حول الفقه - 2
تقسيم
اللفظ
باعتبار
ظهور�
دلالته على
معناه
وخفائها
ينقسم
اللفظ
باعتبار ظهور
دلالته على
معناه وخفائها
إلى نوعين:
نوع واضح الدلالة على معناه، لا يحتاج فهم المعنى المراد منه إلى بيان
أو قرينة خارجية.
ونوع خفى الدلالة على معناه بحيث يحتاج فهم المعنى المراد منه إلى بيان
أو قرينة خارجية.
وأساس التفريق بين الواضح وغير الواضح هو دلالة اللفظ بنفسه على المراد
منه من غير توقف على أمر خارجى، أو توقفه على أمر خارجى، فما فهم المراد منه بنفس
صيغته من غير توقف على أمر خارجى فهو الواضح الدلالة، وما لم يفهم المراد منه إلا
بأمر خارجى فهو غير واضح الدلالة.
وأساس التفاوت فى مراتب الوضوح هو احتمال التأويل وعدم احتماله، فما
فهم معناه من نفس صيغته ولا يحتمل أن يفهم منه معنى غيره أوضح دلالة مما فهم معنى
منه ويحتمل أن يفهم منه معنى غيره.
وأساس التفاوت فى مراتب الخفاء هو القدرة على إزالة مراتب الخفاء
وعدمها فما دلالته خفاء ولا سبيل إلى إزالة خفائه إلا بالرجوع إلى مصدره (وهو
الشارع) أخفى مما فى دلالته خفاء والطريق ممهدة لإزالة خفائه بالبحث والإجتهاد.
أولا: أقسام
اللفظ الواضح
الدلالة
ومراتبه:
قسّم
العلماء
الألفاظ
الواضحة إلى
أربعة أقسام
مختلفة
المراتب فى
قوة الوضوح وقوة
الدلالة تبعا
له:
أولها وهو أدناه مرتبة فى قوة الدلالة :الظاهر.
ثانيها وهو الذى يعد أعلى من الظاهر :النص.
ثالثها وهو
أعلى من النص� :المفسر.
رابعها وهو
الرتبة
العليا�
:المحكم.
وتظهر ثمرة التفاوت عند التعارض، وإليك بيان هذه الأنواع.
أولا: الظاهر
تعريف الظاهر
وأمثلته
الظاهر هو اللفظ الذى دل على معناه بنفس صيغته دلالة واضحة من غير توقف
فهم المراد منه على أمر خارجى، ولم يكن المراد منه هو المقصود أصالة من السياق، مع
احتمال التأويل والتخصيص وقبوله للنسخ فى زمن الرسالة.
ومثاله قوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا} فإنه ظاهر فى حل البيع
وحرمة الربا لأن ذلك هو المعنى المتبادر فهمه من اللفظ من غير حاجة إلى قرينة
خارجية، وهو معنى غير مقصود أصالة من السياق لأن النص مسوق للتفرقة بين حل البيع
وحرمة الربا، لأن الآية نزلت للرد على الذين سووا بينهما فقالوا {إنما البيع مثل
الربا} فهو مسوق لنفى المماثلة إذ اختلاف الحكمين يوصل إلى عدم التماثل بينهما،
وليست الآية مسوقة لبيان حل البيع وحرمة الربا وكذلك فإن لفظى البيع والربا من
ألفاظ العموم لدخول (أل) الجنسية الإستغراقية عليهما، فيحتمل كل منهما تخصيص، وأيضا
حل البيع وحرمة الربا من الأحكام الجزئية التى كان يجوز نسخها فى عهد الرسالة.
ومن أمثلة الظاهر أيضا قوله تعالى {وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} دل
بظاهره على حل زواج ما طاب من النساء، أى إباحة الزواج وهذه الدلالة دلالة واضحة من
غير حاجة إلى قرينة خارجية، ولكن ليس هذا الحكم هو المقصود أصالة من هذا النص بل
المقصود أصالة بيان عدد الزوجات التى لا يجوز الزيادة عليه وهو الأربع عند عدم
الخوف من ظلم الزوجات عند التعدد والاقتصار على زوجة واحدة عند الخوف من الجور إذا
تعددت الزوجات، كما أن لفظ (ما) في (ما طاب) عام يحتمل التخصيص.
ومن ذلك
أيضا: أن
المتبادر إلى
الذهن هو ظاهر
قول الرسول صلى
الله عليه
وآله وسلم فى
البحر : (هو
الطهور ماؤه
الحل ميتته) حل
ميتة البحر
وذلك مستفاد
من نفس الصيغة
دون توقف على
أمر آخر مع أن
الحديث مسوق
أصالة إجابة
من قال: إنا
نركب البحر
ومعنا بعض
الماء للشرب
ونخشى إن
توضأنا منه
احتياجه
للشرب، فهل
نتوضأ بماء
البحر؟. فيكون
مسوق أصالة
لبيان جواز
الوضوء بماء
البحر فى هذه
الحالة. لكنه ظاهر بعموم الكلام فى إفادة حل
التطهر بماء البحر ولو من غير الاحتياج إلى الماء العذب كما هو الظاهر فى إفادة حل
ميتته، مع أن الحديث غير مسوق لذلك أصالة لكنه يتبادر للذهن من نفس الصيغة، وهو لفظ
عام يحتمل التخصيص والتقييد ويقبل النسخ فى عهد الرسالة.
حكم الظاهر
وحكم الظاهر وجوب العمل بمعناه كما هو حتى يقوم دليل على تفسيره أو
تأويله أو نسحه فإذا كان مطلقا بقى على إطلاقه حتى يدل دليل على تقييده، مثال ذلك
تقييد الحل فى قوله تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلك} بعدم الزيادة على الأربع بقوله
تعالى {مثنى وثلاث ورباع} وبعدم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وأختها.
كذلك إذا كان عاما بقى على عمومه حتى يدل دليل على تخصيصه، كما خصص
عموم البيع فى قوله تعالى {وأحل الله البيع} بنهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
عن بيع الغرر وبيع الإنسان ما ليس عنده، وبيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، كما خصص
عموم (ما طاب) فى قوله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} بآيات المحرمات، كما
أن الظاهر كان يقبل النسخ فى عهد الرسالة.
|