أمـين رسـول الله

هـل مـن سـائـل فـيـجـاب؟

الـمـسـيـر��� و�� الـمـخـيـر -4

 

أمـيـن رسـول الله

فـي غزوة بدر جعل والد أبو عبيدة يتصدّى لأبي عبيدة، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلمّا أكثروحاول الإقتراب من النبي قصدَه سيدنا أبوعبيده فقتله دفاعا عن الحبيب، فأنزل الله هذه الآية:{ لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليومِ الآخر يُوادُّون مَنْ حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءَ هُم أو أبناءَ هم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتبَ في قلوبهم الأيمان}. يقول سيدنا أبوبكر الصديق: لما كان يوم أحد، ورمي الرسول حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر، أقبلت أسعى الى رسول الله، فإذا بي أرى رجل يطير طيرانا نحو رسول الله، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى اذا توافينا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني، فقال: أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله فتركته، فأخذ أبوعبيدة بثنيته إحدى حلقتي المغفر، فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت، فكان أبوعبيدة في الناس أثرم وقدم أهل نجران على النبيوطلبوا منه أن يرسل إليهم واحدا فقال عليه الصلاة والسلام: لأبعثن عليكم أمينا حق امين فتشوق أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يبعثوا لا لأنهم يحبون الإمارة أو يطمعون فيها ولكن لينطبق عليهم وصف النبي صلى الله عليه و سلم أمينا حق أمين وكان عمر نفسه رضي الله عنه من الذين حرصوا على الامارة لهذا آنذاك بل صار كما قال يتراءى أي يري نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم حرصا منه رضي الله عنه أن يكون أمينا حق أمين ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تجاوز جميع الصحابة وقال: قم يا أبا عبيدة وقال سيدناعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يجود بأنفاسه: لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فإن سألني ربي عنه، قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله وفي أثناء قيادة سيدنا خالد رضي الله عنه معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي سيدناأبوبكر الصديق رضي الله عنه، وتولى الخلافة بعده سيدناعمر رضي الله عنه، وقد ولى سيدنا عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل سيدنا خالد وصل الخطاب الى سيدنا أبي عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة، ثم أخبرسيدنا خالدا بالأمر، فسأله: يرحمك الله أباعبيدة، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب؟ فأجاب أبوعبيدة: اني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، كلنا في الله أخوة .

 

هـل مـن سـائـل فـيـجـاب؟

من الأخ محمد سليمان سوداني يعيش في بومباي الهند يقول: الناس هنا يتمسكون باللحية حتى صارت فريضة مثل الصلاة ونحن في السودان نتمسك بالعمامة فماهو موقع العمامة من السنة؟

ثبت أن رسول الله صلى الله علية وآله وسلم كان يلبس العمامة فى أكثر أوقاتة بين الناس، وقد روى فى الصحاح أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوضأ فيمسح على عمامتة وخفيه، صحيح البخارى، وسئل سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم؟فقال: كان يدور كور عمامته على رأسه ويغرزها من ورائه ويرسلها على كتفيهقال إبن حجر: رواه الطبرانى فى الأوسط وأخرج الترمذى لإبن عمر قريب منه، والمعروف أن رسول الله كان يحب البياض وأن أكثر ثيابه ومنها العمائم كان يغلب عليه البياض، ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم لبس ألوانا أخرى منها السواد والصفار، عن سيدنا عمر بن حريث رضى الله عنه قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر وعليه عمامة سوداء. وفى رواية أخرى عنه رضى الله عنه: كأنى أنظر إلى رسول الله صلى الله علية وسلم وعليه عمامة سوداء وقد ارخى طرفيها بين كتفية (سنن إبن ماجة وسنن أبي داود) وروى مثله النسائي عن عمرو بن حريث وعن جعفر بن عمر بن أمية عن أبيه، وقد لبس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم العمامة السوداء فى ذلك اليوم المشهود يوم فتح مكة (سنن إبن ماجة، سنن أبى داود)،وعن عبد الله بن جعفر عن أبيه رضى الله عنه قال: رأيت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثوبين مصبوغين بزعفران رداء وعمامة (الطبرانى والحاكم فى المستدرك)، ورى إبن سعد فى الطبقات أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصبغ ثيابه بالزعفران قميصه ورداءه وعمامته. وقد ورد عن سيدنا أنس إبن مالك رضى الله عنه قال: رأيت رسول الله يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة- سن ابي داود. وقد قيل: قطرية: ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة، قيل: حلل جياد تحمل من البحرين، من قرية تسمى قطرا.

والعمائم إنما هى لباس الملائكة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله أمدنى يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمامة إن هذه العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان (أخرجة الطيالسي والبيهقى) عن سيدنا على رضى الله عنه، وعن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه أن الزبير رضى الله عنه كانت عليه ملاءة صفراء يوم بدر، فإعتم بها، فنزلت الملائكـة معتمين بعمائم صفراء فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: نزلت الملائكة اليوم على سيما أبى عبد الله وقد حث رسول الله أمته على التزين بالعمائم وعدم تركها، وذكر لهم الكثير من فوائدها، كما أنذرهم أن تركهم لها هو العلامة على انهم قد هووا من قمة المجد والعز الى حضيض الذل. وهذه الأحاديث وإن كان كل منها على حدة يعتبر ضعيفاً إلا أن كثرتها وتعدد أسانيدها تقويها، ولا تترك مجالاً لعدم الأخذ بها. ومما روى عنه صلى الله عليه وآله وسلـم فـى فضـل العمائم: (إعتموا تزدادوا حلما)- رواه الحاكم عن ابن عباس وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ورواه البــزار والطبرانى عن إبن عباس والـطبرانى عن أبى المليح بن أسامه عن ابيه.

محمد صفوت جعفر

المسير��� و�� المخير - 4

فلا تنظر الى ما تجد منك من قوة الصورة فذلك لله. فمن أراد صحبة الحق فليصحبه بحقيقة من ذلك وافتقار وعبودية ومن أراد الشريعة شرع له فيعطي كل ذي حق حقه.

فهو فـي كل نفس ينظر إلى آثار ربه في قلبه فيما يقيمه فيه وفيما خرج عنه وما ينبهه عليه فلا يزال صاحب هذا المقام فـي كل نفس في علم جديد فهو في خلق جديد وغيره فـي لبس من هذا الخلق الجديد. فالإنسان إذا نظر إلى نفسه يجد العجز والضعف والافتقار إلى القوى المتيين سبحانه وتعالى فالإنسان لا يقوى على مرض ولا يقوى على لدغة برغوث ويعرف هذا كله من نفسه ذوقا ومع هذا يظهر بالرياسة والعلو والتعالي والكبر والعجب والتقدم على خلق الله فرجال الله وحزبه هم الذين لم يصرفهم خلقهم عن خالقهم بالفقر لله والذل والعبودية له وان اقتضى ظهورهم في المواطن التي عينها لهم في الشريعة. لذلك فعلى الإنسان أن يترك الاعتراض ويعتقد الحكمة والعدل ويسأل الله الغفران والتوبة والعفو عما مضى او تبدل بضده فيلزمه السعي في الخروج عنه والانتقال إلى ما هو مأمور به من الأعمال الصالحة والآخذ بالأسباب بإتباع شريعة الله التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولما اختلف الناس في القضاء والقدر وهل الإنسان مسير او مخير فنورد لك حديث قاله ذمى أى ليس على دين الإسلام باعتقاده أن كفره قضاء من الله وقدره فاسمع ماذا قال وكيف كان الرد عليه:

قول الذمي:

أيا علما الدين ذمــــــي دينكم        تحير دلوه بأوضــــــح حجـه

إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكــم        ولم يرضه منى فما وجه حيلتـــي

قضى بضلالى ثم قال ارضي بالقضا        فهل أنا راضى بالذي فيه شقوتــى

دعاني فسد الباب دوني فهـل الـى         دخولي سبيل بينوا لى قضيتـــي

اذا شاء ربي الكفر منى مشيئـــة         فهل أنا عاص بأتباع المشيئــــة

وهل لي اختيار أن أخالف حكمــه         فبالله فاشفوا بالبراهين علتــــي

وللعلماء رحمهم الله في جواب هذا القائل أشعار كثيرة وممن أجاب الشيخ صدر الدين فقال:

صدقت قضى الله الرب الحكيم بكل ما          يكون وما قد كان وفق المشيئـــة

وهذا اذا حققتــــــــه متأملا           فليس يسد الباب من بعد دعـــوة

فان قضاء الله منه معـــــــلق           بأمر اذا مــا كــان فالمحو أثبت

كما الري بعد الشرب والشبــع الذي           يكون عقب الأكل في كل مـــرة

فليس ببدع أن يكون معلـــــقـا           قضاء الإله الحق رب الخليقــــه

يكفرك فما كنت بالكفر راضــــيا           عليك بأسباب الهدى والسلامــــة

فمن جمله الأسباب ما قدر رفضتــه           مع الأمن والامكان لفظ الشهـــادة

فأنت كمن لا يأكل الدهـــر قائـلا            أموت بجوعي إذا قضى لي بجوعتى

وحاصل هذا الجواب كما ذكرنا سابقا أن ذلك بقضاء الله الذي منه ما هو معلق ومنه ما هو مبرم فكفر الكافر لا يعلم انه مبرم الا إذا مات على الكفر وأما في مدة حياته فيحتمل انه معلق بقاؤة بدوام رضاه به وعدم تعاطى أسباب الخروج منه فإذا تعاطى أسباب الخروج منه بتناول الطعام انقطع جوعه. والعبد لا إطلاع له على ذلك القضاء إذا كان مبرما او معلقا وقد أمره شارع اى الشريعة يتعاطى أسباب الخروج منه وسهلها له فعلية ان يفعل ما أمره الله به ولا يحتج بان ذلك بقضاء الله فقد قامت الحجة عليه ولم يسبق له عذر (فلله الحجة البالغة).

فكل مأمورية فهو مرضى عند الله لكنه قد يكون مراد الله وقد يكون غير مراده فـي كان مراد الله وقع وما كان غير مراد الله لا يقع والمنهي عنه غير مرضى عند الله تعالى فإذا كان بمراد الله وقع وإذا لم يكن مراده لم يقع. {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} لان الملك ملكة يتصرف فيه كيف يشاء فاذا تحقق أن الأمور كلها بخلق الله ومشيئة وإرادته وان الكسب كما يتوجه لكسب الأكل والشراب وبقية مصالحه وانه سبحانه وتعالى لم يسد الباب بل فتح له الباب وجعل له أسباب الخروج منه ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكى من يشاء. فعليك اللجوء إلى الله للأخذ بالأسباب وبالدعاء وبتنفيذ ما أمر ه الله بلسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم اترك النتائج لله سبحانه وتعالى وقطعا فهو سبحانه وتعالى قد بين لنا فـي كتابه الكريم الثواب لمن فعل ما أمر به والعقاب لمن عصى أمراه. وخلاصة الأمر لما أمر سبحانه وتعالى سيدنا جبريل عليه السلام أن يؤخر الشمس ويقدم القمر ساعة ومات منهم الكثيرين واختلفت حساباتهم فلما رجعوا إلى الفلاسفة لسؤالهم عن هذا الاختلاف المفاجئ الذي حدث عجزوا عن معرفة السبب فلما عجزوا لم يعترفوا بعجزهم بل قالوا بالمسير والمخير.

ولقد رد السادة الصوفية ردا جميلا وقد ذكرناه من قبل فقالوا انه لو كان الإنسان مسيرا للخير فلماذا خلق الله إبليس فهو لا يضله، وإذا كان مسيرا للشر فلماذا أرسل الله الرسل بمعنى انه إذا كان مسيرا للخير فلا يضله إبليس وإذا كان مسيرا للشر فلا يهديه النبي أو الرسول.

ولو قلنا أن الإنسان مخير فهل يختار ان يكون شقيا أو يختار المرض أو يختار الموت فيكون الإنسان لا مسير ولا مخير. وان الحقيقة في هذه المراتب الأربعة:(مرتبة التوفيق - مرتبة التفويض - مرتبة التوكل - مرتبة التسليم) فالواجب على كل إنسان يميز مرتبته من هذه المراتب فالتوفيق من باب اللغة معناه الاستعانة {وما توفيقي الا بالله} فالتوفيق معناه ان توفق بين أخلاقك الشريرة واخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم أي بالشريعة الغراء. والتفويض معناه ترك التدبير. ويقولوا في ذلك:

ما دمت في سفن الهوى تجـرى       بى فلا أنا في عقلي ولا تجريبى

ويقولوا:

أتحكم تدبيرا وغيرك حاكم       أأنت لأ فعال الا له تنازع

والتوكل هو الاعتماد على الله وان يرى كل ما خلق الله معطل له عن الله {أنما أموالكم وأولادكم فتنه} فأجره على الله لأنه قال {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} والتسليم في {ان الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} العبد، والعبد بيع لله وبعد أن اشتراه استلمه {ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة} فحق له بعد ان اشتراه واستلمه ان يتصرف فيه، فالناس يميزون بهذه المراتب لا بالمسير والمخير فمثلا سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام في مرتبة التسليم لذلك فلما جاء جبريل بعد أن قذف به في النار وقال له ألك حاجة قال له (إن كانت منك فلا وان كانت من ربي فعلمـه بحالي يغنى عن سؤالي) فهو مسير في هذه المرتبة.

أما سيدنا سليمان فهو مخير في مرتبته في قوله تعالى {هذا عطاؤنا فامنن على من شئت أو امسك عليك بغير حساب}.

وهناك مرتبة خامسة فإذا لم تكن من أهل التوفيق ولا التفويض ولا التوكل ولا التسليم فهناك مرتبه خامسة وهي مرتبة التقييد وهو الالتزام الكامل بالاحكام الشرعية.

انتهي والله الموفـق فالتـزم أعــزك الله بالأحـكام الشرعـية التزم بما جاء في كتاب الله وما أتي به رسـول الله صلى الله عليه وسلـم في السنة النبوية الشريفة.