في عصر تلك الليلة بدأ الموكب البرهاني كالعادة من الزاوية الأم في
مدينة خرطوم 3 ثم اخترق الشارع الرئيسي الموصل إلى الساحة البرهانية تعلوه كل مظاهر
الفرح والزينات مع ايقاع الدفوف ونغمات المنشدين ووصل الحشد قبيل صلاة المغرب وبعد
الفراغ من الفرائض استعد الشيخ لاستقبال ضيوفه من سادات الطرق الصوفية ومشايخها ومن
كبار رجال الدولة ومندوبي السفارات والقنصليات العربية والأجنبية.
وقد تحدث فضلة الشيخ حامد الحمدابي مندوبا عن فضيلة مولانا الشيخ طه
الباقر شفاه الله وعافاه أمين عام مجلس الذكر والذاكرين وأوضح في كلمته دور التصوف
في دخول الإسلام إلى السودان في الماضي ودوره في النهضة الحالية لسوداننا العريق
كما رحب بالوفود القادمة من كل أنحاء العالم لتشارك السوادان في الإحتفال بالمشايخ
الأجلاء الذين نشروا الإسلام في المشارق والمغارب وكانوا نبراسا ينير الطريق لكل من
أراد الهداية، كما تحدث عن مناقب أصحاب الحولية المشهود لهم بالتقوى والورع وفاض
نورهم حتى عم الأرجاء كما تحدث عن علوم سيدي فخر الدين رضي الله عنه التي جددت
المعاني وغيرت المفاهيم وعن جهاده ضد الطوائف الخارجة عن الصراط المستقيم وجادة
الحق وعن دور الأولياء والصالحين في المحافظة على الدين القويم.
وعن الدول العربية تحدث فضيلة الشيخ محمد رشاد حسين عن معنى الولاية
وأوضح أن العلماء هم الأولياء الذين يقولون مايفعلون ويقودوا الناس بأفعالهم
وأخلاقهم وليس بألسنتهم فقط وأن الرسالة المحمدية وإن انقطع الوحي للرسل فمازال
الله يؤيد هذا الدين برجال قد رزقهم مفهوم جديد في الكتاب والسنة لكي يواكبوا
متغيرات العصور ثم تحدث عن نشر الطريقة في البلاد العربية من شرقها الإمارات
العربية والسعودية واليمن وبلاد الشام حتى مغربها في بلاد المغرب العربي ليبيا
وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ثم من مصر والسودان شرقا ومغربا وجنوبا وشمال.
وعن الدول الأوروبية تحث الأستاذ مصطفى ميكوارد الألماني الجنسية واستاذ الطب
النفسي وهو من الرعيل الأول في الطريقة، أن البرهانية في أوروبا قد ترسخت في
القلوب يوما بعد يوم وأن الرعيل الثاني الذي ولد مسلما وبرهانيا قد تخرج من
الجامعات وتحمل أعباء الطريقة من الإرشاد والقيام بمهام الحضرة من إستفتاح وإنشاد
وذكر وأن الطريقة في أوروبا تنمو نموا طبيعيا لتخرج للنور أجيال تحب السلام للعالم
وتنشر الإسلام بين الربوع الأوروبية وهي في نفس الوقت تدين بالولاء لأوطانها وتعمل
على تنميته ورخائه. وقد تحدث جين مين (عبد العزيز) من الصين الشعبية مندوبا عن وفود
جنوب شرق آسيا الهند وباكستان وماليزيا وأندونيسيا وقد بدأ مقدمة كلمته باللغة
الصينية ثم تحول للحديث باللغة العربية التي تعلمها بالبعوث الإسلامية بمصرالمحروسة
وقد قال في لغة سلسة بعد أن وجه خطابه إلى مولانا الشيخ محمد الشيخ إبراهيم رضي
الله عنهم : جئنا من الأرض التي قال عنها سيدي أبو العينين الدسوقي رضي الله عنه
(وفي أرض صين الصين صحت ولايتي) أتينا نجدد العهد ونطلب المدد وندعوكم لزيارتنا
لتقف على زواياكم وأبناءكم في الصين.
تكريم الخريجين من أبناء الرابطة
البرهانية بالجامعات والمعاهد العليا
على الهامش الوردي للحولية كانت اللفتة العظيمة من مولانا الشيخ محمد
الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنهم الذي أبرز دور الطريقة
في خدمة التصوف بجيل من الأكاديميين الذين تخرجوا في الأعوام السابقة من أبناء
الرابطة البرهانية بالجامعات والمعاهد العليا بالسودان ليثبت أن التصوف ليس بالجهل
ولا بالسلبية التي كان البعض يلصق به مثل هذه التهم ولكن هؤلاء أبناءكم الذين
يحملون راية التصوف يحملونها بيد ويعملون بالأخرى في شتى مجالات الطب والهندسة
المعمارية والميكانيكية والإلكترونية ومجالات الأدب والمحاماة والزراعة والفن وقد
قام بتسليم الجوائز والأنواط نيابة عن فضيلته الشيخ الحسين الشيخ محمد عثمان عبده
البرهاني ومن إدارة الجامعات الأستاذ الدكتور جمال يس أستاذ جراحة العظام بكليات
الطب بالجامعات السودانية والأستاذ الدكتور عبد الله محمد أحمد أستاذ ورئيس قسم
اللغة العربية بجامعة الخرطوم.
موكـب السيـارات
في إطار الإحتفال كان موكب السيارات التى ازدانت بأبهى الحلل وتراصت
أمام الساحة وبعد صلاة عصر الثلاثاء بدأ الموكب يجتاز شوارع العاصمة المثلثة في
انتظام تتقدمه عربات الشرطة العاصمية التى ساعدت على انسياب الموكب في هدوء وسلام.
وانسابت النغمات الحانية الرقيقة من الأصوات التي سهر على إعدادها
مولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه لتعيد إلى الأسماع روايات أهل المدينة في
أفراحهم ومناسباتهم واصطف الناس في الشوارع وفي شرفات المنازل ليمتعوا
نواظرهم بإخوتهم في الإسلام الذين أتوا من أوروبا وأمريكا وجنوب شرق آسيا
ليشاركوهم في الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة وليمتعوا أسماعهم بمديح الحبيب
المصطفى وأهل بيته الطاهرين.
الدوام لله..
يتقدم مولانا الشيخ محمد الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني
بأحر التعازي إلى أسر ومريدي المشايخ الذين لحقوا بركاب الصالحين في الحياة الباقية
بعد أن رحلوا من الفانية وعلى رأسهم فقيد السادة السمانية الشيخ عبد
الرحيم بن الشيخ محمد وقيع الله(البرعي) تغمدنا الله وإياه بمخصوص
رحمته، كما لحق بركب الصالحين فقيد البيت الإدريسي الحسيب النسيب السيد عبد
العال السيد الحسن الإدريسي أسكنه الله فسيح جناته وألهمنا وأهله الصبر والرضا
بالقضا، كما رحل عنا مؤخرا العالم الجليل فضيلة السيد مصطفى البكري شيخ الطريقة
الإسماعيلية وسليل سيدي إسماعيل الولي صاحب المقام المشهور بالأبيض غرب
السودان فاللهم لاتحرمنا أجرهم ولاتفتنا بعدهم اللهم آمين.
|