نفحات
نبوية
فـي ذكر أسمائه الشريف
الـمنـبئة عن
كمال صفاته
المنيفة
كثرة
الأسماء تدل
على شرف
المسمى، وقد
سمى الله
تعالى نبينا
صلى الله عليه
وسلم�
بأسماء
كثيرة في
القرآن
العظيم وغيره
من الكتب السماوية،
وعلى ألسنة
أنبيائه
عليهم الصلاة
والسلام. ثم إن أشهر أسمائه: محمد وبه
سماه جده عبد المطلب وذلك لما قيل له: ما سميت ولدك؟ فقال: محمداً، فقيل له: كيف
سميته باسم ليس لأحد من آبائك وقومك؟ فقال: لأني أرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم.
وذلك لرؤيا
كان رآها عبد
المطلب كما
ذكر حديثها
علي
القيرواني
العابر في
كتابه
البستان قال: كان
عبد المطلب قد
رأى في المنام
كأن سلسلة من
فضة قد خرجت
من ظهره، لها
طرف في
السماء، وطرف
في الأرض،
وطرف في
المشرق وطرف
في المغرب ثم
عادت كأنها
شجرة على كل
ورقة منها
نور، وإذا أهل
المشرق
والمغرب
كأنهم
يتعلقون بها. فقصها،
فعُبرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق وأهل المغرب، ويحمده أهل السماء
وأهل الأرض، فلذلك سماه محمداً، ومع ما حدثته به أمه آمنة حين قال لها: إنك حملت
بسيد هذه الأمة فإذا وضعتيه فسميه محمداً.
وعن محمد بن
جبير
بن مطعم، عن
أبـيه
قـال: قال
رسول الله
صلى الله عليه
وسـلم: إن
لي أسماء: أنا
محـمد،
وأنا أحمد
وأنا الماحي
الذي يمحو
الله بي
الكفر،
وأنـا
الحاشر الذي
يحشر الناس
على قدمي وأنا
العاقب. رواه
الشيخان.(على
قدمي): أي
يحشـرون
على أثري
وزماني
ورسالتي،
وروى
النقاش عنه
عليه الصلاة
والسلام: لي
في القرآن
سبعة أسماء: محمد
وأحمد ويس وطه
والمزمل
والمدثر وعبد
الله،وقد
جاءت من
ألقابه
وسماته في
القرآن عدة كثيرة،
وقد تعرض
جماعة
لتعدادها
وبلغوا بها عددا
مخصوصاً. فمنهم من بلغ تسعة وتسعين
موافقة لعدد أسماء الله الحسنى الواردة في الحديث، قال القاضي عياض: وقد خصه الله
بأن سماه من أسمائه الحسنى بنحو من ثلاثين إسماً،وقال ابن دحية في كتابه المستوفى:
إذا فحص عن جملتها من الكتب المتقدمة والقرآن والحديث وفَّى الثلاثمائة، والمراد
الأوصاف: فكل الأسماء التي وردت أوصاف مدح، وإذا كان كذلك فله من كل وصف اسم، ثم إن
منها ما هو مختص به أو الغالب عليه، ومنها ما هو اسماً بلغت أوصافه ما ذكر بل أكثر
والذي رأيته في كلام شيخنا في القول البديع والقاضي عياض في الشفا وابن العربي في
القبس، والأحكام له، وابن سيد الناس، وغيرهم يزيد على الأربعمائة.
واعلم أنه
لا سبيل لنا
أن نستوعب شرح
جميع هذه
الأسماء الشريفة،
إذ في ذلك
تطويل يفضي
بنا إلى
العدول عن غرض
الاختصار،
فلنذكر من ذلك
ما يفتح الله
تعالى به مما
يدل على سواه،
وأما أحمد وهو
اسمه عليه
الصلاة
والسلام الذي
سمي به على
لسان عيسى
وموسى، فإنه
منقول أيضاً
من الصفة التي
معناها
التفضيل،
فمعنى أحمد هو
أحمد الحامدين
لربه، وكذلك
هو في المعنى،
لأنه يفتح عليه
في المقام
المحمود
بمحامد لم
تفتح على أحد قبله،
فيحمد ربه
بها، ولذلك
يعقد له لواء
الحمد، قال: وأما
محمَّد
فمنقول من صفة
أيضاً، وهو في
معنى محمود.ولكن
فيه معنى
المبالغة
والتكرار،
فالمحمد هو
الذي حمد مرة
بعد مرة، كما
أن المكرَّم
من أكرم مرة
بعد أخرى،
وكذلك الممدح
ونحو ذلك. فاسم محمد مطابق لمعناه،
والله سبحانه وتعالى سماه به قبل أن يُسمى به، عَلَم من أعلام نبوته عليه الصلاة
والسلام، إذ كان اسمه صادقاً عليه، فهو محـمود في الدنيا بما هدى إليه ونفع به من
العلم والحكمة.
وهو محمود
في الآخرة
بالـشفاعة،
فقد تكرر معنى
الحمد، كما
يقتضيه
اللفظ، ثم إنه
لم يكن محمداً
حتى كان أحمد،
حمد ربه فنبأه
وشرفه، فلذلك
تقدم اسم احمد
على الاسم
الذي هو محمد،
فذكره عيسى
فقال اسمه
أحمد (الصف:6)،
وذكره
موسـى
حـين
قال له ربه: تلك
أمة أحمد،
فقال: اللهم
اجعلني من أمة
أحمد. فبأحمد
ذكر قبل أن
يذكر بمحمد،
لأن حمده لربه
كان قبل حمد
الناس له،
فلما وجد وبعث
كان محمداً
أيضاً بالفعل.
وكذلك في الشفاعة، يحمد ربه بالمحامد التي يفتحها عليه، فيكون أحمد الحامدين لربه،
ثم يشفع فيُحمد على شفاعته.
فانظر كيف ترتب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر والوجود، وفي
الدنيا والآخرة، تلح لك الحكمة الإلهية في تخصيصه بهذين الاسمين، وقال القاضي عياض:
كان عليه الصلاة والسلام أحمد قبل أن يكون محمداً، كما وقع في الوجود لأن تسميته
أحمد وقعت في الكتب السالفة، وتسميته محمداً وقعت في القرآن، وذلك أنه حمد ربه قبل
أن يحمده الناس،وهذا موافق لما قال السهيلي وذكره في فتح الباري وأقره عليه، وهو
يقتضي أسبقية اسمه أحمد، خلافاً لما ادعاه ابن القيم، وقال القاضي عياض - في باب
تشريفه تعالى له عليه الصلاة والسلام بما سماه به من أسماه الحسنى-: أحمد بمعنى
أكبر، من حَمِد، وأجل: من حُمِد.
ثم إن في
اسمه محمد
خصائص: منها: كونه
على أربعة
أحرف ليوافق
اسم الله
تعالى اسم
محمد، فإن عدد
حروف الجلالة
على أربعة أحرف
كمحمد، ومنها:
أنه قيل: إن
مما أكرم الله
به الآدمي أن
كانت صورته
على شكل كتب
هذا اللفظ،
فالميم الأول
رأسه، والحاء
جناحاه،والميم
سرته والدال
رجلاه
ومنها: أنه
تعالى اشتقه
من اسمه
المحمود كما
قال حسان بن
ثابت:
أغر عليه للنبوة خاتــــــم
من الله نور
يلوح
ويشهـــد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمـه
إذا قال في
الخمس المؤذن
أشهد
وشق له من اسمه
ليجلــــه
فذو العرش
محمود وهذا
محمـد
وأخرج
البخاري في
تاريخه
الصغير من
طريق علي بن
زيد قال: كان
أبو طالب يقول:
وشق له من
اسمه
ليجلـــه
فذو العرش
محمود وهذا
محمد
وقد سماه
الله تعالى
بهذا الاسم
قبل الخلق بألفي
ألف عام، كما
ورد في حديث
أنس بن مالك،
من طريق أبي
نعيم في
مناجاة موسى،
وروى بن عساكر
عن كعب
الأحبار قال: إن
الله أنزل على
آدم عصياً
بعدد
الأنبياء والمرسلين.
ثم أقبل على ابنه شيث فقال: أي بني أنت خليفتي من بعدي، فخذها بعمارة
التقوى،والعروة الوثقى، وكلما ذكرت الله فاذكر إلى جنبه اسم محمد، فإني رأيت اسمه
مكتوباً على ساق العرش، وأنا بين الروح والطين، ثم إني طفت السموات فلم أر في
السموات موضعاً إلا رأيت اسم محمد مكتوباً عليه، وإن ربي أسكنني الجنة فلم أرَ في
الجنة قصراً ولا غرفة إلا اسم محمد مكتوباً عليه،ولقد رأيت اسم محمد مكتوباً على
نحور الحور العين، وعلى ورق قصب آجام الجنة، وعلى ورق شجرة طوبى،وعلى ورق سدرة
المنتهى، وعلى أطراف الحجب، وبين أعين الملاكة، فأكثر ذكره فإن الملائكة تذكره في
كل ساعاتها.
بدا مجده من قبل نشـــأة آدم
فأسماؤه في
العرش من قبل
تكتب
وأما اسمه
عليه الصلاة
والسلام
محمود فاعلم أن
من أسماء الله
تعالى
الحميد،
ومعناه
المحمود،
لأنه حمد
نفسه، وحمده
عباده، وقد
سمى الرسول
بمحمود، وكذا
وقع اسمه في
زبور داود،
وأما الماحي ففسر
في الحديث
بمحو الكفر،
ولم يمح الكفر
بأحد من الخلق
ما محي
بالنبي، فإنه
بعث وأهل الأرض
كلهم كفار، ما
بين عابد
اوثان ويهود
ونصارى ضالين
وصابئة
ودهرية لا
يعرفون ربا
ولا معاداً
وبين عباد
الكواكب
وعباد النار
وفلاسفة لا
يعرفون شرائع
الأنبياء ولا
يقرون بها فمحاها
برسوله حتى
أظهر دينه على
كل دين وبلغ دينه
مابلغ الليل
والنهار
وسارت دعوته
مسير الشمس في
الأقطار ولما
كانت البحار
هي الماحية
للأدران كان
اسمه عليه
الصلاة
والسلام فيها الماحي،
وأما الحاشر
ففسر أيضاً في
الحديث بأنه
الذي يحشر
الناس على
قدمه أي
يقدمهم وهم خلفه،
وقيل على
سابقته،وقيل
قدامه وحوله،
أي يجتمعون
إليه في
القيامة،وقد
كان حشره لأهل
الكتاب: إخراجه
لهم من حصونهم
وبلادهم من
دار هجرته إلى
حيث أذاقهم
الله من شدة
الحشر ما شاء
في دار الدنيا
إلى ما اتصل
لهم بذلك في
برزخهم. وهو أول من تنشق عنه الأرض فيحشر
الناس على أثره، وإليه يلجأ ونفي محشرهم،وقيل: على سببه، وأما العاقب فهو الذي جاء
عقب الأنبياء، فليس بعده نبي، لأن العاقب هو الآخر، أي: عقب الأنبياء، وقيل: وهو
اسمه عليه الصلاة والسلام في النار، فإذا جاء لحرمة شفاعته - خمدت النار وسكنت، كما
روى أن قوماً من حملة القرآن يدخلونها فينسيهم الله تعالى ذكر محمد صلى الله عليه
وسلم حتى يذكرهم جبريل، فيذكرونه فتخمد النار وتنزوي عنهم.
وأما المقفى فكذلك، أي: قفا آثار من سبقه من الرسل، وهي لفظة مشتقة من
القفو يقال: قفاه يقفوه إذا تأخر عنه، ومنه قافية الرأس، وقافية البيت، فالمقفى:
الذي قفا من قبله من الرسل فكان خاتمهم وآخرهم.
وأما الأول
فلأنه أول
النبيين خلقا -
كما مر- وكما
أنه أول في
البدء فهو أول
في العود، فهو
أول من تنشق
عنه الأرض،
وأول من يدخل
الجنة، وهو
أول شافع وأول
مشفع، كما في
أوليات البدء
في عالم الذر
أول مجيب، إذ
هو أول من قال: بلى،
إذ أخذ ربه
الميثاق على
الذرية
الآدمية،
فأشهدهم على
أنفسهم: {ألست
بربكم} (الأعراف:172)
فهو الأول في
ذلك كله على الإطلاق.،
وأما الآخر
فلأنه آخر
الأنبياء في
البعث كما في
الحديث، وأما
الظاهر فلأنه
ظهر على جميع الظاهرات
ظهوره، وظهر
على الأديان
دينه، فهو
الظاهر في
وجوه الظهور
كلها، وأما
الباطن فهو
المطلع على
بواطن الأمور
بواسطة ما
يوحيه الله
تعالى إليه،
وأما الفاتح
الخاتم ففي
حديث الإسراء
عن أبي هريرة
من طيق الربيع
بن أنس قوله
تعالى له: وجعلتك
فاتحاً
وخاتماً. وفي
حديث أبي
هريرة أيضاً
وفي الإسراء،
قوله صلى الله
عليه وسلم: وجعلني
فاتحاً
وخاتماً فهو
الذي فتح الله
به باب الهدى
بعد أن كان
مرتجاً، وفتح
به أعيناً عمياً،
وآذاناً صماً،
وقلوباً
غلفاً، وفتح
أمصار الكفر،
وفتح به أبواب
الجنة، وفتح
به طرق العلم
النافع والعمل
الصالح،
والدنيا
والآخرة،
والقلوب والأسماع
والأبصار،
وقد يكون
المراد: المبدأ
المقدم في
الأنبياء،
والخاتم لهم،
كما قال عليه
الصلاة
والسلام: كنت
أول النبيين
في الخلق وآخرهم
في البعث،
وأما الرؤوف
الرحيم ففي
القرآن {لقد
جاءكم رسول من
أنفسكم عزيز
عليه ما عنتم
حريص عليكم
بالمؤمنين
رؤوف رحيم} (التوبة:
128)، وهو فعول من
الرأفة، وهي
أرق من
الرحمة، قاله
أبو عبيدة،
والرحيم فعيل
من الرحمة،
وقيل رؤوف
بالمطيعين
رحيم
بالمذنبين،
وأما الحق
المبين فقال
تعالى: {حتى
جاءهم الحق
ورسول مبين} (الزخرف:
29) وقال تعالى: {وقل
إني أنا
النذير
المبين} (الحجر:89)
وقال تعالى {قد
جاءكم الحق من
ربكم} (يونس:108) وقال
تعالى: {فقد
كذبوا بالحق
لما جاءهم} (الأنعام:5)،
قيل (المراد): محمد
عليه السلام،
وقيل القرآن،
ومعناه هنا ضد
الباطل،
والمتحقق
صدقه وأمره،
والمبين
البين أمره
ورسالته، أو
المبين عن
الله ما بعثه
به، كما قال
تعالى: {لتبين
للناس ما نزل
إليهم} (النحل:44)،
وأما المؤمن
فقال تعالى: {ومنهم
الذين يؤذون
النبي
ويقولون هو
أذن قل أذن
خير لكم يؤمن
بالله ويؤمن للمؤمنين}
(التوبة:61) أي
يصدق، وقال
صلى الله عليه
وسلم:أنا أمنة
لأصحابي فهذا
بمعنى
المؤمن، وأما
المهيمن فقال
تعالى: {وأنزلنا
إليك الكتاب
بالحق مصدقاً
لما بين يديه
من الكتاب
ومهيمناً
عليه} (المائدة:48)
قال ابن
الجوزي في زاد
المسير: إن
ابن نجيح روى
عن مجاهد (ومهيمنا
عليه) قال: محمد
مؤتمن على
القرآن، قال: فعلى
قوله في
الكلام تقدير
محذوف، كأنه
قال: وجعلناك
يا محمد
مهيمناً
عليه، وسماه
العباس بن عبد
المطلب في
شعره مهيمناً
في قوله:
حتى احتوى
بيتك المهيمن
من
خندق علياء
تحتها النطـق
وأما
العزيز
فمعناه: جلالة
القدر، أو
الذي لا نظير
له، أو المعز
لغيره، وقد
استدل القاضي
عياض لهذا
الاسم بقوله
تعالى: {ولله
العزة
ولرسوله} (المنافقون:
8) أي فجائز أن
يوصف النبي
صلى الله عليه
وسلم بالعزيز
والمعز،
لحصول العز
لله. ولقائل
أن يقول: هذا
اللفظ أيضاً
للمؤمنين
لشمول العطف
إياهم، فلا
اختصاص
للنبي،
والغرض
اختصاصه، قال
اليمني: وعجبت
من القاضي كيف
خفي عليه مثل
هذا: ويجاب: باختصاصه
عليه الصلاة
والسلام
برتبة من العزة
ليست لغيره
والله أعلم،
وأما العالم
والعليم
والعلم ومعلم
أمته فقد قال
تعالى: {وعلمك
ما لم تكن
تعلم} (النساء:
113)
وقال: {ويعلمكم
الكتاب
والحكمة
ويعلمكم ما لم
تكونوا تعلمون}
(البقرة: 151)،
وأما الخبير
فمعناه: المطلع
على كنه
الشيء،
العالم
بحقيقته، وقيل:
المخبر، قال
الله تعالى: {الرحمن
فاسأل به
خبيراً} (الفرقان:59). قال القاضي بكر بن العلاء فيما ذكره في الشفاء: المأمور بالسؤال غير
النبي خبير بالوجهين المذكورين، قيل لأنه عليه الصلاة والسلام عالم على غاية من
العلم بما أعلمه الله من مكنون علمه، وعظيم معرفته، مخبر لأمته بما أذن له في
إعلامهم به.
وأما
العظيم فقال
الله تعالى في
شأنه: {وإنك
لعلى خلق عظيم}
(القلم: 4) ووقع
في أول سفر من
التوراة عن
إسماعيل: وسيلد
عظيماً لأمة
عظيمة. فهو
عظيم وعلى خلق
عظيم، وأما
الشاكر
والشكور فقد
وصف نفسه بذلك
فقال: أفلا
أكون عبداً
شكوراً أي: أأترك
تهجدي فلا
أكون عبداً
شكوراً؟! والمعنى:
أن المغفرة
سبب لكون
التهجد
شكراً، فكيف
أتركه؟ وعلى
هذا فتكون
الفاء
للسببية. وقال
القاضي عياض: شكوراً
أي: معترفاً
بنعم ربي،
عالماً بقدر
ذلك، مثنياً عليه،
مجهداً نفسي
في الزيادة من
ذلك لقوله تعالى:
{لئن شكرتم
لأزيدنكم} (إبراهيم:
7)، وأما
الشكار فهو
أبلغ من شاكر،
وفي حديث ابن
ماجه أنه كان
من دعائه: رب
اجعلني لك
شكارا. وأما الكريم والأكرم وأكرم ولد آدم فسماه
الله تعالى به في قوله تعالى: {إنه لقول رسول كريم} (الحاقة:40) أي محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس المراد به جبريل، لأنه تعالى لما
قال: إنه لقول رسول كريم ذكر بعده أنه ليس بقول شاعر ولا كاهن، والمشركون لم يكونوا
يصفوا جبريل بذلك، فتعين أن يكون المراد بالرسول الكريم هنا محمداً.
�وقال عليه السلام: أنا أكرم ولد آدم، وأما الولي
والمولى فقال عليه الصلاة والسلام: أنا ولي كل مؤمن، وأما الأمين فقد كان عليه
الصلاة والسلام يعرف به، وشهر به قبل النبوة وبعدها، وهو أحق العالمين بهذا الاسم،
فهو أمين على وحيه ودينه، وهو أمين من في السماء والأرض.
واما الصادق والمصدوق فقد ورد في الحديث تسميته بهما، ومعناهما غير
خفي، وكذلك الأصدق وروى أنه عليه الصلاة والسلام لما كذبه قومه حزن فقال له جبريل:
إنهم يعلمون أنك صادق.
وأما الطيب
وماذ ماذ بميم
ثم ألف ثم ذال
معجمة منونة،
ثم ميم ثم ألف
ثم ذال معجمة
كذا رأيته
لبعض
العلماء،
ونقل العلامة
الحجازي في
حاشيته على
الشفاء عن
السهيلي: ضم
الميم وإشمام
الهمزة ضمة
بين الواو
والألف
ممدود، وقال: نقلته
عن رجل أسلم
من علماء بني
إسرائيل، وقال
معناه: طيب
طيب، ولا ريب
أنه صلى الله عليه
وسلم�
أطيب
الطيبين
وحسبك أنه كان
يُؤخذ من
عَرَقِه
ليُتطيب به،
فهو صلى الله عليه
وسلم�
طيب الله الذي نفحه في الوجود، فتعطرت به الكائنات وسمت، واغتذت به القلوب
فطابت، وتنسمت به الأرواح فنمت، وأما الطاهر والمطهر والمقدس أي المطهر من الذنوب،
كما قال تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} (الفتح:2) أو الذي يُتطهر
به من الذنوب، ويُتنزه بابتعاده عنها، كما قال الله تعالى: {ويزكيهم} (البقرة:
129) وقال: {ويخرجهم من الظلمات إلى النور} (المائدة:16) أو يكون مقدساً بمعنى مطهراً من الأخلاق الذميمة والأوصاف الدنية،
وأما العفو والصفوح فمعناهما واحد، وقد وصفه الله بهما في القرآن والتوراة
والإنجيل، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند البخاري (ولا يجزي بالسيئة
السيئة ولكن يعفو ويصفح) وأمره تعالى بالعفو فقال: {خذ العفو} (الأعراف:199) وقال: {فاعف عنهم واصفح} (المائدة:
13)، واما العطوف فهو الشفوق، وسمي به عليه الصلاة والسلام لكثرة شفقته
على أمته، ورأفته بهم، وأما النور فقال تعالى: {قد جاءكم من الله نور} (المائدة:
15) قيل: محمد صلى الله عليه وسلم وقيل القرآن، فهو نور الله الذي لا
يطفأ، وأما السراج فسماه الله تعالى به في قوله: {وسراجاً منيرا} (الأحزاب:46) لوضوح أمره، وبيان نبوته، وتنوير قلوب المؤمنين والعارفين بما جاء
به، فهو نيّر في ذاته منير لغيره، فهو السراج الكامل في الإضاءة، ولم يوصف بالوهاج
كالشمس، لأن المنير الذي ينير من غير إحراق بخلاف الوهاج، وأما الهادي فبمعنى
الدلالة والدعاء، قال الله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (الشورى:
52) وقال تعالى فيه: {وداعياً إلى الله بإذنه} (الأحزاب:46).
وأما
البرهان فقال
تعالى: {يا
أيها الناس قد
جاءكم برهان
من ربكم} (النساء:174)
قيل: هو محمد
صلى الله عليه
وسلم ، وقيل
معجزاته وقيل
القرآن، وأما
النقيب فروى
أنه لما مات
نقيب بني
النجار أبو
أمامة أسعد بن
زرارة وجد
عليه ولم يجعل
عليهم نقيباً
بعده، فقال: أنا
نقيبكم فكانت
من مفاخرهم،
والنقيب هوشاهد
القوم
وناظرهم
وضمينهم وأما
الجبار فسمي به
في مزامير
داود، في قوله
في مزمور
أربعة وأربعين.
تقلد أيها
الجبار سيفك،
فإن ناموسك
وشرائعك مقرونة
بهيبة يمينك،
لأنه الجبار
الذي جبر الخلق
بالسيف على
الحق، وصرفهم
عن الكفر جبراً.
قال القاضي
عياض: وقد نفي
الله تعالى
عنه جبرية
التكبر التي
لا تليق به
فقال: {وما أنت
عليهم بجبار} (ق:
45)، وأما
الشاهد والشهيد
فسماه الله
بهما في قوله: {إنا
أرسلناك
شاهداً} (الأحزاب:45)
أي على من
بعثت إليهم
بتصديقهم
وتكذيبهم، ونجاتهم
وضلالهم. وقوله:
{ويكون الرسول
عليكم شهيداً}
(البقرة:143) روى
أن الأمم يوم
القيامة
يجحدون تبليغ
الأنبياء،
فيطالبهم
الله ببينة
التبليغ - وهو
أعلم بهم - إقامة
للحجة على
المنكرين،
فيؤتى بأمة
محمد صلى الله
عليه وسلم
فيشهدون
فتقول الأمم: من
أين عرفتم؟
فيقولون
علمنا ذلك
بإخبار الله
في كتابه
الناطق على
لسان نبيه
الصادق، فيؤتى
بمحمد فيسأل
عن حال أمته،
فيشهد
بعدالتهم،
وأما
الناشر فسمي
به لأنه نشر
الإسلام وأظهر
شرائع
الأحكام،
وأما المزمل
فأصله المتزمل،
فأدغمت التاء
في الزاي وسمي
به، لما روى
أنه عليه
الصلاة
والسلام كان
يفرق من جبريل
ويتزمل
بالثياب أول
ما جاءه، وقيل
أتاه وهو في
قطيفة، وقال
السدي معناه: يا
أيها النائم،
قال: وكان
متلففاً في
ثياب نومه،
وعن ابن عباس: يعني
المتزمل
بالقرآن، وعن
عكرمة
بالنبوة، وقيل
من المزمل،
بمعنى الحمل،
ومنه الزاملة،
أي: المتحمل
بأعباء
النبوة، وعلى
هذا يكون التزمل
مجازا، وقال
السهيلي: ليس
المزمل باسم
من أسمائه
يعرف به،
وإنما هو مشتق
من حالته التي
كان التبس بها
حالة الخطاب،
والعرب إذا
قصدت
الملاطفة
بالمخاطب
بترك
المعاتبة نادوه
باسم مشتق من
حالته التي هو
عليها، كقول النبي
صلى الله عليه
وسلم�
لعلي بن أبي طالب وقد نام ولصق جنبه بالتراب: قم أبا تراب إشعاراً بأنه
ملاطف له، فقوله: {يا أيها المزمل} (المزمل:1) فيه تأنيس وملاطفة.
وأما
المدثر فأصله:
المتدثر،
فأدغمت التاء
في الدال. روى
أنه صلى الله
عليه وسلم� قال: كنت
بحراء فنوديت
فنظرت عن
يميني وشمالي.
فلم أر شيئاً
فنظرت فوقي
فإذا هو على
عرش بين السماء
والأرض يعني
الملك الذي
ناداه، فرعبت
فرجعت إلى
خديجة فقلت
دثروني
دثروني فنزل جبريل
وقال: يا أيها
المدثر وعن
عكرمة: يا
أيها المدثر
بالنبوة
وأثقالها قد
تدثرت هذا
الأمر فقم به،
وقيل: ناداه
بالمزمل
والمدثر في
أول أمره،
فلما شرع
خاطبه الله
تعالى
بالنبوة
والرسالة،
وأما طـه فروى
النقاش عنه
عليه الصلاة
والسلام: لي
في القرآن
سبعة أسماء
فذكر منها طه. وقيل:
هو اسم الله،
وقيل معناه: يا
رجل، وقيل يا
إنسان، وقيل: يا
طاهر يا هادي
يعني النبي
صلى الله عليه
وسلم، وهو
مروي عن
الواسطي،
وقيل معناه: يا
مطمع الشفاعة
للأمة، ويا
هادي الخلق
إلى الملة،
وقيل الطاء في
الحساب بتسعة
والهاء بخمسة
وذلك أربعة
عشر فكأنه قال:
يا بدر، وهذا
من محاسن
التأويل، لكن
المعتمد
أنهما من
أسماء
الحروف، وأما
يس، عن
الحنفية: معناه
يا محمد، وعن
أبي العالية: يا
رجل، وعن أبي
بكر الوراق: يا
سيد البشر،
وعن جعفر
الصادق: يا
سيد مخاطبة له
عليه الصلاة
والسلام،
وفيه من
تعظيمه على
تفسير أنه يا
سيد ما فيه،
وأما الفجر
فقال ابن عطاء
في قوله تعالى:
{والفجرv وليال
عشر} (الفجر:2،1) الفجر
محمدصلى الله
عليه وسلم،
لأن منه تفجر الإيمان.
وهو تأويل غريب لم ير لغيره.
وأما القوي
فقال الله
تعالى: {ذي قوة
عند ذي العرش
مكين}(التكوير:
20) قيل محمد،
وقيل جبريل
عليهما
الصلاة
والسلام،... وأما
ما قاله بن
عطاء في قوله
تعالى: {ق
والقرآن
المجيد} أقسم
بقوة قلب
حبيبه محمد
حيث حمل
الخطاب والمشاهدة
ولم يؤثر ذلك
فيه لعلو
حاله، فلا
يخفى ما فيه،
وأما النجم
فعن جعفر بن
محمد بن الحسين
في تفسير قوله
تعالى: والنجم
أنه محمد إذا
هوى إذا نزل
من السماء
ليلة المعراج.
وحكى السلمي
في قوله تعالى:{والسماء
والطارق � وما
أدراك ما
الطارق
v النجم
الثاقب} (الطارق:1-3)
أن النجم هنا
أيضاً محمد ،
وأما رسول
الرحمة أو نبي
الرحمة أو نبي
المرحمة فقال
الله تعالى: {وما
أرسلناك إلا
رحمة
للعالمين} (الأنبياء:107)
وقال تعالى: {بالمؤمنين
رؤوف رحيم}(التوبة:128)
فبعثه تعالى
رحمة لأمته،
ورحمة
للعالمين وروى
البيهقي
مرفوعا (إنما
أنا رحمة
مهداة)ذكره
البيهقي في
دلائل
النبوة،
وذكره بن كثير
في تفسيره،
ومصنف ابن أبي
شيبة فرحم
الله تعالى به
الخلق مؤمنهم
وكافرهم،
وهذا الاسم من
أخص أسمائه، وقد
كان حظ آدم من
رحمته سجود
الملائكة له
تعظيماً إذ
كان في صلبه،
ونوح: خروجه
من السفينة
سالماً،
وإبراهيم: كانت
النار عليه
برداً
وسلاماً إذ
كان في صلبه،
فرحمته عليه
الصلاة
والسلام في
البدء والختام
والدوام لما
أبقى الله له
من دعوى الشفاعة،
ولما كانت
نبوته رحمة
دائمة مكررة
مضاعفة اشتق
له من الرحمة
اسم الرحمة،
وأما قدم صدق
فقال قتادة
والحسن وزيد
بن أسلم في
قوله تعالى: {وبشر
الذين آمنوا
أن لهم قدم
صدق عند ربهم} (يونس:2)
هو محمد يشفع
لهم، وعن أبي
سعيد الخدري: هي
شفاعة نبيهم
محمد هو شفيع
صدق عند ربهم،
وعن سهل بن عبد
الله: هي
سابقة رحمة
أودعها في
محمد، وأما
نعمة الله
فقال سهل في
قوله تعالى:{وإن
تعدوا نعمة
الله لا
تحصوها} (النحل:18)
نعمته بمحمد،
وقال: {يعرفون
نعمة الله ثم
ينكرونها} (النحل:83)
يعني يعرفون
أن محمداً نبي
ثم يكذبونه،
وهذا مروي عن
مجاهد والسدي
وقال به الزجاج،
وأما الصراط
المستقيم
فقال أبو
العالية
والحسن
البصري في
تفسير سورة
الفاتحة: هو
رسول الله
وخيار أهل
بيته وأصحابه.
حكى الماوردي
ذلك في تفسير {صراط
الذين أنعمت
عليهم} (الفاتحة:6)
عن عبد الرحمن
بن زيد،وأما
قثم وقثوم
ففسره القاضي
عياض بالجامع
للخير. وقال
ابن الجوزي
مشتق من
القثم، وهو
الإعطاء يقال:
قثم له من
العطاء، إذا
أعطاه وقد كان
رسول الله
أعظم الخلق
ندى وأسخاهم
يدا،وأما
البارقليط
والفارقليط
بالموحدة. وبالفاء
بدلها، وفتح
الراء والقاف.
وبسكون الراء
مع فتح القاف،
وفتح الراء مع
سكون القاف
وبكسر الراء
وسكون القاف
غير منصرف
للعجمة
والعلمية. فوقع في إنجيل يوحنا،
ومعناه: روح الحق وفي نهاية ابن الأثير، في صفته عليه السلام أن اسمه في الكتب
السالفة فارق ليطا أي يفرق بين الحق والباطل، قال: ومنه الحديث: محمد فرق بين
الناس، أي يفرق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه.
وأما حمطايا فبفتح الحاء المهملة وسكون الميم - قال الهروي: أي حامي
الحرم، وقال ابن الأثير في حديث كعب أنه قال في أسماء النبي في الكتب السالفة: محمد
وأحمد وحمطايا قال أبو عمرو: سألت بعض من أسلم من اليهود عنه فقال: معناه يحمي
الحرم من الحرام، ويوطئ الحلال.
وأما أحيد
وهو بهمزة
مضمومة ثم حاء
مهملة مكسورة
ثم مثناة
تحتية ساكنة
ثم دال مهملة. كذا
وجدته في بعض نسخ الشفاء المعتمدة، والمشهور ضبطه بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة
وبفتح المثناة التحتية، وفي نسخة بفتحها وكسر الحاء وسكون المثناة، فقال النووي في
كتابه تهذيب الأسماء واللغات: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إسمي في القرآن محمد، وفي الإنجيل أحمد، وفي التوراة أحيد، وإنما سميت أحيد لأني
أحيد عن أمتي نار جهنم، وأما المنحمنا وهو بضم الميم وسكون النون وفتح الحاء
المهملة وكسر الميم وتشديد النون الثانية المفتوحة، مقصور، وضبطه بعضهم بفتح
الميمين، فمعناه بالسريانية محمد.
وأما المشفح وهو بضم الميم وبالشين المعجمة وبالفاء المشددة المفتوحتين
ثم حاء مهملة، وروى بالقاف بدل الفاء ففي كتاب شعيا في البشارة به عليه السلام:
يفتح العيون العور، والآذان الصم ويحيي القلوب، وما أعطيه لا أعطيه أحداً، مشفح
يحمد الله حمداً جديداً، وهو بلغتهم السريانية الحمد، وأما مقيم السنة ففي كتاب
الشفاء: قال داود عليه الصلاة والسلام اللهم ابعث لنا محمداً يقيم. السنة بعد الفترة، وأما المبارك فمبدأ الكون ونماؤه كائن من بركته
المستمدة من بركة الله، ومن كمال بركته نبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام
القليل ببركته حتى أشبع الجيش الكثير، ويغر ذلك مما لمسه أو باشره.
وأما
المكين فهو
المكين بعلو
مكانته عند
ربه تعالى،
ومن ذلك أن
قرن سبحانه
ذكره بذكره
فما أذن باسم
أحد سواه، ولا
قرن اسم أحد مع
اسمه إلا
إياه، فأعلن
له في السابقة
على ساق العرش
وأذن به في
اللاحقة على
منار
الإيمان، وأما
الأمي فهو من
أخص أسمائه،
وقال تعالى: {ما
كنت تدري ما
الكتاب ولا
الإيمان ولكن
جعلناه نوراً
نهدي به من
نشاء من
عبادنا} (الشورى:
52)، فهو تعالى
يُقرئه ما
كتبه بيده، وما
خطته أقلامه
العلمية في
ألواح قدسه
الأقدسية،
فيغنيه بذلك
عن أن يقرأ ما
تكتب الخلق، وأما
عبد الكريم
فذكر الحسين
بن محمد
الدامغاني (فقيه
حنفي توفى سنة
478هـ) في كتابه
شوق العروس
وأنس النفوس
نقلاً عن كعب
الأحبار أنه
قال: اسم
النبي صلى
الله عليه
وسلم عند أهل
الجنة عبد
الكريم، وعند
أهل النار عبد
الجبار وعند
أهل العرش عبد
الحميد، وعند
سائر الملائكة
عبد المجيد،
وعند
الأنبياء عبد
الوهاب، وعند
الشياطين عبد
القهار، وعند
الجن عبد الرحيم،
وفي الجبال
عبد الخالق،
وفي البر عبد القادر
وفي البحر عبد
المهيمن،
وعند الحيتان عبد
القدوس، وعند
الهوام عبد
الغياث، وعند
الوحوش عبد
الرزاق، وعند
السباع عبد
السلام، وعند
البهائم عبد
المؤمن، وعند
الطيور عبد الغفار،
وفي التوراة
موذ موذ، وفي
الإنجيل طاب
طاب، وفي
الصحف عاقب،
وفي الزبور
فاروق، وعند
الله طه ويس
وعند
المؤمنين
محمد صلى الله
عليه وسلم،
وكنيته أبو
القاسم لأنه
يقسم الجنة بين
أهلها، وأما
عبد الله
فسماه الله
تعالى به في
أشرف مقاماته
فقال: {وإن
كنتم في ريب
مما نزلنا على
عبدنا فائتوا
بسورة من مثله}
(البقرة:23) وقال: {تبارك
الذي نزل
الفرقان على
عبده ليكون
للعالمين
نذيراً }(الفرقان:1)،
وقال: {الحمد
لله الذي أنزل
على عبده
الكتاب} (الكهف:1)
فذكره
بالعبودية في
مقام إنزال
الكتاب عليه والتحدي
بأن يأتوا
بمثله. وقال تعالى: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه
}(الجن:19) فذكره في مقام الدعوة إليه، وقال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده
ليلا} (الإسراء:1)، وقال: {فأوحى إلى عبده} (النجم:10)، ولو كان له اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالات العلية، ولما رفعه
الله تعالى إلى حضرته السنية، ورقاه إلى أعلى المعالي العلوية، ألزمه تشريفا له اسم
العبودية، وقد كان يجلس للأكل جلوس العبد، وكان يتخلى عن وجوه الترفعات كلها في
ملبسه ومأكله ومبيته ومسكنه إظهاراً لظاهر العبودية فيما يناله العيان، صدقاً عما
في باطنه من تحقق العبودية لربه تحقيقاً لمعنى {والذي جاء بالصدق وصدق به}
(الزمر:33)، ولما خُيّر بين أن يكون نبياً ملكاً، أو نبياً عبداً اختار أن يكون
نبياً عبداً، فاختار ما هو الأتم، وكان يقول كما في الصحيح: لا تطروني كما أطرت
النصارى عيسى، ولكن قولوا عبد الله ورسوله فاستثبت ما هو ثابت له، وأسلم لله ما هو
له لا لسواه، وليس للعبد إلا اسم العبد، ولذا كان عبد الله أحب الأسماء إلى الله
تعالى.
هاديه
الشلالي- هدى
عبد الماجد
|