مرحلة الارتباط بالأيوبيين (564 - 652هـ)

بالحقائق ناطقين

بداية وقت التأريخ الإسلامى

على مرافئ أهل البيت 

 

تاريخ المدينة المنورة
مرحلة الارتباط بالأيوبيين (
564 - 652هـ)

عاشت المدينة المنورة مدة طويلة من العهد الأيوبي في طمأنينة وسعة فقد اهتم بها الأيوبيون منذ أن كانوا يحاربون لإقامة دولتهم أو توسيعه. وكان أول من اهتم بها نور الدين زنكي الذي عني بطرق الحج ووزع أموالاً جزيلة على القبائل المقيمة قربه كي تؤمن المسافرين والقوافل وأرسل أموالاً وافرة إلى المدينة لإصلاح موارد المياه والطرق الداخلية وعندما زار المدينة سنة 755هـ ناشده بعض أهلها أن يبني سوراً جديداً يستوعب الامتداد العمراني الذي ظهر خارج السور القديم فاستجاب لهم وأرسل الأموال اللازمة وبنى سوراً جديداً كبيراً حفظ أهل المدينة من الغارات، وينسب إليه أيضاً أنه أمر بإقامة جدار من الرصاص حول القبور الشريفة في المسجد النبوي بعد أن اكتشف محاولة بعض النصارى المتسترين حفر نفق إليها لسرقة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بإيعاز من بعض ملوك الصليبيين. وقد أحسن أمراء المدينة وهم من آل المهنا ولاسيما القاسم بن مهنا إقامة الروابط مع الأيوبيين ومع الخلافة العباسية، وكان مقرباً إلى صلاح الدين الأيوبي الذي عني بالحرمين الشريفين وأرسل الأموال الجزيلة إلى أميرها مقابل إسقاط الضرائب عن الحجاج كما أرسل الأموال إلى القبائل لحماية القوافل والحجاج رغم انشغاله بالحروب الصليبية وحاجته الماسة إلى المال لإنفاقه عليه. ومن مآثر صلاح الدين الأيوبي في المدينة أنه خصص الخدم للمسجد النبوي وجعل لهم أوقافاً في مصر لدفع رواتبهم، وكان هذا بداية لنظام الأغوات والذي استمر بعد ذلك إلى عصرنا الحاضر.

المدينة والصليبيون

في ذروة الحروب الصليبية، وخلال عهد صلاح الدين الأيوبي قام أحد ملوك الصليبين (أرناط) بمحاولة لغزو المدينة، وكان أرناط شديد العداوة للمسلمين، وأغار على قوافل الحجاج ونهبها وفتك بالمسلمين، ثم عقد صلحاً مع الأيوبيين وتعهد بعدم الاعتداء على الحجاج، ولكنه أضمر الغدر فجهز حملة صليبية أنزلها في البحر الأحمر، فهاجمت إيلة وينبع وقتلت وأسرت ونهبت وأحرقت، ثم نزلت في ينبع وانتهت إلى الجبال، وعلم صلاح الدين بالأمر فأوعز إلى نائبه في مصر بتجهيز حملة لمطاردتهم في البحر والبر وقاد حسام الدين لؤلؤ الحملة، ولحق بالغزاة في الحجاز فهربوا إلى المرتفعات، فتبعهم وأدركهم على مسافة ليلة واحدة من المدينة وقتل بعضهم وأسر الباقين. فوزعهم صلاح الدين على الأمصار لتضرب أعناقهم فيها وما لبث أن تمكن من أسر أرناط في موقعة حطين وقتله بيده، وسلم الله المدينة من غزوة صليبية حاقدة.ظلت المدينة المنورة مرتبطة بالأيوبيين إلى نهاية عهدهم ولم يتدخل الأيوبيون في شؤون المدينة الداخلية، وتركوا لأمرائها إدارة شؤونهم المحلية، وكانوا يرسلون إليهم الأموال والهدايا، وبعد وفاة صلاح الدين ارتبطت بأولاده الذين حكموا مصر غالباً، ولكنها تأثرت بالصراع الذي قام بين الأمراء المحليين في مكة والمدينة، والصراع الذي قام بين الأيوبيين والرسوليين في اليمن، ولم يكن للمدينة قوة خارجية تعزز جنودها القليلين، لذلك تعرضت لهجوم بعض القبائل أثناء غياب أميرها سالم بن قاسم بن مهنا أواخر القرن السادس لبعض الوقت، كما طمع فيها أمير مكة قتادة بن إدريس وهاجمها فقاومه أهلها بقيادة أميرهم سالم، ومالبثوا أن ردوا عليه عدوانه فحاصروه في مكة ثم تركوه، وحاول قتادة القبض على أمير المدينة في موسم الحج فاستعدى عليه الملك العادل بن صلاح الدين الأيوبي ملك دمشق فأرسل حملة ضربت قواده في وادي الصفراء، وتوفي أمير المدينة قبل المعركة وخلفه ابن أخيه القاسم بن جماز فاهتم بتعزيز القوة العسكرية للمدينة، وأسس جيشاً صغيراً قوياً وعاقب بعض القبائل التي هددت المدينة والطريق إليها، كما هدد قتادة ومنعه من أن يهاجم المدينة ثانية، ومرت بالمدينة سنوات من الطمأنينة والأمن ونشطت الحركة العلمية في المسجد النبوي والحركة الاقتصادية، ولكن أمير المدينة تورط في الصراع القائم في مكة بين أميرها الذي عينه الأيوبيون وأحد أبناء قتادة وقاد جيشاً لنصرة قتادة فخسر المعركة وخسر حياته. وتولى بعده إمارة المدينة شيحة بن هاشم الذي أعاد العلاقة الطيبة مع الأيوبين وساعدهم بقوة من أهل المدينة ضد خصومهم أتباع الدولة الرسولية في اليمن الذين استولوا على مكة وعاشت المدينة في عهده فترة هدوء وطمأنينة في غالب الأوقات ولكن الطريق إليها لم يسلم من بعض تهديدات الأعراب الذين قتلوا أمير المدينة شيحة وهو في طريقه إلى بغداد.وظلت المدينة موالية للأيوبيين في مصر حتى انتقلت منهم إلى المماليك فنقلوا ولاءهم إليهم.

بالحقائق ناطقين

النصف من شعبان

مع عبير النصف من شعبان شهر الحبيب المصطفى حيث يمحو الله سبحانه وتعالى ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ينعقد الأمل ويتجدد الرجاء في بدأ صفحة جديدة من العبد مع ربه فيمحو الله شقوته ويثبت سعادته فاللوح المحفوظ محفوظ من التعديل والتبديل حيث جفت الأقلام وطويت الصحف، ولكن السعادة والشقاء قد أبرم لها في ألواح المحو والإثبات حيث يكون الفرج في شهر الفرج من نبي الفرج لكل مذنب ومع النصف من شعبان يكون الندم على ما فات والفرح بما هو آت قال تعالى:﴿وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وقال أنس بن مالك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له وإذا أحب الله عبداً لم يضره ذنب ثم تلى﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وقيل: يا رسول الله ما علامة التوبة؟ قال: الندم.

قال سيدى الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى: أن التوبة هى الرجوع عن الذنب، والذنب ينقسم إلى ثلاثة مراتب:إما بدنى يتعلق بالجوارح فى مرتبة الإسلام هو أن يسرق، يزنى، أو أن لا يصلى ولا يصوم.. والتوبة منه العودة إلى تنفيذ الأوامر واجتناب النواهى.

أما مرتبة الإيمان فالتوبة فيها قلبية يستزيد فيها المؤمن بعمل النوافل لا الفرائض، فإذا غفل عن الذكر كان ذنباً، وتكون التوبة منه العودة إلى الذكر وباقى النوافل وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: (لو لم تذنبوا وتتوبوا لأذهبكم الله وأتى بأناس يذنبون فيتوبون فيتوب عليهم).

وبعد ذلك تكون مرتبة الإحسان وفيها يكون الله فى سمع العبد وبصره، ويكون العبد دائما فى مشاهدة مع الحـق لا يحق له أن يغفل عنه بالاشتغال مع الخلق فإن غفل عن المشاهدة كان ذنباً عليه التوبة منه بالرجوع إلى المشاهدة..!!

هاديه الشلالي

بداية وقت التأريخ الإسلامى

قيل لَما قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر بعمل التاريخ والصحيح المشهور أن سيدنا عمر بن الخطاب أمر بوضع التاريخ، وسبب ذلك أن الصحابى الجليل أبا موسى الأشعرى كتب إلى الإمام عمر بن الخطاب: أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ.. فجمع سيدنا عمر الناس للمشورة فقال بعضهم: أرّخ بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهمِ: بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سيدنا عمر: بل نؤرخ بمهاجرة رسول الله فإنّ مهاجرته فرْقت بين الحق والباطل، قاله الشعبى، وقال ميمون بن مهران: رُفِعَ إلى سيدنا عمر صَك مَحَلُّه شعبان فقال: أى شعبان؟ أشعبان هو آت أم شعبان الذى نحن فيه؟ ثم قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعوا للناس شيئاً يعرفونه، فقال بعضهم: اكتبوا على تاريخ الروم فإنهم يؤرخون من عهد ذى القرنين، فقيل: هذا يطول، ثم قيل: اكتبوا على تاريخ الفرس، فقيل: إن الفرس كلما أقام ملك طرح تاريخ من كان قبله، فاجتمع رأيُهُم على أنْ ينظروا: كم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة؟ فوجدوه عشر سنين، فكتبوا التاريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال محمد بن سيرين: قام رجل إلى سيدنا عمر فقال: أرخوا، فقال عمر: ما أرخوا؟ فقال شئٌ تفعله الأعاجم فى شهر كذا من سنة كذا، فقال سيدنا عمر: حَسَن، فأرخوا، فاتفقوا على الهجرة ثم قالوا: من أى الشهور؟ فقالوا: من رمضان، ثم قالوا: المحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام، فأجمعوا عليه، وقال سعيد بن المسيب: جمع سيدنا عمر الناس فقال: من أى يوم نكتب التاريخ؟ فقال الإمام على كرم الله وجهه: مِنْ مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفراقه أرض الشرك، ففعله عمر وقال عمرو بن دينار: أول من أرخ يعلى بن أمية وهو باليمن.

من التراث

لولا هواهم في القلوب وفي الحشا         ما ذاق قلب لذة الإيمـــــان

على مرافئ أهل البيت 

من المعلوم أن المودة لا تكون إلا على أثر المحبة ولا دين لمن لا محبة له، ومحبة أهل بيت النبوة نابعة من محبتهومحبتهنابعة من محبة الله تعالى. وما رواه الترمذى والحاكم وصححه على شرط الشيخين عن الحبيب المصطفىأنه قال: أحبوا الله لما يغذوكم به، وأحبونى بحب الله، وأحبوا أهل بيتى بحبى. وقد صح أن سيدنا العباس شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تفعل قريش من تعبيسهم فى وجوههم وقطعهم حديثهم عند لقائهم، فغضبغضبا شديدا حتى احمر وجهه ودر عرق بين عينيه وقال: والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله.

وفى رواية صحيحة أيضا: ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتى قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لقرابتهم منى. وفى رواية أخرى: والذى نفسى بيده لا يدخلون الجنة حتى يؤمنوا ولا يؤمنوا حتى يحبوكم لله ولرسوله أيرجون شفاعتى ولا ترجونها بنو عبد المطلب. ويخطئ البعض من الناس فى حق أهل البيت سواء عن عمد أو جهل ويمتهن المنكرون حقهم ويدعى المدعون بالإفك بأن التقرب بحبهم باطل ولله در الثعلبى حينما قال: كفى قبحا بقول من يقول إن التقرب إلى الله بطاعته ومودة نبيه وأهل بيته منسوخ. وقد أخرج الزمخشرى فى الكشاف عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من مات على حب آل محمد مات شهيدا، ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره ملائكة الرحمة، ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس اليوم من رحمة الله، ومن مات على بغض آل محمد لم يرح رائحة الجنة، ومن مات على بغض آل بيتى فلا نصيب له فى شفاعتى. وقال أيضا: إن لله عز وجل ثلاث حرمات فمن حفظهن حفظ الله تعالى دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له دنياه ولا آخرته، قلت: وما هن قال: حرمة الإسلام وحرمتى وحرمة رحمى. وقال:أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتى ولأصحابى. الطبرانى فى المعجم الكبير وابن حبان فى صحيحه. كما قال:الحسن والحسين ابناى من أحبهما أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله نار جهنم وله عذاب عظيم. ابن عساكر والحاكم فى المستدرك. وقال:خلق الناس من أشجار شتى وخلقت أنا وعلى بن أبى طالب من شجرة واحدة، أنا أصلها وفاطمة غصنها وعلى لقاحها والحسن والحسين فروعها وشيعتنا أوراقها، من تعلق بغصن من أغصانها ساقه إلى الجنة ومن تخلف عنها هوى إلى النار. الطبرانى فى الأوسط.

وقال:إن لكل بنى أب عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم وهم عترتى خلقوا من طينتى ويل للمكذبين بفضلهم، من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله تعالى. الحاكم فى المستدرك وابن عساكر. ويدعى المدعون أن الأنساب لا تنفع على الإطلاق ويحتجون بقوله تعالى ﴿فإذا نفخ فى الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون مع أن هذه الآية نزلت فى الكفار، كما ورد فى تفسير ابن كثير ما قوله لرسول الله:فاطمة بضعة منى يغيظنى ما يغيظها وينشطنى ما ينشطها وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة إلا نسبى وسببى وصهرى.ولقد تزوج سيدنا عمر بن الخطاب بأم كلثوم بنت الإمام على كرم الله وجهه وقال: أما والله ما بى إلا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى.

وعن ابن عمر مرفوع سألت ربى عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتى ولا يتزوج إلى أحد منهم إلا كان معى فى الجنة فأعطانى ذلك.

إبراهيم حسن محمود