|
من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -
35 |
ي- (ومنهم
رضي الله عنهم:
ثلاثة أنفس
إلهيون
رحمانيون في
كل زمان)
لا
يزيدون ولا
ينقصون،
يُشبهونَ
الأبدال في بعض
الأحوال
وليسوا
بأبدال آيتهم
من كتاب الله
﴿وما
كان صلاتهم
عند البيت إلا
مكاء وتصدية﴾ لهم
اعتقاد عجيب
في كلام الله
بين
الاعتقاديين.
هم أهل وحي إلهي لا يسمعونه أبداً إلا كسلسلة على صفوان، لا غير ذلك، ومثل صلصلة
الجرس هذا مقام هؤلاء القوم.
ك- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجل واحد وقد
تكون امرأة في
كل زمان)
آيته
﴿وهو
القاهر فوق
عباده﴾ له
الاستطالة
على كل شيء
سوى الله شهم
شجاع مقدام
كثير الدعوى
بحق يقول حقاً
ويحكم عدل. قال سيدي محيي الدين
كان صاحب هذا المقام شيخنا عبدالقادر الجيلي ببغداد كانت له الصولة والاستطالة بحق
على الخق كان كبير الشأن أخباره مشهورة لم ألقه ولكن لقيت صاحب زماننا في هذا
المقام، ولكن كان عبدالقادر أتم في أمور أخر من هذا الشخص الذي لقيته، وقد درج
الآخر ولا علم لي بمن وليَّ بعده هذا المقام إلى الآن.
ل- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجل واحد مركب
ممتزج في كل
زمان)
لا يوجد غيره في مقامه وهو يشبه عيسى عليه
السلام متولد بين الروح والبشر ولا يعلم له أب بشري كما يحكى عن بلقيس أنها تولدت
بين الجن والإنس فهو مركب من جنسين مختلفين، وهو رجل البرزخ به يحفظ الله تعالى
عالم البرزخ دائماً فلا يخلوا كل زمان عن واحد مثل هذا الرجل يكون مولده على هذه
الصفة فهو مخلوق من ماء أمه خلافاً لما ذكره أهل علم الطبائع أنه لا يتكون من ماء
المرأة ولد، بل الله على كل شيء قدير.
م- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجل واحد وقد
يكون امرأة)
له دقائق ممتدة إلى جميع العالم وهو شخص غريب
المقام لا يوجد منهم في كل زمان إلا واحد يلتبس على بعض أهل الطريق ممن يعرفه بحالة
القطب، فيتخيل أنه القطب وليس بالقطب.
ن- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجل يسمى بمقامه
سقيط الرفرف
ابن ساقط
العرش)
قال سيدي محيي الدين:لقيته بقونية آيته من
كتاب الله
﴿والنجم إذا هوى﴾ حاله لا يتعداه، شغله بنفسه وبربه، كبير
الشأن عظيم الحال، رؤيته مؤثرة في حال من يراه، فيه انكسار، هكذا شاهدته صاحب
انكسار وذل، أعجبتني صفته، له لسان في المعارف، شديد الحياء.
س- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجلان يقال
لهما رجال
الغنى بالله)
في كل زمان من عالم الأنفاس أي الأولياء أصحاب
المراتب كما تقدم، آيتهما من كتاب الله
﴿والله غني عن العالمين﴾ يحفظ الله بهما هذا المقام، للواحد منهما
إمداد عالم الشهادة فكل غني في عالم الشهادة فمن هذا الرجل، وللآخر منهما إمداد
عالم المكلوت فكل غنى بالله في عالم المكلوت فمن هذا الرجل، والذي يستمدان منه
(هذان الرجلان) روح علوي متحقق بالحق غِناهُ الله ما هو غناه بالله، فإن أضفته
إليهما فرجال الغني ثلاثة وإن نظرت إلى بشريتهما، فرجال الغنى اثنان، وقد يكون منهم
النساء فغني بالنفس وغني بالله وغني غناه الله، قال سيدي محيي الدين: ولنا جزء لطيف
في معرفة هؤلاء الرجال الثلاثة رضي الله عنهم.
ع- (ومنهم
رضي الله عنهم:
شخص واحد
يتكرر بقلبه
في كل نفس)
لا ترى
في الرجال
أعجب منه
حالاً، وليس
في أهل المعرفة
بالله أكبر
معرفة من صاحب
هذا المقام،
يخشى الله
ويتقيه،
تحققت به
ورأيته وأفادني.
آيته من كتاب الله
﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ وقوله تعالى
﴿ثم رددنا لكم الكرة عليهم﴾ لا يزال ترعد فرائصه من خشية الله هكذا
شاهدناه.
ف- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجال عين
التحكيم
والزوائد وهم
عشرة أنفس في
كل زمان)
لا
يزيدون ولا
ينقصون
مقامهم إظهار
غاية الخصوصية
بلسان
الانبساط في
الدعاء،
وحالهم زيادة
الإيمان
بالغيب
واليقين في
تحصيل ذلك الغيب،
فلا يكون لهم
غيب. إذ كل غيب لهم شهادة، وكل حال لهم عبادة، فلا يصير لهم غيب
شهادة، إلا ويزيدون إيماناً بغيب آخر ويقيناً في تحصيله، آيتهم من كتاب الله تعالى
﴿وقل رب زدني علماً﴾
﴿وليزدادوا إيماناً مع إيمانهم﴾
﴿فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون﴾ بالزيادة وقوله تعالى:
﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة
الداع إذا دعان﴾.
ص- (ومنهم
رضي الله عنهم:
اثنا عشر
نفساً يقال
لهم البدلاء
وما هم الأبدال)
وهم في
كل زمان لا
يزيدون ولا
ينقصون. مقامهم إظهار غاية الخصوصية بلسان
الانبساط في الدعاء، وحالهم زيادة الإيمان بالغيب واليقين، وسموا بدلاء لأن الواحد
منهم لو لم يوجد الباقون، ناب منابهم وقام بما يقوم به جميعهم.
ق- (ومنهم
رضي الله عنهم:
رجال
الاشتياق وهم
خمسة أنفس وهم
من ملوك أهل طريق
الله)
بهم
يحفظ الله
وجود العالم،
آيتهم من كتاب
الله تعالى
﴿حافظوا
على الصلوات
والصلاة
الوسطى﴾ لا
يفترون عن
صلاة في ليل
ولا نهار. قال سيدي محيي الدين رضي الله
عنهم وكان صالح البربري منهم لقيته وصحبته إلى أن مات وانتفعت به، وكذلك أبوعبدالله
المهدوي بمدينة فاس صحبته كان من هؤلاء أيضا.
ر- (ومنهم
رضي الله عنهم:
ستة أنفس في
كل زمان)
لا
يزيدون ولا
ينقصون، كان
منهم ابن
هارون الرشيد
أحمد السبتي. قال
سيدي محيي الدين رضي الله عنه: لقيته بالطواف يوم الجمعة يوم الصلاة سنة
599 وهو
يطوف بالكعبة، وسألته وأجابني ونحن بالطواف، وكأن روحه تجسد لي في الطواف حساً
كتجسد جبريل في صورة أعرابي ولهم سلطان على الجهات الست التي ظهرت بوجود الإنسان
وقال رضي الله عنه: وأخبرت أن واحداً منهم كان من جملة العوانية من أهل أرزن الروم،
أعرف ذلك الشخص بعينه وصحبتُه، وكان يعظمني ويراني كثيراً واجتمعت به في دمشق وفي
وسواس وفي ملطية وفي قيصرية، وخدمني مُدة، وكانت له والدة كان باراً بها، واجتمعت
به في حرَّان في خدمة والدته، فما رأيت فيمن رأيت من يبرُّ أمَّه مثله، وكان ذا مال
وله سنون فقدته من دمشق، فما أدري هل عاش أو مات وبالجملة فما من أمر محصور في
العالم في عدد ما إلا والله رجال بعدده في كل زمان يحفظ الله بهم ذلك الأمر.
القسم
الثاني
في ذكر
من لم يحصرهم
عدد منهم رضي
الله عنهم
(قال سيدي محيي الدين رضي الله عنه: وقد ذكرنا من الرجال المحصورين
في كل زمان في عدد ما الذين لا يخلو الزمان عنهم ما ذكرناه في هذا الباب فلنذكر من
رجال الله الذين لا يختصون بعدد خاص يثبت لهم في كل زمان بل يزيدون وينقصون.
1- (فمنهم رضي
الله عنهم: الملامتية)
وقد يقولون الملامية، وهم سادات أهل طريق الله
وأئمتهم، وسيد العالم فيهم ومنهم، وهو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم
الحكماء الذين وضعوا الأمور مواضعها وأحكموها وأقروا الأسباب في أماكنها ونفوها في
المواضع التي ينبغي أن تنتفي عنها، ولا أخلو بشيء مما رتبه الله في خلقه على حسب ما
رتبوه، فما تقتضتيه الدار الأولى تركوه للدار الأولى وما تقتضيه الدار الآخرة تركوه
للدار الآخرة، فنظروا في الأشياء بالعين التي نظر الله إليها، لم يخلطوا بين
الحقائق فالملامية مجهولة أقدارهم لا يفرقهم إلا سيدهم الذي حباهم وخصهم بهذا
المقام، ولا عدد يحصرهم بل يزيدون وينقصون.
2- (ومنهم رضي
الله عنهم: الفقراء)
ولا عدد
يحصرهم أيضاً
بل يكثرون
ويقلون. قال
تعالى
تشريفاً
لجميع
الموجودات
وشهادة له:
﴿يا
أيها الناس
أنتم الفقراء
إلى الله﴾ قال
أبو يزيد: يا
رب.. بماذا أتقرب إليك؟ قال: بما ليس لي، الذلة والافتقار، قال تعالى:
﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ أي ليذلوا.
3- (ومنهم رضي
الله عنهم: الصوفية)
ولا عدد
يحصرهم بل
يكثرون
ويقلون وهم
أهل مكارم
الأخلاق،
يقال من زاد
عليك في
الأخلاق زاد عليك
في التصوف
مقامهم
الاجتماع على
قلب واحد
أسقطوا
الياءات
الثلاثة. فلا
يقولون لي ولا
عندي ولا
متاعي أي لا
يضيفون إلى
أنفسهم شيئاً
أي لا ملك لهم
دون خلق الله،
فهم فيما أيديهم
على السواء مع
جميع ما سوى
الله مع تقرير
ما بأيدي
الخلق للخلق
لا يطلبونهم
بهذا المقام
وهذه الطبقة
هي التي يظهر
عليهم خرق
العوائد عن
اختيار واحد
منهم ليقيموا
الدلالة على
التصديق
بالدين وصحته
في مواضع
الضرورة. وقد عاينا مثل هذا امن هذه
الطائفة ومنهم من يفعل ذلك لكونه صار عادة لهم كسائر الأمور المعتادة عند أهلها فما
هي في حقهم خرق عادة فيمشون على الماء وفي الهواء كما نمشي نحن وكل دابة على الأرض.
4- (ومنهم رضي
الله عنهم: العباد)
وهم أهل
الفرائض خاصة
قال تعالى
مُثنياً عليهم
﴿وكانوا لنا
عابدين﴾ ولم
يكونوا يؤدون
سوى الفرائض،
ومن هؤلاء المنقطعون
بالجبال
والشعاب
والسواحل
وبطون الأودية
ويسمون
السُّياح
ومنهم من
يلازم بيته
وصلاة
الجماعات
ويشتغل
بنفسه، ومنهم
صاحب سبب. ومنهم
تارك السبب
وهم صلحاء
الظاهر
والباطن، وقد
عصموا من الغل
والحسد،
والحرص
والطمع
والشره المذموم،
وصرفوا كل هذه
الأوصاف إلى
الجهات المحمودة،
ولا رائحة
عندهم من
المعارف
الإلهية،
والأسرار،
ومطالعة
الملكوت،
والفهم عن الله
تعالى في
آياته حين
تتلى، غير أن
الثواب لهم مشهود،
والقيامة
وأهوالها
والجنةوالنار
لهما
مشهودتان،
دموعهم في
محاريبهم.
﴿تتجافى
جنوبهم عن
المضاجع
يدعون ربهم
خوفاً وطمعاً﴾-
﴿وتضرعاً
وخيفة﴾ -
﴿إذا
خاطبهم
الجاهلون
قالوا
سلاماً،
وإذامروا
باللغو مروا
كراماً
والذين
يبيتون لربهم سجداً
وقياماً﴾ شغلهم
هولُ المعاد
عن الرقاد. وضمروا بطونهم بالصيام
للسباق في حلبة النجاة
﴿إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يتقروا وكان بين ذلك
قواماً﴾ ليسوا من أهل الإثم والباطل في شيء عُمال،
وأي عمال، عاملوا الحق بالتعظيم والإجلال.
كان
أبومسلم
الخولاني
رحمه الله من
أكابرهم كان
يقوم الليل
فإذا أدركه
العياء ضرب
رجليه بقضبان
كانت عنده ويقول
لرجليه أنتما
أحق بالضرب من
دابتي. أيظن
أصحاب محمد
صلى الله عليه
وسلم أن يفوزوا
بمحمد صلى
الله عليه
وسلم دوننا
والله لنزاحمنهم
عليه حتى
يعلموا أنهم
خلفوا بعدهم
رجال. قال سيدي محيي الدين رضي الله عنه لقينا منهم جماعة
كثيرة ذكرناهم في كتابنا ورأينا من أحوالهم ما تضيق الكتب عنها.
السابق
التالي
|