حول
الإنفاق فـي
سبيل الله
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله
﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ 301 التوبة قال صلى الله عليه وسلم كل يوم
تطلع فيه الشمس ينادى ملكا اللهم اعطى منفقا خلفا اللهم اعطى ممسكا تلفا، وقال صلى
الله عليه وسلم إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما فى العمر ويدفع بهما ميتة
السوء ويدفع بهما المكروه والمحذور.
�قيل
أن الصدقة من
أربعة أحرف: فالصاد:
صون لصاحبها
من مكاره
الدنيا
والآخرة،
والدال: دليل
على طريق
الجنة عند
تحير الخلق،
والقاف: قربة
تقرب صاحبها
إلى الله
تعالى،
والهاء: هداية
يهدى الله
صاحبها إلى
رضوان الله
الأكبر، وقد
ورد فى الأثر
عن عكرمة رضى
الله عنه قال:
كان فى بنى إسرائيل رجل غنى ينفق ماله فى الله
وكان له زوجة وولدا، ولما توفى هذا الرجل تصدقت الزوجة بماله كله ولم تبقى إلا
مائتى درهم لولدها، فلما شب الغلام وعرف أن أباه كان من خيار بنى إسرائيل، سأل أمه
عن مال أبيه؟ فقالت له: يا ولدى كان أباك منفقا ولما مات تصدقت بماله كله وأبقيت لك
مائتى درهم، فأخذها الغلام ومضى لينفقها فى سبيل الله، فمر بميت عريان طريح الأرض،
فاشترى له كفنا بمائة وثمانون درهما وكفنه وواراه التراب وبقى معه عشرون درهما، وهو
بالطريق قابله رجل وسأله أين أنت ذاهب يا غلام؟ فقال الغلام: ابتغى وجه الله، فقال
له الرجل: هل أدلك على شئ تصيب به وجه الله وتجعل لى فيه النصف؟ فقال الغلام نعم،
فقال له الرجل انطلق إلى هذه المدينة ستجد فيها امرأة ومعها سنور تبيعه فاشتريه
منها ثم اذبحه ثم احرقه بالنار ثم اجمع رماده وادخل به المدينة الأخرى، فإن فيها
ملكا قد ذهب بصره، فكحله بهذا الرماد يرجع إليه بصره، وبالفعل دخل الغلام المدينة
ووجد المرأة كما أخبره الرجل ونفذ كلامه حتى وصل إلى الملك الضرير، فأمر الملك
بالغلام أن يذهبوا به إلى وادى الكحالين، فلما ذهب وجد جميع الكحالين قد قتلوا
لأنهم لم يستطيعوا أن يرجعوا بصر الملك، ولم يخاف الغلام بل أصر على أن يكحل الملك،
فلما كحله الأولى قال الملك كأنى أرى شيئا، فلما كحله الثانية قال رأيت شيئا، فلما
كحله الثالثة أبصر تماما، فقال الملك إنى أزوجك ابنتى وأعطاه مالا وفيرا، ومكث
الغلام فترة ثم أخذ زوجته وماله لزيارة أمه، فقابله الرجل الذى دله على هذه المدينة
وقال له أما تعرفنى؟ فقال الغلام: لا، فقال الرجل: أنا كذا وكذا وأخبره بقصته،
فقاسمه الغلام كل شئ معه، ثم قال الرجل: بقى شئ، فقال الغلام وماهو؟ فقال الرجل:
زوجتك، فقال الغلام وكيف نصنع؟ فقال الرجل: ننشرها، فأتى الغلام بمنشار ووضعه على
رأس زوجته، فصاح فيه الرجل قائلا: قف فإنى رسول الله إليك حيث حفظت عهد أباك.
والإنفاق
يرفع البلاء
كما أخبرنا
الحبيب صلوات
ربى وسلامه
عليه حيث قال (بكروا
بالصدقة فإن
البلاء لا
يتخطى الصدقة).
ومن سورة
البقرة
195 يقول
الحق تبارك
وتعالى
﴿وأنفقوا
في سبيل الله
ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة
وأحسنوا إن
الله يحب
المحسنين﴾ فقد
روى البخاري
عن حذيفة: وأنفقوا
في سبيل الله
ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة
قال: نزلت في
النفقة. وروى
يزيد بن أبي
حبيب عن أسلم
أبي عمران قال:
غزونا
القسطنطينية،
وعلى الجماعة
عبدالرحمن بن
الوليد،
والروم
ملصقوا
ظهورهم بحائط
المدينة، فحمل
رجل على
العدو، فقال
الناس: مه مه! لا
إله إلا الله،
يلقي بيديه
إلى التهلكة! فقال
أبو أيوب: سبحان
الله! أنزلت
هذه الآية
فينا معاشر
الأنصار لما
نصر الله نبيه
وأظهر دينه،
قلنا: هلم
نقيم في
أموالنا
ونصلحها،
فأنزل الله عز
وجل: وأنفقوا
في سبيل الله
الآية. والإلقاء
باليد إلى
التهلكة أن
نقيم في
أموالنا
ونصلحها وندع
الجهاد. فلم
يزل أبو أيوب
مجاهدا في
سبيل الله حتى
دفن
بالقسطنطينية،
فقبره هناك. فأخبرنا
أبو أيوب أن
الإلقاء
باليد إلى
التهلكة هو
ترك الجهاد في
سبيل الله،
وأن الآية نزلت
في ذلك. وروي مثله عن حذيفة والحسن وقتادة ومجاهد
والضحاك.
محمد
سيد
ولي نظم
در
الحمد لله الشافي المعافي من علل القلوب
والأبدان خالق الأدواء لكل داء ومنزل من القرآن مافيه للمؤمنين الرحمة والشفاء
ومخرج من بطن النحلة مختلف ألوان الدواء للناس أكيد الرحمة الرحماء والصلاة والسلام
على حبيبه من للقلوب الطب والدواء وللأبدان العافية والشفاء وللأبصار والضياء وعلى
آله السادة الحكماء قادة العلماء ومنارة الأصفياء وخيار الأطباء.
كم في
كتاب اللـه
من يعسوبـة�������
فـوق
المعاني تملك
الأحكــام
هنا نقف
عند تشبيه
الآيات
المحكمات
باليعاسب ثم
تُدَثرُ
الآيات وتظهر
اليعاسب وهذه
بلاغة قد تكون
مسبوقة
بمثيلاتها من
الكنايات
التصريحية
والمكنية
ولكن (فوق
المعاني) فالمعروف
أن المعاني هي
بطون الكلمات
والأحكام هي
المقصود من
المعنى بحيث
لايقبل التأويل
أو التبديل
إلامن حكيم
فالأحكام هنا
من الحِكمة
وليست من
الحُكم،
والكلمات إذا
صدرت من حكيم
فإن لها ظهر
وبطن ومطلع
وحد فأين
الفوقية
والتحتية التي
أتى بها الشيخ
رضي الله عنه،
فالفوقية للظهور
والتحتية
للبطون حيث أن
الأحكام
الشرعية قد
ظهرت على جدر
الآيات لتسير
بها الحياة وتحل
بها المشكلات
المعضلات
وأبطنت
المعاني لتكون
شرابا يملأ
الأواني
فيدور بها
الساقي على
قلوب المساقي
فلا صدى
ولاسغب
ولالغوب لمن لغب
فالحكم قد
غلب،فالأحكام
أنوار
والمعاني
أسرار
والآيات
كلمات معجزات
بالمعاني تكون
السقايات
وبالأواني
تكون الكاسات
والطاسات، فلولا
فوقية
المعاني لصار
القصي داني
وماكان
إحكام
المثاني
وماكان فرق
بين مظلوم
وجاني ولولا
تحتية
المعاني
ماوجد راغب
التوحيد البغية
والأماني
فعالم
التوحيد
بغيته
المعاني والتوحيد
ليس تعديد
ولكن تحديد
فالإثنين واحد
فالحكم مبنى
والسر معنى،
واليعسوبة
تطوف على
الورود التي
سميت بذلك
لأنها الورد
المورود وذلك
على التحقيق
فتمتص الرحيق
فيكون بطن
المعاني
وتزور الزهور
فتأخذ
الظهورفتكون
المباني أيها
الثقلان هلا
تشهدان؟
شيخ
أبوه
الإنكار
على الأولياء
قد أنكر الكثير على أكابر الأولياء ورموهم
بالأكاذيب والكفر والإلحاد وهؤلاء الأكابر أعلى وأرقى بكثير من أن تتلفظ ألسنة
هؤلاء بأسمائهم وليس الإنكار على أفعالهم وأقوالهم وسنقوم بسرد بعض أقوال أكابر
الأولياء التى أنكرها بعضهم بل سيقوم بالرد عليهم أكابر العلماء من كتاب (الأجوبة
المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية) لسيدى عبد الوهاب الشعرانى رضى الله عنه: فيقول
بعض المنكرين أن الشيخ محيى الدين بن العربى يفضل مقام الولاية على مقام النبوة
كذبا عليه وإفتراء، وقد قال المخزومى ردا على هذا المنكر لم أدر من أين أخذ المنكر
ذلك من كلام الشيخ إلا أن يكون ذلك على عادة فهمه المعكوس وهاهى كتب الشيخ كلها بين
أظهر الناس ليس فيها رائحة مما قاله هذا المنكر، وقد قال الشيخ فى شرحه لـ (ترجمان
الأشواق) اعلم أن مقام النبى صلى الله عليه وسلم ممنوع دخولنا له وغاية معرفتنا به
النظر إليه كما ينظر من فى الجنة إلى أهل عليين أو كما ينظر أهل الأرض إلى كواكب
السماء، وبلغنا عن الشيخ أبى يزيد البسطامى رضي الله عنه أنه قال فتح لى مقام
النبوة قدر خرم إبرة تجليا لا دخولا فكدت أحترق، وذكر فى الباب السابع والستين
وثلاثمائة من (الفتوحات المكية) مانصه: أعطيت من مقام العبودية التى خص بها الرسول
صلى الله عليه وسلم مقدار الشعرة الواحدة من جلد الثور فما استطعت القيام به وطلبت
الإقالة، لذلك قال شيخ الإسلام الشيخ مجد الدين الفيروز أبادى: لاينبغى لأهل الفكر
السقيم النظر والاعتراض على أهل العطايا والمنح.
ومما أنكروه أيضا على سيدى إبراهيم الخواص رضي
الله عنه أنه فى بدايته كان لايقيم فى بلدة إلا أيام قلائل ثم يرحل منها خوف الشهرة
وأنه فى ذات مرة أقام فى بلدة فاشتهر فيها بالصلاح، فأراد أن يزيل تلك الشهرة لما
رأى لها من ضرر على قلبه فقام بدخول إحدى الحمامات وغافل الحارس ولبس ثياب الأمير
ولبس المرقعة خاصته فوقها وخرج يمشى ببطء حتى لحقوه وقاموا بضربه ونسبوه إلى
اللصوصية، فقال بعض المنكرين إن هذا الفعل لايجوز شرعا لما فى ذلك من تعريض نفسه
للتهمة ووقوع الناس فى عرضه وهو بذلك قد فعل أمرا يحرمه الشرع.
والجواب:
أنه لاينبغى
الإنكار على
مثل ماذكر فإن
قواعد الفقه
تصرح بأن يجوز
تعاطى أخف
المفسدتين كاستعمال
النجاسة فى
المداواة عند
فقد مايقوم
مقامها من
الطهارات،
واعلم أن
للفقير أن يداوى
قلبه ببعض
المحرمات
ليدفع عنه
محرما آخر هو
أشد منه:
وإذا
جاز أن تداوى
الأجسام من
الأسقام
بشئ من
المحرمات
فأحرى أن يجوز
مداواة
القلوب التى
هى محل نظر
الله عز وجل
من العبد بشئ
محظور لأن مرض
الأجسام رحمة
وحسنات وإنما
مرض القلوب
نقمة وهلكات
وأين هلاك
الأبدان من
هلاك
الأديان؟!
وقد بان لك ياأخى من هنا أن مداواة القلوب من
مرض محبة الشهرة والرئاسة أولى وأحرى.
ومما أنكروه ما وقع لأحمد بن أبى الحوارى حين
أمره شيخه بأن يدخل فى التنور وذلك لأنه كلم شيخه وهو مشغول القلب، فذهب ودخل فيه
وقد كان سيدى أحمد الحوارى قد عاهد شيخه من قبل أن لا يخالفه فى شئ ومكث فى التنور
ساعة ثم تذكره شيخه فقال: اذهبوا فأخرجوا أحمد، فأخرجوه ولم يحترق منه شئ فقال
المنكر: هذا فعل لايجوز شرعا وليس لأحد الامتثال لمثل هذا القول، والجواب: وهنا
لاينبغى المبادرة إلى الإنكار لأن سيدى أحمد إنما دخل بعد علمه وقوة يقينه وظنه فى
الله تعالى أنه لايحرقه بالنار إذا امتثل لأمر شيخه وأنه أيضا كان ساعيا فى
الوفاء بعهده والوفاء بالعهد محمود فى الشرع، وقد قال الله تعالى
﴿قلنا يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم﴾ الأنبياء،69 ولعل سيدى أحمد بن أبى الحوارى
كان إبراهيمى المقام والله أعلم.
�ومما أنكروه أيضا على أبى الغيث بن جميل اليمنى
رضي الله عنه قوله لعلماء زمانه لما دخلوا عليه لزيارته مرحبا بعبيد عبدى فأنكر
العلماء ذلك عليه وأخبروا بذلك الشيخ العارف بالله تعالى إسماعيل الحضرمى، فضحك
وقال: صدق الشيخ أنتم عبيد الهوى والهوى عبده.
ولذلك اعلم حماك الله يا أخى إياك
والهجوم على كلام الأكابر وأنت لم تدخل دائراتهم فمن امتلاء قلبه
إيمانا بأحوال الفقراء وبالعلم بسيرتهم وسلم لهم أحوالهم هداه الله إلى الأجوبة
الحسنة عنهم ومن كان بالضد عمى عن طريق الصواب والفلاح.� (قاله اليافعى رحمه الله).
سعيد
أمين
|