عبير التاريخ
ثلاثة رسائل من رسول الله
حدثنا سعيد بن عبد الجبار عن أبيه عبد الجبار بن وائل عن أمه أم يحيى
عن وائل بن حجر قال لما بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت وافدا عن
قومي حتى قدمت المدينة فلقيت اصحابه قبل لقائه فقالوا قد بشرنا بك رسول الله صلى
الله عليه وسلم من قبل أن تقدم علينا بثلاثة أيام فقال قد جاءكم وائل بن حجر ثم
لقيته عليه السلام فرحب بي وأدنا مجلسي وبسط لي رداءه فأجلسني عليه ثم دعا في
الناس فاجتمعوا إليه ثم صعد المنبر وأطلعني معه فأنا من دونه ثم حمد الله وقال يا
أيها الناس هذا وائل بن حجر أتاكم من بلاد بعيدة من بلاد حضرموت طائعا غير مكره
بقية أبناء الملوك بارك الله فيك يا وائل وفي ولدك وفي ولد ولدك ثم نزل وأنزلني
معه وأنزلني منزلا شاسعا من المدينة وأمر معاوية بن أبي سفيان أن ينزلني إياه
فخرجت وخرج معي حتى إذا كنا ببعض الطريق قال يا وائل أن الرمضاء قد أصابت باطن
قدمي فأردفني خلفك قلت ما أضن عنك بهذه الناقة ولكن لست من أرداف الملوك وأكره أن
أعير بك قال فألق إلي حذاءك أتوقى به من حر الشمس قال ما أضن عنك بهاتين الجلدتين
ولكن لست ممن يلبس لباس الملوك وأكره أن أعير بك فلما أردت الرجوع إلى قومي أمر لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتب ثلاثة منها كتاب لي خالص يفضلني فيه على قومي
وكتاب لي ولأهل بيتي بأموالنا هنالك وبكتاب لي ولقومي في كتابي الخالص بسم الله من
محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية أن وائلا يستسعى ويترفل في الأقبال حيث
كانوا من حضرموت وفي كتابي الذي لي ولأهل بيتي بسم الله الرحمن الرحيم من محمد
رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية لأبناء معشر وأبناء ضمعاج أقيال شنوءة بما كان
لهم فيها من ملك ومراهن وعمران وبحر وملح ومحجر وما كان من مال أترثوه وماء ينابيع
وما لهم فيها من مال بحضرموت أعلاها وأسفلها على الذمة والجوار الله لهم جار
والمؤمنون على ذلك أنصار وفي الكتاب الذي لي ولقومي بسم الله الرحمن الرحيم من
محمد رسول الله إلى وائل بن حجر والأقوال العياهلة من حضرموت بإقام الصلاة وإيتاء
الزكاة من الصرمة التبعة ولصاحبها الثيمة لا جلب ولا جنب ولا شغار ولا وراط في
الإسلام لكل عشرة من السرايا ما يحمل القراب من التمر من أجبا فقد أربى وكل مسكر
حرام. وعاش وائل حتى زمن الفتنة. وهيا بنا للحديث الذي دار بينه وبين معاوية لما
استتب له الأمروأصاب وائل بن حجر حيا فجاء به إليه فأمر معاوية أن يتلقى وأذن له
فأجلسه معه على سريره فقال له معاوية أسريري هذا أفضل أم ظهر ناقتك قلت يا أمير
المؤمنين كنت حديث عهد بجاهلية وكفر وكانت تلك سيرة الجاهلية وقد أتانا الله اليوم
بالإسلام فسيرة الإسلام ما فعلت قال فما منعك من نصرنا وقد اتخذك عثمان ثقة وصهرا
قلت إنك قاتلت رجلا هو أحق بعثمان منك قال فكيف يكون أحق بعثمان مني فأنا أقرب إلى
عثمان في النسب قلت أن النبي صلى الله عليه وسلم آخا بين علي وعثمان والأخ أولى من
بن العم ولست أقاتل المهاجرين قال أو لسنا مهاجرين قلت أوليس قد اعتزلناكما جميع.
وحجة أخرى حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رفع رأسه نحو المشرق وقد حضره جمع
كثير ثم رد إليه بصره فقال أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم فشد أمرها وعجله وقبحه
قلت له من بين القوم يا رسول الله وما الفتن قال يا وائل إذا اختلف سيفان في
الإسلام فاعتزلهما فقال أصبحت شيعيا فقلت لا ولكن أصبحت ناصحا للمسلمين فقال معاوية
لو سمعت ذا وعلمته ما أقدمتك قلت أوليس قد رأيت ما صنع محمد بن مسلمة عند مقتل
عثمان أومأ بسيفه إلى صخرة فضربه بها حتى انكسر قال أولئك قوم يحملون علينا قلت
فكيف نصنع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب الأنصار فبحبي ومن ابغضهم
فببغضي فقال اختر أي البلاد شئت فإنك لست براجع إلى حضرموت.
محمد صفوت جعفر
|