من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - 19

حول الفقه - 2

 

من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - 19

وكتب إلى بعض مريديه أيضاً: سلام على العرائس المحشورة، في ظل وابل الرحمة، وبعد: فإن شجرةالقلوب إذا هزت فاح منها شذا، يغذي الروح فيستنشق من لا عنده زكم، فتبدو له أنوار وعلوم مختلفة مانعة محجوبة معلومة، لا معلومة معروفة، لا معروفة غريبة، عجيبة سهلة، شطة فائقة، طعم ورائحة وشم، يم محل جميل، جهد راب علوب، نغط نبوط، هو بطسهبط جرموا، غميطا غلب عمن عسب غلب عرماد علمود على عروس علماس مسرود قد قد فرسم صباع صبع صبوغ نبوب جهمل جمايد حربوعس قنبود سماع بناع سرنوع ختلوف كداف كروب كمتوف هدا سهنبيل ختلولف ختوف رصص ما من قمن قرقنيود سعي طبوطا طابرطا كمط كهرحة جهد بيد قليودات كهلودات كيكل كلوب فافهم مبرم وقرم منعم وأخبر سهدم سوس سفيوس كلافيد لا تهتر عن عنيلا سعسد سج تزيد ولا تتكوكع زند حدام هدام سكهدل، وقد سطرنا لك يا ولدي تحفة سنية، ودرة مضية، ربانية سريانية شمسية قمرية، كواكب درية، وأنجم خفية علوية، وإنما تصفح المبهم المغلق المغرب، الذي سره مغطى بالرموز.

وكتب رضي الله عنه إلى بعض مريديه أيضاً: سلام إن هب الجنوب المفتق أو الصبا المعبق أو الضحي المرنوق أو الشمس المتحفة أو الأضحية المعترفة في الأبرجة المعونقة والمجبرة المحونقة والميثرة المحتوطفة واللطيفات المختلفة المستوجنة والأرابج الأرياح المتولوجة المستودجة فالشهار والأنهار المستوطج والصفو المزرورق أو المفتودج والفتوع والسنبابول السربايور والشوشاند والشربوساسع والبرقوا شاند تفهم يا ولدي، فإن كلام المغرب لا يشاكل المعرب، وما ليس من لغة العرب لا يفهمه إلا من له قلب أو أفهمه الرب، ولا انكار على علماء الحقيقة، وهم يتكلمون بكل لسان. ولهم لسان عجام.

وكتب رضي الله عنه سلاماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسله مع الحجاج سلام على أمير حي المحيا جميل المعنى سخي المراشف، أرخي المعاطف، كريم الخلق، سني الصدق، عرفوط الوقت، وردساتي الفهم ثاقب المرحب، محبول الرحب، قطابة النفل، قيدوح النماطة، ليدوح النباطة، سر سامع الوحب بهدياني الوعب بهبساني الحداقة، سهبري النساقة، موز الرموز، عموز النهوز، سلاحات أفق فرد فانية أمق شوامق اليرامق حيد وفر قيد وفر غاط الاسباط ومبيط البساط الكرقولية والقدد القيلولية إن حدول شذول وإن عرذل خردل السبل السبل يبط العقود النماحة النياحة جاجوي نبا كلكوى سبا مقطعات حم ومحكمات حكيم بدايع لوايع إن شدت أنشدت عنيقبات رسمانية ناتوتية نابهتنية بابلية أرس أرسون كمين كبيوت ناتون نون وجيم ونقطة عين تنعيم أزمح همدج تنسج هيج دهبر رعبوت قيداف قيدوف عرائش مجليات شعشعانية على قطط النبط لا النمط والبعد لا الشطط فلاق القندم خلاق الزيدم وأبقى الهندم إن طاطافطا وما، وإن تعاطى فاستبرق، يسمع عنين النبك وعنين التبك من أرباح فوائد وأدراح قلائد ليش من لفظ قس الأيادي ولا لهبها أيادي نهدبانية البهاسبهانية الرباقل تيشلقت بالنباهة اببا وتعطرفت بالسياحة عبباطر ايقا عجنبا عرائفها جبا إن تمادى تمدي وإن بعد أعدد لفظة بارق لحظة حاذق إن ينشد فردقوينة قد أعدت بالرشطاط من قروربان وحرموز إن كروم المر تبلاه ولا أشباه ألم تك والدتك والدتك.

وكان رضي الله عنه يقول: عليك بالعمل وإياك وشقشقة اللسان بالكلام في الطريق دون التخلق بأخلاق أهلها. وقد كان صلى الله عليه وسلم يجوع حتى شد الحجر على بطنه. وقام حتى تورمت قدماه ثم تبعه أكابر الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه إذا تنهد يشم لكبده رائحة الكبد المشوي. وأنفق ماله في سبيل الله كله. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه شـديد العمل والكد حتى رقع دلقه بالجلود، ولف رأسه بقطعة خيش. وكان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن قائماً كل ليلة على أقدامه. وكان علي رضي الله عنه من زهاد الصحابة ومجاهديهم، حتى فتح أكثر بلاد الإسلام. هؤلاء خواص الصحابة رضي الله عنهم مع قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا كان عملهم. هذا كان اجتهادهم وزهدهم وجوعهم، فأحكموا الحقيقة والشريعة، ولا تفرطوا إن أردتم أن تكونوا يقتدى بكم. وما سميت الحقيقة حقيقة إلا لكونها تحقق الأمور بالأعمال، وتنتج الحقائق من بحر الشريعة.

وكان رضي الله عنه يقول: ما دام لسانك يذوق الحرام، فلا تطمع أن تذوق شياً من الحكم والمعارف. وكان رضي الله عنه يقول: للباصر في العين بصر، وللقلب لسان يدق عن الإدراك.

وكان رضي الله عنه يقول: أحببه يحبك أهل الأرضين والسماء، وأطعه يطع لك الجن والإنس ويجف لك البحر والماء ويطع لك الهواء، وكان يقول يا ولدي عليك بالتخلق بأخلاق الأولـياء لتنال السعادة، وأما إذا أخذت ورقة الإجازة وصار كل من نازعك تقول هذه إجازتي بالمشيخة دون التخلق فإن ذلك لا شيء، إنما هو حظ نفس، لكن اقرأ الإجازة واعمل بما فيها من الوصايا وهناك تحصل على الفائدة، ويحصل لك الاصطفاء. وهذه طريق مدارج الأولياء. قرناًبعد قرن، وجيلاً بعد جيل إلى آخر الدنيا، وكان رضي الله عنه يقول: إذا اشتغل المريد بالفصاحة والبلاغة، فقد تودع منه في الطريق، وما اشتغل أحد بذلك إلا وقطع به. وأما حكايات الصالحين وصفاتهم، فمطالعتها للمريد جند من أجناد الله تعالى ما لمع يقنع بها في الطريق. وكان يقول: العلم كله مجموع فيحرفين أن يعرف العبــودية ويعبده، فمن فعل ذلك فقد أدرك الشريعة والحقيقة، وليس في هذا تعطيل العلماء بل العلم ابن للعمل وإنما قلنا ذلك من أجل قول الله تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه} ولكل فرقة منهاج وإلا فقد يجمع الله العلم والعمل في رجل واحد يفيد الناس كل الفوائد، فالشريعة هي الشجرة والحقيقة هي الثمرة.

وكان رضي الله عنه يقول: الطريق إلى الله تعالى تفنى الجلاد وتفتت الأكباد وتضني الأجساد وتدفع السهـاد وتسقم القلب، وتذيب الفؤاد فإذا ارتفع الحجاب، سمع الخطاب وقرأ من اللوح المحفوظ الرموز واطلع على معان دقت وشرب بأوان رقت فكان مع قلبه، ثم يكون مع مقلبه، لا مع قلبه لأن الله يحول بين المرء وقلبه، فإذا خرج عن الكل، طال لسانه بلا لسان مع شدة اجتهادة وأعماله الظاهرة، ثم الباطنة، ثم بعد ذلك لا حركة ولا كلام ولا تسمع إلا همساً إنما هو سمت بلا حس، ثم يصفوا من صفاء الصفاء ووفاء الوفاء ويخلص من إخلاص الإخلاص في الإخلاص للإخلاص. ثم يتقرب بما يكون به جليساً، فإن المجالسة لها آداب أخرى خاصة، يعرفها العارفون.

وكان رضي الله عنه يقول: إذا كمل العارف في مقام العرفان أورثه الله علماً بلا واسطة، وأخذ العلوم المكتوبة في ألواح المعاني ففهم رموزها وعرف كنوزها، وفك طلسماتها، وعلم اسمها ورسمها، وأطلعه الله تعالى على العلوم المودعة في النقط، ولولا خوف الانكار لنطقوا بما يبهر العقول، وكذلك لهم من إشارات العبارات عبارات معجمة، وألسن مختلفة، وكذلك لهم في معاني الحروف والقطع والوصل والهمز، والشكل والنصب والرفع ما لم يحصر، ولا يطلع عليه إلا هم، وكذلك لهم الاطلاع على ما هو مكتوب على أوراق الشجر والماءوالهواء، وما في البر والبحر، وما هو مكتوب على صفحة قبة خيمة السماء، وما في جباه الإنس والجان، مما يقع لهم في الدنيا والأخرة، وكذلك لهم الاطلاع على ما هو مكتوب بلا كتابة، من جميع ما فوق الفوق، وما تحت التحت ولا عجب من حكيم يتلقى علماً من حكيم عليم، فإن مواهب السر اللدني قد ظهر بعضها في قصة موسى والخضر عليهما السلام، وكان رضي الله عنه يقول: من الأولياء من لا يدري الخطاب ولا الجواب فهو كالحجارة مودعة أسراراً ناطقة بلسان حال صامتة عن الكلام. مودعة من غوامض الأسرار والعطاء، مفرق فمنهم عارف ومحب ومشغوف وذاكر ومذكر ومعتبر وناطق وصامت ومستغرق وصائم وقائم وهائم ومفطر وصائن صائن وصائم صائم وقائم دائم ونائم واصل وواصل سهران وواقف ذاهل وداهش واهن. وواهم وباك باسم ومقبوض وضاحك، وخائف ومختلط ومختبط وموله ومتوله وصائح ونائح ومجموع بجميعة وجمعه. إن خرج عن إياهما انتفع ومنهم من مزق الثياب حين حقق وتاب، وغلب عليه الحال، ويرحم الله البعض بالبعض.

وكان رضي الله عنه يقول:يا أولادي طوبى لمن وصل إلى حال تقرب العباد من الله تعالى ثم وقف يدعوهم إليها. فكونوا داعين إلى الله تعالى بإذن الله.

السابق  التالي

 

حول الفقه - 2

تقسيم اللفظ باعتبار ظهوردلالته على معناه وخفائها

ينقسم اللفظ باعتبار ظهور دلالته على معناه وخفائها إلى نوعين:

نوع واضح الدلالة على معناه، لا يحتاج فهم المعنى المراد منه إلى بيان أو قرينة خارجية.

ونوع خفى الدلالة على معناه بحيث يحتاج فهم المعنى المراد منه إلى بيان أو قرينة خارجية.

وأساس التفريق بين الواضح وغير الواضح هو دلالة اللفظ بنفسه على المراد منه من غير توقف على أمر خارجى، أو توقفه على أمر خارجى، فما فهم المراد منه بنفس صيغته من غير توقف على أمر خارجى فهو الواضح الدلالة، وما لم يفهم المراد منه إلا بأمر خارجى فهو غير واضح الدلالة.

وأساس التفاوت فى مراتب الوضوح هو احتمال التأويل وعدم احتماله، فما فهم معناه من نفس صيغته ولا يحتمل أن يفهم منه معنى غيره أوضح دلالة مما فهم معنى منه ويحتمل أن يفهم منه معنى غيره.

وأساس التفاوت فى مراتب الخفاء هو القدرة على إزالة مراتب الخفاء وعدمها فما دلالته خفاء ولا سبيل إلى إزالة خفائه إلا بالرجوع إلى مصدره (وهو الشارع) أخفى مما فى دلالته خفاء والطريق ممهدة لإزالة خفائه بالبحث والإجتهاد.

أولا: أقسام اللفظ الواضح الدلالة ومراتبه:

قسّم العلماء الألفاظ الواضحة إلى أربعة أقسام مختلفة المراتب فى قوة الوضوح وقوة الدلالة تبعا له:

أولها وهو أدناه مرتبة فى قوة الدلالة :الظاهر.

ثانيها وهو الذى يعد أعلى من الظاهر :النص.

ثالثها وهو أعلى من النص:المفسر.

رابعها وهو الرتبة العليا:المحكم.

وتظهر ثمرة التفاوت عند التعارض، وإليك بيان هذه الأنواع.

أولا: الظاهر

تعريف الظاهر وأمثلته

الظاهر هو اللفظ الذى دل على معناه بنفس صيغته دلالة واضحة من غير توقف فهم المراد منه على أمر خارجى، ولم يكن المراد منه هو المقصود أصالة من السياق، مع احتمال التأويل والتخصيص وقبوله للنسخ فى زمن الرسالة.

ومثاله قوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا} فإنه ظاهر فى حل البيع وحرمة الربا لأن ذلك هو المعنى المتبادر فهمه من اللفظ من غير حاجة إلى قرينة خارجية، وهو معنى غير مقصود أصالة من السياق لأن النص مسوق للتفرقة بين حل البيع وحرمة الربا، لأن الآية نزلت للرد على الذين سووا بينهما فقالوا {إنما البيع مثل الربا} فهو مسوق لنفى المماثلة إذ اختلاف الحكمين يوصل إلى عدم التماثل بينهما، وليست الآية مسوقة لبيان حل البيع وحرمة الربا وكذلك فإن لفظى البيع والربا من ألفاظ العموم لدخول (أل) الجنسية الإستغراقية عليهما، فيحتمل كل منهما تخصيص، وأيضا حل البيع وحرمة الربا من الأحكام الجزئية التى كان يجوز نسخها فى عهد الرسالة.

ومن أمثلة الظاهر أيضا قوله تعالى {وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} دل بظاهره على حل زواج ما طاب من النساء، أى إباحة الزواج وهذه الدلالة دلالة واضحة من غير حاجة إلى قرينة خارجية، ولكن ليس هذا الحكم هو المقصود أصالة من هذا النص بل المقصود أصالة بيان عدد الزوجات التى لا يجوز الزيادة عليه وهو الأربع عند عدم الخوف من ظلم الزوجات عند التعدد والاقتصار على زوجة واحدة عند الخوف من الجور إذا تعددت الزوجات، كما أن لفظ (ما) في (ما طاب) عام يحتمل التخصيص.

ومن ذلك أيضا: أن المتبادر إلى الذهن هو ظاهر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فى البحر : (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) حل ميتة البحر وذلك مستفاد من نفس الصيغة دون توقف على أمر آخر مع أن الحديث مسوق أصالة إجابة من قال: إنا نركب البحر ومعنا بعض الماء للشرب ونخشى إن توضأنا منه احتياجه للشرب، فهل نتوضأ بماء البحر؟. فيكون مسوق أصالة لبيان جواز الوضوء بماء البحر فى هذه الحالة. لكنه ظاهر بعموم الكلام فى إفادة حل التطهر بماء البحر ولو من غير الاحتياج إلى الماء العذب كما هو الظاهر فى إفادة حل ميتته، مع أن الحديث غير مسوق لذلك أصالة لكنه يتبادر للذهن من نفس الصيغة، وهو لفظ عام يحتمل التخصيص والتقييد ويقبل النسخ فى عهد الرسالة.

حكم الظاهر

وحكم الظاهر وجوب العمل بمعناه كما هو حتى يقوم دليل على تفسيره أو تأويله أو نسحه فإذا كان مطلقا بقى على إطلاقه حتى يدل دليل على تقييده، مثال ذلك تقييد الحل فى قوله تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلك} بعدم الزيادة على الأربع بقوله تعالى {مثنى وثلاث ورباع} وبعدم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وأختها.

كذلك إذا كان عاما بقى على عمومه حتى يدل دليل على تخصيصه، كما خصص عموم البيع فى قوله تعالى {وأحل الله البيع} بنهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الغرر وبيع الإنسان ما ليس عنده، وبيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، كما خصص عموم (ما طاب) فى قوله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} بآيات المحرمات، كما أن الظاهر كان يقبل النسخ فى عهد الرسالة.