على بن الحسين ابن الإمام على بن أبى طالب الهاشمي رضي اللهعنه

حديث شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود

 

على بن الحسين ابن الإمام على بن أبى طالب الهاشمي رضي اللهعنه

إنه ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، السيد، الإمام، زين العابدين الهاشمى، العلوى، المدنى. يكنى أبا الحسين، ويقال: أبو الحسن وأبو محمد وأبو عبد الله. أمه السيدة: سلافة بنت ملك الفرس يزدجرد. ولد رضى الله عنه فى سنة ثمان وثلاثين على الراجح. حدث عن أبيه الحسين الشهيد، وكان معه يوم كائنة كربلاء، وله ثلاث وعشرون سنة، وكان يومئذ موعوكا، فلم يقاتل، ولا تعرضوا له، بل أحضروه مع آله إلى دمشق، فأكرمه يزيد، ورده مع آله إلى المدينة.

وحدث أيضا عن جده مرسلا، وعن السيدة صفية أم المؤمنين، وذلك فى (الصحيحين) وعن أبى هريرة وعائشة وروايته عنها فى (مسلم) وعن أبى رافع وعمه الحسن وعبد الله بن عباس وأم سلمة والمسور بن مخرمة وزينب بنت أبى سلمة وطائفة، وعن مروان بن الحكم وعبيد الله بن أبى رافع وسعيد بن المسيب وسعيد بن مرجانة وذكوان مولى عائشة وعمرو بن عثمان بن عفان وليس بالمكثر من الرواية.

حدث عنه أولاده أبو جعفر محمد وعمر وزيد المقتول وعبد الله، كما حدث عنه الزهرى وعمرو بن دينار والحكم بن عتيبة وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد وأبو الزناد وعلى بن جدعان ومسلم البطين وحبيب بن أبى ثابت وعاصم بن عبيد الله وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان وأبوه عمر والقعقاع بن حكيم وأبوالأسود يتيم عروة وهشام بن عروة وأبو الزبير المكى وأبوحازم الأعرج وعبد الله بن مسلم بن هرمز ومحمد بن الفرات التميمى والمنهال بن عمرو وخلق سواهم. وقد حدث عنه: أبو سلمة وطاووس وهما من طبقته. قال ابن سعد: هو على الأصغر وأما أخوه على الأكبر، فقتل مع أبيه بكربلاء، وكان على بن الحسين ثقة، مأمونا، كثير الحديث، عاليا، رفيعا، ورعا.

وقد روى ابن عيينة عن الزهرى قال: ما رأيت قرشيا أفضل من على بن الحسين. وقيل إن عمر بن سعد قال يوم كربلاء: لا تعرضوا لهذا المريض. وعن هشام بن عروة قال: كان على بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع لا يقرعها، وكان يجالس أسلم مولى عمر، فقيل له: تدع قريشا وتجالس عبد بنى عدى! فقال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع. وعن عبد الرحمن بن أردك قال: كان على بن الحسين يدخل المسجد، فيشق الناس حتى يجلس فى حلقة زيد بن أسلم، فقال له نافع بن جبير: غفر الله لك، أنت سيد الناس، تأتى تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد!! فقال على بن الحسين: العلم يبتغى ويؤتى ويطلب من حيث كان. وعن الأعمش: عن مسعود بن مالك: قال لى على بن الحسين: تستطيع أن تجمع بينى وبين سعيد بن جبير؟ قلت: ما حاجتك إليه؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها، إن الناس يأتوننا بما ليس عندن. وعن ابن عيينة عن الزهرى، قال: ما كان أكثر مجالستى مع على بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قـليل الحديث. وروى: شعيب.

عن الزهرى، قال: كان على بن الحسين من أفضل أهل بيته، وأحسنهم طاعة، وأحبهم إلى مروان، وإلى عبد الملك، وعن معمر: عن الزهرى قال: لم أدرك من أهل البيت أفضل من على بن الحسين. وروى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: ما رأيت فيهم مثل على بن الحسين، وعن ابن وهب عن مالك قال: لم يكن فى أهل البيت مثله، وهو ابن أمة. وعن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال سمعت على بن الحسين -وكان أفضل هاشمى أدركته- يقول: يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عار. وعن أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن على قال: يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام ولا تحبونا حب الأصنام، فمازال بنا حبكم حتى صار علينا شين. وقال الأصمعى: لم يكن له عقب -يعني الحسين- إلا من ابنه على، ولم يكن لعلى بن الحسين ولد إلا من أم عبد الله بنت الحسن، وهى ابنة عمه، فقال له مروان أرى نسل أبيك قد انقطع، فلو اتخذت السرارى لعل الله أن يرزقك منهن؟ فقال: ما عندى ما أشترى، قال له: فأنا أقرضك، فأقرضه مائة ألف، فاتخذ السرارى، وولد له جماعة من الولد، ثم أوصى مروان لما احتضر: أن لا يؤخذ منه ذلك المال. قال أبوبكر بن البرقي: نسل الحسين كله من قبل ابنه على الأصغر، وكان أفضل أهل زمانه، ويقال ان قريشا رغبت فى أمهات الأولاد بعد الزهد فيهن حين نشأ على بن الحسين. وعن عبدالله بن عمر العمري: عن الزهرى قال: حدثت على بن الحسين بحديث فلما فرغت قال: أحسنت! هكذا حدثناه، قلت: ما أرانى إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به منى، فقال: لا تقل ذاك، فليس ما لا يعرف من العلم، إنما العلم ما عرف، وتواطأت عليه الألسن. وقيل: إن رجلا قال لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان! قال: هل رأيت على بن الحسين؟ قال: لا، قال: ما رأيت أورع منه! وقال جويرية بن أسماء: ما أكل على بن الحسين بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- درهما قط. وعن ابن سعد عن على بن محمد عن سعيد بن خالد عن المقبرى، قال: بعث المختار إلى على بن الحسين بمائة ألف، فكره أن يقبلها، وخاف أن يردها، فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار، بعث يخبر بها عبد الملك، وقال: ابعث من يقبضها، فأرسل إليه عبد الملك فقال: يا ابن العم خذها قد طيبتها لك، فقبله. وعن محمد بن أبى معشر السندي عن أبى نوح الأنصارى قال: وقع حريق فى بيت فيه على بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله، النار! فما رفع رأسه حتى طفئت. فقيل له فى ذلك، فقال: ألهتنى عنها النار الأخرى.وعن ابن سعد عن على بن محمد عن عبد الله بن أبى سليمان قال: كان على بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذيه ولا يخطر بها، وإذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له، فقال: أتدرون بين يدى من أقوم ومن أناجي؟! وعنه أنه كان إذا توضأ اصفر. وعن إبراهيم بن محمد الشافعى: عن سفيان قال: حج على بن الحسين فلما أحرم اصفر وانتفض ولم يستطع أن يلبي، فقيل: ألا تلبي؟ قال: أخشى أن أقول لبيك فيقول لى: لا لبيك، فلما لبى غشى عليه وسقط من راحلته، فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه.

وروى عن مصعب بن عبد الله عن مالك قال: أحرم على بن الحسين فلما أراد أن يلبى قالها، فأغمى عليه وسقط من ناقته فهشم. ولقد بلغنى: أنه كان يصلى فى كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، وكان يسمى: زين العابدين، لعبادته، ويروى عن جابر الجعفى عن أبى جعفر قال: كان أبى يصلى فى اليوم والليلة ألف ركعة فلما احتضر بكى، فقلت: يا أبت! ما يبكيك؟ قال: يا بنى إنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا كان لله فيه المشيئة، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وعن طاووس قال: سمعت على بن الحسين وهو ساجد فى الحجر يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك، قال: فوالله ما دعوت به فى كرب قط إلا كشف عنى. وعن ابن عيينة عن أبى حمزة الثمالى قال: ان على بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره ويتبع به المساكين فى الظلمة ويقول: إن الصدقة فى سواد الليل تطفئ غضب الرب. وعن يونس بن بكير: عن محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات على بن الحسين، فقدوا ذلك الذى كانوا يؤتون بالليل. وعن جرير بن عبد الحميد عن عمرو بن ثابت قال: لما مات على بن الحسين وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل، وقال شيبة بن نعامة لما مات على وجدوه يعول مائة أهل بيت، قلت: لهذا كان يبخل، فإنه ينفق سرا، ويظن أهله أنه يجمع الدراهم، وقال بعضهم: ما فقدنا صدقة السر حتى توفى على. وروى واقد بن محمد العمرى عن سعيد بن مرجانة: أنه لما حدث على بن الحسين بحديث أبى هريرة: (من أعتق نسمة مؤمنة أعتق الله كل عضو منه بعضو منه من النار حتى فرجه بفرجه) فأعتق على غلاما له أعطاه فيه عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم. وروى حاتم بن أبى صغيرة عن عمرو بن دينار قال: دخل على بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد فى مرضه، فجعل محمد يبكى، فقال: ما شأنك؟ قال: على دين، قال: وكم هو؟ قال: بضعة عشر ألف دينار، قال: فهى على. وعن على بن موسى الرضا حدثنا أبى عن أبيه عن جده قال على بن الحسين: إنى لأستحيى من الله أن أرى الأخ من إخوانى، فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان غدا قيل لى: لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل. وقال أبو حازم المدنى: ما رأيت هاشميا أفقه من على بن الحسين، سمعته وقد سئل:كيف كانت منزلة أبى بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة. وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: جاء رجل إلى أبى فقال: أخبرنى عن أبى بكر؟ قال: عن الصديق تسأل؟ قال وتسميه الصديق؟ قال: ثكلتك أمك! قد سماه صديقا من هو خير منى، رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار فمن لم يسمه صديقا فلا صدق الله قوله، اذهب، فأحب أبا بكر وعمر وتولهما، فما كان من أمر ففى عنقى. وعنه: أنه أتاه قوم فأثنوا عليه فقال: حسبنا أن نكون من صالحى قومنا، وحدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحى عن أبيه عن جده عن محمد بن على عن أبيه قال: قدم قوم من العراق فجلسوا إلىّ فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ثم ابتركوا فى عثمان ابتراكا، فشتمتهم. وعن على بن الحسين قال: فقد الأحبة غربة، وكان يقول: اللهم إنى أعوذ بك أن تحسن فى لوائح العيون علانيتى وتقبح فى خفيات العيون سريرتى، اللهم كما أسأت وأحسنت إلى فإذا عدت، فعد على. قال زيد بن أسلم: كان من دعاء على بن الحسين: اللهم لا تكلنى إلى نفسى فأعجز عنها، ولا تكلنى إلى المخلوقين فيضيعونى. قال على بن الحسين: جاءنى رجل، فقال: جئتك فى حاجة، وما جئت حاجا ولا معتمرا، قلت: وما هى؟ قال: جئت لأسألك متى يبعث على؟ فقلت: يبعث والله يوم القيامة، ثم تهمه نفسه. وروى حسين بن زيد بن على عن عمه: أن على بن الحسين كان يشترى كساء الخز بخمسين دينارا، يشتو فيه ثم يبيعه ويتصدق بثمنه. وقال محمد بن هلال: رأيت على بن الحسين يعتم ويرخى منها خلف ظهره، وقيل: كان يلبس فى الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر ويتلو ﴿قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾. وقيل: كان على بن الحسين إذا سار فى المدينة على بغلته، لم يقل لأحد: الطريق ويقول: هو مشترك، ليس لى أن أنحى عنه أحدا، وكان له جلالة عجيبة، وحق له والله ذلك، فقد كان أهلا للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وكمال عقله. وقد اشتهرت قصيدة الفرزدق وهى سماعنا، أن هشام بن عبد الملك حج قبيل ولايته الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر، زوحم عليه، وإذا دنا على بن الحسين من الحجر، تفرقوا عنه، إجلالا له، فوجم لها هشام، وقال: من هذا؟ فما أعرفه؟ فأنشأ الفرزدق قصيدة فى حقه منها:

هذا الذى تعرف البطحاء وطأتـه          والبيت يعرفه والحل والحــرم

هذا ابن خير عباد الله كلـهــم          هذا التقى النقى الطاهـر العلـم

إذا رأته قريش قال قائلــهــا          إلى مكارم هذا ينتهـى الـكـرم

ينمى إلى ذروة العز التى قصرت         عن نيلها عرب الإسلام والعجم

يكاد يمسكه عرفـان راحـتـه           ركن الحطيم إذا ما جاء يستلـم

يغضى حياء ويغضى من مهابته           فلا يكلم إلا حين يبتســــم

من جده دان فضل الأنبياء لـه           وفضل أمته دانت له الأمـــم

ينشق نور الهدى من نور غرته           كالشمس ينجلي بإشراقها الظلم

مشـتقةٌ من رسـول الله نبعته            طابت عناصره والخيم والشيم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله            بجده أنبياء الله قد ختمـــوا

فأمر هشام بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان، وبعث إليه على بن الحسين باثنى عشر ألف درهم، وقال: اعذر أبا فراس، فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضبا لله ولرسوله، فردها إليه، وقال: بحقى عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك، فقبله. وقال فى هشام:

أيحبسنى بين المدينة والتــى        إليها قلوب الناس يهوى منيبها

قلب رأسا لم يكن رأس سيـد         وعينين حولاوين بـاد عيوبها

قال الواقدى وأبو عبيد والبخارى والفلاس: مات سنة أربع وتسعين، وروى ذلك عن جعفر الصادق وقال أبو جعفر الباقر: عاش أبى ثمانية وخمسين سنة، وقبره بالبقيع ولا بقية للحسين، إلا من قبل ابنه زين العابدين.

حديث شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أسرى به الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته الكبرى وعلى آله وصحبه ومـن اتبع هديه إلى يوم الدين، لقد كان المعراج مناجاة ووحيا ورؤية، أكانت المناجاة مع جبريل عليه السلام والوحى من جبريل عليه السلام والرؤية لجبريل عليه السلام؟ أم كانت المناجاة مع الله سبحانه وتعالى والوحى من الله تعالى والرؤية لله تعالى؟ إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصل إلى أفق لم يعد فيه مكان لجبريل وارتقى إلى مستوى من النور لم يكن لجبريل عليه السلام فيه مجال، فكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى الحضرة الإلهية دون واسطة، فناجى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل وأوحى إليه ربه ما أوحى ورأى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ربه ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ واستندت إلى ما جاء فى حديث البخارى (ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى فكان منه قاب قوسين أو أدنى) وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسـلم فى هذا الأفق كان وحده وكان جبريل عليه السلام فى أفق أقل، فكانت المناجاة مع الله وكان الوحى من الله وكانت الرؤية لله تعالى، إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصل إلى أفق كان فى الحضرة الإلهية وحده دون حجاب، فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة التاريخ وهو المنارة التى يهتدى بها الإنسان كلما انبهمت الأمور أو ضلت الآراء، وحياته قبل البعثة كحياته بعدها .. عظة وعبرة وهداية ..

ومثل أعلى لمن أراد الطريق الأقوم، إن من يتدبر حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ولا يكون عنده فكرة صحيحة عن النبوة من حيث أنها لا تكتسب اكتسابا وإنما توهب من الله تعالى يكاد يعتقد أنه اقتنص الوحى اقتناصا واضطره إلى النزول اضطرارا وأنه أبى إلا أن يظفر بما يريد فكان له ما أراد، بيد أن الصواب هو أن الله اصطفاه وفضله بالنبوة والرسالة على العالمين عندما حان الموعد الذى حددته العناية الإلهية لتتجلى بالهداية عن طريق من اختارته رسولا.

يقول الإمام المراغى رحمه الله: النبوة هبة لا تنال بالكسب، لكن حكمة الله وعلمه قاضيان بأن تمنح للمستعد لها، القادر على حمايتها ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أُعد لأن يحمل الرسالة للعالم أجمعه أحمره وأسوده وإنسه وجنه، وأُعد لأن يحمل رسالة أكمل دين، ولأن يختم به الأنبياء والرسل، وليكون شمس الهداية وحده إلى أن تنفطر السماء وتنكدر النجوم وتبدل الأرض غير الأرض والسموات، أما هذا الإعداد فقد أحاطه الله بعنايته التامة، إنه أعده من ناحية أسرته، أعنى من ناحية الوراثة وأعده من ناحية فطرته أعنى طبيعته الشخصية، أما من ناحية أسرته، فهذا جده عبد المطلب كان سمح الطبع، رضى النفس، سخى اليد، حلو العشرة، عذب الحديث، وكان عبد المطلب أيضا قوى الإيمان تملك قلبه وتسيطر على نفسه نزعة دينية حادة عنيفة ولكنها غامضة يحسها ويخضع لها ولكن لا يتبينها ولا يستطيع لها فهما ولا تفسيرا.

سمير جمال / صلاح بيومى