ها هو الحبيب يولد من جديد

ولي نظم در

حب الصالحين واتباعهم

 

ها هو الحبيب يولد من جديد

ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يولد من جديد.. نورا يكشف غمة شتات الأمة التى اختلفت فرقا ومذاهبا في سيادته، سيد أم لا؟ في الصلاة أم في غير الصلاة.

ها هو يبعث من جديد.. نبيا عربيا أميا يهدى إلى الرشد والحب والخير والجمال.. فيبشر أقواما وينذر آخرين.. ويصحو الكون كله ذاكرا لاسمه الشريف ما بين بشير ونذير. ها هو يهاجر بأمته وأحبته من ظلمة الغفلة عن بعض قدره إلى نور ظهور بعض علوه فوق الأكوان والأفلاك والأرواح:

وسمت سماء محمد فوق السما      هو في العلا والوضع للميزان

ها هو يغزو في رقة نسمة ربيعية بيوت من جهلوه فما لبث إلا وعلموه.. وآذوه فأمنوه ثم قصدوه عبدا رحيما سليم الوجه لا عبد عصى، فأحبوه وكتموا هواهم إلى حين وغدا أو بعد غد يسعون إلى رحابه مسلمين مؤمنين وموحدين هداة ومهتدين.. نعم إنه يبعث من جديد وكأنى به يقول:

الرب أوحى للملائك ثبتوا       إنى سألقى والقديم يعــاد

صُمت يا سيدى كل يوم اثنين في كل أسبوع وعللته بمولدك الكريم في ليلته. نحرت يا سيدى بيدك الشريفة ثلاثا وستين بدنة بعدد سنين عمرك المديد يوم كانت حجة الوداع فكأنك -بل أنت- تذكرنا أن نحتفى بك في كل أسبوع وفى كل عام. ولكن مولاك في عليائه ينزل في كل ليلة في تلك الساعة المباركة التى ولدت فيها ليحتفى بك وملائكته يصلون عليك ويسلموا تسليما فيذكرنا بك أن صلوا عليه وسلموا تسليما في كل وقت وحين وكأنى بك اليوم تهتف في كل فرد من أمتك لتولد مرة في كل لحظة ﴿واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم﴾. فليس هناك حديث ظاهر أو خفى بين ربوع أرضكم اليوم إلا هو عنكم وفيكم بعدما تحركت إرادة عليا تريد أن ترفع لك ذكرك وتشرح لك صدرك وتعرف الناس بعض قدرك. وقد روى الحاكم في مستدركه عن جابر بن عبد الله قال: (صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: من أنا؟ قلنا: رسول الله، قال: نعم، ولكن من أنا؟ قلنا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، قال: أنا سيد ولد آدم، ولا فخر) قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد.

هكذا علمت الصحابة بعض قدرك الذى يجب لك في العقيدة حتى لا يأتى جاهل ذات يوم فيؤذيك فيحل عليه غضب من الله، فما أرحمك يا سيدى يا حبيب الله.

﴿إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخر وأعد لهم عذابا مهينا﴾

فالكون كله اليوم ما بين مغبون يخشى هلكته ومصالحه التى ضاعت بعدما فات زمان غفوة المسلمين وغفلتهم، فلسانه اليوم يعتذر لكم ولأمتكم بكل لسان يهتف: سامحونى كنت أجهل قدر هذا الرجل الذى بعث فيكم.

وما بين مسلم نادم على ما فرط في جنبكم بعد أن ضيع سنوات عمره يظن أنه من علماء التوحيد فليس بحاجة إليك بعدما أديت الأمانة وبلغت الرسالة وحسب، فإذا به يصحو من غفوته موحدا يهتف (لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله) فما معنى التوحيد بغير مبنى وجودك في شطر الشهادة يا رسول الإسلام، فلا إسلام إلا بواسطتك يا سيدى يا رسول الله.

عن ابن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) متفق عليه.

أيها العادون عدوا أركان الإسلام كما عدها رسول الإسلام، وما أحكمه حين ذكر العدد وإلا صارت المسألة خلافية عند العلماء فتساوت مرابض وحراء، فلو عددت لوجدت ست معدودات في الحديث والرسول يقول خمسا، وإنما قصد الحبيب الشهادتين ركنا واحدا ليفهم ويتذكر أولوا الألباب أنها العروة الوثقى لا انفصام لها فلا تضع قشة أو فاصلة بين الشهادتين وإن شئت الورع فلا تقف بينهما ولا تتنفس فدليلك على نفى الألوهية عن غير الله هو محمد رسول الله فهل تقبل شهادتك عند القاضى بغير دليل!! بل وهل يحكم القاضى في المسألة بغير دليل!!

وما بين موحد عاش طول عمره مادحا لجنابك العالى، منافحا يذود عن قدرك لا يبالى، غير عابئ بمن يصرخ في وجهه كل آن ما أنت إلا مغالى:

من أم ينبوع المحبة شاربا      فليعشق التبذير والإسـرافا

فوقف على سر (رد عليهم يا حسان فإنك مؤيد بروح القدس) فبدا الحسن غلابا وما اللب حاضر ففاضت أنوار التجلى فقال:

وأجمل منك لم تر قط عينى        وأحسن منك لن تلد النسـاء

خلقت مبرأ مـن كل عيب         كأنك قد خلقت كمــا تشاء

فصبر حتى بعثت من جديد في مولد سعيد لتحيى القلوب وتستر العيوب وتشق الغيوب لتعيد للإسلام مجده فإذا الكون كله يردد:

مولد النور والسرور تجلى       كاشف الغم نتخذه وكيـلا

حقا كما قال الإمام فخر الدين رضى الله عنه:

هذى نفيحات ولست بمادح       من أن يرام بمادح حاشـاه 

ولي نظم در

وليس فيك يقال

أستميحك عذرا يا سيدى يا رسول الله فكما علمتنا أن الناس أعداء ما جهلوا وقد جهلك الكثير في زماننا هذا الذى اشتط فيه الكثير من المسلمين وغير المسلمين بالجهل فجهلوا عليك فانتبهنا فزعين لنرى أن جهل الجهلاء بغير قصد كجهل الأدعياء بكل قصد.

سبحانه القائل ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾.

ألا لا يجهلـن أحـد علينـا      فنجهل فوق جهل الجاهلينـا

كما قال عمرو بن كلثوم وحسان ثابت وقال الآخر:

ولى فرس للحلم بالحلم ملجــم      ولى فرس للجهل بالجهل مسرج

ومن رام تقويمى فإنى مقــوم       ومن رام تعويجى فإنى مـعوج

عموم متفق عليه إما بالمباشرة إن أمكن وإما بالحكام، واختلف الناس في المكافأة هل تسمى عدوانا أم لا، فمن قال: ليس في القرآن مجاز، قال: المقابلة عدوان، وهو عدوان مباح، كما أن المجاز في كلام العرب كذب مباح، لأن قول القائل:

فقالت له العينان سمعا وطاعة، وكذلك: امتلأ الحوض، وقال قطنى وكذلك شكا إلى جملى طول السرى ومعلوم أن هذه الأشياء لا تنطق، وحد الكذب إخبار عن الشئ على خلاف ما هو به، ومن قال في القرآن مجاز سمى هذا عدوانا على طريق المجاز، وإذا كان ما حدث بالصحف الدانمركية والنرويجية قد أخذ من وجيب قلوبنا وأنفاس أرواحنا فإنما هى انتباهة لنتفحص أحوالنا مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فقد نكون أحد الأسباب في هذه الرسوم الكاريكاتورية البغيضة، فعلى كل مسلم أن ينتبه إلى نفسه فيراجعها ليتفقد موقع الحبيب من ذاته هل هو أحب إليه منها وهل هو أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين، أم أن النبى صلى الله عليه وسلم هو محمد البشر مثله والذى عاتبه ربه لتقصيره في القرآن كما يدعى جهلاء المسلمين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى ما فعله الغربيون في صحفهم

محمد صفوت جعفر

حب الصالحين واتباعهم

قال عز وجل ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾ كما قال أيضا سبحانه ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ ويقول المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (ما اتخذ الله وليا جاهلا ولو اتخذه لعلمه) وقال أحد الصالحين:

هم ولاة الأمر والحكم لهم���  �� فإذا جاروا فمن ذا يعدل

فكان لزاما طاعتهم وضرورة الاقتداء بهم لأنهم خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم وخدام دينه من بعده، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل) وقال أيضا صلوات ربى وسلامه عليه (العلماء ورثة الأنبياء).

فلما كان عدد الأنبياء 124 ألفا كذلك كان عدد الأولياء 124 ألفا في كل زمن لا ينقصون، فإذا مات منهم أحد حل محله غيره وهم العلماء العاملون بعلمهم. ولقد تعددت الأقوال في تعريف الصالحين منها:

قال سيدنا أنس رضى الله عنه (بلغنى أن العلماء يسألون يوم القيامة عما يسأل عنه الأنبياء). وقال سيدى أبو القاسم القشيرى (لو قرعوا الصخر بسوط تحذيرهم لذاب ولو ربط إبليس في مجلسهم لتاب) وله أيضا (اجلسوا إلى التوابين فإنهم أرق أفئدة). وقال سيدى كمال الدين الدميرى الشافعى (لا يكون العارف عارفا حتى يكون كالأرض يطؤه البر والفاجر) وله أيضا (لكل أمة صفوة وصفوة هذه الأمة الصوفية). وقال عطاء بن أبى رباح (النظر إلى العابد عبادة). ومن أقوال سيدى أبو يزيد البسطامى:

(إن لله تعالى عبادا لو حجبهم في الجنة عن رؤيته ساعة لاستغاثوا من الجنة ونعيمها كما يستغيث أهل النار). (صفة العارف صفة أهل النار لا يموت فيها ولا يحيى). (إذا رأيت مؤمنا صادقا بكلام أهل هذه الطريقة فاسأله الدعاء فإنه مجاب الدعاء).

والعبد هذا هو الحر الذى حصلت������ له الخلافة جل الله معطيــه

أوصافه ظهرت من وصف مبدعه������ وكل مظهر يبدى تجليـــه

كذلك مما قيل عن تعريف الصالحين:

(الشيخ من هداك بأخلاقه وأيدك بإطراقه وأنار باطنك بإشراقه) أبو مدين. (إن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحا) الفضل بن عياض. (العارف كل يوم أخشع لأنه كل يوم أقرب) ذو النون المصرى.

(إن الله تعالى يفتح للعارف وهو على فراشه ما لا يفتح لغيره وهو قائم يصلى) سليمان الدارانى.

عبد عليه سمات القوم لائحة����     وخلعة العز والتحكيم عاليه

فإذا كانت هذه بعض من صفات عباد الله الصالحين فكان لزاما علينا محبتهم لصدقهم في محبتهم وقربهم من خالقهم.

وفى وجوب محبة الصالحين قالوا:

(اطلبوا العلم فإن عجزتم فأحبوا أهله فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم) أبو الدرداء.

(ما تعبد متعبد بأكثر من التحبب إلى أولياء الله لأنه إذا أحبهم أحب الله وإذا أحبوه أحبه الله) أبو الفوارس. (أحب أولياء الله تعالى ليحبوك فإن الله تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه فلعله أن ينظر إلى اسمك في قلب وليه فيغفر لك) أبو يزيد البسطامى.

(من أحب من يحب الله تعالى فإنما يحب الله ومن أكرم من يكرم الله تعالى فإنما يكرم الله) سفيان الهلالى الكوفى.

اخلص ودادك صدقا في محبته��      �� والزم ثرى بابه واعكف بناديه

كما أن من أعظم الأمور التى ترتقى بالعبد وتجلب له النفع في دينه وسلوكه إلى الله صحبة هؤلاء العباد الصالحين والإقتداء بهم والتودد إليهم والانتفاع بعلمهم وفى هذا قالوا:

(من أكثر من مجالسة العلماء أطلق عقال لسانه وفتق مراتق ذهنه وسره ما وجد من الزيادة في نفسه وكانت له ولاية لما يعلم وإفادة لما تعلم) سيدنا الحسن. (إن الله خلق خلقا من رحمته برحمته لرحمته وهم الذين يقضون حوائج الناس فمن إستطاع منكم أن يكن منهم فليكن) الإمام جعفر الصادق. (والله ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح) سيدى أبو الحسن الشاذلى. (من صحب أولياء الله تعالى وفق الوصول إلى الطريق إلى الله تعالى) سعيد بن منصور الشابورى.

(كنا نأتى العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من العلم) أبو بكر القرشى.

(جالسوا أهل الدين فإم لم تجدوهم فجالسوا أهل المروءات فإنهم لا يرفثون في مجالسهم) أبو عبيدة البصرى.

(طوبى لمن تعرف بالأولياء فإنه إذا عرفهم استدرك ما فاته من الطاعات وإن لم يستدرك شفعوا عند الله فيه لأنهم أهل الفتوة) سهل السدى.

ومن أقوال سيدى ذا النون المصرى: (بصحبتك الصالحين تطيب الحياة).

(الخير مجموع في القرين الصالح إذا نسيت ذكرك وإن ذكرت أعانك).

(عليك بصحبة من تذكرك بالله عز وجل رؤيته وتقع هيبته على باطنك ويزيد في عملك منطقه ويزهدك في الدنيا عمله ولا تعصى الله مادمت في قربه يعظك بلسان فعله ولا يعظك بلسان قوله).

إذا رؤى ذكر المولــى لرؤيته���� �� وفاز بالسعد والتقريب رائيــه

وفى ملازمة الصالحين قيل أن سيدنا موسى قال: يارب أين أبغيك؟ قال عز وجل (إننى عند المنكسرة قلوبهم).

قوم كرام السجايا أينمــا حلوا����� يرى المكان علــى أثارهم عطرا

(ما بلغ أحد إلى حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة ومعانقة الأدب وأداء الفريضة وصحبة الصالحين وخدمة الفقراء الصادقين) حماد التيناتى

كما قالوا:

إن كنت تقصد أن تحظـى بصحبته�����  فاسلك على سنن طابت مساعيـه

والزم العمـر في آداب صحبتــه������ وحصل الدر والياقـوت من فيـه

كذلك من أعظم النعم التى يختص بها الله الناس أن يوفقهم لخدمة أحبابه وأصفيائه وفى هذا يقولون (من خدم الصالحين ارتفع ومن حرمه الله تعالى احترامهم ابتلاه الله بالمقت بين خلقه حسبك من الدنيا شيئين: خدمة ولى وصحبة فقير) إبراهيم بن داوود.

(لن يصفو قلبك إلا بتصحيح النية لله تعالى ولن يصفو بدنك إلا بخدمة أولياء الله تعالى) حماد التيناتى.

ألا إننا من معشر سبقت لهــم���  أياد من الحسنى فعوضوا من الجهل

ولم ينظروا يوما إلى شئ محرم     ولم يعـلموا غير التقى في الفعـل

وفينا من التوحيد والعقل شاهد����� عرفناه والتوحيد يشـهد بالعــقل

فإذا كانت هذه محبة الصالحين وصحبتهم من علو شأنها، فكان من أبغض الأفعال عند الله مجافاة الصالحين ومعادتهم فقد قال الله عز وجل في حديثه القدسى (من عاد لى وليا فقد آذنته بالحرب) وفى حديث آخر (من عاد لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة) وحدث أن سيدنا عمر بن الخطاب جاء يوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه لصلاة جنازة على رجل مات فأبى رسول الله قائلا (إنه كان يبغض عثمان بن عفان).

وفى مجافاة الصالحين قالوا (من اعترض على أحوال الصالحين فلابد أن يموت قبل أجله ثلاث موتات أخرى، موت بالذل وموت بالفقر وموت بالحاجة إلى الناس، ثم لا يجد من يرحمه منهم) سيدى أبو الحسن الشاذلى.

(قبول قلب المشايخ للمريد أصدق شاهد لسعادته ومن رده قلب شيخ من الشيوخ فلا محالة يرى غيب ذلك ولو بعد حين) أبو القاسم القشيرى.

نفعنا الله بمحبة الصالحين وأيدنا بهم دنيا ودين ورفعنا معهم في عليين

يا نعم ما نزل الكرام بساحة������� إذ كل قفر بالكرام مطير

عجبا إذا نزل الكرام بجدبة�������� تؤتى ثمارا ما لهن نظير

هانى حسن