من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -41

افهموا وتفقهوا

 

من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - 41

التحذير من خدعة الشيطان الرجيم

إياك أيها المسلم الذي يعز عليه دينه ولا يشاب بالشك يقينه أن يخدعك الشيطان الرجيم كما خدع غيرك من ضعاف العقول بقوله هذا ابن تيمية وجماعته كابن القيم وابن عبدالهادي هم من أكابر العلماء وأئمة الإسلام باعتراف من يَرِد عليهم من العلماء الإعلام وإذا كانوا كذلك فهم أعلم منك بهذه المسائل التي خالفوا فيها الأمة والأئمة ولولا أن ظهر لهم بطلان ما عليه جمهور المسلمين من السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين والاستغاثة بهم لما تجاسروا على جعلهم من جملة المشركين ولم يستثنوا من ذلك زوار سيد المرسلين والمستغيثين به من المسلمين فهذا دليل ظاهر على أنهم على الحق، لأنهم إنما راعوا جانب الله تعالى وتوحيده ولم يراعوا الخلق، فإذا قال لك الشيطان يا أخي هذا المقال وأراد أن يسوقك بهذه التمويهات الباطلة كما ساقغيرك إلى سبيل الضلال فقل له في الجواب: إن أئمة الضلال ورؤساء أصحاب البدع والأهواء هم أيضاً من أكابر الأئمة وأعلم العلماء ولكن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء ولعلم نبينا صلى الله عليه وسلم بتعليم الله تعالى له بأنه سيقع في أمته اختلاف في الدين أمَرَنَا أن نكون مع السواد الأعظم وهو جمهور المسلمين وهم أهل المذاهب الأربعة وساداتنا الصوفية وأكابر المحدثين فهذه هي الأمة المحمدية وهم جميعُهم مخالفون بدع ابن تيمية وفيهم ممن هو أكثر منه علماً وأدق فهماً وأسلم ذوقاً وأوسع معرفة وأفضل من كل الوجوه علماً وعملاً آلاف ألوف ألوف من عهده صلى الله عليه وسلم إلى الآن على الحق والهدى هذا مما لا يقبله إلا كل جاهل بهيم فاقد للعقل والذوق السليم لا سيما وخطؤه في هذه البدع بالنظر لشدة فحشه ظاهر على أنه من نوع الخيالات والأوهام لا من آراء أئمة الإسلام ولا يخفى على العوام فضلاً عن العلماء الأعلام فلا تقدر أيها الشيطان أن تقودني بزخارفك الباطلة التي قدت بها ضعاف الأحلام إلى استحسان قبائحه الظاهرة واستقباح محاسن الإسلام وهو مشروعية السفر لزيارة الأنبياء والصالحين والاستغاثة بهم ولا سيما سيدهم الأعظم صلى الله عليه وسلم. وأما تسويلك لهم ولمن اتبعهم من ضعاف العقول أن في بدعتهم مراعاة لجانب الله تعالى وتوحيده فهو من تمويهك الحق بالباطل وخلطك الحالي بالعاطل ولكن ذلك لا يروج إلا على من أراد الله رواجه عليه مع ظهور بطلانه إلى درجة لا تخفى على أجهل الجهلاء فضلاً عمن فوقه من الفضلاء والعلماء إذ من الجلي الواضح البيِّن الذي لا يخفى على من وضع الله في قلبه أدنى نور أن مراعاة جانب الله تعالى والمحافظة على توحيده إنما تكون بتعظيم من عظمة الله تعالى وتحقير من حقره الله تعالى وقد عظم الله تعالى أنبياءه وأصفياءه فعظمناهم لأجله فالتعظيم في الحقيقة راجع إليه سبحانه وتعالى وقد جعلهم سبحانه وتعالى وسائط لنا في تبليغ شرائع دينه فوسطناهم له عز وجل لقضاء حوائجنا تبعاً له في توسيطهم لنا في تبليغ شرائعه واحتقاراً لأنفسنا عن أن نكون أهلاً لطلب حوائجنا منه سبحانه وتعالى بلا واسطة لكثرةذنوبنا ووفرة عيوبنا كما أنه تعالى قد حقرك أيها الشيطان ومن اتبعك من الإنس والجان فحقرناك لذلك ومن تحقريك أن لا نقبل منك هذه الوساوس والتمويهات التي تسوقها إلينا وتلقيها علينا فنحن عبيده سبحانه وتعالى نحب بحبه من أحبه ونعظم من عظمه ونبغض ببغضه من أبغضه ونحقر من حقره فنحن والحمد لله المراعون لجانب الله تعالى وتوحيده لا أولئك المبتدعون الذين قدتهم بزمام زخارفك وتمويهاتك إلى التقصير في حق أنبياء الله تعالى وأصفيائه ولا سيما حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم فإذا فعلت هذا أيها المسلم في رد تلك الوساوس تغلب ذلك الشيطان الرجيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الرد على الوهابية

في نقل كلام الإمام العلامة ناصر السنة في هذا الزمان سيدي السيد أحمد دحلان مفتي الشافعية في مكة المشرفة في كتابه (خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام)، وله كتاب مستقل في الرد على الوهابية. ولكن كلامه في الكتاب المذكور كاف واف شاف، وها أنا أنقله برمته وهو جامع مع كل ما يلزم ذكره في هذا الشأن في إثبات الحق ودحض الأباطيل ورد شبههم بأوضح بيان وأقوى دليل.

قال رحمه الله تعالى -ذكر الشبه التي تتمسك بها الوهابية-، ينبغي أولاً أن نذكر الشبهات التي تمسك بها ابن عبدالوهاب في إضلال العباد، ثم نذكر الرد عليه ببيان أن كل ما تمسك به زور وافتراء وتلبيس على عوام الموحدين، فمن شبهاته التي تمسك بها زعمه أن الناس مشركون في توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين، وفي زيارتهم قبره صلى الله عليه وسلم وندائهم له بقولهم يا رسول الله نسألك الشفاعة، وزعم أن ذلك كله إشراك وحمل الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الخواص والعوام من المؤمنين، كقوله تعالى ﴿فلا تدعوا مع الله أحد﴾ وقوله تعالى ﴿ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلونv وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين﴾ وقوله تعالى ﴿ولا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين﴾ وقوله تعالى ﴿ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين﴾ وقوله تعالى ﴿له دعوة الحقv والذي يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ وقوله تعالى ﴿والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير﴾ وقوله تعالى ﴾قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذور﴾ وأمثال هذه الآيات كثير في القرآن، كلها حملها على الموحدين، قال محمد بن عبدالوهاب: إن من استغاث أو توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، أو ناداه، أو سأله الشفاعة، فإنه يكون مثل هؤلاء المشركين، ويكون داخلاً في عموم هذه الآيات، وجعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً مثل ذلك، وقال في قوله تعالى حكاية عن المشركين في اعتذارهم عن عبادة الأصنام ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾، إن المتوسلين مثل هؤلاء المشركين الذين يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فإن المشركين ما اعتقدوا في الأصنام أنها تخلق شيئاً، بل يعتقدون أن الخالق هو الله تعالى، بدليل قوله تعالى ﴿ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله﴾ وقوله تعالى ﴿ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله﴾ فما حكم الله عليهم بالكفر والإشراك إلا لقولهم ﴿ليقربونا إلى الله زلفى﴾. فهؤلاء مثلهم، هكذا احتج محمد بن عبدالوهاب ومن تبعه على المؤمنين، وهي حجة باطلة، فإن المؤمنين ما اتخذوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا الأولياء آلهة، وجعلوهم شركاء الله بل هم يعتقدون أنهم عبيد الله مخلوقون له، ولا يعتقدون استحقاقهم العبادة، ولا أنـهم يخلقون شيئاً، ولا أنهم يمـلكون نفعاً أو ضر. وإنما قصدوا التبرك بهم لكونهم أحباء الله المقربين، الذين اصطفاهم واجتباهم، وببركتهم يرحم الله عباده، ولذلك شواهد كثيرة من الكتاب والسنة سنذكر لك كثيراً منه. فاعتقاد المسلمين أن الخالق النافع الضار هو الله وحده. ولا يعتقدون استحقاق العـبادة إلا الله وحده، ولا يعتـقدون التأثير لأحد سواه. وأما المشركون الذين نزلت فيهم الآيات السابق ذكرهـا فـكانوا يتخذون الأصنام آلهة، والإله معنـاه المستحق للعبادة فهم يعتقدون استحـقاق الأصنام للعبادة فاعتقادهم استحقاقها العبادة هو الذي أوقـعهم في الشرك، فلما أقيمت عليهم الحجة فأنها لا تمـلك نـفعاً ولا ضراً، قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فكيف يجوز لمحمد بن عبدالوهاب وأتباعه أن يجعلوا المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين الذين يعتقدون أولهية الأصنام إذا علمت هذا تعلم أن جميع الآيات المتقدم ذكرها وما ماثلـها من الآيات خاص بالكفـار والمشركين ولا يدخل فيها أحد من المؤمنين لأنهم لا يعتقدون ألوهية غير الله تعالى ولايعتقدون استحـقاق العبادة لغيره.

السابق  التالي

 

افهموا وتفقهوا

س: ما هو حكم من عجز عن القيام في الصلاة المفروضة؟

ج: إذا عجز المصلى عن القيام استقلالا لعجز حل به في صلاة الفرض أو قدر على القيام ولكن خاف حدوث مرض أو زيادته أو تأخير برء أو خاف خروج حدث كالريح ندب له أن يستند لغير الجنب والحائض كأن يستند لحائط أو قضيب أو على شخص، فإن استند للجنب أو الحائض أعاد الصلاة في وقتها الضرورى، ولو صلى جالسا استقلالا مع القدرة على القيام مستندا صحت صلاته، أما النفل فيجوز فيه الجلوس ويجوز بعضه من قيام وبعضه من جلوس.

س: ما هو حكم من تعذر عليه القيام مستندا؟

ج: فإن تعذر عليه القيام مستندا، جلس مستقلا وجوبا بدون استناد، فإن لم يقدر على جلوسه مستقلا جلس مستند ويندب له أن يتربع سواء كان جلوسه مستقلا أو مستندا فيكبر للإحرام متربعا ويركع ويرفع كذلك، ثم يغير جلسته إذا أراد أن يسجد فيسجد على أطراف قدميه ويجلس بين السجدتين وفى التشهد إلى السلام كالجلوس، والمتقدم في مندوبات الصلاة ثم يرجع متربعا للقراءة وهكذا وهو بهذه الكيفية كالمتنقل من جلوس.

س: ما هو الحكم إذا استند القادر على القيام استقلالا أو على الجلوس استقلالا؟

ج: لو استند القادر على القيام استقلالا أو استند القادر على الجلوس استقلالا وكان ذلك الاستناد في الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع بحيث لو أزيل العماد المستند إليه سقط فإن صلاته تبطل، وإن لم يسقط على فرض زواله أو كان استناده في قراءة السورة كره استناده ولا تبطل الصلاة، فلو جلس حال قراءة السورة بطلت للإخلال بهيئة الصلاة.

س: ما هو الحكم إذا عجز عن الجلوس استقلالا ومستندا؟

ج: إذا لم يقدر على الجلوس بحالتيه صلى على شقه الأيمن بالإيماء ندبا، فإن لم يقدر فعلى شقه الأيسر ندبا أيضا، فإن لم يقدر فعلى ظهره، ورجلاه للقبلة وجوبا، فإن لم يقدر فعلى بطنه ورأسه للقبلة وجوبا، فإن قدم بطنه على ظهره بطلت صلاته كما تبطل بتقديم الاضطجاع بحالتيه على الجلوس بحالتيه، ولا تبطل بتقديم الظهر على الشق بحالتيه ولا بتقديم الشق الأيسر على الأيمن.

على المذهب المالكى
اشراف محمد الحسن ود الفكى