جبال ووديان وآبار المدينة
جماوات
الجماوات ثلاثة جبال غير كبيرة تقع في الجهة الغربية من المدينة
المنورة وعلى امتداد قسم من وادي العقيق، وكلمة جماوات جمع جماء، ومن معاني هذه
الكلمة الشاة التي ليس لها قرون. ويروى أنها سميت بهذا الاسم لأن قسمها العلوي
ممتد وليس له قمة. وتتوالى هذه الجماوات من الغرب إلى الشرق مع ميل واضح نحو
الشمال على النحو التالي:�
جماء العاقر، وتسمى أيضاً جماء العاقل، وهي أبعدها عن المدينة.
جماء أم خالد، وتقع شمالي جماء العاقر. جماء تضارع، وهي أقرب الجماوات
إلى المدينة، ويسمى السهل الذي يقع في قاعدتها ويمتد بمحاذاة العقيق (العرصة).
جـبل ذبـاب
جبل صغير أسود، يقع في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي،
ويبعد عن سوره الحالي أقل من كيل، ولا يتجاوز ارتفاعه عشرين متر. ويروى أنه سمي
بهذا الاسم نسبة إلى رجل من اليمن، قدم إلى المدينة وقتل بعض أهلها فقتل وصلب على
بعض صخوره، وكانت الطريق الخارجة من ثنية الوداع الشامية تمر به فيراه الداخلون
والخارجون. كما أن الخندق الذي حفره المسلمون في السنة الخامسة للهجرة يمر من
قاعدته الغربية. وتذكر بعض الكتب التاريخية أنه ضربت قبة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فوقه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد راية لبعض الصحابة عنده، لذلك بني
فوقه مسجد أثري صغير سمي مسجد الراية أو مسجد ذباب، وفي وقتنا الحاضر غطى العمران
معظم الجبل، وأصبح المسجد الأثر المميز للجبل.
جـبل عيـر
يقع جبل عير في المنطقة الجنوبية الغربية من المدينة المنورة، ويبعد
عن المسجد النبوي ثمانية أكيال، ومتوسط عرضه سبعون متراً، وارتفاعه عن سطح البحر
حوالي 955 متر. وهو جبل طويل يمتد من الشرق إلى الغرب، وسطحه مستوٍ ليس فيه قمة
لذلك سمي بجبل عير تشبيهاً له بظهر الحمار الممتد باستواء يبلغ طوله ألفي متر
تقريباً، ويعد جبل عير الحد الجنوبي لحرم المدينة المنورة، وقد ورد في الحديث
الشريف: (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور).
جبل أحد
من أهم المعالم الطبيعية في المدينة وأظهرها، ويمتد أحد كسلسلة جبلية
من الشرق إلى الغرب، مع ميل نحو الشمال، في الجهة الشمالية من المدينة، ومعظم
صخوره من الجرانيت الأحمر، وأجزاء منه تميل ألوانها إلى الخضرة الداكنة والسواد،
وتتخلله تجويفات طبيعية تمسك مياه الأمطار أغلب أيام السنة، لأنها مستورة عن
الشمس، وتسمى تلك التجويفات (المهاريس). ويبلغ طول جبل أحد سبعة أكيال، وعرضه ما
بين 2-3 أكيال، ويبعد عن المسجد النبوي خمسة أكيال تقريباً، وتنتشر على مقربة من
جبل أحد عدة جبال صغيرة، أهمها: جبل ثور في شماله الغربي، وجبل عينين في جنوبه
الغربي. ويمر عند قاعدته وادي قناة ويتجاوزه غرباً ليصب في مجمع الأسيال. ويرتبط
اسم هذا الجبل بموقعة تاريخية وقعت في السنة الثالثة للهجرة وسميت باسمه (غزوة أحد)
وكان ميدانها الساحة الممتدة ما بين قاعدته الجنوبية الغربية وجبل عينين الذي يبعد
عنه كيلاً واحداً تقريباً ويسمى أيضاً (جبل الرماة). فقد زحفت قريش وحلفاؤها إلى
المدينة لتنتقم من المسلمين وتثأر لقتلاها في غزوة بدر التي وقعت في السنة الثانية
للهجرة وتصدى لهم المسلمون في هذا المكان، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرماة على جبل عينين وأوصاهم ألا يغادروه مهما كانت الظروف حتى يأتيهم أمره. ودارت
المعركة ورجحت كفة المسلمين وبدأ المشركون بالهرب، وظن معظم الرماة أن المعركة
حسمت لصالح المسلمين فنزلوا من الجبل ولم يلتفتوا لنداءات أميرهم وتبعوا المشركين
وبدؤوا يجمعون الغنائم. وانتهز قائد فرسان المشركين خالد بن الوليد ـ ولم يكن قد
أسلم بعد ـ الفرصة والتف بفرسانه بسرعة من حول الجبل وفاجؤوا بقية الرماة فقتلوهم
ثم هاجموا المسلمين من خلفهم فتشتت صفوفهم واستشهد منهم سبعون ـ وكان منهم حمزة بن
عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ثم انسحب المشركون ودفن الشهداء في
موقع المعركة عند قاعدة جبل أحد بينه وبين جبل عينين، وقبورهم يزورها المسلمون
أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي زارهم ودعا لهم. ولجبل أحد مكانة كبيرة في
نفوس المسلمين فقد وردت في فضله أحاديث عدة منها قوله صلى الله عليه وسلم (إن أحداً
جبل يحبنا ونحبه).
معجم البلدان ومصادر أخرى
بالحقائق
ناطقين
إلى جماعة الصوفية
هذه رسالة كتبها الفقير إلى الله تعالى عبد الكريم بن هوازن القشيرى
إلى جماعة الصوفية ببلدان الإسلام، فى سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
أما بعد .. رضى الله عنكم فقد جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه
وفضلهم على الكافة من عباده، بعد رسله وأنبيائه، صلوات الله وسلامه عليهم، وجعل
قلوبهم معادن أسراره، واختصهم من بين الأمة بطوالع أنواره، فهم الغياث للخلق،
والدائرون فى عموم أحوالهم مع الحق بالحق، صفاهم من كدورات البشرية، ورقاهم إلى
محال المشاهدات بما تجلى لهم من حقائق الأحدية، ووفقهم للقيام بآداب العبودية،
وأشهد مجارى أحكام الربوبية، فقاموا بأداء ما عليهم من واجبات تكليف، وتحققوا بما
منه سبحانه لهم من التقليب والتصريف، ثم رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى بصدق
الافتقار ونعت الانكسار، ولم يتكلوا على ما حصل منهم من الأعمال، أو صفا لهم من
الأحوال، علما منهم بأنه جل وعلا يفعل ما يريد، ويختار من يشاء من العبيد، لا يحكم
عليه خلق، ولا يتوجه عليه مخلوق حق، ثوابه ابتداء فضل، وعذابه حكم بعدل، وأمره قضاء
فصل.
هذا ما كتبه الإمام القشيرى منذ ما يقرب من الألف سنة يمدح به أهل الله
من الصوفية وقد أوردته بدون تعليق لكى أرد على من يدعى بحداثة الصوفية وضعف جذورها
فى التاريخ الإسلامى وإن كانت تلك الصفات التى وصفها إنما قد تأصلت عبر مئات السنين
قبل كتابة هذه السطور.
هاديه الشلالي
إلى من نحب ونرضى
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الحبيب ابن الحبيب أبو الحبيب إلى عطاء الله إلى المصطفى من السيد
البرهانى إلى صاحب الحمى، إلى الأب الذى تعجز الكلمات عن ذكر خصائصه ومعانيه، إلى
الإمام ابن الإمام أبو الإمام إلى مولانا الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده
البرهاني
يقول الحق سبحانه ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر
لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب
الكافرين﴾ ومما قاله ابن كثير فى تفسيره لهذه الآيات الشريفة:
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة
المحمدية فإنه كاذب فى دعواه فى نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدى والدين النبوى فى
جميع أقواله وأفعاله كما ثبت فى الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ولهذا قال ﴿إن كنتم تحبون الله فاتبعونى
يحببكم الله﴾.
أما الإمام السيوطى فيقول فى (الدر المنثور) عن هذه الآيات الشريفة:
أخرج ابن جرير من طريق بكر بن الأسوف عن الحسن قال: قال قوم على عهد
النبى صلى الله عليه وسلم: يا محمد إنا نحب ربنا، فأنزل الله ﴿قل إن كنتم تحبون
الله فاتبعونى يحببكم لله ويغفر لم ذنوبكم﴾ فجعل إتباع نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم علما لحبه، وعذاب من خالفه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: كان أقوام يزعمون أنهم
يحبون الله، يقولون: إنا نحب ربنا، فأمرهم الله أن يتبعوا محمدا، وجعل اتباع محمد
صلى الله عليه وسلم علما لحبه.
وأخرج الأصبهانى فى الترغيب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم (لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون هواه تبعا لما جئتكم به).
وأخرج ابن أبى حاتم من طريق حوشب عن الحسن فى قوله ﴿فاتبعونى يحببكم
الله﴾ قال: فكان علامة حبهم إياه اتباع سنة رسوله.
ويقول الإمام البيضاوى فى تفسيره لهذه الآيات الشريفة:
﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى﴾ المحبة ميل
النفس إلى الشئ لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها إليه والعبد إذا علم أن
الكمال الحقيقى ليس إلا لله وأن كل ما يراه كمالا من نفسه أو غيره فهو من الله
وبالله وإلى الله لم يكن حبه إلا لله وفى الله وذلك يقتضى إرادة طاعته والرغبة فيما
يقربه إليه فلذلك فسرت المحبة بإرادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول فى عبادته
والحرص على مطاوعته ﴿يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم﴾ جواب للأمر أى يرض عنكم ويكشف
الحجب عن قلوبكم بالتجاوز عما فرط منكم فيقربكم من جناب عزه ويبوئكم فى جوار قدسه
عبر عن ذلك بالمحبة على طريق الاستعارة أو المقابلة ﴿والله غفور رحيم﴾ لمن تحبب
إليه بطاعته واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم ﴿قل أطيعوا الله والرسول فإن تولو﴾
يحتمل المضى والمضارعة بمعنى فإن تتولوا ﴿فإن الله لا يحب الكافرين﴾ لا يرضى عنهم
ولا يثنى عليهم وإنما لم يقل لا يحبهم لقصد العموم والدلالة على أن التولى كفر وإنه
من هذه الحيثية ينفى محبة الله وأن محبته مخصوصة بالمؤمنين .
ومن هنا يأتى الاقتفاء الفريد النفيس لمولانا الشيخ محمد عثمان عبده
البرهانى رضى الله عنه فيقول:
فطاعة إبراهيم إن رمتم الهـدى كمال عطائى بل نجاح المقاصد
فإذا تجولنا فى هذا البيت النفيس فكأنه رضى الله عنه يحثنا على الطاعة
التى هى النجاة كما قال رضى الله عنه:
قوام طريق القوم حب وطاعة وكل مقام قام بالإستـقـامـة
وقال أيضا:
مرادى إن سمعتم أن تقولوا أطعنا جاهرين ولا تظنـوا
فتعالى معى أيها القارئ الكريم لنذهب إلى أهل اللغة فنجد أن كلمة (طاعة)
معناها التسليم والإنقياد والإتباع (إبراهيم) إشارة إلى الوارث المطاع كما قال
سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه عندما ولى الخلافة (أطيعونى ما أطعت الله فيكم)
ثم قال (إن رمتم) أى إذا أردتم�� (الهدى) النجاح
والفلاح والرشاد والوصول إلى الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم و(الهدى)
مشتقة من اسم الله تعالى (الهادى) وهو الذى بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى
أقروا بربوبيته وهدى كل مخلوق إلى ما لابد منه فى بقائه ودوام وجوده فيقول الحق
تبارك وتعالي﴿إن علينا للهدى﴾أى إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال وفى
الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم لعلى كرم الله وجهه (سل الله الهدى) ثم قال رضى
الله عنه بعد ذلك (كمال عطائى) أى كمال وتمام السعادة كما قال رضى الله عنه:
فنعم مريدى من وليد ومرضع بى الله قد أعطاه كفر الخطيـئة
وقال أيضا:
من بعدها يحيا المريد بفطــرة ذاك الفـطام وذا اتم عطـــاء
وقال أيضا:
كفى الجود والسخاء عطــائى لست من خاف شح نفس فيكدى
وقال أيضا:
فيشرب الحب صافى العذب أعذبه وسلسبيل العطايا ملء حانـتـنـا
والإعطاء من العطية وهى إشارة إلى السعادة التى هى ضد الشقاء، ثم قال
رضى الله عنه (بل نجاح المقاصد) والنجاح هو الظفر بالحوائج والفلاح.
أحمد خليل
|