن

الكون كله يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

فضل أهل البيت ومزاياهم

جاء فى تفسير البيضاوى لهذه الآية: أراد بالرجس الذنب، وبالتطهير التطهير من المعاصى.

وروى من طرق عديدة صحيحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ومعه على وفاطمة وحسن وحسين، قد أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذ، ثم لف عليهم كساء، ثم تلا هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. وقال اللهم هؤلاء أهل بيتى، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وفى رواية : اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد.

وروى أحمد عن أبى سعيد الخدرى قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نزلت هذه الآية فى خمس، فى، وفى على، وحسن، وحسين، وفاطمة). وروى ابن أبى شيبة وأحمد والترمذى وابن جرير وابن المنذر والطبرانى والحاكم عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة إذا خرج الى صلاة الفجر يقول (الصلاة أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وفى رواية ابن مردويه عن ابى سعيد الخدرى، أنه صلى الله عليه وسلم جاء أربعين صباحا، الى باب فاطمة يقول (السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

وقال بعض المفسرين: هذه الآية تدل على أن الله تعالى أشرك أهل البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الآية التى تقول {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}، {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}. ونقل القرطبى عن ابن عباس فى قوله {ولسوف يعطيك ربك فترضى} أنه قال: رضى محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار. وأخرج تمام والبزار والطبرانى وأبو نعيم أنه صلى الله عليه وسلم قال (إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرم الله ذريتها على النار). وأخرج الطبرانى بسند رجاله ثقات أنه صلى الله عليه وسلم قال للسيدة فاطمة (إن الله غير معذبك ولا أحد من ولدك).

وأخرج بعضهم، عن الباقر فى تفسير قوله تعالى {أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله} أنه قال: أهل البيت هم الناس فى الآية. وأخرج الطبرانى والدار قطنى مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أول من أشفع له من أمتى أهل بيتى، ثم الأقرب بالأقرب من قريش، ثم الأنصار، ثم من آمن بى واتبعنى من اليمن، ثم سائر العرب، ثم الأعاجم، ومن أشفع له أولا أفضل). وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أتت بإبنيها فقالت: يا رسول الله، هذان ابناك فورثهما شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم (أما حسن فله هيبتى وسؤددى، وأما حسين فله جراءتى وجودى). وفى رواية أخرى (أما الحسن فقد نحلته حلمى وهيبتى، وأما الحسين فنحلته نجدتى وجودى). وذكر الفخر الرازى أن أهل البيت ساووه صلى الله عليه وسلم فى خمسة أشياء: فى الصـلاة علـيه وعليهم فى التشهد، وفى السلام (يقال فى التشهد: سلام عليك أيها النبى). وقال تعالى {سلام على آل يس}، وفى الطهارة قال تعالى {طه} أى يا طاهر وقال تعالى {ويطهركم تطهيرا}، وفى تحـريم الصـدقة، وفـي المحبـة، قال تعالى {فاتبعونى يحببـكم الله} وقال أيضا {قل لا أسألكـم عليه أجرا إلا المودة في القربى}.

وقوله تعالى {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} فالرحمة هى الإكرام لهم مستمرة الى يوم القيامة، فإن قال قائل الآية، لسيدنا إبراهيم عليه السلام، نقول نعم، إنما عادة الله تعالى أن يذكر من البيت أبرزه، وإن أبرز بنى إبراهيم عليه الصلاة السلام، إنما هو إسماعيل، وكان رسولا نبيا فى بنى إبراهيم، وقد قال صلى الله عليه وسلم (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريش من كنانة، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم، فأنا خيار من خيار خيار).

ومما ورد أيضا فى فضل أهل البيت فى كتب السيرة وما رواه الإمام الشبلنجى فى كتابه نور الأبصار فى فضائل أهل بيت النبى المختار : وهى حادثة توزيع سيدنا عمر بن الخطاب لغنائم أحد الحروب فأعطى سيدنا الحسين ضعف ما أعطى إبنه عبد الله بن عمر وأعطى سيدنا الحسن كذلك على الرغم من أن سيدنا الحسين وسيدنا الحسن لم يشتركا فى هذه الحرب وسيدنا عبد الله بن عمر كان مشتركا فيها، فقال سيدنا عبد الله بن عمر لأبيه رضى الله عنهما: الله يعلم يا أمير المؤمنين أنى كنت فى الصفوف الأولى فى القتال بينما كان الحسن والحسين يتدرجان فى طرقات المدينة، فقال له سيدنا عمر بن الخطاب: إئتنى بأب كأبيهما وأم كأمهما وجد كجدهما أعطيك مثلهما، والعجيب فى هذا الموضوع أن يصدر من سيدنا عمر بن الخطاب خاصة وذلك لأنه كما قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنا مدينة حق وعمر بابها).

وأيضا ما رواه الطبرانى أنه صلى الله عليه وسلم قال (عمر بن الخطاب معى حيث أحب وأنا معه حيث يحب والحق بعدى مع عمر بن الخطاب حيث كان). ولهذا الحديث قال الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه حينما عاد الى المدينة بعد إنتقال سيدنا عمر بن الخطاب: والله لو حضرت دفنة عمر بن الخطاب لدفنته قائما على رجليه، فقال له الصحابة: أتدفن الفاروق قائما يا إمام ؟ فقال سيدنا على: إضجع عمر فاضجع الحق معه. فكأن سيدنا عمر بن الخطاب يشير لنا أنه من عين الحق معاملة أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة، ولا يحسبن حاسب أن سيدنا عمر بن الخطاب فعل ذلك الأمر تفضلا.. حاشا لله .. إنما فعل ذلك ليبين لنا فضل حق أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم.

عصام مقبول

 

الفقـه فـي الديـن

الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على الرحمة المهداة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما عبد الله بشئ أفضل من الفقه فى الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، وألا لكل شئ عماد وعماد هذا الدين الفقه) وقال أيضا (ألا لكل شئ سنام وسنام هذا الدين الفقه) والسنم بالنسبة لكل شئ ذروته، وقال أيضا (خصلتان لا يكونان فى منافق حسن صمت وفقه فى الدين) وقال أيضا (الناس معادن كالذهب والفضة خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا). وقال سيدنا الإمام على كرم الله وجهه لتلميذه كميل بن زياد: (يا كميل بن زياد ألا إن القلوب أوعية وخيرها أوعاها يا كميل الناس ثلاثة عالم ربانى ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق). وقد أوصانا المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل انتقاله حينما قام خطيبا، فحمد الله ثم أثنى عليه ثم قال: (أيها الناس إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتينى رسول ربى عز وجل، يعنى الموت، فأجيبه وإنى تارك فيكم ثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به وأهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى). رواه الإمام مسلم. وفى ذلك يقول الإمام فخرالدين: إلى القرآن ردوا كل قول ��� ففى القرآن تخليص الرقاب

وقال أيضا:

ومن ينسب إلى القرآن علمى      وأقـوالـى يفيـد ويستفيــد

وقال أيضا:

إذا لم يكـن لديكـم سبـيل        فالكتاب الكريم فيه الضياء

ولكى لا نقع فى المحظور أو الخوض فى القرآن لأن الفقهاء قد أوردوا هذه القاعدة: (القول بالرأى فى القرآن حرام) ولكى لا يتشاكل الأمر علينا ينبغى أن نتعلم ثلاثة علوم لكتاب الله تعالى قبل التكلم فيه ألا وهى:العلم بأسباب النزول، الناسخ والمنسوخ، المتشابه والمحكم.

وفى هذا الصدد تحدث الإمام النيسابورى الواحدى عن ابن عباس أن الإمام على كرم الله وجهه دخل ذات مرة المسجد الجامع بالكوفة فرأى رجل يلتف حوله الناس يسألونه فيجيب ولكنه خلط الحابل بالنابل والأمر بالنهى والحظر بالإباحة، فقال له الإمام على: يا هذا، أتدرى أسباب النزول؟ قال: لا. قال: أتدرى الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. قال: أتدرى المتشابه والمحكم؟ قال: لا.

فقال الإمام: اذهب فإن مثلك لا يصلح أن يخطب فينا، وفى رواية أخرى قال له: هلكت وأهلكت، ثم قال له: ما اسمك؟ فقال: عبد الرحمن بن أبى دأب، فقال الإمام: بل أنت أبا اعرفونى، وأخذ بأذنه وفتلها، وقال له: لا تقصن فى مجلسنا هذا بعد اليوم. وما روى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أعجب أن هذه أمة إلهها واحد وكتابها واحد ونبيها واحد وقبلتها واحدة، كيف يختلفون؟ فقال له ابن عباس: نحن قوم نزل فينا القرآن فإن تكلمنا فيه تكلمنا بأسباب نزوله، ولكن يأتى بعدنا أقوام يفسرون القرآن بألسنتهم ولغتهم فيختلفون فيه فيضرب بعضهم رقاب بعض.

وأخيرا ماحكى عن الإمام الشافعى عندما ذهب للتعلم على يد الإمام مالك فقال له الإمام مالك: ماذا تعلم عن القرآن؟ فقال الشافعى: أحفظ كتاب الله وأعلم أسباب نزول الآيات متى نزلت وفيمن نزلت وأين نزلت، وأعلم ناسخها فأعمل به وأعلم منسوخها فأحيد عنه، وأعلم المحكم والمتشابه، وأعلم العام الذى أريد به الخاص، والخاص الذى أريد به العام، وحفظت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف حديث أعلم مواطنها الناسخ والمنسوخ منها، فقبله الإمام مالك تلميذا ليتعلم الفقه بقوله (الآن قبلناك تلميذا عندنا). ونسوق بعض الأمثلة لكل علم من هذه العلوم لإبراز أهميته فى التفقه فى الدين بادئين بعلم أسباب النزول.. والبقية تأتي.

محمد رشاد - القاهرة

 

الكون كله يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحمد لله القائل سبحانه فى كتابه العزيز: {ورفعنا لك ذكرك}صدق الله العظيم، فقد رُفع ذكر النبى صلى الله عليه وسلم فى الأرض والسماء عند الأحبة والأعداء، وسط الأغنياء والفقراء، فى كل كتاب وعلى كل منبر، وعلى كل لسان، حتى عرفته سائر الخلائق من الملائكة والأنس والجن والحيوان والطير والشجر والحجر والجبل والمدر، وحتى أهل التوراة والإنجيل، الكل يشهد برسالته وينطق بنبوته، ولكن أهل الإنكار لقصر نظرهم يظنون أن لا أحد يعرف النبى غير المسلم فقط. ونسوا قول الله عز وجل: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا} سبأ، 82 يعنى إلى عربهم وعجمهم، وإلى أحمرهم وأسودهم، وقال الله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما} الفتح 29 ، وقول سيدنا عيسى عليه السلام: {ومبشراً برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد} الصف 6 ، وقوله عز وجل: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى، قالوا أقررنا، قال اشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} آل عمران 81 ،وغير ذلك من الأيات، فلله دُركَ يا رسول الله فأنت المرفوع ذكرك فى الأرض والسماء، المحمود ذكرك فى الأرض والسماء المعروف شرفك فى السماء والأرض، لذا سنلقى بعض الضوء فى رسالتنا هذه ليزداد القارىء بنبيه صلى الله عليه وسلم معرفة، وبعد ما يزداد المسلم معرفة برسوله سوف يزداد محبةً وأدباً معه صلوات الله عليه وصدق من قال: (وعّرفنى إياه معرفةً أسلم بها من موارد الجهل وأكرع بها من موارد الفضل). . . آمين. والآن نشرع فى تبيان معرفة الكون لرسولنا الكريم، نفعنا الله وإياكم بما فى هذه الرسالة وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

فالشجر والحـجر والسهل والجبل والشمس والقمر والحيوان والنبات والإنس والجن والملائكة والأمم السابقة كانوا يعرفون النبى صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يعنى اليهود على غطفان كانوا يتوسلون بالنبى صلى الله عليه وسلم فينتصرون {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين} البقرة 89، {فلما جاءهم ما عرفوا} أي النبى صلى الله عليه وسلم، كفروا به.

فتحي سعد الشناوي - الإسكندرية