التـبـرك
استكمالا لحديثنا السابق حول التبرك فقد انتهينا إلى التبرك بدمه
صلوات ربى وسلامه عليه..
التبرك
بماء
وضوئه
صلى الله عليه وسلم
كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بماء وضوئه
صلى الله عليه وسلم،
فقد
أخرج البخارى عن عون بن أبى جحيفة عن أبيه قال:
أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى قبة حمراء من دم ورأيت بلال أخذ وضوء النبى
صلى الله عليه وسلم والناس يبتدرون فى الوضوء فمن أصاب منه شيئا تمسح به ومن لم يصب
منه شيئا أخذ بكل يد صاحبه.
وفيما أخرجه
البخارى بسنده:
أن
عروة جعل يرمق أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بعينه
وقال:
فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت فى كف
رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده،
وإذا أمرهم ابتدروا أمره،
وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه،
وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده،
وما يحدون
إليه
النظر تعظيما له،
فرجع عروة الى أصحابه فقال: أى قوم
..
والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشى والله إن رأيت
-أى
ما رأيت-
ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا،
والله إن تنخم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده،
وإذا أمرهم ابتدروا أمره،
وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه،
وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده،
وما يحدون النظر
إليه
تعظيما له.
رواه البخارى فى كتاب الشروط باب الشروط فى الجهاد،
وفى فتح البارى.
وعن طلق بن على قال خرجنا وفدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا فاستوهبناه من فضل طهوره،
فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه لنا فى إداوة وأمرنا فقال
(اخرجوا
فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا، قلنا:
إن البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف، فقال: مدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا)
رواه النسائى.
فما السر فى حمل هؤلاء القوم ماء وضوئه صلى الله عليه وسلم عدة
بلدان لينضحوه
مكان البيعة؟ أليس هذا تبركا صريحا.
وللبخارى
أيضا
عن شعبة بن
أبى
جحيفة قال:
أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالمهاجرة إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين
والعصر ركعتين
وقام
الناس وجعلوا يأخذون يديه
فيمسحون بهما
وجوههم،
وقال أبا جحيفة:
فإذا هى
أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك.
وروى البخارى بسنده عن جابر رضى الله عنه قال: جاء رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعودنى وأنا مريض لا أعقل فتوضأ
وصب
علىّ
من وضوئه فعقلت
-أى
عقلت ببركة ماء الوضوء-
فقلت يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثنى كلالة،
فنزلت آية الفرائض.
التبرك بمكان صلاته وموضع
قدمه صلى الله عليه وسلم
جاء فى الحديث عن أبى مجلز أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى
العشاء ركعتين ثم قام فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ثم قال ما
ألوت أن أضع قدمى حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه وأنا أقرأ بما قرأ به
رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه النسائى.
التبرك بموضع لامس فم
النبى صلى الله عليه وسلم
روى الإمام أحمد وغيره عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه
وسلم دخل على أم سليم وفى البيت قربة معلقة فشرب من فيها
-أى
من فم القربة-
وهو نائم،
قال أنس: فقطعت أم سليم فم القربة فهو عندنا. رواه الطبرانى.
التبرك بما مسته يده
صلى الله عليه وسلم
أخرج البيهقى والدارقطنى والإمام
أحمد وابن
حبان والنسائى: كان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن النبى صلى الله عليه
وسلم مسح عليها.
التبرك بجبته صلى الله عليه وسلم
وعن
السيدة
أسماء بنت أبى بكر:
أنها
أخرجت جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج وقالت: هذه جبة
رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عند عائشة
حتى قُبضت،
فلما قبضت قبضتها، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى
يستشفى
بها.
رواه الإمام مسلم فى كتاب اللباس والزينة الجزء الثالث.
محمد سيد
دوائرالحق والواجب والباطل
دائرة التاريخ
إن المتأمل للتاريخ البشري أول مايجد اعتراض الجنس الملائكي على خلق البشر لأنه
سيفسد في الأرض ويسفك الدماء كحكم على عامة البشر لاعلى خواصهم من الصالحين
والمصلحين ، وكانت أول جريمة بسبب رغبة قابيل في أخذ ماليس من حقه بالقوة وهو
اعتداء على حقوق الآخر وكان هذا الآخر أخيه هابيل وكان أول اغتصاب في تاريخ
البشرية .
وكثر البشر وساد قانون الغابة ألا وهو ( البقاء للأقوى ) ولذا ظهرت القوانين
السماوية والوضعية للحد من تلك الجرائم ، ففي الحضارات القديمة والتي اتفقت في
مجملها سواء في الحضارة الصينية والفرعونية وقانون ( كاراكلا) من الحضارات
الإغريقية والرومانية على إنزال أقصى العقوبة الجسدية على الشخص الذي يقوم باغتصاب
ماليس له دون رضا الآخر سواء بالحبس أو بتر أحد أعضائه تبعا لنوع الجرم الذي اقترفه
.
ورضخ الناس للقانون لأن الأنسان مخلوق اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده فتنازل
الأفراد عن بعض رغباتهم أو حقوقهم في مقابل الحصول على الأمن والسلام داخل المجتمع
الذي يعيشون فيه وهو ما يسميه ( جان جاك روسو ) بنظرية العقد الإجتماعي وكان على كل
المجتمع واجب واحد هو احترام حقوق الآخرين ومن خرج من حدود إحترام حقوق الآخر فلابد
من إنزال العقوبة به كي لايعود الناس لحالة الفوضى وقانون الغابة ، وعلم الجميع أن
حريته تنتهي عندما تبدأ حقوق الآخرين .
ولكن الناس دائما على اختلاف أمزجتهم وطبائعهم لايرضون بالعقوبة إما لأنها لاتتناسب
مع حجم الجريمة أو لكونهم لايرون تجريم الحادثة الواقعة ، فكان لابد لهم أن يتفقوا
على قوانين التجريم أي اعتبار ماحدث هل هو جريمة أم لا !
وبعد ذلك ولعدم صدق الناس احتاجوا إلى ما يسمي بتقنين طرق الأثبات أي التأكد بأن
المدعي بالحق قد وقع عليه الفعل الذي يدعيه على طرف آخر وبذلك تم تقسيم الحقوق إلى
حق مدني وحق جنائي إضافة إلى حق المجتمع الذي أضير بانتهاك العقد الأجتماعي .
وفي ذلك انقسمت المجتمعات الحديثة إلى قسمين أحدهما النظام الفرنسي الذي سن قوانين
للجريمة والعقاب والحقوق والواجبات ، أما النظام الإنجليزي فيقوم على نظام السوابق
القضائية حيث يقوم القاضي بالنظر في القضايا السابقة والحكم كما كان فيها فإن لم
يجد فعليه بالإجتهاد للحكم فيما بين يديه .
ولكن عدم انصياع الناس للقوانين والأعراف والتلاعب في التهرب من الأحكام والحيلة في
إبطال طرق الإثبات أدى إلى ضياع حقوق الضعفاء ، كما أن المجتمعات التي تأبى الذهاب
إلى المحاكم خوفا من الفضيحة وخصوصا في الجرائم المتعلقة بالشرف نشأ فيها نوع من
المجموعات التي تقوم بمهمة أخذ هذه الحقوق دون اللجوء إلى الدولة وكان من أشهر هذه
المجموعات المافيا التي نشأت في جزيرة صقلية الإيطالية ، وهي لم تقوم على السلب
والنهب ولكن قامت لرد المظالم وحماية الأسرة ، ولكن الأمر قد تطور فيما بعد فصار
البعض منها يقوم بأنواع جديدة من الجرائم كالإتجار في الممنوع نقله تجاريا من بلد
إلى آخر مثل نقل الخمور إلى أمريكا ثم تجارة الرقيق بصنفيه الأسود والأبيض ثم كارثة
المخدرات وتزوير العملات .
في ظل ذلك التشابك في الموضوعات والقوانين الدينية والمدنية وفي ظل اختلاف القيم
والعادات والتقاليد والأعراف الحديثة اختلط الأمر على الناس ليس في تطبيق القانون
فحسب بل في طرق الإثبات بل في تجريم الفعل ذاته ، فتلاحظ أن طائفة من الناس يقفون
بجوار المجرم لاحبا فيه ولادفاعا عنه بل دفاعا عن ميولهم لارتكاب ذات الجرم أو
التهرب من تأنيب الضمير لأنهم إرتكبوا ذات الجرم من قبل .
ولذلك تجد المغرضين في كل دين يحاولون إثبات أن ذلك طبيعي في كل البيوت حتى بيوت
الأنبياء والرسل كما حدث في حادث الإفك مع السيدة عائشة رضي الله عنها ، ومع من
يحاولون إثبات أن زواج النبي بأكثر من إمرأة لنزوة أومزاج ، وكل ذلك ليس هجوما على
شخص النبي بل دفاعا عن أنفسهم لإثبات أن الخطأ هو القاعدة في الجنس البشري وهم غير
ملومين إن أخطأوا لأن الأنبياء يخطئون ، كما أن شخص المسيح قد تعرض لتلك المهازل
بالتقول عليه مع ماريا المجدلية ومازالت هذه المهازل قائمة كمحاولة إثبات أنه عليه
السلام قد فعل مع ماريا المجدلية وله منها أبناء مثل أفلام ( لاست تمتيشن و دافنشي
كود)
فما هي الأسباب الرئيسية التي أدت لتلك النتائج ؟؟؟؟؟؟
للحديث بقية
محاضرات في ألمانيا
محمد صفو
أفضل الصلوات على سيد السادات
الترغيب فى الاكثار من الصلاة
على الحبيب
مازال الوصال ممتد فى الحديث عن فضائل الصلاة على حبيب الله صلى الله عليه وسلم،
فقد وردت عدة أحاديث فى
الترغيب فى الإكثار
من الصلاة عليه صلوات ربى وسلامه عليه منها:
(الصلاة
علىّ
نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط فأكثروا من الصلاة علىّ).
(من
سره
أن
يلقى الله تعالى وهو عنه راض فليكثر من الصلاه علىّ).
(من
عسرت عليه حاجته فليكثر من الصلاة علىّ
فإنها
تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق
وتقضى الحوائج).
(من
عسر عليه شئ
فليكثر
من الصلاة علىّ
فإنها
تحل العقد وتكشف الكرب).
(إن
أنجاكم يوم القيامة
من أهوالها أكثركم علىّ
صلاة فى دار الدنيا
إنه
قد كان فى الله وملائكته كفاية وإنما
أمر بذلك المؤمنين ليثيبهم عليه).
(ليردن
الحوض علىّ
أقوام لا أعرفهم
إلا
بكثرة الصلاة علىّ).
(أكثركم
أزواجا فى الجنة أكثركم صلاة علىّ).
(أولى
الناس بى يوم القيامة أكثرهم
علىّ
صلاة).
(ثلاثة
تحت ظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل
إلا
ظله،
قيل من هم يا رسول الله؟
قال من فرج عن مكروب من أمتى وأحيا
سنتى وأ
كثر الصلاة علىّ).
وفى رسالة الإمام
أبى
القاسم القشيرى عن
سيدنا عبد الله
بن عباس رضى الله عنهما قال:
أوحى الله عز وجل إلى
سيدنا
موسى عليه السلام
أنى
قد جعلت فيك عشرة آلاف سمع حتى سمعت كلامى،
وعشرة آلاف لسان حتى أجبتنى،
وأحب ما تكون إلىّ
وأقربه
إذا أكثرت الصلاة على محمد
صلى
الله عليه وسلم.
وعن الشنوانى فى حاشيته على مختصر البخارى والحافظ السخاوى فى كتابه
"القول
البديع"
رحمهم الله
أجمعين
أنهم
ذكروا فى كتبهم هذه عن كعب الأحبار
رضى الله عنه
أنه
قال:
أوحى الله عز وجل إلى
سيدنا
موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام فى بعض ما أوحى
إليه:
يا موسى لولا من يعبدنى ما أمهلت من يعصينى طرفة عين.
يا موسى لولا من يشهد
أن
لا
إله
إلا
الله
لأسلت
جهنم على الدنيا.
يا موسى إذا لقيت المساكين فاسائلهم
كما تسأل
الأغنياء
فإن
لم تفعل ذلك فاجعل كل شئ
عملته تحت التراب.
يا موسى أتحب
أن
لا ينالك من عطش يوم القيامة؟
قال:
إلهى
نعم،
قال:
فأكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال السخاوى ويروى فى بعض الأخبار
أنه
كان فى بنى
إسرائيل
عبد مسرف على نفسه فلما مات رموا به،
فأوحى الله إلى نبيه موسى عليه السلام
أن
غسله وصل عليه فإنى
قد غفرت له،
قال ياربى وبمإذا؟
قال
إنه
فتح التوراة
يوما ووجد فيها
اسم
محمد صلى الله عليه وسلم فصلى عليه فقد غفرت له بذلك.
وعن أبى بن كعب رضى الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال:
يا
أيها
الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه،
فقال أبى بن كعب:
يا رسول الله
إنى
أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتى؟
فقال:
ما شئت،
قال:
الربع؟
قال:
ما شئت وإن
زدت فهو خير
لك،
قال:
النصف؟
قال:
ما شئت
وإن
زدت فهو خير
لك،
قال:
الثلثين؟
قال:
ما شئت وإن
زدت فهو خير
لك،
قال:
يا رسول الله فأجعل صلاتى كلها لك،
قال:
إذاً
تكفى همك ويغفر ذنبك،
وفى رواية
إذاً
يكفيك الله هم دنياك وآخرتك.
وفى طبقات الإمام الشعرانى فى ترجمة
أبى
المواهب
الشاذلى رضى الله عنهما قال:
رأيت
النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام فقلت يا رسول الله ما معنى قول
أبى
بن كعب فكم
أجعل
لك من صلاتى؟
قال معناه
أن
يهدى ما فى ذلك من الثواب فى صحيفتى دونه.
وقال الإمام الشعرانى فى
"كشف
الغمة"
قال بعض العلماء رضى الله عنهم:
وأقل
الإكثار
من الصلاة عليه صلى الله
عليه وسلم سبعمائة مرة كل يوم وسبعمائة مرة كل ليلة وقال غيره
أقل
الإكثار
ثلاثمائة وخمسون كل يوم وثلاثمائة وخمسون كل ليلة،
وقال رضى الله عنه فى كتابه
"لواقح
الأنوار
القدسية فى بيان العهود المحمدية"
أخذ
علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن
نكثر من الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا ونهارا ونذكر
لاخواننا ما فى ذلك من الأجر
والثواب ونرغبهم فيه كل الترغيب اظهارا لمحبته صلى الله عليه وسلم وإن
جعلوا لهم وردا كل يوم وليلة صباحا ومساء من
ألف
صلاة إلى عشرة آلاف صلاة كان ذلك من
أفضل
الأعمال،
ثم قال ويحتاج المصلى إلى طهارة وحضور مع الله لأنها
مناجاة لله كالصلاة ذات الركوع والسجود وإن
لم تكن الطهارة لها شرطا فى صحتها،
ثم قال فمن واظب على ما ذكرناه كان له
أجر
عظيم،
وهو من
أولى
ما يتقرب به
إليه
صلى الله عليه وسلم،
وما فى الوجود من جعل الله تعالى له الحل والربط دنيا وأخرى
مثله صلى الله عليه وسلم فمن خدمه على الصدق والمحبة والصفاء دانت له رقاب الجبابرة
وأكرمه جميع المؤمنين،
كما ترى ذلك فى من كان مقربا عند ملوك الدنيا.
سمير جمال |