لولا هواهم

الصدقة

شراب الوصل

 

لولا هواهم

أحبابى فى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. إن للإيمان لذة ومذاقا لا يحظى بهما إلا من كان فى قلبه حب آل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم وحرصا منه صلوات ربى وسلامه عليه على إيمان أمته أورد لنا أحاديث عديدة منها ما أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان وغيره أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتى أحب إليه من عترته وذاتى أحب إليه من ذاته ويكون أهلى أحب إليه من أهله) والعترة هى النسل والذرية، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه وعن حبنا أهل البيت) وأخرج الديلمى عن الإمام على كرم الله وجهه أنه قال صلى الله عليه وسلم (أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتى وأصحابى) وفى الصحيح أن العباس رضى الله عنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تفعله قريش من تعبيسهم فى وجوههم وقطعهم حديثهم عند لقائهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا حتى احمر وجهه ودر عرق بين عينيه وقال (مابال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتى قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لقرابتهم منى) وفى رواية (والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله) وأخرج الطبرانى فى الأوسط عن ابن عمر قال: آخر ما تكلم به النبى صلى الله عليه وسلم (اخلفونى فى أهل بيتى) وعن الإمام على كرم الله وجهه قال (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن) وأخرج ابن عدى والبيهقى فى شعب الإيمان عن الإمام على كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم يعرف حق عترتى والأنصار والعرب فهو لأحد ثلاث إما منافقا وإما لزنية وإما لغير فهو رائى حملته أمه على غير طهر) وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار) رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين، وعن زيد بن أرقم رضى الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال (أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتى أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى) والثقل هو المحرك أو كل شئ نفيس، رواه مسلم فى صحيحه ورواية أخرى فى مسند الإمام أحمد (... كتاب الله وعترتى أهل بيتى، وإن اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لا يفترقا حتى يردا على الحوض يوم القيامة فانظروا فيما تخلفونى فيهما).

وحتى لا تتفرق أمة الإسلام وتنتشر العداوة بينها أمرنا المولى فى كتابه الكريم فقال {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} وقد أخرج الثعلبى فى تفسير هذه الآية فقال عن الإمام جعفر بن محمد رضى الله عنهما قال (نحن حبل الله الذى قال الله واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) كما قال سعيد بن جبير: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابى فقال يا رسول الله سمعتك تقول واعتصموا بحبل الله فما حبل الله الذى نعتصم به؟ فضرب النبى صلى الله عليه وسلم يده فى يـد على وقال (تمسكوا بهذا هو حبل الله المتين) ومن قال أن حبل الله هو القرآن فقد صدق لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال (كتاب الله وعترتى) أى انهما توءمين لن يفترقا، فتارة يخبر المعصوم أن القرآن هو حبل الله وتارة أخرى يخبر بأن أهل بيته حبل الله وذلك يدعم طرق الحديث لأن من اعتصم بهما لا يضل ولا يشقى، لذلك وجب علينا محبة أهل البيت الذين لا يفارقون القرآن، ورضى الله تبارك وتعالى عن العارف بالله الإمام فخر الدين رضى الله عنه حيث قال:

لولا هواهم فى القلوب وفى الحشا      ما ذاق قلب لذة الإيمان

محمد مقبول

كيف يوضع الميت فى قبره وما يقرأ عليه


رغب الإسلام فى الصدقة والعطف على الفقراء ومواساة أهل الحاجة والمسكنة، ورتب على ذلك أعظم الأجر عند الله تعالى يوم القيامة، فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل يصرف راحلته فى نواحى القوم فقال (من كان عنده فضل من ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له) قال ابن مسعود: حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا فى فضل.

وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربى أحدكم فلوه -أى مهره- حتى تكون مثل الجبل).

وقد بين لنا النبى صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تُظل العبد يوم القيامة وتحول بينه وبين حر الشمس حينما تدنو من الرؤوس، فعن عقبة بن عامر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (كل امرئ فى ظل صدقته حتى يقضى بين الناس).

وأجر الصدقة يقع مضاعفا إلى سبعمائة ضعف يوم القيامة، فعن أبى مسعود الأنصارى رضى الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه فى سبيل الله، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة).

كما أن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، فعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء).

وقال صلى الله عليه وسلم (لا يخرج أحد شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحى سبعين شيطانا).

وأخبر الحق سبحانه أن الصدقة زكاة وطهارة للمسلم، حيث تزكو نفسه وترتفع عن أخلاق السفلة من الشح والبخل وغيرها فقال سبحانه {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وحينما سمع الصحابة رضى الله عنهم قول الله عز وجل {فاستبقوا الخيرات} وقوله سبحانه {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} فهموا من ذلك أن المراد أن يجتهد كل واحد منهم حتى يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل للآخرة أكثر منه نافسه وحاول اللحاق به بل ومجاوزته، فكان تنافسهم فى درجات الآخرة واستباقهم إليها كما قال سبحانه {وفى ذلك فليتنافس المتنافسون} أما نحن فعكسنا الأمر، فصار تنافسنا فى الدنيا وحظوظها الفانية، وقد قال الإمام الحسن: إذا رأيت الرجل ينافسك فى الدنيا فنافسه فى الآخرة، وقيل فى ذلك: إذا استطعت أن لا يسبقك أحد فافعل.

وقال الإمام عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه فى حجة حجها عند دفع الناس من عرفة: ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له.

وعن سعيد بن هلال أن ابن عمر رضى الله عنهما نزل الجحفة وهو مريض فاشتهى سمكا، فلم يجدوا إلا سمكة واحدة، فلما قربت إليه أتى مسكين حتى وقف عليه، فقال له ابن عمر خذها، فقال له أهله: سبحان الله! قد عنيتنا ومعنا زاد نعطيه، فقال: إن عبد الله يحبه!!

وبشر النبى صلى الله عليه وسلم الفقراء بأن الصدقة لا تختص بالمال، وأن الذكر وسائر الأعمال صدقة، فعن أبى ذر رضى الله عنه أن أناسا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال صلى الله عليه وسلم (أو ليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به، إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، وفى بضع أحدكم صدقة).

وينبغى على المنفق أن يقصد بالصدقة وجه الله عز وجل، فإن لم يقصد بها وجه الله وقصد بها رياء وسمعة لا تقبل منه، وأن يتخير الحلال، فعن ابن عمر رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يقبل الله صدقة من غلول) كما قال أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) وعلى المتصدق أيضا أن يتحرى بصدقته أهل الدين الذين يستعينون بهذه الصدقة على طاعة الله، ولا ينفقها عند أهل المعاصى حتى لا يكون معاونا لهم على المعصية والإثم، وعلى المتصدق أيضا أن يسر بصدقته ما استطاع، إلا إذا كان فى إعلانها مصلحة راجحة، فقد قال سبحانه {إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله قال (ورجل تصدق بصدقة حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).

صالح أمين

شراب الوصل

وأفطم منكم من أتم رضاعة    وأورث سرى للذى فيه صبغتى

(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضآر والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك ... ) 233 البقرة، والشيخ المرشد للمريد كالأم يعلمه ذكر الله باللسان فإن أتم ذكر الرضاع فطمه بذكر القلب ثم إذا ترقى إلى ذكر السر وهو ذكر الروح (واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول)205 الأعراف، انصبغ بصبغة الله التى انصبغ بها شيخه (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) 138 البقرة، وقد روى الحافظ البزار فى مسنده عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أيصبغ ربك؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نعم صبغا لا ينفض أحمر وأصفر وأبيض" وهنا يكون المريد اهلا للأسرار وراثة من شيخه . كما قال صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يؤرثوا درهما ولادينارا ولكن ورثوا العلم) أبو داود عن أبى الدرداء، فطام الصبى فصاله عن أمه وفطام الرجل عن عادته، وأورث سرى للذى فيه صبغتى: وأورث من باب الوراثة وورث فلان فلانا إذا أدخله فى ماله سرى من السر وهو الإخفاء والكتم وأسر إليه حديثا أى أفضى إليه، صبغتى من صبغة الله دينه والصبغة مايصبغ به.

لقيت من المولى رضاه وقربه         نشرت عليكم بردتى وعباءتى

 يقول الحق { فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم} 88 الواقعة{ والسابقون السابقون أولئك المقربون } 11 الواقعة،وفى حديثه القدسى (من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن أتانى ماشيا أتيته هرولة ) فبعد أن سعى الشيخ مرفوع الهامة لقيه الله بالرضا وكساه عباءة الإحسان والقربة وعن ربعى بن خراش العبسى قال: مرض أخى الربيع بن خراش فمرضته ثم مات فذهبنا نجهزه فلما جئنا رفع الثوب عن وجهه ثم قال: السلام عليكم، قلنا: وعليك السلام قد مت، قال: بلى، ولكن لقيت بعدكم ربى ولقينى بروح وريحان ورب غير غضبان، ثم كسانى ثيابا من سندس أخضر، وإنى سألته أن يأذن لى أن أبشركم فأذن لي، وإن الأمر كما ترون فسددوا وقاربوا، وبشروا ولا تنفروا، ولقد بشرنا الشيخ بطينا تحت بردة إحسانه وعباءة انتسابه لأهل بيت الحبيب صلى الله عليه وسلم رضاه وقربه : رضاه من الرضوان فى قوله {ورضوان من الله أكبر} وهو الرضا بل المبالغة فيه وقربه من القرب فى قوله {إن رحمة الله قريب من المحسنين} وهى الدنو، نشرت عليكم:  نشرت من النشر وهو البسط وهو ضد الطى والنشر أيضا الرائحة الطيبة، بردتى وعباءتى البردة كساء والجمع برد والعباءة أيضا كسوة وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل بيته فى المباهلة ولذلك سموا أهل العباءة .

محمد صفوت