حكمة من
الحكم
العطـائية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي إمام العارفين وسيد
المحققين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلي آله وسلاماً ورضواناً علي أصحابه
وأتباعه أولي الكمالات الربانية والصفات المحمدية.
فنحن الآن
بصدد حكمة
جليلة من بعض
مما قاله سيدي
أحمد بن عطاء
الله السكندري
الذي حباه
الله إياها
ليغترف منها
أولو المعرفة
والإحسان
ويضطلع عليها
كل مسلم صادق
الإيمان
فينهل من
منهله ويشرب
من مشربه وليكون
سبيلاً لمن
يريد الوصول
إلى معرفة
الحق معرفة
صحيحة فيصل
إلى ما يبتغيه
الواصلون ويطلبه
العارفون
المحققون،
ونحن في هذا
متأسيين
بنصائح شيخنا
الجليل سيدي
فخر الدين رضي
الله عنه حيث
يقول:
فكن يا مريدي للكــرام مقلداً
فليس أمان
في جناح
البعوضة
قال سيدي
أحمد بن عطاء
الله
السكندري:
(اجتهادك فيما ضُمن لك
وتقصيرك فيما طُلب منك دليل علي انطماس البصيرة منك).
يوضح لنا سيدي أحمد بن عطاء الله أن المضمون لنا عند الله، وهو الرزق،
لأنه سبحانه وتعالي تكفل به وأقسم عنه، وقد نطق بذلك كتاب الله وسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم، أما كتاب الله فقد قال تعالي: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}، كما قال
تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها}، أما ما ورد في السنة المطهرة
فكثير جداً ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو توكلتم على الله حق توكله
لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطانا).
ثم لو تأمل الإنسان قليلاً لوجد أن الرزق مضمون عقلاً كذلك كما إنه
مضمون شرعا، وإليك بيانه، فلا شك أن الإنسان مفتقر إلى الله بالإفتقار الذاتي،
والإفتقار الذاتي يقتضي نعمتين دائمتين ما دام المفتقر باقياً وهما نعمة الإيجاد
ونعمة الإمداد.
أما نعمة
الإيجاد فهي
إبرازك إلى
الوجود من العدم،
وأما نعمة
الإمداد فهي
إمداد العبد
بكل ما يكون
به قوامه وما
يحسن به
نظامه، وهذا
ينقسم إلى
قسمين قسم حسي
وقسم معنوي،
القسم الحسي
فهو ما يتعلق
بالحس في
الدنيا وأما
المعنوي فهو ما
يتعلق بالروح
من العرفان،
وكلاهماـ لا شك ـ من الله تعالى ولا يمكن أن ينقطع مدد الحق عن عبده
إلا إذا تعلقت إرادته بإنتهاء أجله؛ وذلك لأن الإنسان لا يمكنه العيش في هذه الحياة
بغير طعام وشراب وهواء وما خلق الله له من النعم التي يكون بها قوام جسده.
أما قول سيدي أحمد بن عطاء الله (وتقصـيرك فيما طُلب منك)، فالمطلوب
منك لله طاعته وعبادته، قال تعالى: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون وسارعوا إلى
مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}.
والطاعة هي امتثال أمر الحق واجتناب نواهيه، ثم لا شك أنه سبحانه
وتعالي ما أمرنا بها لأمر يعود عليه منا، تعالى الله إذ أنه الغني عن العالمين
بذاته وصفاته، ولكنه أمرنا بها لما يعود علينا من خير ورحمة في الحياتين، ومثل أمره
فيما أوجب علي العباد من طاعة كمثل طبيب حاذق شخّص الداء وبيّن الدواء فإنقسم
الدواء إلى قسمين قسم عليه تناوله لما فيه من نفع وقسم عليه تركه لما فيه من خير،
فإن أطاع المريض طبيبه وصل بحياته إلى النجاة وفاز بالعافية وإن لم يطعه فقد أوقع
نفسه في التهلكة والعياذ بالله، فكذلك الأمر لله، ولله المثل الأعلي، وفقاً لما
تتطلبه الحكمة الإلهـية الناشئة من عين الرحمة شرع لنا الأحكام ما إن اتبعناه وصلت
النفس إلى العافية والفوز برضائه وإن عصيناه هلكت النفس وخسر الإنسان حياته فى
الدنيا والآخرة.
وعلي هذا
فإذا
كان
اجتهاد المرء
فيما هو
مضـمون
له من الرزق
شاغلاً له
عـن
طاعة فيها
نجاته وفيها
عزة
وكرامة
بقربه كان ذلك
لا شك أكبر
دلالة على
انطماس
بصيرته منه،
ولذا يقول
سيدي أحمد بن
عطاء الله
السكندري:
(اجتهادك فيما ضُمن لك
وتقصيرك فيما طُلب منك دليل علي انطماس البصيرة منك).
والله يقول الحق ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
د / موسي أحمد
عامر
الأسكندرية
شـــراب
الــوصــل
يا من طرقتَ
العقلَ باباً
داخلا
ما العقـلُ
إلا خـردلٌ
بفنائيِ
�يعتمد
العقل في
تحصيل معارفه
على الحواس
الخمس ولا
يستطيع أن
ينفذ إلى ما
وراء الحواس
الخمس لذلك
يقف عاجزاً عن
تفسير وتعليل
كثير من
الأدلة
النقلية
والظواهر
الكونـية
المختلفة جاء
في روح
المعاني (وما
لا
يحكم
العقلُ
بإمكانه ثبوتاً
أو انتفاء لا
يلزم أن
يكون
من
الممـتنعات
لجواز مكانه
الخافـي من
العقل
فينبغي أن
يحمل كلَّ ما
عُلم أن الشرع
نطق به على هذا
القـسم
لئلا يلزم
كذبه
وإبطالِ
قطع
العقل بصدقه
فالحقُّ أن
النقلي
يفـيد
القطع في
العقليات
أيضاً) وقد
ذهب الشيـخ
الأكبر قدَّس
الله سرَّه
إلى تقديم الدليل
النقلي على
العقلي فقال
في الباب (274) من
الفتوحات:
�على
السمعِ
عوَّلنا فكنا
أولي النهى
�ولا علمَ فيما لا يكونُ عن السَّمـعِ
�وقال
قدَّس الله
سرَّه في
الباب (853) من
الفــتوحات:
كيـف
للعقـل
دليـلٌ والــذي
�قد بناهُ العَقلُ بالكشفِ انـهـدمْ
فنجـاةُ
النفـسِ
في
الشَّـرعِ
فلا
�تكُ
إنساناً
رأى ثُـمَّ
حـُــرِمْ
واعتصِم
بالكشفِ في
الشَّرع فقدْ
�فازَ
بالخَيرِ
عُبيدٌ قد
عُصِـــمْ
أَهمِـلِ
الفِكـرَ
فلا
تحفِلْ
بــهِ
�واتْركنْـه
مِثــلَ
لَحمٍ في
وَضَمْ
إنَّ
للفكرِ
مَقامــاً
فاعْـتضـدْ
�بهِ
فيهِ تكُ
شَخصـــاً قد
رُحِم
كـلُّ
علـمٍ
يشهـدُ
الشـرعُ
لهُ
�هُوَ
عِلـمٌ
فبِــهِ
فلْتعْتــصِمْ
وإذا
خالفـهُ
العَقــلْ
فقُــلْ
�طَورَك الزم مـا لكمْ فيـه قدَم
ويؤيِّد
هذا ما روي عن
الإمام
الشافعي قال: إنَّ
للعقلِ
حدَّاً ينتهي
إليه كما أنَّ
للبصر حدَّاً
ينتهي إليه. وقال
الإمام
الغزالي: ولا
تستبعد أيها
المعْتكِف في
عالَم العقل أن
يكون وراء
العقل طورٌ
آخر يَظهرُ
فيه مالا يَظهرُ
في العقلِ،
كما لا تستبعد
أن يكونَ العقلُ
طوراً وراء
التمييز والإحساس،
ينكشف فيه
عوالم وعجائب
يقصُرُ عنها
الإحساس
والتمييز،
وقد قال الشيخ
محمد عثمان
عبده: إنَّ
مراتب الدين
الثلاث: الإسلام
والإيمان
والإحسان،
يقابلها العقل
والقلب
والروح
فالإسلام
يخاطب العقل
والإيمان
يخاطب القلب
والإحسان
يخاطبُ الروح.وقيل:
يغوصُ غوَّاصُ
الفكرِ على
دُرَر
المَعاني في
بحر القلب، فيخرجها
إلى ساحل
الصدر
فيقذفها إلى
تُرجمان اللسان.
قال الشيخ
النابلسي:
ولا تخُض في
أمور لستَ
تعرفهـا
�إني
نصحـتُك
هـذا
غايةُ
اللعـب
ولا
تُعانِـد بلا
علــْمٍ
وكُنْ
رجـلاً
�له
اهتمــامٌ
بأعْلى
السَّبعةِ
الشُهُبِ
واعلم
بربِّـــك لا
بالعقل
منك تفُزْ
�بما
ترومُ
وكـن في
الرأس لا
الذَّنَبِ
فإنَّ
ربَّك
خلاَّقٌ
لعـقـلــك
مــا
فرَّقتَ
بالذوقِ بين
الضرْبِ
والضَرَبِ
د. عبد الله
محمد أحمد
|