افهموا
وتفقهوا
الوضــوء
جعل
الإسلام من
شرط صحة
الصلاة
الوضوء، وهو طهارة
بالماء يتعلق
بأعضاء
معينة، وقد
جاء الأمر به
واشتراطه
للصلاة في الكتاب
والسنة قال
الله سبحانه: (يا
أيها الذين
آمنوا إذا
قمتم إلى
الصلاة فاغسلوا
وجوهكم
وأيديكم إلى
المرافق
وامسحوا برءوسكم
وأرجلكم إلى
الكعبين) سورة
المائدة آية 6. وروى
الشيخان عن
أبي هريرة أن
النبي صلى
الله عليه
وسلم قال: (لا
يقبل الله
صلاة أحدكم
إذا أحدث حتى
يتوضأ). وقد أجمع المسلمون في كل أجبالهم على
مشروعية الوضوء وأنه شرط لصحة الصلاة، وبذلك يصبح الوضوء أمراً معلوماً من الدين
بالضرورة.
حكمته شرع
الإسلام
الوضوء
لمقاصد كثيرة
يصلح بها
الجسم
وتستقيم
النفس، فهو
عبارة لها آثارها
العظيمة في
حياة الفرد
والمجتمع. فالوضوء في ذاته نظافة
متكررة تقي الإنسان كثيراً من الأمراض وتعوده التطهر والنقاء من الأرجاس المادية،
وتنشطه وتدفعه إلى العمل والمثابرة.
كما أنه
طهارة روحية
ترمز إلى أن
يتخلص المتوضئ
من آثامه وأن
يباعد نفسه عن
الدنس
والخطيئة. وهذا مغزى الحديث
الشريف الذي يصور أن الوضوء يغسل الخطايا ويكفر الذنوب، فهو عمل إرادي يوجه المسلم
إلى تطهير نفسه وجسمه.
يقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (إذا توضأ
العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه
خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من
يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من
أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من أظافر رجليه، ثم كان مشيه
إلى المسجد وصلاته نافلة) رواه مالك والنسائي وابن ماجة والحاكم.
وهو تصوير
جميل لتطهير
الوضوء للنفس
والجسم حتى
ليصبح في ذاته
عبادة لها
أجرها أثرها. وفي
حديث آخر يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه: (وطهور الرجل لصلاته يكفر الله بطهوره
ذنوبه وتبقى صلاته له نافلة) رواه أبو بعلي والبزار.
بل أن
الوضوء سمة من
سمات الأمة
الإسلامية
وخصيصة من
خصائصها، وهو
علامة لها يوم
القيامة. وفي
هذا يقول
النبي صلوات
الله وسلامه
عليه عن أمته: (..
فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض) أي سابقهم إليهم.
ولهذا جعل الإسلام الوضوء بين يدي كل أمر عظيم كقراءة
القرآن والطواف بالبيت وغير ذلك من العبادات والقربات.
فرائض
الوضوء حدد
القرآن
الكريم فرائض
الوضوء وبينت
السنة
النبوية ما
يضاف إليها
مما يفهم من
الآية أيضاً:
(1) فأول
الفرائض
النية، وهي
شرط في كل عمل
يجب على
المكلفين
لقوله صلى
الله عليه
وسلم في الحديث
الصحيح: (إنما
الأعمال
بالنيات،
وإنما لكل
امرئ ما نوى). ومحل
النية القلب
ولا يشترط
التلفظ بها،
بل هو غير
مشروع، لما قد
يؤدي إليه من
الخطأ في اللفظ
أو الوسوسة. وعلى المسلم أن
يستشعر النية في قلبه ويتجه إلى العمل فيكفيه ذلك.
(2) والفرض الثاني غسل الوجه مرة واحدة، والمقصود بالغسل إسالة
الماء عليه حتى يعمه من كل حدوده أعلى وأسفل ويميناً وشمالا.
(3) غسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقان فيما يجب غسله، لفعل
النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
(4) مسح الرأس، والمقصود إصابة جزء منه بالبلل والأكمل مسح الرأس
كله.
(5) غسل الرجلين مع الكعبين، لما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه
وسلم.
(6) الترتيب بين الفرائض على الوجه المذكور، لأنها جاءت في الآية
مرتبة، وعلى ذلك كان هدف النبي صلى الله عليه وسلم.
تلك هي الفرائض التي لا يصح الوضوء إلا بفعل جميعها
فإذا ترك منها فرض بطل الوضوء.
أما سنن الوضوء فهي التسمية في أوله، والسواك، وغسل
الكفين ثلاثاً في أول الوضوء، والمضمضة ثلاثا، والاستنشاق والاستنثار ثلاثا، وتخليل
اللحية بالماء، وكذلك الأصابع، أي غسل ما بينها، وتثليث الغسل، والبدء بغسل اليمين،
والتدليك وهو إمرار اليد على العضو مع الماء أو بعده، والمتابعة بين الأعضاء في
الغسل ومسح الأذنين.
وهذه سنن لا يلزم فعلها ولا يعاقب تاركها، ولكنها
مستحبة استكمالاً للطهارة ومتابعة للرسول في هديه الكريم.
محمد
الحسن ود
الفكى
|