بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن
مازال حبل
التواصل ممتداً بيننا يقودنا لمواصلة السفر الى الله من خلال المسير
في مراتب الدين وتستوقفنا هذة المرة مرتبة الإحسان. الإحسان هو العلم
الذى أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتمانه وهو علم
الحقيقة ويعرف في المصطلح المصحفى بحق اليقين والدليل من القرآن قال
تعالى {ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين} وعن حق
اليقين قال الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه:
اذ كان من
حق اليقين فما أجـــلَّ المـــأرب
إنَّ
مرتبة الاحسان مرتبة عالية جدا وفيها تتبدل صفات العبد بصفات الرب
ومن هنا اتت تسميتها بمرتبة حق اليقين او علم الحقيقة وهنا نذكر
الحديث القدسى الذى يتحدث فيه المولى عزَّ وجلَّ عن عن العبد السائر
الى الله بالاجتهاد في العبادة بالنوافل (مازال عبدى يتقرَّب إلىَّ
بالنوافل حتى أحبَّه فان أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى
يبصر به ورجله التى يمشى عليها ويده التى يبطش بها...)فبما أنَّ
العبد في هذه المرتبة يرى ببصر الله ويسمع بسمع الله فانه لايرى إلا
حقَّاً ولا يسمع إلا حقاً لذلك عرفت مرتبة الاحسان بعلم الحقيقة
ونستشهد هنا بحديث سيدنا حارثة بن عبيد بن فضالة عندما سأله سيدنا
رسول الله :(ما حقيقة إيمانك؟) - وهى مرتبة إحسان لأنه لم يقل له: ما
هو إيمانك ؟ - فأجاب: فاذا بعرش ربى بارزا وأرى أهل الجنة في الجنة
يتزاورون وأهل النار في النار يضجون فقال له سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم (عرفت فالزم). وذلك لأنه الحق وما بعد الحق إلا
الباطل.
والأعمال
في مرتبة الإحسان تعرف بالعبودة لأن العبد فيها ينتقل من مرتبة
العبادة القلبية (الإيمان) الى مرتبة العبادة الروحية ويكون القصد
منها عبادة الله لأنه أهل للعبادة وتعبده كأنك تراه فإن لم تكن تراه
فإنه يراك والذنب يكون بالغفلة عن المشاهدة والتوبة تكون بالرجوع
اليها وهنا نستشهد بقصة سيدنا يونس عليه السلام عندما غفل عن الطاعة
وكانت بالنسبة له غفلة عن المشاهدة فابتلعه الحوت وعندما تاب رجع الى
المشاهدة قال تعالى متحدِّثا بلسان سيدنا يونس {... فنادى ألا إله
الا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين} وكلمة أنت لا تكون الا للمشاهد.
أما الذكر فيكون بالروح وتكون التقوى بشدة المعرفة بالله
والاستمرارية فيها تعنى الاستقامة في مرتبة الاحسان.
كانت هذه
نفحة من كتاب تبرئة الذمة الذى يحتوى على جزء من علوم الشيخ محمد
عثمان عبده البرهانى وهي المعين الذى لا ينضب وكما قال رضى الله عنه:
تالله
مانضب المعين ولا معينى ينضب
وما زالت
رحلة السير الى الله مستمرة ولنا عودة قريبة الى مراتب الدين في
الأعداد القادمة.
هادية
الشلالي |