عبير
التاريخ
صــور
وعـبر
جلست أم
حكيم خلف
الستارلتستمتع
بالعلم والحكمة
والشعر الذي
يقال في حضرة
أخيها خليفة المسلمين
معاوية بن أبي
سفيان وقد
كانت إمرأة
لبيبة تحفظ ما
يدور
بالمجالس من
علم وحكمة وفي
هذا اليوم كان
أول الداخلين
على معاوية في
مجلسه الذي
يستقبل فيه
الوفود رجل
ندر أن يجود
الزمان بمثله
في الشجاعة
وقول الحق على
الرغم من ضآلة
جسمه، وقد كان
أجش الصوت
أصلع الرأس مخفوس
العينين معوج
الأنف متراكب الأسنان
أحنف
الساقين
وكما وصفه
أصحابه أنه
ماكان في رجل
من عيب إلا
ولـه
منه
نصيب،
هكذا كانت
صورة الأحنف
بن قيس سيد
بني تميم
الجسـدية
ولكن ما أن
ينطق تتجسد
الشجاعة والحكمة
في رجل ولا
يحمل
السلاح
إلا لدفع ظلم
أو نصرة حق
وكان
أول من حمل
السلاح لنصرة
الإمام علي بن
أبي طالب كرم
الله وجهه
وكانت بني
تميم تواكب
ريحه أينما
توجهت فهو
سيدها وأميرها،
كان دائما في
قلب الهجوم مع
سيدنا عبد الله
بن عباس يأخذ
عنه الشجاعة
والإقدام كما
يأخذ عنه
العلم وعلى
يمينه الأشتر
بن زياد النخعي
وأخيه كميل بن
زياد الذي
خصه الإمام
علي كرم الله
وجهه
بغرائب
العلوم
وعجائب فنون
القتال�
كما كان دائما على المسيرة من الجنود الفرس المغوار كأبيه قيس بن سعد بن
عبادة رضي الله عنهما الذي يحمل له التاريخ أكثر من عبير معه على الميسرة إثنى عشر
من أبناء الصحابة قد حلقوا رؤسهم وعصبوا جباههم يقاتلون صفا واحدا لايستطيع الفرس
أو الراجل أن يخترق صفهم ليصل إلى الإمام علي من جهتهم،نعود إلى دار الخلافة حيث
يستقبل سيدنا معاوية ضيوفه وزواره وذوي الحاجات وسفراء الدول،وكان لقاء الأحنف بن
قيس سيد بني تميم، بادره معاوية بقوله والله ياأحنف ماتمثل لي يوم معركة صفين
وتذكرت وقوفك بجانب علي بن أبي طالب إلا وجدت في نفسي منك شئ لا أسيغه، فقال الأحنف
المعروف برباطة جأش وجدانه وحكمة عقله التي تسيل على لسانه: والله يامعاوية إن
القلوب التي أبغضناك بها ما تزال بين جوانحنا، والسيوف التي حاربناك بها مافتأت في
أيدينا ووالله لو دنوت من الحرب فترا لدنونا منها شبرا ولو جئتها مشيا لجئناها
هرولة، وأنا لم آت إليك رهبة منك ولارغبة فيما عندك، بل أتيت لرأب الصدع وجمع كلمة
المسلمين، وما كان مني يوم صفين هو الذي تراه إن أردت ولقد صالحك الأمام الحـسن إبن
رسول الله فجئنا لنقتد بأهل الدين وأصحاب اليقين، ثم استدار فانصرف دون أن يسلم
أويستـأذن، فلما خرج رفعت أم حكيم الستـار وقالت من هذا الذي يرفع صوته على أمير
المؤمنين ولم يرد عليه ؟ فنظر إليها معاوية وقال: هذا الذي إذا غضب غضبت له عشرة
الآف من سيوف بني تميم لايدرون فيما غضب.
ويحمل لنا عبير التاريخ صورة نتنفس بها أريج الشجاعة والإقدام لرجل
حارب في سبيل الحق والمبدأ فلما وضعت الحرب أوزارها واستبان أن الحق في هذه المرحلة
هو وحدة الصف بين المسلين ذهب رافع الراس شامخ الأنف عزيز النفس ليقدم مثالا آخر في
الشجاعة ويضع يده في يد عدوه لرأب الصدع وتوحيد الكلمة.
|