من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -40

افهموا وتفقهوا

 

من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - 40

التبرك بآثار الصالحين

إن في ليلة الإسراء لكبير دلالةعلى التبرك بآثار الصالحين حيث قال عز وجل ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير﴾ وبين لنا صاحب السنةالمطهرة ما كان من الإسراء الذي منه أنه صلى الله عليه وسلم نزل فصلى بأرض هجرته وفي المكان الذي سيدفن فيه. ثم نزل عند الشجرة التي كانت سبباً في بدء رسالة موسى عليه السلام. ثم نزل على طور سيناء الذي كلم الله تعالى عليه موسى ثم نزل في المكان الذي ولد فيه عيسى عليه السلام وكان في كل منزل يصلي صلى الله عليه وسلمفيه ركعتين وهكذا حتى تم الإسراء في جميع بقاع الأرض والأمور التي عاين فيها كل ما يجب على كل مسلم العمل به والنهي عنه.وماحصل بالاجتماع العام الذي جمع الله تعالى له فيه جميع الأنبياء المرسلين. وما حصل في المعراج من انتظار المرسلين لحضرته صلى الله عليه وسلم في كل سماء وما دار بينهم من الكلام الذي بينه في السنة في ذلك من خوارق العادات والكل كانوا أمواتاً وماحصل من جبريل عليه السلام عندسدرة المنتهى من قوله إلى هنا آخر مقامي يا محمد وهو ملك مخلوق من نور وما حصل لحضرته صلى الله عليه وسلم وهو بشر وقد أجازه الله تعالى إلى ما فوق العرش حتى قال العارف بذلك:

بابن عمران شرفت سيناء        وبادريس والمسيح السماء

ولك العرش موطئ ووطاء        كيف ترقى رقيك الأنبياء

يا سماء ما طاولتها سماء

فكان يكفي هذا في بيان التبرك بآثار الصالحين وأن السنة المطهرة لملأى من بياناته الشريفة صلى الله عليه وسلمالتي منها ماء وضوئه صلى الله عليه وسلممن فضل ثؤره وثؤر أصحابه، ثم تقبيل يديه صلى الله عليه وسلمالذي صار سنة لعباد الله الصالحين للتبرك بهم من بعد حضرته صلى الله عليه وسلم للتأسي بالصحابة مع حضرته وهكذا كان أمر التابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين، والسنة مليئة بالبيان الشريف الصادر عنهم أجمعين وناهيك بما صدر من غير وفد وهو وفد عبدالقيس وغيرهم وهاك بيان عبدالله بن العباس الذي أمسك بزمام دابته فقال ما هذا يا بن عباس فقال: أمرنا بأن نفعل مع أشياخنا هكذا فقبل شيخه يده وقال وبهذا أمرنا أن نفعل مع آل بيت نبين. فتقبيل يد الصالحين سنة عن سيد العالمين ولا ينكرها إلا الجاحدون المخالفون الخارجون عن إجماع المسلمين. هذا وإن الشهاب الخفاجي محثي البيضاوي سأل شيخه فقال إن ناساً ينكرون على من يقبل يد الصالحين فقال:

قبِّل يَدَ الأخيار من أهل التقى         ودع عنك طعن أعاديهـــم

فإنَّ ريحانة الله عـبـــاده         وشمُّها لثم أيــاديـهـــم

وإليك واقعة حال حصلت معي وهي أني اطلعت على مجلة نداء الشرق وقلتُ فيها إن الإمام أحمد بن حنبل كان يتبرك بآثار شيخه وأجاز تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين، والوهابية يدّعون أنهم حنابلة وينكرون كل ذلك بل يقولون لمن يفعل ذلك >مشرك< فرد عليَّ أحد الوهابية فقال: إن الشيخ عبد ربه رجل عظيم ولكنه سرد كلاماً بدون دليل وقال إن الإمام أحمد بن حنبل توسل بشيخه الإمام الشافعي ولم يذكر لنا في أي كتاب توسل الإمام أحمد بشيخه الإمام الشافعي وقال في الرد كلام فرددت عليه وقلت ما نصه: بعد اطلاعناعلى مقال الأستاذ عبدالله بن محمد العالم بنجد الذي لم يخرج فيه عن دائرة عقيدة الوهابية في مقال الأستاذ عبدالله خيار الأمة الإسلامية من بيان ما اشتمل عليه صريح الآيات القرآنية التي حادوا عنها وخالفوها في عقائدهم وهي لم تخرج عن مقال صاحبه إمام المسجد الحرام.

حذوك النعل بالنعل وقد سبق أن رددنا عليه في خمس مقالات ويظهر أنهم اقتنعوا بما ذكرناه لهم في سابق الأعداد غير أنهم لم يصلوا إلى معرفة ما توسل به سيدنا أحمد بن حنبل بأشياخه وآثارهم المباركة حتى إن طلب منا الدليل على ذلك، وها هو الدليل والبيان، قال الحافظ العراقي في كتابه فتح المتعال. أخبرني الحافظ أبو سعد بن العلاء قال رأيت في كلام والدي أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من الحفاظ أن الإمام أحمد بن حنبل سئل عن تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلموتقبيل غيره فقال لا بأس بذلك، فأريناه الشيخ تقي الدين بن تيمية، فصار يتعجب من ذلك. ويقول عجب عندي أحمد جليل، يقول هذا؟ قال وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أنه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به. وموجود بخط الحافظ الضياء المقدسي الحنبلي في كتابه (الحكايات المنثورة) المحفوظ الآن تحت رقم 98 من المجاميع بظاهرية دمشق أنه سمع الحافظ عبدالغني المقدسي الحنبلي يقول أنه خرج في عضده شيء يشبه الدمل فأعيته مداواته ثم مسح به قبر أحمد بن حنبل فبرئ ولم يعد إليه. وفي تاريخ الخطيب جزء أول من 123 يسند إلى الشافعي رضي الله عنه أنه قال: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره كل يوم يعني زائر. هذا ابن تيمية الذي جمع لكم المخالف لإجماع المسلمين المتلون في رسائلهم جمعاء يروي عن الإمام أحمد أنه تبرك بآثار شيخه الشافعي فكيف تفهمون كلام رب العالمين وسنة سيد المرسلين فيا للعجب والسلام. كان هذا هو ردي عليهم فلم يستطيعوا بعد ذلك كلام. ثم أنه ثبت عن سيدي الإمام الشافعي أنه في توسلاته قال:

وبالعلماء العاملين بعلمهـــم       وبالأولياء السالمين من الدعوى

وها هو المشهور عنه رضي الله عنه:

أحب الصالحين ولست منهــم        وعسى بالصالحين أنال الشفاعة

وأكره من تجارته المعاصــي         ولو كنا سوياً في البضاعــة

قال له سيدي أحمد بن حنبل تلميذه رضي الله عنهم أجمعين:

أنت تحب الصالحين وأنت منهــم       وعسى بك الصالحون ينالوا الشفاعة

وحقاً تكره من تجارته المعاصــي        حماك الله من تلك البضاعــــة

وهذه هي سنة الله تعالى في خلقه التي جعل عباده أجمع على المقابلة والمماثلة فالصالحون يحبون الصالحين والمخالفون يحبون المخالفين.

ثم إنا قدمنا لك بأن تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلموقبور الصالحين جائز، لا شيء فيه، ونبينه لك من وجهين:

أولاً: إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يقبلون قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أمر سائد عندهم بالفطرة ولعلهم أخذوه من بيانه الشريف صلى الله عليه وسلم من تقبيله الحجر الأسعد لأنه ينسب إلي جهة المعبود سبحانه وقس على ذلك قبره صلى الله عليه وسلم ولذا لما جاءت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها زائرة لقبر أبيها اللهم صلي وسلم وبارك عليه وآله قبضت قبضة من التراب الذي على القبر الشريف ثم قالت:

وماذا على من شم تربة أحمد        أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو أنهـا        صبت على الأيام عدن لياليا

ثم قبلت التراب ووضعته وتناولها التراب ولم تطئطئ أمام الناس ولم ينكر عليها أحد من الصحابة وهاهو سيدنا بلال لما جاء للشام لزيارة معاوية ومكث عنده اثني عشر يوماً فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له (أوحشتنا يا بلال) فقام من نومه عازماً على السفر وحاول الخليفة تأخيره إلى الصباح فلم يستطع وجاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يمرغ خديه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويبكي ويقول: أوحشتني يا رسول الله ويقبل ويبكي فلم ينكر عليه أحمد من الصحابة وهكذا صار الأمر مستمراً إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى من المحبين.

ثانياً: أنه يجب على كل مؤمن أن يعتقد أن الله تعالى خالق المعاني والصور وقد جعل سبحانه وتعالى لكل معنى صورة في الخارج تدل عليه كما سنبين لك ذلك في باب الموت والحياة لتعلم أن الموت معنى من المعاني وصورته في الخارج عدم الحركة في الحيوان والحياة معنى من المعاني وصورته في الخارج الحركة كما أنه سبحانه جعل الحب معنى في القلب وصورته في الخارج التي تدل عليه أنواع وأقلها القبلة فالذي أتى بالزائر للمزور إنما هو الحب وحبنا في الولي لا يكون إلا لله تعالى لأن الله تعالى يحبه لأنه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت حبهم واجب وأجرى سبحانه عليه نعمة الكرامة فحبنا فيه لذلك فنحن نحبه لحب الله تعالى فيه، وكما عرفت صورة الحب فكذلك صورة البغض فيجب عليك أيها المعارض المخالف أن تعرف ذلك وتعرف أسرار ربك كيف جعلها على المقابلة والمماثلة وأيضاً الإيمان الذي محله القلب معنى من المعاني وصورته في الخارج الرسلام وما اشتمل من الأحكام الشرعية التي يعرف بها ومنها أنه مؤمن مسلم ولنضرب لك مثلاً لكي يستنير لك الأمر وهو أن لك طفلاً صغيراً ولبرودة الجو لفته أمه بقميصها فوق ثيابه فرأت أيضاً الجو أبرد فلفته بملف أثقل ورأت أن تلفه بأثقل أيضاً وجئت سيادتك وناولتك الولد بهذه الحالة وبالطبع أنت تحبه فأردت أن تبرهن على حبك بالصورة الظاهرية وهي القبلة فأيي شيء أمامك تقبله؟ فلا تقبل إلى اللحاف الصغير وإذا رفعناه فلا تقبل إلا الملف الذي تحته وهكذا حتى ثيابه ثم تقبل الجسد وهو المراد بالذات وهل الجسد أنت صنعته؟ وإلا هو صنعه الصانع المبدع الذي أحاطه بكرمه ونعمه فكذلك الزائر للولي أو أي نبي من الأنبياء والمرسلين فإنه يقبل ما هو محيط به لصلته بالمحبوب ولو الحيطان أو الضريح أو القبور فإنه يجوز تقبيلها على ما قدمنا لك من الأدلة هذا ويظهر أن مجنون ليلى كان رجلاً صالحاً علم ربك أنه سيظهر خوارج معارضين لأهل الحق فأنطقه بما يقطع به ألسنتهم بعد الأدلة التي قدمنا حيث قال:

أمر على الديار ديار ليلى        أقبل ذا الجدار وذا الجدار

وما حب الديار شغفن قلبي       ولكن حب مَن سكن الديار

السابق  التالي

 

افهموا وتفقهوا

جائزات الصلاة

س: كم هى الأمور التى تجوز فى الصلاة ولا تبطل الصلاة بها ولا تكره؟ ج: أحد عشر أمرا وهى:

1) الانصات القليل لمن أخبره أو أخبر عنه وهو فى الصلاة فإن طال الانصات بطلت.

2) قتل عقرب قصدته.

3) الإشارة بعضو لحاجة طرأت عليه وهو فى الصلاة.

4) الإشارة لرد السلام على من سلم عليه وهو يصلى والراجح إن الإشارة لرد السلام واجبة وتبطل إن رد السلام بالقول.

5) الأنين لأجل وجع والبكاء خشوعاً لله، فإن لم يكن الأنين للوجع ولم يكن البكاء للخشوع فهما كالكلام فيبطل الصلاة عمدا ولو قل وسهوا إن كثر وهذا فى البكاء الممدود وهو ما كان بصوت، وأما المقصور وهو ما كان بغير صوت فلا تبطل إلا بكثير ولو وقع منه اختياراً، أما القليل ففيه سجود السهو.

6) التنحنح لغير حاجة.

7) مشى المصلى صفين أو ثلاثة لسترة يقرب إليها ليستتر بها خوفا من المرور بين يديه أو لدفع مار بين يديه بناء على إنه يستحق أكثر من محل ركوعه وسجوده، وإلا فلا يمشى إليه لتيسر دفعه وهو فى مكانه، وكذلك المشى صفين أو ثلاثة لأجل ذهاب دابة ليردها أو لإمساك رسنها، فإن بعدت قطع صلاته وطلبها ولأجل فرجة فى صف.

8) إصلاح رداء سقط من فوق كتفيه فتناوله ووضعه عليهما ولو طأطأ رأسه لأخذه من الأرض أو إصلاح سترة سقطت ولو انحط لإصلاحها.

9) سد فمه بيده للتثاؤب.

10) النفث بثوب أو غيره لحاجة كإمتلاء فمه بالبصاق والنفث هو البصاق بلا صوت وكره النفث لغـير حاجة، وبطلت الصـلاة إن كان بصوت.

11) قصد تفهيم أحد أمرا من الأمور بذكر من قرآن أو غيره كالتسبيح ليفهم غيره أنه فى صلاة أو ليتناول كتاباً مثلا فيقرأ قوله تعالى ﴿يا يحيى خذ الكتاب بقوة﴾ وهذا الجواز مقيد بشرط أن اتكون الآية التى قصد بها التفهيم قد افتتح بها القراءة بعد الفاتحة، أو يكون متلبسا بها سرا فيجهر بها ليفهم بواسطة الجهر المقصود، أما إذا كان فى أثناء الفاتحة أو آية الكرسى مثلا فانتقل إلى الآية المذكورة بطلت صلاته بهذا الانتقال، أما التسبيح فهو جائز فى جميع أحوال الصلاة للحاجة.

على المذهب المالكى
إشراف محمد الحسن ود الفكى