فَتِيْ السَوَاعِدِ
البرهانى
والمسيحى
شد
انتباهى شاب مسيحي يتدلى صليب صغير على صدره وهو يدلف الى معرض
الطريقة البرهانية الذى كان ضمن الأسبوع الثالث للرابطة البرهانية
بجامعة أم درمان الأهلية تابعته وهو يقف أمام صورة لسيدى فخر الدين
رضى الله عنه فنهضت من مقعدى واتجهت نحوه مرحبا به فقابلنى بابتسامة
واسعة مليئة بالحب ثم سألنى هل يمكن أن تتقبل حديثى بصدر رحب وأن
تناقشنى فيه بموضوعية
فقلت له:
بالتاكيد نعم ففلسفة البرهانية هى الحوارالموضوعى القائم على أسس
الاحترام والتقدير.
ابتسم
الشاب المسيحي قائلا: اعتقد أن هذه بداية طيبة وأول سؤال ياأخى
البرهانى هو أن التصوف كما هو معروف يعنى الزهد والتقشف ولكنى أراك
ترتدى بنطلون جينز أمريكي في غاية ألأناقة
قلت:
الزهد عندنا نحن البرهانية يعني الزهد عن كلِّ شيءٍ سوى المحبوب ولا
يعنى مظهرية الملبس بل هو جوهر في السويداء يضئ دهاليز الروح المظلمة
قال: ولكن
الملبس الخشن يساعد على نقاء الروح من المتعلقات الدنيوية
قلت: لا
ياعزيزى إذا ما أردت أن تنقى الروح من شوائب المادة عليك أن تغسلها
بالماء الروحى
قال الشاب
مبتسما: وما هو الماء الروحي؟
قلت:
المياه الروحية هي الأوراد والمحبة
قال: حسنا
وماذا عن البرهانية وعصر الحداثة ؟
قلت:
البرهانية ليست بالطريقة التقليدية الرجعية التى تتقوقع على نفسها
رافضة التعايش والتناغم مع متطلبات العصر فالبرهانية تراعى الحداثة
وتهتم بها عبر موقعها على شبكة الإنترنت كما أنَّ هيكلها الإداري
العلمي القائم على أسس علم الإدارة أو ما يسمى بعقلنة الحركة
الإدارية يمثل أيضا إحدى مظاهر الحداثة العصرية
بدت على
وجه الشاب المسيحي علامات الدهشة وهو يسألنى: هل هذه البرهانية طريقة
صوفية ام دولة متقدمة؟
ضحكت وقلت
له: بل هى طريقة صوفية ذات منهج واقعى حديث قائم على فهم الحداثة
للاستفادة منها في الدعوة الإسلامية الصوفية الحقيقية وأيضا فهم أصول
الدين السليمة بعيدا عن الايدولوجيات المتطرفة .
قال الشاب
المسيحى وهو يحدق في صورة للاخوان الالمان: كيــف اعــتنق هؤلاء
الاسلام ؟
قلت: إن
شرح الكيفية يطول لكنى يمكن أن أجملها لك في سببين أولاً عبر الحوار
الموضوعي الذى يحترم الرأي الآخر ويستدلُّ بالواقعية المعاصرة
وبالمنهجية القرآنية هذا هو السبب الشرعي أو الظاهري وهنالك سبب
باطني وقاطعنى قائلا: ماذا تعنى بالسبب الباطنى ؟
قلت: أعنى
اللامدرك أو اللامحسوس فلسفيا وحتى اسهِّل لك الأمر أعنى أن الهبة
الالهية تتنزل على ساداتنا البرهانية فينطقون نوراً وهداية تنساب بين
قلوب هؤلاء الأجانب فيستشعرون هذا الضياء الروحى الأمر الذى يجعلهم
يعتنقون الإسلام والدخول في الطريقة البرهانية
قال:
فلنغير دفة الحديث إلى جانب آخر هو التزام الشباب بالتدين
قلت: لا
اعتقد أن الالتزام مسالة صعبة إذا ما اعتبرناه رؤية منهجية واقعية
تقودنا إلى ما نبتغى وما نصبو اليه
قال: ماذا
تعنى بهذا الحديث ؟
قلت: اعنى
أن الإلتزام يجب أن لا يكون التزاما مفروضا على الشباب رغم أنفه يجب
أن نراعى فكر الشباب وتكوينه النفسي والثقافي والاجتماعي ومن ثم
نشبعه بالإيمان الروحى الذى يفتقده السواد الأعظم من الشباب
قال وهو
يلقى نظره إلى ساعته: الحقيقة لقد تعلَّمت الكثير عن هذه الطريقة
وارغب في معرفة المزيد منك في حوار ثانى فهل توافق على هذاالطلب
قلت له:
بالتأكيد أوافق لكننى كنت أتوقع منك سؤالا لم تطرحه؟
قال وهو
يربت بيده على كتفي مبتسماً: سؤال عن المسيحية اليس كذالك ؟
قلت:نعم
قال: ليس
الآن ففي هذه الأيام أريد أن استزيد معرفة عن الإسلام والبرهانية على
وجه الخصوص
قلت وقد
سرَّنى حديثه: أرجو أن ننال رضاك وأن يمد الله بيننا أواصر المحبة
والإخاء
قال وهو
يودع الإخوان: آمين
ثم ذهب
مغادراً المعرض وترك رقم تلفونه وعنوان منزله وبعد إنتهاء الاسبوع
البرهانى في الجامعة زرناه في منزله وبدا حديث جديد عن الإسلام
والبرهانية.
سامي حسب
الرسول
|