النور المبين
سيف
الرسول صلى الله عليه و سلم
لما حاج اليهود والنصارى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن سيدنا عيسى
عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام هو ابن الله نزلت عليه الآية الكريمة،
﴿قل إن
كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين﴾، فأثبتت هذه الآية أولية وجود نور النبي صلى
الله عليه وسلم وأنه عَبَدَ المولى تبارك وتعالى فى كل الحجب العشرة وهى مراتب
الذكر بكل العبادة التى لا تتأتى لغيره صلى الله عليه وسلم فكان أعرفَ الخلق بالله
وكان عليه الصلاة والسلام أخوَفَهم منه ووفّى كل مراتب العبودية فسماه الله تعالى (محمدا)
صلى الله عليه وسلم بمعنى خصاله كلها محمودة ولا يستحق هذا الاسم بحق وحقيق غيره
عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. وحديث سيدنا جابر الأنصارى رضي الله عنه يثبت
أسبقية نوره صلى الله عليه وسلم وذلك عندما سأله سيدنا جابر عن أول شئ خلقه الله
فقال (نور نبيك يا جابر) وتأكيدًا لذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم (أنا من نور
الله والمؤمنون من رشحات نورى) ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم عندما سئل: متى
نبئت يا رسول الله قال (كنت نبيا وآدم منجدل فى طينته) ومرة أخرى قال عليه الصلاة
والسلام ردا على سؤال سائل (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) ومرة ثالثة (كنت نبيا
ولا ماء ولا طين) وهذه الأحاديث وردت بروايات مختلفة عن الإمام أحمد فى مسنده
والترمذى فى صحيحه وأبو نعيم فى دلائل النبوة.. وقد قال ساداتنا الصالحون فى ذلك:
آدم من أجله يا لك مـــــن
ولد قبـل أبيــــــه كُوِّنَ
وفيما أورده الإمام فخر الدين رضى الله عنه:
يــــَا مَوْئِلَ الْحَقِّ وَالتَّحْقِيقِ يَا سَنَدُ
يــــــَا مَنْ لَهُ مَبْدَأٌ فَوْقَ النِّهَايَاتِ
يَا نُقْطَةَ الْبَدْءِ وَالتَّمْكِيــــنُ خَصَّتُهُ
يَا حِكْمَةَ الْفَصْلِ يَا مَجْلـــَى الْخَفِيَّاتِ
يـَا أَوَّلَ الْخَلْـقِ فـِى إِطْلَاقـِهِ أَلِفـًا
بـــــــِهِ التَّآلُفُ يَا قَابَ الهِدَايَاتِ
لإِنَّكَ الرَّمْزُ وَالإِعْجَازُ أَجْـمَعـُــهُ
لِمـــــَنْ تَوَهَّمَ فِى أَوْصَافِ أَنْعَاتِ
والدليل المصحفى الثالث على أسبقية نوره صلى الله عليه وسلم سورة
الإنسان فقد قال تبارك وتعالى:
﴿هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا
مذكورا � إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه
فجعلناه سميعا بصير﴾ قال بعض المفسرين أن الإنسان المقصود فى هذه السورة هو أبونا
آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ولكن السادة الصوفية رضوان الله عليهم
قالوا أن سيدنا آدم عليه السلام لم يكن مخلوقا من نطفة أمشاج، لذلك فإن المقصود فى
هذه الآيات هو الإنسان الكامل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو الأصل ودينه أصل
الديانات وكل الأنبياء والمرسلين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يُسْلِمون
على شريعته بدليل قوله تبارك وتعالى:
﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها
النبيون الذين أسلموا للذين هادوا﴾ فهم عليهم السلام مؤمنون بل هم أكثر إيمانا من
غيرهم ولذلك فالنبى صلى الله عليه وسلم أولى بهم من أنفسهم لقوله تعالى:
﴿النبى
أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ وهم عليهم السلام المكلفون بتعريف أممهم بالنبى صلى
الله عليه وسلم كما قال تعالى:
﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب
وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على
ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين﴾ فاتضح من هذا وذاك أن
أصل الهداية وأصل النور وكل مواثيق الدين عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو
الواسطة والممد لكل الأنبياء والمرسلين كما قال تعالى:
﴿ولقد كتبنا فى الزبور من
بعد الذكر﴾ وقال تعالي:
﴿إن أرسلناك شاهدا﴾ على أمم الأنبياء والرسل
﴿ومبشرا﴾،
للمؤمنين،
﴿ونذيرا﴾، للمكذبين،
﴿وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا﴾ وهو صلى الله
عليه وسلم وسيلة لكل الأنبياء فقد توسل به أبونا آدم، وقالوا فى ذلك:
والخلق تحت سما علاه كخردل
والأمر
يبرمه هناك لسانه
وتطيعه الأملاك فى جو السمـا �
واللوح
ينفذ ما قضاه بنانه
أثر قدم
الرسول صلى الله عليه و سلم
صندوق
فيه بعض آثار الرسول
وبشرى سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام فهى ظاهرة فى
قوله تعالى:
﴿ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد﴾، وحسبنا فى بيان بعض شمائله ما
قاله مولانا الشيخ الإمام فخر الدين رضي الله عنه حيث قال:
لا يعلم الثقلان عنه قدر مــا
جهلوا وضلوا فى جلى ضحاه
لا يبلغ الطلاب منه بدايـــة
أو تفقه الأملاك ما نجـــواه
ما من عبيد يرتجيه وآلـــه
إلا رجا يوم اللقا يلقـــــاه
هو صاحب الذكر الرحيم وإنه
سر التناجى ربه ربـــــاه
هو من ثنيات الكمال وإنــه
يأبى ثناءا والثنا يأبـــــاه
يخشى مجانبة الصواب ويتقى
عثرات خوض لو أميط غشاه
هو جابر وهو الجواد وإنـه
يسعى إليه الجود كى يرعـاه
هو أحمد فى قاب قوسين إنجلى
وله لواء الحمد ما أسمـــاه
كرم بلا كم ولا كيفيـــــة
كف كريم أرضه وسمـــاه
هو رحمة والأمهات به اقتدت
رب رحيم ربه سمــــاه
محمد سيد أحمد
الخبر الدال على وجود القطب
والأوتاد والنجباء والأبدال -
4
�حديث
معاذ بن جبل : قال أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب سنن الصوفية عن أحمد بن علي بن
الحسن عن جعفر بن عبد الوهاب السرخسي عن عبيد بن آدم عن أبيه عن أبي حمزة عن ميسرة
بن عبد ربه عن المغيرة بن قيس عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال الذين بهم
قوام الدنيا وأهلها الرضا بالقضاء والصبر عن محارم الله والغضب في ذات الله، أخرجه
الديلمي في مسند الفردوس.� حديث واثلة : قال
ابن عساكر قرئ علي أبي محمد بن الأكفاني وأنا أسمع عن عبد العزيز بن أحمد أنا عبد
الوهاب بن جعفر الميداني أنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة بن أبي الخطاب
الليثي الدمشقي عن أبو سهل سعيد به ابن الحسن الأصبهاني عن محمد بن أحمد بن إبراهيم
عن هشام بن خالد الأزرق عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن عبد الله بن عامر عن
واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستكون دمشق في آخر الزمان
أكثر المدن أبدالا وأكثرها مساجداً وأكثرها زهادا وأكثرها مالا ورجالا واقلها كفارا
وهي معقل لأهله.� حديث أبي سعيد الخدري :
قال البيهقي في شعب الإيمان أنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد عن ابن أبي
شيبة عن محمد بن عمران بن أبي ليل أنا سلمة بن رجاء كوفي عن صالح المزي عن الحسن عن
أبي سعيد الخدري أو غيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبدال أمتي لم
يدخلوا الجنة بالأعمال إنما دخولها برحمة الله وسخاوة الأنفس وسلامة الصدور ورحمة
لجميع المسلمين، قال البيهقي رواه عثمان الدارمي عن محمد بن عمران فقال عن أبي سعيد
لم يقل أو غيره وقيل عن صالح المزي عن ثابت عن أنس.� حديث أبي هريرة : قال ابن حبان في التاريخ عن
محمد بن المسيب عن عبد الرحمن بن مرزوق عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن
عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن تخلو الأرض من
ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم تمطرون.
قال الخلال كتب إلي أحمد بن هشام بالكوفة يذكر أن عبد الله ابن زيدان
حدثهم عن أحمد بن حازم عن الحكم بن سليمان الحبلى عن سيف بن عمر عن موسى بن أبي
عقيل البصري عن ثابت البناني عن أبي هريرة قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم
فقال لي يا أبا هريرة يدخل علي من هذا الباب الساعة رجل من أحد السبعة الذين يدفع
الله عن أهل الأرض بهم فإذا حبشي قد طلع من ذلك الباب أقرع أجدع على رأسه جرة من
ماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة هو هذا وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثلاث مرات مرحبا بيسار وكان يرش المسجد ويكنسه وكان غلاما للمغيرة بن
شعبة.� حديث أبي الدرداء : قال الحكيم
الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحيم ابن حبيب عن داود بن محبر عن ميسرة عن أبي
عبد الله الشامي عن مكحول عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال أن الأنبياء كانوا أوتاد
الأرض فلما انقطعت النبوة أبدل الله مكانهم قوما من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
يقال لهم الأبدال لم يفضلوا الناس بكثرة صوم ولا صلاة ولا تسبيح ولكن بحسن الخلق
وبصدق الورع وحسن النية وسلامة قلوبهم لجميع المسلمين والنصيحة لله.� حديث أم سلمة : قال أبو داود في سننه عن محمد بن
المثنى عن معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له عن أم
سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون اختلاف
عند موت خليفة فيخرج رجل من المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه
وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء
بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتوا أبدال أهل الشام وعصائب أهل العراق
فيبايعونه - الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في المصنف وأبو يعلى
والحاكم والبيهيقي وله طرق سمي في بعضها المبهم مجاهدا وفي بعضها عبد الله بن
الحارث.� مرسل الحسن� قال ابن أبي الدنيا في كتاب السخاء عن إسماعيل
بن إبراهيم بن بسام عن صالح المزي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاتهم ولا صيامهم ولكن دخلوها بسلامة الصدور
وسخاوة أنفسهم، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي عبد الله الحافظ عن أبي حامد
أحمد بن محمد بن الحسين عن داود بن الحسين عن يحيى بن يحيى عن صالح المزي به،��������� وللحديث بقية
من تراث السيوطي
|